"ورشة البحرين".. من يدفع أكثر في مزاد بيع القضية الفلسطينية؟

آدم يحيى | 5 years ago

12

طباعة

مشاركة

منذ تولى دونالد ترامب رئاسة الولايات المتحدة وهو يعمل على خطة، زعم أنها تهدف إلى حل النزاع الفلسطيني الإسرائيلي، وإحلال السلام في الشرق الأوسط، وأوكل إلى مستشاره وصهره جاريد كوشنر مهمة التسويق للخطة المعروفة إعلاميا بـ"صفقة القرن" والحصول على دعم خليجي لتنفيذها.

وفي سبيل تنفيذ الخطة الأمريكية، انطلقت "ورشة البحرين الاقتصادية" في 25 من يونيو/ حزيران الجاري، التي تسعى الولايات المتحدة من خلالها إلى الحصول على الدعم المالي لتنفيذ "صفقة القرن"، بعد أن حصلت في وقت سابق على الدعم السياسي من دول عربية وخليجية على وجه الخصوص.

بحسب المشاركين، فإن "ورشة البحرين" ستعمل على بحث الجانب الاقتصادي لخطة سلام أمريكية لحل النزاع الفلسطيني الإسرائيلي (صفقة القرن)، وستعمل على جمع تبرعات واستثمارات قد تصل إلى 50 مليار دولار، من الدول المشاركة كالسعودية والإمارات والدول الغنية.  

يقول المشاركون، إن تلك الأموال ستدعم استثمارات لصالح الفلسطينيين من أجل القبول بالخطة، وهو ما نقله موقع "ميدل إيست آي" عن دبلوماسي غربي، قال إن "محمد بن سلمان (ولي العهد السعودي) أبلغ كوشنر أنه مستعد لاستثمار كميات ضخمة من رؤوس الأموال في الصفقة، وسيعطي القيادة الفلسطينية الحوافز اللازمة للاستجابة الإيجابية".

ونقل الموقع عن مسؤولين فلسطينيين، قولهم إن "عباس التقى بن سلمان خلال زيارته للرياض في 8 نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، وأن هناك عرضا لزيادة الدعم المالي السعودي للسلطة الفلسطينية بثلاثة أضعاف تقريبا مقابل الموافقة على الخطة".  

دعم سياسي

عمليا، يعد مؤتمر المنامة الخطوة الأولى باتجاه تنفيذ صفقة القرن، وقد حظي المؤتمر بدعم سياسي سعودي إماراتي على وجه الخصوص، ففي الجولة التي أجراها كوشنر في فبراير/شباط الماضي، وشملت ست دول خليجية، أعلنت السعودية والإمارات دعمها لمساعي السلام وفق الخطة التي اقترحها ترامب، مبدين استعدادهم لتقديم الدعم السياسي والمالي لتنفيذ الخطة.

وفي مقابلة لكوشنر على قناة "سكاي نيوز"، قال إنه "يعمل مع فريقه منذ عامين على خطة للتسوية السياسية بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وأنه بصدد وضع اللمسات الأخيرة". وأضاف أن "مقترح الخطة لاقى ترحيبا من قبل عدد من الدولة الخليجية". 

وكشفت تقارير صحفية، عن ضغوط كبيرة مارستها السعودية ودول عربية على رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، للقبول بـ"صفقة القرن". وقال مسؤول فلسطيني: إن "دولا عربية، على رأسها السعودية، تحاول من خلال الضغوط تارة، وتقديم الوعود تارة أخرى، إقناع الرئيس الفلسطيني محمود عباس بقبول التعامل بكل إيجابية مع صفقة القرن". 

وكانت مجلة "ذا أتلانتيك" الأمريكية، قد أجرت في وقت سابق مقابلة مع ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، تحدث فيها عن "حق الإسرائيليين في العيش بسلام على أرضهم الخاصة، كما هو حق للفلسطينيين"، وبدا متحمسا لخطة ترامب، بحسب موقع "ميدل ايست آي".

أما الإمارات، فقد أعلنت دعمها لمقترح ترامب، ورحبت في بيان لها، بالمشاركة في ورشة العمل الاقتصادية التي تستضيفها مملكة البحرين بالشراكة مع الولايات المتحدة، وقالت وزارة الخارجية والتعاون الدولي: إن "الإمارات تقف مع كافة الجهود الدولية الرامية إلى ازدهار المنطقة وتعزيز فرص النمو الاقتصادي، والتخفيف من الظروف الصعبة التي يعيشها الكثير من أبناء المنطقة خاصة أبناء الشعب الفلسطيني".  

تفاصيل الخطة

تحوي الخطة جانبين، أحدهما سياسي والآخر اقتصادي، وقد كشفت الولايات المتحدة، لأول مرة لها عن تفاصيل الجانب الاقتصادي من الخطة، وأرجأت الحديث عن الجانب السياسي، ووفق "فرانس برس"، فإن خطة الولايات المتحدة في جانبها الاقتصادي تهدف إلى استثمارات بقيمة تتجاوز خمسين مليار دولار لصالح الفلسطينيين، وإلى مضاعفة إجمالي ناتجهم المحلي خلال عشرة أعوام".

وذكرت الوكالة، أن "الخطة ستعمل على إصلاح الاقتصاد الفلسطيني وربطه بجيرانه بهدف اجتذاب استثمارات دولية هائلة، وتضمن تحولا في الاقتصاد الفلسطيني الذي سيكون قادرا على تأمين أكثر من مليون وظيفة"، مضيفة أن "الخطة يمكنها أن تحوّل الضفة الغربية وغزة بشكل جذري وتفتح فصلا جديدا في التاريخ الفلسطيني".

وأشار مسؤولون أمريكيون إلى أن الخطة ستكون شاملة، وتتجاوز الأطر التي وضعتها الإدارات الأميركية السابقة، وتتناول كل القضايا الكبرى، بما فيها القدس والحدود وقضية اللاجئين، وتكون مدعومة بأموال من السعودية ودول خليجية أخرى لصالح الفلسطينيين.

وفي حين لم تتطرق الخطة إلى الجانب السياسي بشكل رسمي، إلا أن الحديث عن تحويل الضفة الغربية وغزة بشكل جذري، كشف عن البعد السياسي الذي سينص في أحد بنوده عن القبول بالقدس بشقيها الغربي والشرقي عاصمة موحدة لإسرائيل، وتصفية القضية الفلسطينية لصالح إسرائيل، وهو ما كشف عنه محمود عباس (أبو مازن) بقوله: "ترامب يريد أن يشترينا ويحرمنا من دولتنا المستقلة".

مقاطعة فلسطينية 

بالرغم من إشارة وزير الدولة السعودي للشؤون الخارجية إلى أن الفلسطينيين هم أصحاب القرار الأخير، وأنها قضيتهم، وما يقبلونه يقبله الجميع، إلا أن عقد القمة والمشاركة فيها لا يأتي متسقا مع تلك التصريحات التي بدت كما لو أنها تحترم اختيار الفلسطينيين.

في حين بدت كمن يريد فرض مخرجاتها على الفلسطينيين، ملوحة بأنها الفرصة الأخيرة للسلام، فبرغم رفض الفلسطينيين الواضح بجميع فصائلهم، لعقد القمة ابتداء، ورفضهم المشاركة فيها، إلا أن المشاركين تجاهلوا تلك المواقف التي صرّح بها رئيس السلطة وبقية الفصائل الفلسطينية.

وكان محمود عباس، قد صرّح بأن القمة بنيت على باطل، وأنه لن يكتب لها النجاح، حد قوله. وأضاف: "نريد الدعم الاقتصادي، والمال والمساعدات، ولكن الحل السياسي يجب أن يأتي أولا لا أخيرا".

وبرغم الخلافات السياسية المحتدمة بين الفصائل الفلسطينية، لاسيما حركتي حماس وفتح، إلا أنها أجمعت على رفض "ورشة البحرين"، وقالت: إنه "طعنة في ظهر الشعب الفلسطيني".

ونقلت صحيفة الجارديان البريطانية تقريرا لها بعنوان" أمريكا تروج للوهم في الشرق وليس لصفقة" أن إدارة ترامب تطمح إلى إعطاء الفلسطينيين مميزات اقتصادية بدلا عن حقوقهم الأساسية.

وكانت كل من البحرين والسعودية والإمارات ومصر والأردن والمغرب، قد شاركوا في "الورشة"، فيما رفضت فلسطين المشاركة، وأعلنت الكويت عدم حضورها، مؤكدة إنها سوف تقبل بما يقبل به الفلسطينيون، وكان مجلس الأمة الكويتي قد دعا إلى المقاطعة، وكذلك الحال في قطر التي لم تتلق دعوة بالمشاركة من البحرين.

غير أن وزارة الخارجية القطرية أصدرت بيانا رسميا قالت فيه: إن "الحل ينبغي أن يكون الحل وفق إطار يرتضيه الشعب الفلسطيني؛ يقوم على إنهاء الاحتلال الإسرائيلي، وإقامة دولة ذات سيادة كاملة على حدود 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، إضافة إلى حق العودة للاجئين وفق قرارات الشرعية الدولية ذات الصلة".

مصلحة إسرائيلية 

مع أن الحديث عن دافع الدول العربية الداعمة لصفقة القرن، هو الحرص على أمن واستقرار فلسطين، وحديث جاريد كوشنر في لقائه مع "سكاي نيوز" عن ضرورة تقديم تنازلات من قبل الطرفين، إلا أن ذلك  لم يكن واضحا، فالسلطة الفلسطينية هي وحدها من ينبغي عليها التنازل عن أرضها لصالح إسرائيل، من غير أن تقدم إسرائيل أي تنازلات، حتى المبالغ المالية التي سوف تدفع للسلطة الفلسطينية، لو تم دفعها، سوف تتكفل بدفعها دول خليجية، على رأسها السعودية والإمارات، من غير أن تدفع إسرائيل أو الولايات المتحدة دولارا واحدا.

كما أن الحديث عن استقرار فلسطين لا يتسق مع مواقف ترامب، الذي أعلن في ديسمبر/ كانون الأول 2017، اعترافه بالقدس المحتلة عاصمة موحدة لإسرائيل بدلا من تل أبيب، وقام بنقل السفارة الأمريكية إليها، في مايو/أيار 2018، متجاهلا بذلك كل المعاهدات الدولية والقرارات الأممية.

في السياق ذاته، نقل موقع "ميدل إيست آي" عن مسؤول فلسطيني، أن عباس صرّح بأن تلك الخطة في الأصل خطة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وأن تلك الصفعة، بحسب عباس: يقوم كل من كوشنر ومعاونه مبعوث الشرق الأوسط جيسون غرينبلات بتسويقها، ما يشير إلى أن فكرة فرضها على الجانب الإسرائيلي وضرورة تقديمه تنازلات فكرة غير صحيحة يسعى لتسويقها مستشار ترامب.


المصادر