متحدث سابق بمجلس الدولة الليبي لـ"الاستقلال": أميركا ترغب باستمرار الانقسام

لندن - الاستقلال | منذ عامين

12

طباعة

مشاركة

أكد المتحدث السابق باسم المجلس الأعلى للدولة الليبي سنوسي إسماعيل، أن الانتخابات تحولت إلى حلم بعيد المنال في ظل تواصل الصراع بين الأطراف الأقوياء في ليبيا الذين يملكون السلاح، وغياب رؤية للحل.

وأضاف إسماعيل في حوار مع "الاستقلال" أن الاشتباكات الأخيرة بين رئيس الحكومة المعترف بها دوليا عبد الحميد الدبيبة ورئيس الحكومة المكلفة من برلمان طبرق فتحي باشاغا في العاصمة طرابلس كانت الأكثر شراسة وخطورة.

وأعرب عن استغرابه إزاء تواصل الأزمة وتعقيداتها حتى اليوم، قائلا: "لا أعرف كيف لا تنتبه دول الجوار إلى أن الدولة الليبية في حالة تآكل مستمر ولا أعرف ما يحدث هذا في مصلحة من؟".

وأوضح إسماعيل أن أميركا تبدو راغبة في بقاء الانقسام في ليبيا، وثمة من ينادي حاليا بحكم ذاتي وانفصال للأقاليم الليبية، وربما يتطور الأمر لمحاكاة إقليم كردستان في العراق أو جنوب السودان.

وفي ظل غياب طاولة مفاوضات تجمع الليبيين شدد المسؤول الليبي السابق على أنه يجب أن يكون هناك توافق بين تركيا ومصر أولا ثم يتوافق الأميركان والأوروبيون مع الروس حتى يحل الوضع في ليبيا.

ويتفاقم الانقسام في ليبيا مع وجود حكومتين متنافستين، الأولى في طرابلس انبثقت من اتفاق سياسي برعاية دولية قبل عام ونصف العام يرأسها الدبيبة، الرافض لتسليم السلطة إلا إلى حكومة منتخبة.

والثانية برئاسة باشاغا، التي عينها برلمان طبرق التابع للجنرال الانقلابي خليفة حفتر في مارس/آذار 2022 وتتخذ من سرت مقرا مؤقتا لها بعدما منعت من دخول طرابلس، على الرغم من محاولتها ذلك أكثر من مرة، كان آخرها بنهاية أغسطس/ آب 2022.

والسنوسي إسماعيل محلل سياسي متخصص بالشأن الليبي، ويعمل حاليا مستشارا سياسيا للنائب الأول لرئيس المجلس الأعلى للدولة "ناجي مختار"، فضلا عن عمله سابقا متحدثا باسم المجلس.

اشتباكات طرابلس

كيف ترى الاشتباكات العسكرية التي تحدث في العاصمة طرابلس؟

ما حدث في طرابلس من مواجهات مسلحة في الأحياء المكتظة بالسكان وأدت إلى مقتل العشرات وجرح المئات يعكس استفحال الأزمة الأمنية في العاصمة طرابلس.

وحالة الانسداد السياسي بين حكومة عبد الحميد الدبيبة الرافضة لتسليم السلطة، وحكومة فتحي باشاغا التي فشلت في دخول العاصمة سلميا ثم استخدمت القوة المسلحة ولم تنجح أيضا للمرة الثالثة.

ومن المعلوم أن ليبيا بها الكثير من التشكيلات المسلحة، وهو ما أدى إلى حدوث أكثر من 25 مواجهة مسلحة في المنطقة الغربية، وكانت الأخيرة أكثرها شراسة وخطرا وضحاياها أكبر حيث كانت في أحياء مكتظة في قلب العاصمة.

والصراع في ليبيا بين مشروعين أحدهما ديمقراطي بالمنطقة الغربية، والآخر عسكري يقوده خليفة حفتر بالمنطقة الشرقية للسيطرة على العاصمة طرابلس ولكنه فشل.

وهذا الصراع أدخل ليبيا في توازنات دولية أسفرت عن وقف إطلاق النار، ومن ثم ذهاب جميع الأطراف السياسية والعسكرية إلى جنيف في حضرة الأمم المتحدة من أجل الاتفاق السياسي .

ما طبيعة الوضع في طرابلس بعد تنظيف الشوارع وإزالة آثار الاشتباكات؟

الوضع في طرابلس حاليا في حالة هدوء حذر، أشبه بهدنة مؤقتة واستراحة محاربين واستعدادات للتشكيلات المسلحة لخوض جولات صراع قادمة لا محالة؛ في ظل انسداد المسار السياسي وعرقلة المسار الدستوري لعدم الذهاب إلى انتخابات ذات مصداقية.

كما أن الناخب الليبي تجاوب عندما طلب منه التسجيل في جداول الانتخابات؛ فسارع مليونان و800 ألف مواطن إلى التسجيل واستلم أكثر من 60 بالمئة منهم بطاقاتهم الانتخابية.

ولكن الانتخابات تحولت إلى حلم بعيد المنال نظرا للصراع الحاصل بين الأقوياء في ليبيا الذين يملكون السلاح نتيجة تخاذل المجتمع الدولي في الضغط على الأجسام الموجودة في ليبيا سواء مجلس النواب أو الأعلى للدولة.

ما السيناريو المرتقب في ليبيا بعد هذه الأحداث؟

اكتشف المجتمع الدولي خطورة ترك الأمور تجري هكذا في بلد مثل ليبيا يئن من فوضى أمنية وتدهور اقتصادي وانسداد سياسي وغياب كبير لدور بعثة الأمم المتحدة للدعم.

ونسمع الآن مناداة البعض بحكم ذاتي وانفصال للأقاليم الليبية، وربما يتطور هذا الأمر لمحاكاة إقليم كردستان في العراق، أو جنوب السودان الذي انفصل عن شماله.

ولذلك أعتقد أنه يجب أن يكون هناك توافق بين تركيا ومصر أولا ثم يتوافق الأميركان والأوروبيون مع الروس حتى يحل الوضع لدينا؛ وإلا لن تقوم قائمة للعملية السياسية في ليبيا.

حكومتا الدبيبة وباشاغا يتلاومان ويتبادلان الاتهامات بالمسؤولية عن إراقة دماء المدنيين.. لماذا؟ 

لا شك أن اللوم في عودة العنف المسلح بالتأكيد يقع على جميع الأطراف بنسب متفاوتة، فما من مبرر أبدا لتساقط القذائف العشوائية على المدنيين الآمنين في بيوتهم.

كما أن المخاطر الجسيمة التي تحيط بسكان المدينة لا تزال قائمة.

كيف تقرأ قرار الدبيبة باعتقال جميع المتورطين من العسكريين والمدنيين في اشتباكات طرابلس الأخيرة؟

هو بالطبع يسعى لاستدراك الخلل الحاصل من عدم إعطاء أولوية لضبط الوضع الأمني في العاصمة.

وحكومة الدبيبة شأنها شأن جميع الحكومات السابقة منذ 2013 لم تعالج الأزمة الأمنية، ولم تعطيها أولوية.

ما تسبب في تداخل التشكيلات المسلحة، وانتشار السلاح العشوائي، ووجود نشاط للجريمة المنظمة في الهجرة غير النظامية، وظهور تنظيمات مسلحة من آن لآخر.

ورأينا إهمال الحالة الأمنية نتج عنه تفجير الخارجية، والهجوم على مؤسسة النفط، وتفجير المفوضية العليا للانتخابات، والهجوم على مبنى البرلمان ومواقع عديدة. 

وهذا كله ظهر بعد السعي لحكم ليبيا بطريقة عسكرية من قبل خليفة حفتر ومجموعته؛ وهذا كله بسبب عدم حل هذه المسألة الأمنية.

ولا أعتقد أنه يمكن لدولة أن تقوم بدون امتلاك مؤسسات أمنية محترفة تعمل تحت ظلال القانون.

حتى لا يكون هناك حالة من التشظي كما هو الحال في غرب ليبيا حيث تعاني من إشكالية الاشتباكات المتقطعة بين المجموعات المسلحة من آن لآخر.

خيوط دولية

كيف ترى الدور التركي في خلق الاستقرار في ليبيا لا سيما وأن أنقرة استقبلت باشاغا وبعده عقيلة صالح ثم الدبيبة؟

الدور التركي متردد كما يبدو برغم النفوذ القوي لأنقرة في غرب البلاد لا سيما في العاصمة طرابلس، وخاصة ما صرح به الرئيس التركي عن علاقات بلاده القوية بكل من طرفي الأزمة الحكومية باشاغا والدبيبة.

وهناك توقعات بأن تركيا قد تحسم موقفها بعد استماعها لوجهات نظر الطرفين.

واتضح موقفها بتصريح أردوغان بعد لقاء الدبيبة بأنه لا سبيل للتغيير في ليبيا سوى عن طريق الانتخابات ولا يمكن حل المشكلة الليبية بقوة السلاح. 

ما تداعيات لقاء الدبيبة وأردوغان على المشهد الليبي؟

الرئيس أردوغان أعلن الدعم التركي لحكومة الوحدة الوطنية خلال اجتماعه مع عبد الحميد الدبيبة ومحافظ البنك المركزي الليبي، ما سبب نوعا من الانزعاج في الشرق الليبي.

لا سيما وأن الصراع بين الحكومتين قد وصل إلى أوجه بعد اندلاع أعمال العنف في طرابلس بين كتائب موالية لكلا الطرفين.

وجرى وقف إطلاق النار بعد الأخطار الجسيمة التي لحقت بالعاصمة جراء الاشتباكات وقد اتجهت الأطراف بعد الاقتتال إلى تركيا.

وكان المتوقع من تركيا أن تكون وسيطة بين الحكومتين؛ إلا أن أنقرة في حصيلة المشهد السياسي بشأن الخلاف بين الدبيبة وباشاغا قد اختارت الحفاظ على بقاء حكومة الوحدة الوطنية حتى حلول الانتخابات والمعروف أن إجراء الانتخابات يواجه أزمة حتى الآن. 

أليس من المنطقي أن تقف تركيا والمجتمع الدولي بجانب حكومة الدبيبة كونها الخيار المتفق عليه حتى إجراء الانتخابات؟

بالفعل ذلك منطقي، ولكن هذا الكلام صحيح قبل 24 ديسمبر 2021 أو على الأقل نهاية يوليو 2022، وهو موعد نهاية خارطة الطريق الأممية التي انبثقت منها هذه الحكومة وفشلت في إجراء الانتخابات.

وعلى كل حال الإشكالية الآن ليست في بقاء الحكومة من عدمه؛ ولكن الإشكالية أن ليبيا تحتاج إلى حل سياسي.

وباتت الآن كل الخيارات مفتوحة، سواء الذهاب إلى حكومة ثالثة، أو استمرار أي من الحكومتين المتصارعتين.

لكن الأمر يعتمد على الدول التي تملك نفوذا في ليبيا سواء تركيا أو مصر أو غيرهما من الدول الأخرى، يقع عليهم حماية أرواح المدنيين من أية احتمالات أخرى بتجدد الصراع القائم.

ما تقييمكم للموقف الأميركي إزاء الأزمة؟

الأميركان أيضا من خلال تصريح السفير ريتشارد نورلاند، بأنه يمكن إجراء الانتخابات في ظل وجود حكومتين يعطي مؤشرا واضحا حول رغبة أميركية في بقاء الانقسام في ليبيا. 

أو ربما تعكس عدم فهم الطبيعة الليبية، وقد يكون هناك رغبة أميركية في استمرار الصراع إلى حين لا نعلم إلى متى.

والحقيقة أن هذا وضع خطير جدا ولا أعرف كيف لا تنتبه دول الجوار إلى هذه المسألة الخطيرة، وهي أن الدولة الليبية في حالة تآكل مستمر ولا أعرف ما يحدث هذا في مصلحة من؟

هل سيستجيب المبعوث الأممي الجديد لدعوة السفير الأميركي؟

ليس من الحكمة الإفراط في التفاؤل بالمبعوث الأممي الجديد، بغض النظر عن السيرة الذاتية التي تبدو جيدة للسيد باتيلي.

ونحن لا نشكك في مسيرته السياسية المرموقة؛ ولكن الإشكالية في ليبيا معقدة جدا ومسيرة الأمم المتحدة في ليبيا خلال السنوات الماضية لا تنبئ عن إرادة دولية حقيقية. 

فدائما هناك تدخلات سلبية، كلما توصلت البعثة مع الأطراف الليبية إلى حلول يحدث تدخلات تحت الطاولة من الدول التي لا تريد استقرارا في ليبيا.

معضلة باشاغا

وما حقيقة ما يردده البعض من أن باشاغا سيمكن حفتر من دخول طرابلس من الباب الخلفي عبر حكومته؟

هذا كلام غير منطقي ولا يمكن لشخص مناضل مثل فتحي باشاغا قاد الحرب ضد عدوان خليفة حفتر على العاصمة طرابلس قبل عامين أن يسلمها له، فهذا عمليا غير ممكن.

وإذا كان حفتر يريد ذلك فالسؤال هنا، هل يستطيع حفتر دخول العاصمة؟ وهل استطاع سابقا دخولها حتى يستطيع مستقبلا ذلك؟

ثم إنني أتساءل إذا أردنا أن نبني دولة تستوعب الجميع اليوم فهل نستطيع أن نستبعد حفتر من المشهد؟! 

كما أن الدبيبة اضطر أن يتفق عن طريق ابن أخيه مع صدام نجل خليفة حفتر بأن يرهن النفط الليبي لدولة بعينها مقابل تعيين رئيس جديد لهيئة النفط والذي جاء من الإمارات ليستلم رئاسة المؤسسة الليبية للنفط وهو أحد رجال حفتر.

ولا ننسى أن هناك تيارا عريضا موجودا في طرابلس وهو "تيار ثورة فبراير" يرفض وجود خليفة حفتر في العملية السياسية، ويصفونه بأنه مجرم حرب ارتكب جرائم ضد الإنسانية.

وهؤلاء نقول لهم: هل تستطيعون أن تذهبوا إلى خليفة حفتر وتقبضوا عليه في منطقة الرجمة؟ وهل تستطيعون الاستغناء عن شرق ليبيا بما فيه من ثروات نفطية؟!

كما أن عرقلة الحلول السياسية بدعوى وجود خليفة حفتر، وترك ليبيا ينظر لها البعض بنظرة أحادية وينسى أن ثرواتها النفطية بالشرق والتركيز على إقصاء حفتر من العملية السياسية، وترك البلاد في حالة انقسام دائمة ولا ندري ليبيا بعد ذلك إلى أين تصير؟!

ويجب أن يدرك هؤلاء أن العملية السياسية تحتاج إلى الكثير من العمل من قبل الليبيين وأن يجلسوا على مائدة مستديرة لإنقاذ البلاد قبل أن تصل إلى نقطة اللاعودة. 

ماذا يعني نجاح الدبيبة في الاتفاق مع الشرق الليبي على تعيين رئيس جديد لهيئة النفط؟

هناك قرار مشوه ومشكوك في قانونيته لتنصيب الرئيس الجديد للمؤسسة الوطنية للنفط، برغم إعلان رفع القوة القاهرة عن الموانئ والحقول النفطية وعودة الإنتاج والتصدير.

ولكن هناك ما يوحي بأن هذه الترتيبات ذات طبيعة قصيرة المدى وقد لا تستمر الأمور على نسق ثابت، وذلك هو عيب المعالجات الجزئية للأزمة الليبية المعقدة.

ألا يعد ذلك تخطيا لفتحي باشاغا وكأنه غير موجود وأن من يدير المشهد حفتر والدبيبة؟

بالتأكيد هي محاولة لإفساد اتفاق باشاغا وحفتر، ولكنني أؤكد أن حفتر موجود دائما وبقوة في حكومة الوحدة الوطنية برئاسة الدبيبة حيث يسيطر على النفط بالكامل حاليا.

وإنني أقول ذلك للرد على الذين يكذبون على الناس ويقولون أن باشاغا سيسلم طرابلس لخليفة حفتر والتي أطلقها بعض السذج وكأن دخول باشاغا طرابلس سيفعل ذلك.

متناسين أنه بعد اتفاق وقف إطلاق النار أصبح حفتر طرفا ظاهرا في الصراع، ولم يعد بمقدوره مرة أخرى تجهيز جيش كما فعل أول مرة لغزو طرابلس مجددا؛ ولكن لا يمكن عقد أي اتفاق حاليا إلا ويكون حفتر موجودا فيه. 

حل منتظر

وأين الليبيون؟ لماذا لا تجمعهم مائدة حوار للوصول إلى الانتخابات؟

لا شك أنه إذا جلس الليبيون من الغرب والشرق والجنوب على طاولة مفاوضات فإنه بإمكانهم حل المشكلة.

حيث إن ليبيا ليست بها مشاكل طائفية عويصة؛ وإن كان بها تراكمات أدت إلى تعقيدات، ولكن يمكن حلها سياسيا بعيدا عن الاحتكام إلى السلاح.

وكل المحطات السياسية السابقة من اتفاق الصخيرات وجنيف وبرلين وغيرها لم تنجح في تقويض احتكام الليبيين إلى السلاح وعده خطا أحمر.

ألم تر أن هناك صعوبة في وجود حكومة تسيطر على ليبيا بالكامل في ظل وجود حفتر وقواته لاستحالة احتوائه سياسيا؟

لا شك أن سبب الفشل الذي تعيشه البلاد اليوم هو عدم قدرة الحكومة على ممارسة سلطتها على كامل التراب الليبي، وربما يكون بالإمكان تشكيل حكومة تسيطر على كل أنحاء ليبيا إذا توافق أطراف الصراع بمن فيهم خليفة حفتر.

كما أنه شن حربا على العاصمة طرابلس ولكنه فشل في السيطرة على العاصمة؛ ورغم ذلك لم يتم الانتصار عليه بشكل كبير، ولكنه فقط تم إبعاده عنها وترك ليسيطر على شرق وجنوب البلاد.

ومن يريد أن يحل هذه المشكلة لا بد أن يكون لديه نظرية يطبقها تجاه خليفة حفتر؛ إما أن ينجح في تقويض مشروعه العسكري بالقوة وهذا أمر مستحيل بسبب التحالف الداخلي والدولي. 

وإما أن يكون هناك مشروع سياسي يستطيع أن يستوعب خليفة حفتر حيث إن الناس تتخيل أن الشرق هو خليفة حفتر فقط.

ولكن حفتر يسيطر عسكريا بينما هناك ساسة آخرون من أبناء شرق وجنوب ليبيا؛ فالسياسة هي لغة التوازنات ولا بد أن نبحث عنها؛ لأن مشكلة ليبيا ليست مثل مشاكل دول الجوار.

ليبيا الآن في حالة تشظ لأن مساحتها كبيرة جدا فهي أشبه بقارة مقارنة بعدد سكانها القليل جدا، إذ إن الليبيين 6 ملايين نسمة نصفهم في العاصمة طرابلس، والنصف الآخر موزع على بقية البلاد .

هل يمكن أن يجري التوافق على القاعدة الدستورية للانتخابات حتى تستقر الأوضاع في البلاد بشكل دائم؟

هناك شبه إجماع دولي ومحلي بأن الحل في ليبيا هو الذهاب إلى الانتخابات، وأن الإشكالية في الأدوات التنفيذية المتمثلة في الانقسام الحكومي بين حكومتين.

فضلا عن وجود بعض الخلافات القائمة بين مجلسي النواب والدولة للاتفاق على قاعدة دستورية لإجراء الانتخابات. 

كما أن ثمة شكوكا إن كانت هناك نية بالفعل للدول التي لها مصلحة في ليبيا مثل تركيا ومصر والجزائر وتونس وغيرها.

وربما نقول أن أوروبا مشغولة الآن في حرب روسيا وأوكرانيا، ويجب أن يمنع نهائيا الاحتكام إلى السلاح تحت أي عنوان.

ويجب أن يكون هناك مائدة مستديرة تضم الجميع حتى لا تذهب الأمور المعقدة إلى تشظ أكثر بين أبناء الشعب الليبي في الشمال والشرق. 

بينما الجنوب مهدد بالضياع لفقدان وجود الدولة ومؤسساتها المختلفة لا سيما الأمنية؛ فضلا عن الوضع الإنساني المتدهور هناك.

فالأزمة السياسية تزيد من حجم الأزمة الأمنية والتي لا تقع على رأس أولويات الحكومات المتعاقبة، وربما يتجه الوضع إلى تشكيل حكومة ثالثة وربما يتوافق البعض على ذلك.

ولكن لا تزال الخلافات قائمة وتطالب بحكومة شاملة موحدة تعمل في كل مناطق ليبيا.