يطارد السيسي حيا وميتا.. وفاة مرسي بعيون الصحافة العالمية

12

طباعة

مشاركة

اهتمت وسائل الإعلام العالمية بالتعليق على وفاة الرئيس المصري الأسبق محمد مرسي خلال محاكمته، بالرأي والتحليل. وقالت النسخة الإنجليزية لوكالة "رويترز" إن وفاة مرسي سوف تزيد من الضغوط الدولية على الحكومة المصرية بسبب سجلها في مجال حقوق الإنسان، خاصة ظروف السجون التي يحتجز فيها الآلاف من الإسلاميين والنشطاء العلمانيين، مشددة على أن الوفاة أتت في لحظة حساسة للسلطات المصرية.

ونقلت عن وزير التخطيط والتعاون الدولي السابق في حكومة الرئيس الراحل، عمرو دراج، قوله: "يجب إجراء تحقيق دولي مستقل وشفاف للوقوف على سبب الوفاة. الشعب المصري لن يترك هذه الجريمة تمر بسهولة حتى بعد مرور الوقت".

ورأى موقع "ميل آند جارديان" الإفريقي،  أن الوفاة أثبتت صحة المخاوف التي عبر عنها مؤيدو مرسي ومنظمات حقوق الإنسان، التي حذرت من ظروف الحبس الانفرادي غير الإنسانية التي عانى منها، وكانوا قد لفتوا إلى أن "مرض السكري وارتفاع ضغط الدم الذي يعاني منهما سيؤديان إلى وفاته في النهاية". واستطرد المصدر: "لقد كانوا على حق"، موضحا أن أنصار مرسي ليست لديهم أوهام بشأن ماذا أو من قتله.

 وفاته تهدد السيسي

وأفاد الصحفي بالموقع، سايمون أليسون، في تقريره بأن حزب "الحرية والعدالة" وصف وفاته على الفور بالاغتيال، محملا المسؤولية الكاملة لـ"سلطات الانقلاب" –في إشارة إلى رئيس النظام المصري، عبدالفتاح السيسي وحكومته- بينما وصفت جماعة الإخوان المسلمين الوفاة بأنها "جريمة قتل كاملة".

وقدمات منظمات حقوق الإنسان تقييما مماثلا، إذ نقل التقرير عن نائبة مدير قسم الشرق الأوسط بمنظمة العفو الدولية، ماجدالينا مغربي، قولها: إن "موت مرسي يثير تساؤلات خطيرة حول معاملته في الحجز".  في حين وصفتها سارة ليا ويتسن من "هيومن رايتس ووتش"، بأنها "نتيجة يمكن التنبؤ بها للإهمال الجنائي للحكومة".

وقال مدير معهد القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، بهي الدين حسن، إن مرسي تعرض "للموت البطيء" على مدى 6 سنوات، مضيفًا أن طابورا طويلا من سجناء السيسي وضحايا الإهمال الطبي في غرف انتظار الموت يواجهون مصائر مماثلة.

ونبّه التقرير إلى أنه"من المفارقات، أن تكون فرصة في أن يثبت مرسي أنه يمثل تهديدًا لنظام السيسي أكثر من الذي مثله أثناء حياته، الشهداء دائمًا رمز سياسي قوي، وقد يكون هناك رد فعل عنيف"، بحسب "ميل آند جارديان".

من جهتها رجحت صحيفة "هاآرتس" الإسرائيلية، أن يكون النظام في القاهرة استعدّ للمظاهرات الجماهيرية المحتملة من خلال تعزيز قوات الأمن الداخلي والعسكري في المدن الرئيسية، ولا سيما القاهرة والإسكندرية. وأشارت أن لحظة الحقيقة ستكون يوم الجمعة، حيث ستجتمع الآلاف في المساجد للصلاة، "ولا يزال العديد منها مرتبطًا بالإخوان المسلمين"، بحسب الصحيفة.

بينما لم ير الكاتب بأن النظام سيكون قلقا للغاية، "فالسنوات الست الماضية علمتنا أن سلطة الناس لا تضاهي الدولة الاستبدادية في مصر، التي حتى الآن تبذل قصارى جهدها لدفن تركة مرسي".

كيف تعاملوا مع وفاته؟

وأبرز التقرير ملاحظة مراسل الشرق الأوسط لمجلة الإيكونوميست البريطانية، جريج كارستروم، الذي قال: "ثمة تفاصيل صغيرة ومدهشة، لكنها ليست مفاجئة حقًا عن وفاة مرسي، ومنها أن وسائل الإعلام المصرية لا تذكر أنه كان رئيسًا سابقًا، ولايوجد بيان رسمي من المدعي العام في مصر، كما أن الخبر لا يمثل القصة المتصدرة على مواقع الصحف المصرية".

وعلّق الموقع الإفريقي، مشيرا إلى أنه في غياب الاعتراف الرسمي، يقع على عاتق بقية دول العالم أن تتذكر لماذا كان مرسي شخصية مهمة في التاريخ المصري، قبل أن يستدرك: "لقد كان محمد مرسي أول رئيس منتخب ديمقراطياً في مصر".

وأفادت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية بأن وفاته علامة فارقة في الانتقال الديمقراطي في مصر بعد الربيع العربي عام 2011". ونوهت بأن القنوات التلفزيونية المصرية قدمت تغطية مبهمة لوفاة مرسي، مضيفة أنها لم تقطع برامجها المعتادة للإبلاغ عن وفاة الرئيس السابق.

وبثت قنوات أخرى لقطات تصور جماعة الإخوان المسلمين كـ"منظمة إرهابية"، في حين لم يصدر أي تعليق فوري من مكتب رئيس النظام الحالي، السيسي. ولفتت الصحيفة إلى وجود حفنة من الناس في مصر رغبوا في التحدث بتعاطف عن مرسي لكنه تجنبوا سياساته وركزوا على ظروف اعتقاله.

إهمال إجرامي

وأوضحت الصحيفة أن، السلطات المصرية لم تقدم أي سبب رسمي للوفاة، لكن الكثيرين ألقوا اللوم على الظروف السيئة في السجن الذي أمضى فيه مرسي السنوات الست الماضية. وتابعت: "قال المتابعون إن السلطات حرمته من الأدوية الحيوية لمرض السكري وارتفاع ضغط الدم وأمراض الكبد، كما احتجزته في الحبس الانفرادي لفترات طويلة، وتجاهلت التحذيرات العامة المتكررة بأن قلة الرعاية الطبية المناسبة قد تكون قاتلة".

ونقل التقرير عن المديرة التنفيذية لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في منظمة "هيومن رايتس ووتش" الدولية، سارة ليا ويتسن، قولها: "أعتقد أن هناك حجة قوية للغاية يجب تقديمها مفادها أن هذا كان إهمالًا إجراميًا، وسوء تصرف متعمد في توفير حقوق السجناء الأساسية لمرسي. لقد كان من الواضح أنه تم التمييز ضده بسوء المعاملة". وعن المحامي والحقوقي، جمال عيد، قوله: "لقد كان ضحية ظروف السجن الوحشية".

وذكّرت "نيويورك تايمز" بأن مرسي واجه تهما بارتكاب جرائم مختلفة في محاكمات مسيّسة امتدت عبر محاكم مصر البطيئة الحركة. وفي عام 2016، قال ابنه عبدالله للصحيفة: "إن الأسرة كانت تخشى أن يدخل الرئيس السابق في غيبوبة السكري". وأكد التقرير أن "مرسي مُنع من تلقي المواد الغذائية والأدوية من أسرته، على عكس معظم السجناء في السجون المصرية".

ونقلت عن ويتسن، تأكيدها "بالإضافة إلى احتجازه في الحبس الانفرادي، مُنع من الوصول إلى وسائل الإعلام أو الرسائل أو غيرها من الاتصالات مع العالم الخارجي، ولم يُسمح لزوجته وأفراد أسرته الآخرين بالزيارة إلا 3 مرات خلال السنوات الست التي احتُجز خلالها".

وكانت لجنة من السياسيين والمحامين البريطانيين الذين راجعوا علاجه، في مارس/ آذار من العام الماضي، قد خلصت إلى أن مرسي تلقى رعاية طبية غير كافية، وحددت أنه لم يتلق علاج مرض السكري ومرض الكبد. وحذرت اللجنة من أن عدم رعايته يمكن أن تعرض حياته للخطر، وفي بيان صدر أمس الاثنين، قال عضو البرلمان الذي ترأس اللجنة، كريسبين بلانت: "للأسف لقد ثبت أننا كنا على صواب".

هل تتأثر الجماعة؟

استبعدت الصحيفة الأمريكية أن تؤثر وفاة مرسي بشكل كبير على الاتجاه الحالي لجماعة الإخوان.

وشدد الأستاذ بجامعة جورج ماسون والمستشار السابق لوزارة الخارجية حول الإسلام السياسي، بيتر ماندافيل، على ذلك بقوله: إن "وفاة مرسي سيتردد صداها إلى ما هو أبعد من الجماعة، خصوصا بين المصريين الآخرين الذين صوتوا لصالحه أو الذين يشعرون بالقلق تجاه انتهاكات الحكومة الحالية لحقوق الإنسان".

وتابع ماندافيل: "لقد رأيت ذلك بالفعل على وسائل التواصل الاجتماعي المصرية؛ فحتى من يختلفون معه، يقولون إن ما حدث يكشف عن سوء الحالة الراهنة لسيادة القانون واحترام الحقوق في مصر".