هل يتحرر العراق؟.. تساؤل متصاعد في بغداد بعد ليلة دامية أعادت شبح الاقتتال
ليلة دموية شهدها العراق، بدأت شرارتها بإعلان زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر اعتزاله الحياة السياسية نهائيا؛ وتبع ذلك خروج أنصاره في مظاهرات احتجاجية وصلت لاقتحام القصر الجمهوري والمقرات الحكومية في المنطقة الخضراء وسط بغداد.
وكشفت وسائل إعلام عراقية في 29 أغسطس/آب 2022، أن مظاهرات المنطقة الخضراء شهدت اشتباكات بالأسلحة الخفيفة والمتوسطة وأسفرت عن مقتل 30 شخصا وإصابة 700 آخرين، بينهم 110 من أفراد القوات الأمنية.
ومع اتساع حلقة النار بين أنصار الصدر والقوات الأمنية والمليشيات الموالية لإيران من جهة أخرى، ما دفع السلطات لفرض حظر للتجوال في جميع المحافظات، أعلن الصدر الدخول في إضراب عن الطعام حتى يتوقف العنف.
وفي اليوم التالي أمهل الصدر أنصاره مدة ساعة من الزمن للانسحاب من أمام البرلمان، وإلا فإنه سيتبرأ منهم، وهدأهم بالقول إن اعتزاله العمل العام، "اعتزال شرعي" وليس سياسيا، ليبدؤوا في الانسحاب بعد ذلك.
وتفاعلا مع الأحداث التي شهدها العراق على مدار الساعات الماضية ولا يزال، أكد ناشطون أن الخارطة السياسية في البلاد معقدة للغاية، وأن الأوضاع يصعب التنبؤ بها، إلا أن هناك إجماعا على فساد حكومات العراق المتعاقبة.
وأكدوا عبر تغريداتهم على حساباتهم الشخصية ومشاركتهم في وسوم عدة، أبرزها #الشعب_يريد_إسقاط_النظام #مقتدى_الصدر #المنطقة_الخضراء، أن العراق يدفع ثمن السياسات الخاطئة والتمسك بالسلطة، حتى لو كان على حساب دماء الشعب.
واتهم ناشطون إيران بالعبث بالعراق عندما لا تسير الأمور وفق رغباتها ومخططاتها، مشيرين إلى أن العراق جريح ومستباح بعد أن سلمته أميركا لإيران على طبق من دم العراقيين، وأن ما يحدث اليوم هو نتيجة للفوضى المدروسة التي ضربت البلاد منذ ذلك الحين.
وحثوا على نبذ الطائفية البغيضة وخلع المذهبية ورفض التوغل الإيراني والتنديد باستشراء الفساد ورفض تسلط الفاسدين، داعين الشعب العراقي بكافة طوائفه إلى أن يكون له موقف من هذا الخراب الذي يعم البلد وأن يتحمل المسؤولية.
ورأى ناشطون أن ما يشهده العراق بداية عملية لتطويق تمدد إيران، وقطع أذرعها التي عاثت فسادا منذ 2003، مذكرين بأن تحالف إيران مع أميركا تسبب في دمار العراق ونهب ثرواته ودفع الشباب للموت بغايات طائفية.
تبعات مبهمة
وتعليقا على المشهد أوضح رئيس موقع "بغداد بوست" سفيان السامرائي، أن الوضع في بغداد خرج عن نطاق السيطرة ولا أحد يسمع لنداءات الصدر ولا لنداءات إيران بالتهدئة، والكل ناقم على الكل وكأن السحر انقلب على الساحر.
وحذر أستاذ العلوم السياسية الكويتي الدكتور عبدالله الشايجي من أنه إذا لم يتم وضع حد للتدهور الأمني فإن العراق يتجه لحرب أهلية-شيعية-شيعية، معربا عن خشيته ألا تبقى محصورة في بغداد والمنطقة الخضراء.الوضع في #بغداد خرج عن نطاق السيطرة ولا أحد يسمع لنداءات الصدر ولا لنداءات إيران بالتهدئة
— سفيان السامرائي (@SufianSamarrai) August 30, 2022
الكل ناقم على الكل وكأن السحر أنقلب على الساحر #المنطقة_الخضراء pic.twitter.com/S1u4HKPIGd
��إذا لم يتم وضع حد للتدهور الأمني فإن #العراق يتجه لحرب أهلية-شيعية-شيعية والخشية أن لا تبقى محصورة في #بغداد و #المنطقة_الخضراء-
— عبدالله الشايجي Prof (@docshayji) August 29, 2022
واضح ستكون ليلة طويلة ودموية.والوضع خطير مع انهيار وفلتان أمني كلي-
وغياب لقوات الأمن والجيش-
والقتال بين سرايا السلام وفصائل موالية لإيران وحرق مقار
وأكد المحامي الكويتي ناصر الدويلة أن الصراع في العراق لا علاقة له بالانتخابات، وأن أصله أن الأحزاب أصبحت تسيطر على مصادر دخل دائمة من ثروة العراق الوطنية ولا يمكن أن تسلمها للدولة أو لمن فاز بالانتخابات.
وأضاف: "لذلك فالحرب الأهلية ستقع في بلد غني جدا وستتقاسم الأحزاب المناطق وحقول النفط والموانئ والثروة".
الصراع في العراق لا علاقة له بالانتخابات فاصل الصراع ان الاحزاب اصبحت تسيطر على مصادر دخل دائمة من ثروة العراق الوطنيه ولا يمكن ان تسلمها للدوله او لمن فاز بالانتخابات لذلك فالحرب الاهليه ستقع في بلد غني جدا وستتقاسم الاحزاب المناطق و حقول النفط والموانئ والثروة وتصير صومال ثانيه
— ناصر الدويلة (@nasser_duwailah) August 30, 2022
مخطط أميركا
وتحدث ناشطون عن وجود تفاهمات سابقة بين إيران وأميركا وإسرائيل على مستقبل الحكم في العراق، وحملوا تلك البلدان مسؤولية الدم العربي الذي ينزف في بغداد.
رئيس حزب الأمة الكويتي الدكتور حاكم المطيري، أوضح أن ما يجري في العراق هو انهيار للعملية السياسية الطائفية التي فرضها المحتل الأميركي عام 2003 وهندسها الحاكم العسكري بول بريمر في 2004 وباركها المرجع السيستاني ونفذها النظام الإيراني والحشد الشيطاني، متسائلا: "هل يتحرر العراق؟".
وأكد الصحفي السعودي المعارض تركي الشلهوب أن ما يجري في العراق سببه الأول أميركا التي احتلته ودمرت مؤسساته وجيشه، وسببه الثاني الدول العربية التي تآمرت على هذا البلد الكبير والمهم، وسكتت عندما سلمته أميركا لإيران.هل يتحرر العراق!
— أ.د. حاكم المطيري (@DrHAKEM) August 29, 2022
ما يجري هو انهيار للعملية السياسية الطائفية التي فرضها المحتل الأمريكي ٢٠٠٣ وهندسها الحاكم العسكري بول بريمر ٢٠٠٤ وباركها المرجع السيستاني ونفذها النظام الإيراني والحشد الشيطاني!#العراق_ينتفض pic.twitter.com/eQHGLxk0P4
ما يجري في #العراق؛ سببه الأول أمريكا التي احتلته ودمّرت مؤسساته وجيشه، وسببه الثاني الدول العربية التي تآمرت على هذا البلد الكبير والمهم، وسكتت عندما سلّمته أمريكا لإيران.
— تركي الشلهوب (@TurkiShalhoub) August 30, 2022
وأوضح الكاتب والإعلامي السوري أحمد الهواس أن أميركا مكنت بمساعدة إيران مجموعة لصوص وقتلة من حكم العراق، وصنعت دولة المرجعية لتشرف على هؤلاء وتمنع انهيار هذه المنظومة الفاسدة.
وأضاف أن هذه الدولة تمنع السنة من حكم العراق مرة أخرى، لكن اقتسام الغنائم (غالبا) سبب صراع اللصوص، لأنهم يتفقون في السرقة ويختلفون في توزيع الغنيمة.
مكنت أمريكا بمساعدة إيران لمجموعة لصوص وقتلة من حكم العراق، وصنعت دولة المرجعية لتشرف على هؤلاء وتمنع انهيار هذه المنظومة الفاسدة ، وتمنع السنة من حكم العراق مرة أخرى لكن اقتسام الغنائم(غالبًا) سبب صراع اللصوص ، فهم يتفقون في السرقة ويختلفون في توزيع الغنيمة..
— أحمد الهواس (@HawasAhmad) August 30, 2022
وقال الكاتب والمفكر السعودي محمد الأحمري إن أميركا وإيران وإسرائيل حققت غاياتها في العراق وبقي أن يحقق ويحرر العراقيون بلادهم.
وأضاف: تلك غايات وأهداف فقدوها في ضجة الغزو والاحتلال، وتلك عبقرية المحتلين تتجلى في تمزيق البلاد وتنافر القلوب وغياب القدرة على تحديد المشكلات وصعوبة الفكاك.
لقد حققت كل من #أمريكا و #إيران و #إسرائيل غاياتها في #العراق وبقي أن يحقق ويحرر العراقيون بلادهم، تلك غايات وأهداف فقدوها في ضجة الغزو والاحتلال.
— محمد الأحمري (@alahmarim) August 30, 2022
وتلك عبقرية المحتلين تتجلى في تمزيق البلاد وتنافر القلوب وغياب القدرة على تحديد المشكلات وصعوبة الفكاك.#العراق_ينتفض #العراق_يحترق
ورأت الكاتبة القطرية ابتسام آل سعد أن توقيت إثارة الأحداث السياسية في العراق العربية وباكستان الإسلامية غريب جدا، ويدل على أن الأجندة التي تديرها إسرائيل وتنفذها أميركا وتخطط لها إيران تسير وفق ما رسم لها من بنود.
ولفتت إلى أن تنفيذ الأجندة بدأت في فلسطين مرورا باليمن وسوريا ولبنان وليبيا والسودان ولن تنتهي في العراق.
توقيت إثارة الأحداث السياسية في #العراق العربية و #باكستان الإسلامية غريب جدا ويدل على أن الأجندة التي تديرها #إسرائيل وتنفذها #أمريكا وتخطط لها #إيران تسير وفق ما رُسم لها من بنود !
— ﮼ابتسام ﮼آل ﮼سعد ﮼﮼���� (@Ebtesam777) August 30, 2022
بدأت في #فلسطين مرورا بـ #اليمن و #سوريا و #لبنان و #ليبيا و #السودان ولن تنتهي في العراق !
دور إيران
فيما صب ناشطون غضبهم على إيران، وكشفوا عن نواياها ومخططاتها في العراق، داعين إلى التصدي لمشاريعها والخلاص من أذرعها.
ورأى الكاتب والمحلل السياسي ياسر الزعاترة أن إيران تعزر فقدانها للحاضنة الشيعية في العراق، وخطوة كاظم الحائري كشفت تخبطها.
وأشار إلى أن إيران لم تفرض عليه التخلي عن المرجعية للمرشد علي خامنئي وحسب، بل دفعته لمهاجمة الصدر والتشكيك بأهليته؛ وهو الذي يفترض أن يدافع عنه بحكم أنه مرجعه؛ حسب وصية الصدر الأب، مؤكدا أن الصدريين لن يقلدوا خامنئي، بل سيتعزز كرههم له.
وأوضح الإعلامي مختار الفقيه أن إيران لا تفرق بين عراقي شيعي وعراقي سني، وإن استخدمت الأول لضرب الآخر مرحليا، إنما الأولوية بالنسبة لها لعبيد الخميني من أي طائفة كانوا.إيران تعزّر فقدانها للحاضنة الشيعية في العراق.
— ياسر الزعاترة (@YZaatreh) August 30, 2022
خطوة كاظم الحائري كشفت تخبّطها.
لم تفرض عليه التخلّي عن المرجعية لخامنئي وحسب، بل دفعته لمهاجمة الصدر والتشكيك بأهليته؛ هو الذي يُفترض أن يدافع عنه بحكم أنه مرجعه؛ حسب وصية الصدر الأب.
الصدريون لن يقلّدوا خامنئي، بل سيتعزّز كرههم له.
وأكد مدير مركز المستقبل للسياسات مراد كردستان على وجوب إنهاء أذرع إيران في العراق، لأن مشاكل البلاد تأتي من طهران.إيران لا تفرق بين عراقي شيعي وعراقي سني، وإن استخدمت الأول لضرب الآخر مرحليا..
— مختار الفقيه (@Mokhtaralfaqeeh) August 29, 2022
إنما الأولوية بالنسبة لها لعبيد الخميني من أي طائفة كان.. #العراق_ينتفض#بغداد#العراق#العراق_ينتفض_ضد_الظلم
أذرع إيران يجب أن ينتهي في العراق
— Murad Kurdistani (@Murad_Officiall) August 29, 2022
مشاكل البلاد تأتي من طهران .
وقال هادي الأمين إن كل خروج، مهما كان حجمه وأيا كان راعيه، على اليد الغليظة للنظام الخميني ومليشياته ورجاله في العراق، وكل تجاوز لحدود الأمر والنهي التي رسمها هناك، وكل كسر لقيود "حرس الثورة" الثقيلة، وكل تمرد على صقيع "ولاية الفقيه" وسجنها، هو مبعث رجاء وأمل ومحلُ تأييد.
كلُّ خروج - مهما كان حجمهُ وأيّاً كان راعيه - على اليد الغليظة للنظام الخميني وميليشياته ورجاله في العراق، وكلُّ تجاوز لحدود الأمر والنهي التي رسمها هناك، وكلُّ كسرٍ لقيود 'حرس الثورة' الثقيلة، وكلُّ تمرد على صقيع "ولاية الفقيه" وسجنها، هو مبعثُ رجاءٍ وأملٍ ومحلُّ تأييد. #العراق
— هادي الأمين (@Dr_HadiElAmine) August 29, 2022
مسبح الرئاسة
وأشار ناشطون إلى تحويل المتظاهرين العراقيين لمسبح القصر الجمهوري إلى ساحة غير معتادة للتظاهر من خلال قفزهم في المسبح ورفعهم لافتات لمقتدى الصدر وأعلام العراق، وتلويحهم بعلامات النصر، متداولين صورا لاقتحام أنصار الصدر لقصر الرئاسة.
وذكر ناشطون بأن الأحداث مشابهة لما شهدته سريلانكا في يوليو/ تموز 2022، حيث اقتحم متظاهرون القصر الرئاسي بعد فرار الرئيس غوتابايا راجابكسا، وقفز بعضهم في المسبح، فيما اقتحم آخرون غرف النوم الفخمة.
ولفت الإعلامي القطري جابر الحرمي إلى أن أنصار مقتدى الصدر اقتحموا القصر الجمهوري في مشهد يسترجع أحداث سريلانكا، متسائلا: "هل تعيد هذه الأحداث تشكيل العراق ليعود إلى دوره التاريخي العظيم؟".
#العراق
— جابر الحرمي (@jaberalharmi) August 29, 2022
أنصار #مقتدى_الصدر يقتحمون القصر الجمهوري في مشهد يسترجع أحداث سريلانكا ..
هل تعيد هذه الأحداث تشكيل #العراق ليعود إلى دوره التاريخي العظيم ..؟
يكفي #العراق سنوات الضياع .. pic.twitter.com/wERCmlALn4
ونشر أستاذ الشؤون الدولية بجامعة قطر الدكتور محمد المختار الشنقيطي صورتين؛ الأولى لأنصار الصدر عقب اقتحامهم القصر الرئاسي وسباحتهم في مسبح القصر، والثانية لمواطني سيريلانكا منذ شهور فعلوا الأمر ذاته.
وقال: "يبدو أن كل ما أصبحت الشعوب المقهورة تطالب به حكامها هو السماح لها بالسباحة في مسابح قصورهم الفخمة!".
يبدو أن كل ما أصبحت الشعوب المقهورة تطالب به حكامها هو السماح لها بالسباحة في مسابح قصورهم الفخمة! في الصورتين مواطنون من #سيريلانكا منذ شهور، ومن #العراق اليوم، يسبحون في مسابح القصر الرئاسي. لماذا يحْرِمون الشعوب من التبرُّد في هذا الصيف القائظ؟!#العراق_ينتفض pic.twitter.com/i3Qxc43BSK
— محمد المختار الشنقيطي (@mshinqiti) August 29, 2022