على وقع الانتخابات في إسطنبول.. لماذا يحبس الكل أنفاسهم؟

12

طباعة

مشاركة

نشرت صحيفة "ديريليش بوستاسي" التركية، مقالا للكاتب عمر إفسان، سلط فيه الضوء على أهمية انتخابات إسطنبول المعادة، المقررة الأحد المقبل، في ظل أزمات عدة تشهدها المنطقة، وكذلك تصاعد التوتر بين واشنطن وأنقرة على خلفية شراء منظومة "أس- 400" الروسية.

وقال الكاتب في مقاله: إن "الترف ليس خيارا لأن يضع أحد تركيا وإسطنبول في موقف صعب، فالانتخابات ليست نهاية الدنيا، ولكن في ذات الوقت هي وسيلة لأن يعمل من انتخب بجد واجتهاد لأن يتقدم بالمدينة، فليس هناك فرصة لإسطنبول خسارة خمس سنوات بدون فائدة".

الأنفاس محبوسة

ورأى عمر إفسان، أنه "في ذروة الإثارة، لن يكون هناك أحد مرتاح حتى الانتخابات. فبعدها يجب أن تستمر الحياة في مسارها الطبيعي، لا ينبغي لأحد أن يكون في وضع يسمح له بوضع هذا البلد في موقف صعب، وفي الأساس لا أحد يمتلك هذا الخيار ولن تكون له هذه الرفاهية".

وأشار الكاتب إلى أنه، في الأسبوع المقبل، سنتحدث ونكتب نتائج عن انتخابات إسطنبول في مثل هذا اليوم، بعد أن ينتهي كل شيء، وتهتم تركيا بهذا الحدث ونتائجه.

ولفت إلى أن المرشحَين الأبرز بن علي يلدرم وأكرم إمام أوغلو هما محط أنظار الأتراك، ويشغل بالهم كل حركة وخطوة يقدم عليها الرجلان، وكل منهما ينظر على أنه الورقة الرابحة، وبالطبع سيؤثر في مسار تركيا السياسي.

وأكد الكاتب، أن الأنفاس محبوسة منذ الآن والجميع في حالة حماس وترقب، لأن المرشحين الفاعلين في الميادين المختلفة. في الحقيقة الانتخابات ليست فقط ستجري بين اثنين من المرشحين وإنما بين ثلاثة.

وأوضح ذلك بقوله، إن المنافسة بين المرشح ونفسه، يعني التحدي بين المرشح وذاته، حيث من يمكنه التعبير عن نفسه وأهدافه بشكل أفضل، ومن يتجول في المدينة بشكل أوسع وكذلك من يمكنه أن يضبط نفسه بشكل أكبر، بالتأكيد هو من سيفوز.

ولفت إلى "انسحاب القدرات أو الأنواع الهامشية التابعة لحزب الشعب الجمهوري من الساحة، وخاصة رئيسة الحزب كافتانجي أوغلو من الميدان".

يذكر أن كفتانجي أوغلو، قامت وأثناء عقد المناظرة التي بين بن علي يلدرم وأكرم إمام أوغلو وحين كان الأول يعرض الفرق بين الاستفادة من مياه الأمطار في بلدية إسطنبول التي يقودها حزب العدالة والتنمية مقارنة بمدينة إزمير بقيادة حزب الشعب الجمهوري، قامت بمشاركة فقط الأرقام المتعلقة بإزمير الأمر الذي تحول إلى فضيحة حسب وصف وسائل الإعلام التركية.

وكان ممثلو الادعاء أعدوا عريضة اتهام بحق جنان كفتانجي أوغلو رئيسة حزب الشعب الجمهوري في إسطنبول بإهانة الرئيس ونشر دعاية إرهابية على "تويتر".

وكفتانجي أوغلو تعد أحد المنتقدين لسياسات الحكومة وكانت من الشخصيات البارزة في حملات الانتخابات المحلية التي جرت في 31 مارس/ آذار الماضي، في إسطنبول أكبر المدن التركية.

وتُتهم كفتانجي أوغلو، بإهانة الحكومة التركية والرئيس وموظفي الدولة والتحريض على الكراهية والعداء ونشر دعاية لمنظمة إرهابية وأغلب الاتهامات بناء على تغريدات نشرت بين عامي 2012 و2017. وأعدت العريضة بعد تحقيق استمر ما يزيد عن عام وتسعى لعقوبة بالسجن لفترة تتراوح بين نحو ثلاثة أعوام و11 عاما.

الكل يطالب بالخدمات

يشدد الكاتب على أن جميع النواب الحاليين والقدامى والتابعين للحزبين التركيين موجودون وبكثافة في الساحات. الجميع في إسطنبول من لديه عمل ومن ليس لديه، رؤساء البلديات، ومستشاروها ومجالسها، توجه الجميع لدعم مرشحه في إسطنبول.

الكاتب تابع، قائلا: "نعم بالفعل، إسطنبول مهمة، لكنها ليست وحدها هي المهمة، لن تكون هذه الانتخابات، ونتائجها نهاية العالم".

وبيّن عمر إفسان: "ستستقر المدينة التي ستنتخب على أقدامها وستشمر الأكمام لمدة 5 سنوات، المنتخب سيعمل على خدمة مدينته لمدة 5 سنوات مقبلة. ومن المعروف أن تركيا لن تدخل انتخابات رئاسية أو برلمانية أو محلية قبل 5 سنوات من الآن وهي التي شهدت جميع هذه الانتخابات خلال المدة الماضية".

وواصل الكاتب حديثه قائلا: هذه الانتخابات يشارك فيها نحو مليون ناخب لم يسبق لهم المشاركة في الانتخابات وهذه هي المرة الأولى لهم بعد بلوغهم السن القانونية، وهم أيضًا لم يروا انتخابات من قبل بهذه المنافسة والحماس.

تريد السيدات رؤية خدمات أفضل، في الحقيقة يوضح الكاتب، الجميع يريد ذلك، يريد أن يرى خدمات مختلفة ومميزة، يريد من مدينته أن تعطيه الفرصة جيدًا للتعبير عن الذات والتواصل مع مختلف شرائح المجتمع وكسب قلوبهم.

ولعل الكاتب يقصد هنا المرشحين أيضا بتلك النصائح وتوجيه رسائل لهم بذلك، مؤكدا أن إسطنبول ليس لديها 5 سنوات لتخسرها وهي المدة المقبلة لأول انتخابات محلية كما ذكرنا. وبالتالي يؤكد عمر إفسان، أن الوفاء بالوعود والعمل على رفعة المدينة هي أهم من الانتخابات بحد ذاتها.

تطورات خارجية وداخلية

وهنا ينتقل الكاتب لموضوع آخر يتعلق بالتطورات في البحر المتوسط وربطه في المدينة، مؤكدا أن الوضع في شرق البحر الأبيض المتوسط، واحتمال نشوب صراع في الخليج، يجعل أولوية في الرؤية بخصوص الطاقة في البلاد، حيث تقاتل تركيا بكل قواتها للتخفيف من الاعتماد على مصادر الطاقة الخارجية.

وأكد الكاتب، أن الصيف سيكون ساخنا للتطورات المختلفة ومنها أيضا، الموقف المتأزم والمتهور على حد وصف الكاتب مع الولايات المتحدة مع اقتراب استلام الصواريخ الروسية أس-400 والتي تعارضها واشنطن وهدد ترمب أكثر من مرة في حال استلمتها أنقرة بالفعل، ليس هذا فحسب بل الأمور قادمة والحديث عن قاعدة "انجرليك" وهي القاعدة الأمريكية الوحيدة في تركيا والقريبة من الحدود التركية السورية جنوبي البلاد.

وقاعدة إنجرليك هي قاعدة جوية أمريكية، على بعد 8 كم شرق ولاية أضنة، خامس أكبر المدن التركية، و56 كم من ساحل البحر المتوسط. فيما المستخدمون الرئيسيون للقاعدة هم القوات الجوية الأمريكية والتركية، وتستخدم القاعدة أيضا من قبل القوات الجوية الملكية البريطانية.

وتعد القاعدة مركزا للجناح الجوي العاشر من القيادة الجوية الثانية التابعة للقوات الجوية التركية. تقع الأجنحة الأخرى للقيادة في مرزيفون، ملاطية، وديار بكر. وتضم نحو 5 آلاف من القوات الجوية الأمريكية، ومئات الأفراد من القوات الجوية الملكية البريطانية وكذلك من القوات الجوية التركية، في أواخر 2002.

الجميع إذن، يتابع الكاتب، في قمة الإثارة، ولن يقف أحد مرتاحا حتى الانتهاء من الانتخابات في إسطنبول. لكنه يرى أنه وبعد الانتخابات، يجب أن تستمر الحياة في مسارها الطبيعي، ولا ينبغي لأحد أن يضع البلاد في موقف صعب، فلا أحد لديه هذا الترف ولا هذا الخيار لذلك.

ويختم الكاتب مقاله، بالقول: تكون الانتخابات وسيلة خير للبلاد، ولكن في ذات الوقت دعا الكاتب، الناخبين لعدم الانصياع وراء الأهواء والمشاعر، وأن نختار المرشح الأكثر صوابا، قائلا: إن هذا هو طلبي المتواضع من أصدقائي الكرام الذين يعيشون في إسطنبول.