متواطئ ومتربح وداعم.. أضلاع مثلث الجريمة في العدوان الإسرائيلي على غزة

لندن - الاستقلال | منذ عامين

12

طباعة

مشاركة

لطالما شكلت دماء الفلسطينيين مسلكا في الحملات الانتخابية للكيان الإسرائيلي، إذ اتهم ناشطون حكومة الاحتلال الحالية برئاسة يائير لابيد بمحاولة المزايدة على رئيس الوزراء السابق ينيامين نتنياهو، والبرهنة على أنها أكثر يمينا وتطرفا منه.

وذلك بعدوان جديد شنه الاحتلال على قطاع غزة، ضمن عملية عسكرية بدأها عصر 5 أغسطس/آب 2022، ضد أهداف زعم أنها تتبع لحركة الجهاد الإسلامي، وما زالت مستمرة لليوم الثاني على التوالي، مما أسفر عن استشهاد 12 شخصا على الأقل، بينهم طفلة.

جيش الاحتلال أطلق على عدوانه الذي طال أهدافا متفرقة في غزة اسم "الفجر الصادق"، واغتال خلال هذه العملية القائد في الجهاد الإسلامي تيسير الجعبري، وذلك بعد قيامه بسلسة إجراءات عقابية في الأيام الأخيرة بينها إغلاق المعابر  مع القطاع.

وقدم ناشطون عبر تغريداتهم على حساباتهم الشخصية ومشاركتهم في وسوم عدة أبرزها #غزة_تقاوم، #غزة_تحت_القصف، #تيسير_الجعبري، #GazaUnderAttack قراءات متعددة للعدوان الإسرائيلي على غزة خلصوا فيها إلى أن العدو سيتمادى في عدوانه ما دام يتلقى الدعم والتطبيع والمباركة الأميركية والعربية.

وذكروا باتفاقيات التطبيع التي وقعتها دول خليجية وعربية في 2020 برعاية الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، وقول الرئيس الأميركي الحالي جو بايدن، أثناء العدوان الإسرائيلي على غزة في 2021 إن لإسرائيل حق الدفاع عن نفسها.

وأكد ناشطون أن موجات التطبيع والخنوع والخضوع للكيان الإسرائيلي لم تزد المطبعين إلا ذلا وهوانا ولم تزد الاحتلال إلا تجرؤا على الفلسطينيين والاستهانة بدمائهم، مشيرين إلى أن العدوان الحالي يبرهن أن إسرائيل كيان لا يعرف أي شكل من أشكال السلام.

وأشاروا إلى أن هدف العملية العسكرية الإسرائيلية في غزة هو تحقيق مكسب سياسي داخلي مرتبط بحسابات انتخابات الكنيست المبكرة المقرر انعقادها في نوفمبر/تشرين الثاني 2022، مستنكرين أن يصبح قتل الفلسطينيين تأشيرة الفوز في أي انتخابات إسرائيلية.

وأشار ناشطون إلى أن غزة تعرضت لسلسلة من الإجراءات العقابية منذ زيارة بايدن للمنطقة تمثلت في قطع رواتب الجرحى والشهداء، واستنكاف أطباء فتح، وإغلاق المعابر، وقطع الكهرباء، حتى باتت تشهد اغتيالات وتصعيد الحرب عليها.

دوافع الاحتلال

واتهم ناشطون لابيد باستعراض قدراته القيادية في الملف الأمني عبر استهداف غزة، في محاولة لاستعادة توازن الردع، والاستعداد للموسم الانتخابي الإسرائيلي برائحة الدم الفلسطيني.

الباحث في الشؤون الإسرائيلية عدنان أبو عامر، قال: "صحيح أن العدوان على غزة ميداني بحت، لكن رائحته السياسية أكبر من إخفائها، فالحكومة ممثلة بلابيد و(وزير الحرب بيني) غانتس مقدمان على انتخابات نوفمبر، ويريدان إنجازا يقدمانه للناخب، و(رئيس الأركان) أفيف كوخافي سيغادر قيادة الجيش في يناير/ كانون الثاني 2022، ويسعى لترميم فشله في معركة سيف القدس (في 2021).

وأكد إيهاب زكي أن التصعيد في غزة بهذا الرتم هدف صهيوني فيستطيع لابيد ادعاء النصر، وهذا ما يفسر التركيز "الإسرائيلي" على فكرة تجنيب حركة حماس فيركزون على أن المستهدف الجهاد.

وأضاف أن إقحام حماس بشكل مباشر خطوة يتجنبها الكيان، لأنها خطوة خارج الاستعدادات أولا، وغير مضمونة المآلات ثانيا، وسيصبح ادعاء النصر متعذرا ثالثا.

فيما أكد القائم على حساب مجموعة الحوار الفلسطيني، أن حكومة لابيد المؤقتة بحاجة إلى تسجيل نقاط أو رصيد سياسي يمكن أن يمنحها الفرصة مجددا للبقاء في الحكم، وأن إبقاء قطاع غزة تحت الحصار، واستنزافه، وتخريب وتفكيك بناه، وتحطيم نموذجه المقاوم، هي أهداف أمنية “إسرائيلية” ذات حضور دائم في كل عدوان. وكتب الصحفي والإعلامي حسن حيدر: "حينما تكون الحرب والدماء والدمار وقتل الأطفال جزءا من الدعاية الانتخابية لمرشحين في انتخابات برلمانية، فاعلم أنك في إسرائيل". وذكرت الناشطة مايا رحال، بأن الاحتلال يتغول في عمق غزة ويشن عليها عدوانا يستهدف قادة الفصائل ولا يستثني منه المواطنين في كل مرة تجري فيها انتخابات إسرائيلية، قائلة إن ما يحدث هو تحقيق مكاسب إسرائيلية على حساب الفلسطينيين.

أسباب التصعيد

وعدد ناشطون أسبابا أخرى غير الانتخابات دفعت الاحتلال الإسرائيلي إلى تصعيد عملياته العسكرية وعدوانه على غزة والاعتماد على عمليات اغتيال القادة وتحييد حركة المقاومة الفلسطينية حماس.

الكاتب السياسي الفلسطيني إبراهيم المدهون، أوضح أن هدف الاحتلال من جريمة اغتيال تيسير الجعبري تقسيم قوى المقاومة، والاستفراد بالجهاد، مؤكدا أن قيادة المقاومة تدرك ذلك، ولهذا نسقت غرفة العمليات المشتركة خطة رد أفضت لضرب مدن الاحتلال بمئات الصواريخ، وستستمر عملية المقاومة، وبوتيرة مقدرة لتدخر جهدها لمعركة طويلة والقادم أعظم.

وأكد الناشط أدهم أبو سلمية أن استهداف المدنيين سياسة إسرائيل لكسر ذراع المقاومة. ولفت الناشط الحقوقي والأسير المحرر فؤاد خفش إلى أن إطالة أمد المواجهة هدف من أهداف هذه المعركة التي تقودها الجهاد وهذا ما لا يريده الاحتلال الذي يسعى لعملية ردع سريعة يستعيد فيها قدرته على الردع، كلما طال أمد هذه المواجهة كلما فشل الاحتلال في تحقيق أهدافه. وأشار الصحفي العراقي نجاح محمد علي إلى أن الكيان الصهيوني يهدف إلى خلق أزمة جديدة في المنطقة عبر التصعيد في فلسطين بعد فشله في لبنان ضمن محاولاته التأثير على المحادثات الجارية في فيينا لإحياء الاتفاق النووي الإيراني.

التواطؤ العربي

وحمل ناشطون ما يحدث في غزة من قبل الصهاينة لقادة الأنظمة العرب الحاكمة ممن طبعوا علاقاتهم مع الاحتلال الإسرائيلي في السر والعلن، مشيرين إلى أن التصعيد الإسرائيلي يستوجب ردا مؤلما يدفع به الاحتلال ثمن جرأته على الدم الفلسطيني.

أستاذ الاتصال السياسي الدكتور أحمد بن راشد بن سعيد، أكد أن قادة التطبيع أداروا ظهورهم لقضية الأمة، وأخلدوا إلى القاع؛ وأعطوا الصهاينة دعما سياسيا واقتصاديا فازدادوا في الأرض علوا.

وأشار الكاتب السعودي محمد الأحمري إلى أن من كانوا يزعمون أنهم عرب أصبحوا يغدرون بفلسطين والإسلام طمعا في تملق العدو وخدمته والخنوع تحت أقدامه.

ولفت إلى أنه منذ ثلاثين عاما تقريبا وضع (رئيس الاحتلال السابق شمعون) بيريز لعبيده من العرب خطة الحرب على الإسلام وأهله وكان صاحب رؤية ومشروع استتباع للمهزومين المطبعين واليوم ينفذون رؤيته حرفيا.

وتساءل النائب البحريني السابق علي الأسود: "ألا تخجل الحكومات التافهة المطبعة مع إسرائيل مما يجري على أرض فلسطين المحتلة! قتل ودمار ومحاربة أصحاب الأرض، ألا تفكر هذه الحكومات في حقوق الإنسان وما تدعيه من أسباب واهية أنها تدعم القضية الفلسطينية؟

وأضاف قائلا: "تبا لكم ولأتباعكم ولكل المطبعين والمشاركين بسكوتهم على جرائم الصهاينة".

الدور الأميركي

واتهم ناشطون الرئيس الأميركي جو بايدن بإعطاء الضوء الأخضر للكيان الإسرائيلي بشن عملياته العسكرية على غزة، لافتين إلى أن العدوان جاء بعد زيارة بايدن للشرق الأوسط وأن تفاهمات لقاءاته ظهرت بما تلاها من أحداث في غزة لم يصرح بها أطراف اللقاء.

الكاتب والمحلل السياسي ياسر سعد الدين، أكد أن الاعتداء الإسرائيلي يبدو في سياق ترتيبات كبرى للمنطقة كانت زيارة بايدن حلقة في سلسلتها!

وأكد رئيس منتدى العلاقات الدولية للحوار والسياسات شرحبيل الغريب أن العدوان الإسرائيلي على غزة بغطاء أميركي، ناقلا عن الإعلام العبري قوله إن إسرائيل أبلغت بايدن مسبقا بنيتها شن عملية عسكرية في غزة. وقال الباحث في القانون الدولي والإرهاب والأمن القومي علي مطر، إن الاحتلال الإسرائيلي يبدو أنه كان مخططا للضربة منذ مدة، ومنذ بضعة أيام يركز على التصعيد مع غزة، ويبدو أنه منذ زيارة بايدن لديه ضوء أخضر بهذه العملية، تعويضا عن عجزه بفتح جبهة مع لبنان، ولكي يحفظ يده الطولى بوجه المقاومة، للقول إن اسرائيل قوية، لكن المقاومة الفلسطينية قادرة على الرد والانتصار.