بعد إخفائه لسنوات.. لماذا أعلنت السعودية الحد الأقصى لإنتاجها النفطي؟

قسم الترجمة | منذ عامين

12

طباعة

مشاركة

تساءلت مجلة فورميكي الإيطالية عما يخفيه إعلان ولي العهد السعودي محمد بن سلمان عن بلوغ طاقة إنتاج النفط أقصى مستوياتها بـ13 مليون برميل يوميا بحلول عام 2027.

وتحدثت عما إذا كان ذلك يعني إستراتيجية السوق أي التفكير في التوجه إلى إزالة الكربون أم أنه يشكل "الحدود التي تمليها الجيولوجيا".

وقال ابن سلمان منتصف يوليو/تموز في قمة جدة للأمن والتنمية التي ترأسها بحضور الرئيس الأميركي جو بايدن إن بلاده أعلنت زيادة مستوى طاقتها الإنتاجية النفطية إلى 13 مليون برميل يوميا، وليس لديها أي قدرة إضافية للرفع بعد ذلك.

ويبلغ إنتاج السعودية حاليا قرابة 11 مليون برميل، ولديها قدرة فورية على زيادة الإنتاج إلى 12 مليونا، واستثمارات لزيادة الإنتاج حتى 13 مليون برميل يوميا.

الطاقة القصوى

وتطرقت المجلة الإيطالية إلى تسجيل فيديو مثير للاهتمام جرى التقليل من شأنه جزئيا ولكنه بات الآن مفيدا للغاية. 

ورصد التسجيل نهاية يونيو/حزيران، حوارا جرى بين الرئيسين الفرنسي إيمانويل ماكرون والأميركي جو بايدن على هامش مشاركتهما في قمة السبع جنوبي ألمانيا.

وظهر ماكرون وهو يقول لبايدن "أجريت اتصالا هاتفيا مع محمد بن زايد (الرئيس الإماراتي)، أبلغني شيئين. أنا عند (الطاقة الإنتاجية) القصوى. هذا ما يدعيه".

ثم أضاف بأن "السعوديين يمكن أن يزيدوا بمقدار 150 ألف برميل في اليوم، ربما أكثر من ذلك بقليل، لكن ليس لديهم قدرات ضخمة لمدة ستة أشهر".

بدا بايدن مندهشا وقلقا خصوصا أن قمة مجموعة السبع وزيارته إلى جدة هدفت إلى الحديث عن سوق الطاقة العالمية بعد الاضطرابات التي عانت منها منذ بداية الحرب الروسية في أوكرانيا خلال فبراير/شباط 2022، وفق قول المجلة الإيطالية.

ولفتت إلى أنه بعد شهر، تبين أن ما كان يقوله ماكرون صحيح، ولكن مع إسقاط أوسع وأكثر إثارة للقلق. 

في الواقع، يبدو أن المستوى الأقصى الذي سيصل إليه إنتاج النفط السعودي أقل بكثير مما توقعه الكثيرون وكذلك مما كان يشير إليه السعوديون أنفسهم في خطط إنتاجهم المستقبلية.

في هذا الصدد، ذكرت فورميكي أن "وزراء النفط والعائلة المالكة السعودية تجنبوا الإجابة طيلة سنوات عن أحد أهم الأسئلة التي تواجه سوق الطاقة: ما هو الحد الأقصى من الإنتاج طويل الأجل لحقول النفط في المملكة؟".

وأشارت إلى أن التخمين كان دائما ضخ المزيد من الإنتاج لفترة أطول، مرجحة بأنه إذا كان السعوديون يعلمون الإجابة، فقد أبقوها سرا لأنه من الواضح أن لها قيمة إستراتيجية عميقة للغاية حيث يرتبط البعد الدولي للمملكة بهذه الإمكانية.

وفي الأيام الأخيرة، كشف ابن سلمان بشكل عرضي أن القدرة القصوى النهائية هي 13 مليون برميل يوميا. 

بحسب المجلة، قد يحمل الإعلان رسالة واضحة للعالم خاصة في واشنطن، تأتي بعد أيام قليلة من زيارة بايدن للشرق الأوسط وبعد اتصال مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بحث خلاله ولي العهد السعودي أوضاع سوق النفط.

وعلى حد قول فورميكي، الضغط على الرياض له حدود، فالمملكة العربية السعودية منتج متأرجح في عالم النفط، لكن للخزانات كميات محدودة ومعدات الاستخراج تعد أدوات ميكانيكية ذات قدرات محددة.

أزمة عالمية

وهذا يعني وجود مشاكل طويلة الأمد للاقتصاد العالمي، كما يوضح خافيير بلاس، وهو كاتب عمود في مجال الطاقة بمجلة بلومبيرغ الأميركية في تحليل.

وكان ابن سلمان قد أكد أن العالم وليس فقط دول مثل السعودية، يحتاج إلى الاستثمار في إنتاج الوقود الأحفوري خلال العقدين المقبلين لتلبية الطلب العالمي المتزايد وتجنب نقص الطاقة. 

وقال في الخطاب الذي ألقاه خلال قمة جدة للأمن والتنمية إن "المملكة ستؤدي دورها في هذا الصدد، حيث أعلنت عن زيادة طاقتها الإنتاجية إلى 13 مليون برميل يوميا، وبعد ذلك لن يكون لديها أي طاقة إضافية لزيادة الإنتاج".

لدى الرياض خطة جارية لزيادة الإنتاج إلى 13 مليون برميل يوميا بحلول عام 2027، بينما من المتوقع أن ترفع الإنتاج إلى 12 مليونا لعام 2024. 

بعد ذلك، لن يكون لدى أكبر منتج في العالم لمورد الطاقة الخام الرئيس القدرة على زيادة إنتاجه. 

تشرح المجلة الإيطالية بأن تثبيت هذا السقف بهذه الطريقة الواضحة هو أمر جديد، لا سيما وأنه قبل عقدين، كان من المفترض أن تصل الرياض بسهولة إلى طاقة إنتاج في حدود 15 مليون برميل وأن ذلك ليس الحد الأقصى الذي يمكن الوصول إليه.

ورأت أن هناك إستراتيجية وراء وضع سقف منخفض للإنتاج، موضحة بأنه يمكن أن يكون نتيجة توقعات بشأن انخفاض الطلب بشكل كبير خلال العقد المقبل، نتيجة للتغييرات في "قائمة الطاقة" التي تتطلبها سياسات مكافحة تغير المناخ. 

عندئذٍ، الإنتاج الكبير لسلعة لا يطلبها السوق كثيرا من شأنه أن يقلل من قيمتها بشكل مفرط (وفقا لقانون العرض/الطلب الكلاسيكي) وسيكون من غير الاقتصادي استثمار أموال كبيرة لزيادة الإنتاج، تشرح المجلة.

ويشير بلاس إلى أن "التنبؤ بالطلب على النفط هو فن بقدر ما هو علم، والمملكة محافظة بطبيعتها".

وترى المجلة أنه من المهم فهم ما دفع ابن سلمان إلى الإعلان عن هذه الخطط وطمأنة المستثمرين في نفس الوقت بأنها لا تشكل خطرا على استثماراتهم. 

وتضيف "من الواضح أنه ستكون هناك ظروف سوق مواتية في السنوات القادمة، يمكن للرياض من خلالها أن تراجع استعدادها للاستثمار في بنى تحتية جديدة للإنتاج".

لكن الشكوك تكمن في حقيقة أن تكون المسألة مرتبطة بحدود جيولوجية تعرقل زيادة الإنتاج، وفق المجلة.

وأضافت: "إذا كانت عقبة زيادة الإنتاج هي الجيولوجيا بدلا من التشاؤم بشأن الطلب المستقبلي على النفط، فقد تكون المشكلة أكبر". 

وأوضحت أنه سيكون هناك نقص بالمواد الخام في المستقبل، وهذا من شأنه أن يؤثر بشدة على السوق.

وأضافت أنه يجب أن يؤخذ في الاعتبار أنه أمام رغبة الولايات المتحدة السياسية في عدم التوسع في الإنتاج، وفي ظل مشاكل روسيا الدولية، سيكون إنتاج النفط السعودي حاسما بشكل متزايد على الرغم من حقيقة أن العالم يعيش حقبة تغير المناخ.

ويكمن الخطر في أن الطلب على النفط سيبلغ ذروته خاصة وأنه لن يكون هناك عرض إضافي، وفق ما كتبه بلاس. 

وأشار المحلل إلى وجود سيناريوهين: التحول إلى مصادر طاقة منخفضة الكربون مثل الطاقة النووية أو طاقة الرياح أو الاضطرار إلى أسعار نفط أعلى بكثير وتضخم أسرع ونمو اقتصادي أبطأ.