مركز عبري: جدول الأعمال بين طهران والرياض لا يتضمن مصالحة حقيقية

قسم الترجمة | 2 years ago

12

طباعة

مشاركة

تحدث مركز أبحاث عبري عن تطورات المحادثات بين السعودية وإيران بوساطة عراقية، واحتمالات تقدمها من عدمه بعد الحديث عن إمكانية عقد المفاوضات علنا.

وتطرق المركز المقدسي الأورشلمي إلى وصف إيران، رغبة ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، في عقد مفاوضات علنية لاستئناف العلاقات بين البلدين بأنها "بادرة جيدة".

وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية ناصر كنعاني، في 25 يوليو/تموز، إن وزير خارجية العراق فؤاد حسين، أكد في اتصال هاتفي مع نظيره الإيراني حسين أمير عبد اللهيان، رغبة ابن سلمان في عقد مفاوضات علنية.

وقبلها بأيام، أعلن عبد اللهيان، في حوار مع التلفزيون الإيراني الرسمي، أن العراق أبلغ طهران استعداد السعودية لبدء محادثات سياسية علنيّة بين البلدين.

تحسن وتقلب

ولفت متحدث الخارجية الإيرانية إلى أن بلاده أجرت 5 جولات من المحادثات مع السعودية استضافتها بغداد و"كانت نتائجها مثمرة".

واعتبر أن "الإرادة الإيجابية لدى إيران والسعودية وفرّت الأرضية لعقد اجتماع على مستوى رسمي وسياسي في بغداد لاتخاذ خطوة كبيرة لاستئناف العلاقات بينهما".

وأشار إلى أن بغداد ستستضيف الجولة المقبلة (السادسة) من المحادثات الرسمية بين إيران والسعودية، من دون تفاصيل عن موعدها، في حين لم يصدر تعليق رسمي من المملكة.

وفي 26 يونيو/حزيران 2022، زار رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي، إيران، والتقى الرئيس إبراهيم رئيسي، وذلك بعد زيارة رسمية إلى السعودية، التقى خلالها ابن سلمان، وقال فيها: "اتفقنا على التعاون على تهدئة الأوضاع في المنطقة، وبحثنا في القضايا المصيرية". 

وبدأت جلسات الحوار بين البلدين في أبريل/نيسان 2021، بتسهيل من مصطفى الكاظمي، الذي تربطه علاقات جديدة بالجانبين.

واحتضنت بغداد 5 جولات من المباحثات المباشرة بين مسؤولي الرياض وطهران، تركزت على النقاط الخلافية، ومن أبرزها حرب اليمن والبرنامج النووي الإيراني.

وفي أكتوبر/تشرين الأول 2021، قال المقدم "ميكي سيغال" من ذات المركز، إن العلاقات بين إيران والسعودية شهدت تقلّبات، فكلا البلدين يدعي الهيمنة الإسلامية الإقليمية ويقعان على جانبي خط الصدع الشيعي- السنيّ التاريخي.

وفي الآونة الأخيرة، نما خوف السعودية من إيران، بسبب تقدمها في البرنامج النووي وسحب واشنطن بطاريات صواريخ باتريوت وأنظمة دفاعية من المملكة.

ولفت المركز العبري إلى أن إيران التي ترى نفسها مدافعة عن الشيعة بشكل خاص والمسلمين عموما، تظهر حساسية كبيرة لأوضاع الشيعة في شرق المملكة الغنية بالنفط وتساعدهم بشتى الطرق العسكرية والسياسية.

 أما السعودية من جهتها فتدعم من وراء الكواليس تنظيمات سنية داخل إيران -خاصة في محافظة خوزستان- وعلى حدودها الشرقية.

وأشار المركز العبري إلى أن إعدام الشيخ "نمر باقر النمر" أحد كبار قادة المذهب الشيعي في المملكة والذي قاد الاحتجاج الشيعي داخل المملكة في أعقاب "الربيع العربي"، أدى إلى رفع التوترات التاريخية بين إيران والسعودية.

وانتقد النمر في خطبه البيت الملكي السعودي بتشجيع إيراني قائلا: "فلسطين حرة وليست البحرين"، معربا عن دعمه لإيران. 

واستُخدمت هذه الخطب كدليل رئيس لإعدامه عام 2016، إلى جانب حوالي 46 شخصا آخرين، متهمين بالتورط في الإرهاب، كما يضيف المركز.

وتعد إيران والسعودية على طرفي نقيض في ‏معظم الملفّات الإقليمية، ومن أبرزها النزاع في اليمن، حيث تقود الرياض تحالفا ‏عسكريا داعما للحكومة المعترف بها دوليا، في حين تتهم طهران بدعم الحوثيين ‏الذين يسيطرون على مناطق واسعة شمالي البلاد.‏

وقطعت السعودية علاقاتها مع إيران في مطلع العام 2016، بعد تعرض سفارتها في طهران وقنصليتها في مشهد، لاعتداءات من قبل محتجين على إعدام الرياض رجل الدين السعودي الشيعي المعارض نمر النمر.

من جانبها سارعت طهران إلى تغيير اسم الشارع الذي كانت فيه السفارة السعودية (شارع بستان) إلى شارع "الشيخ نمر باقر النمر".

وقطعت السعودية علاقاتها مع إيران في عام 1988 أيضا (وتجددت العلاقات بعد حرب الخليج عام 1991)، واتهمتها بالتخريب في مجالها وبين دول الخليج.

وفي يوليو/تموز 1987، اشتبكت قوات الأمن السعودية مع حجاج إيرانيين خلال حفل "إدانة الكفرة" الذي أقامه الحجاج الإيرانيون خلال موسم الحج - الذي أصبح منذ ذلك الحين مصدر توتر بين البلدين.

 وقُتل خلال أعمال الشغب مئات الحجاج الإيرانيين وعدد من أفراد قوات الأمن السعودية، وانتقمت إيران لموتهم بسلسلة من الهجمات على الدبلوماسيين السعوديين في الخارج.

وفي سبتمبر/أيلول 2015، قُتل المئات من الحجاج مرة أخرى في المملكة العربية السعودية فيما عُرف بحادثة التدافع في منى من بينهم 114 حاجا إيرانيا. واتهمت إيران المملكة بـ"سوء الإدارة" الذي أدى إلى "الكارثة".

تنافس إقليمي

ولفت المركز إلى أن إيران الشيعية، في اتجاه تعزيز إقليمي بعد أن نجت من نظام عقوبات الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب في زمن خلفه جو بايدن.

فإيران طورت برنامجها النووي والآن تنتظر عودة الولايات المتحدة إلى الاتفاق النووي الذي انسحب منه ترامب، وفقاً لشروطها.

كما رسّخت طهران قبضتها على البلدان المجاورة للسعودية، وخاصة اليمن والعراق، وتلك التي تمارس فيها المملكة نفوذا مثل لبنان.

بينما السعودية السنيّة لا تزال تسعى إلى استقرار الفضاء العربي المجزأ بعد "الربيع العربي" لضمان استقراره الداخلي ومكانته في العالم الإسلامي مع تضاؤل نفوذ واشنطن، وفق المركز.

ويرى أنه لا يمكن التوفيق بين التوترات بين السنة والشيعة في العالم الإسلامي، على الأقل ليس في السنوات القادمة، بل إنها تزداد سوءاً في ضوء التطورات الدراماتيكية التي تميز الشرق الأوسط الأوسع، والذي يمر بعملية تغيير عميق.

ويجري التعبير عن ذلك في كل من الحدود السياسية التي شكلتها القوى الاستعمارية وفي التغييرات الديمغرافية (اللاجئون، العودة إلى العناصر القبلية، والجيواستراتيجية، مثل تقليص التدخل الأميركي في الشرق الأوسط والانسحاب من أفغانستان وزيادة الحضور الروسي).

وأشار المركز إلى أنه بين الحين والآخر تحاول إيران والسعودية تقديم ما يشبه "العمل كالمعتاد" ومحاولة تحسين العلاقات بينهما.

 لكن تحت السطح، تستمر العوامل التاريخية التي تضخمها التطورات الحالية في الشرق الأوسط في النبض بقوة أكبر، والتي تعكس بشكل غير صحيح عمق الهوة الدينية المتسعة بين السعودية وإيران وتضعهما في مسار تصادمي مستمر.

وأيضا يحدث التصادم في الساحات الثانوية -اليمن وسوريا والبحرين ولبنان والعراق وغيرها-، ولكن في المستقبل قد يؤدي هذا الاتجاه أيضاً إلى تصادم أمامي. 

ويرى المركز أن العلاقات السعودية الإيرانية ستستمر بشكل خاص، وعلاقات العالم العربي مع إيران الشيعية بشكل عام، في اتسامها بالانقسام الديني بين السنة والشيعة، وهو العامل المهيمن على تحديد هذه العلاقات على مر القرون. 

وأضاف أن السعودية من جهتها تسند ظهرها للجدار في مواجهة الانعطاف الأميركي الصارخ للخلف، وتستمر في محاولة وضع ثقل موازن في سوريا ولبنان من خلال الأموال.

وتفعل ذلك في الخليج أحيانا من خلال التدخل العسكري مثل إرسال قوات دفاع الخليج لحماية البحرين والتعامل مع التهديد الإيراني المتزايد، هذا إلى جانب استمرار القتال في ساحاتها الخلفية في العراق واليمن.

ويرى المركز العبري أن إيران ستواصل السعي لتحقيق تفوقها على المملكة العربية السعودية والعالم العربي السني من خلال برنامجها النووي وقوتها الجيواستراتيجية التي استعادت الاعتراف الغربي بها أخيرا.

وبهذه الطريقة، ستنجح إيران، على الأقل من وجهة نظرها، في تصحيح الظلم التاريخي- منذ بداية الإسلام- المتمثل في موقف متعالي من جانب السنة تجاه الشيعة، وفي تحديد بل إقامة البديل الشيعي الإسلامي المناسب للتعامل مع الغرب وإسرائيل، وفق وصف المركز.

أما في منطقة الشرق الأوسط، حيث فشلت القومية العربية مرارا وتكرارا، يجب أن تكتفي السعودية والدول العربية الأخرى، إذا أكملت إيران برنامجها النووي ووصلت إلى القنبلة، بمظلة نووية أميركية.

وهذا على الرغم من شكوك ومخاوف أثارتها السعودية ودول الخليج أخيرا بشأن عمق الالتزام الأميركي تجاهها.

وقد تختار السعودية التوجه نحو باكستان -القنبلة النووية الإسلامية الأولى- وإدارة برنامجها الخاص وبالتالي بدء سباق تسلح نووي في الشرق الأوسط، وفق المركز العبري.

وخلص المركز إلى أنه "في الوقت الحالي، وعلى الرغم من الرضا الإيراني الذي يظهره تقدم العلاقات، والحذر السعودي، يبدو أن المصالحة الحقيقية بين الطرفين ليست حتى الآن على جدول الأعمال.