"أحرار عدن".. هل تنجح في طرد القوات الإماراتية من المدينة؟

آدم يحيى | منذ ٥ أعوام

12

طباعة

مشاركة

في ظل سيطرة تفرضها القوات الإماراتية على عدن، برزت حركة تطلق على نفسها "أحرار عدن"، تعارض هذا الوجود وتنادي برحيله من الجنوب، وتحديدا من عدن، وذلك بعدما أنشأت تشكيلات مسلحة تخضع لهيمنة ما يعرف بـ"الحزام الأمني" المدعوم من أبو ظبي.

كأي حركة سرية، بدأت  "أحرار عدن" من خلال كتابة شعارات، مذيلة باسمها، على جدران المباني في المدينة، تحمل نصوصا رافضة للوجود الإماراتي  ومنادية برحيله، وقد أزعجت تلك الشعارات، إلى حد كبير، القوات الإماراتية والتشكيلات المسلحة التابعة لها، فقامت بمحوها على الفور، وتتبع من يقف خلفها. 

وتنوعت الشعارات المنادية بطرد "الاحتلال الإماراتي" من عدن، ومنها: (يسقط الاحتلال الإماراتي)، ( المحتلون لم يأتوا لبناء الوطن بل لنهبه)، (الموت للسعودية.. الموت للإمارات)،  (أين الخير من إمارات الشر؟) (لا للاحتلال الإماراتي السعودي)،  


وتعليقا على الموضوع، قالت الدكتورة رينا السحاب أستاذة علم الاجتماع السياسي، لصحيفة "الاستقلال" إن مثل هذه الشعارات، تزعج القوات الإماراتية، لأنها تكرس فكرة الاحتلال الإماراتي في ذهن المواطن الجنوبي، الذي تتم المحاولة لتسويقه كمنقذ لعدن، والضحك على الناس البسطاء، على أنه جاء من أجل عدن".

وأضافت السحاب: إنه "كأي محتل، تخشى القوات الإماراتية، من أن تكون تلك الحركة، على محدودية عددها، نواة لأي حراك مجتمعي واسع رافض للوجود الإماراتي بعدن والمحافظات الجنوبية".

وعن سرية الحركة، رأت الدكتورة رينا السحاب، أنه "من الطبيعي، في ظل السطوة والسجون الإماراتية السرية في عدن، أن تبقى الحركة سرية، ويبقى عددها محدودا، فكثير من المواطنين يخافون حالة القمع، ويحتاجون لكسر حاجز الخوف حتى يتضاعف عددهم، لكن مثل هذه الحركات تكبر عادة وتشكل حركة تحررية قادرة على الفعل الثوري، وقادرة على إيجاد وعي مجتمعي يسهم بنجاح جهودها".


البيان الأول 

استطاعت الحركة أن تخرج من طور شعارات الجدران وكتبت البيان الأول، بعد مقتل الشاب رأفت دنبع على أيدي عناصر أمنية تابعة لتشكيلات مسلحة موالية للإمارات، دعت فيه إلى الخروج في مظاهرات والتعبير عن حالة السخط الشعبي الرافض للتواجد الإماراتي في الجنوب، والذي تسبب بالفوضى وتدهور الأوضاع الأمنية في عدن، ووصولها إلى هذا الحد.

وحذرت الحركة في بيانها، القوات الإماراتية من مغبة أي اعتداء على المحتجين، مؤكدة أن التهديدات لن تثني أبناء عدن عن مواصلة احتجاجهم السلمي الرافض للوجود الإماراتي.

وفي حديث لـ"الاستقلال"، قال أحد أعضاء حركة "أحرار عدن"، الذي طلب عدم الكشف عن اسمه: إن "الحركة لا تتلقى دعما من أي جهة، وأن محركها الوحيد هو أن يبقى الوطن حرا، وأعضاؤها هم شباب عزّ عليهم أن تذهب دماء زملائهم من أبناء عدن الأحرار  هدرا، وقد بذلوا دماءهم وأرواحهم من أجل إخراج الحوثي من المدينة".

وأضاف: "من غير المقبول أن نخرج محتلا ليأتي محتل آخر، بصفة المنقذ، إننا شباب لدينا من الوعي ما يؤهلنا لإدراك طرق  الاحتلال وأبعاده ونواياه، لهذا لن نحيد عن طريق الشهداء، وسنقاتل عن بلادنا حتى آخر نفس".

وتابع عضو "أحرار عدن" قائلا: "نحن نكبر كل يوم، وأنا على ثقة بأننا كما كنا شوكة في حلق المحتل الإماراتي سنكون كابوسا يقضّ مضجعه، ولن يهدأ لنا بال حتى نرى بلادنا قد اقتلعته وميلشياته التي باعت نفسها بثمن بخس دراهم إماراتية معدودة".

خرج عن صمته

تنامت حالة الرفض الشعبي والمدني لدى المواطنين في الجنوب، من خلال التصريحات المناهضة للوجود الإماراتي، ويبدو أن الشارع الجنوبي أصبح اليوم أكثر إدراكا، من أي وقت مضى، بحجم الكارثة التي جلبتها معها القوات الإماراتية، ففي تطور لافت، خرج رئيس مجلس المقاومة في عدن محمد السعيدي عن صمته و حمّل التحالف مسؤولية اختلال الأوضاع في العاصمة المؤقتة عدن.

وقال السعيدي خلال فعالية لأسر الشهداء، بمناسبة الذكرى الرابعة لتحرير عدن من الحوثيين، إن الإمارات وأذنابها من المليشيات المحلية التي تعمل تحتها كانت هي السبب في الفوضى وغياب الأمن والاستقرار في عدن والتفريط في السيادة.

وأضاف، أن ملوك السعودية والإمارات ومن على شاكلتهم، كانوا سببا في ضياع عدن وضياع  النصر وخسارة دماء الشهداء وأحلام الأمهات وضياع البلاد بكلها، محذرا من استمرار هذه الاختلالات التي قال إنها تسيء لتضحيات الشهداء وآمال المقاومين.

وكان محافظ سقطرى رمزي محروس، قد قال في خطاب سابق له وجّهه لمشايخ ووجاهات اجتماعية في سقطرى، إن السلطة ستضرب بيد من حديد كل من تسول له نفسه المساس بأمن واستقرار المحافظة، ودعا محروس الحاضرين إلى الوقوف صفا واحدا إلى جانب الحكومة الشرعية ممثلة بالرئيس هادي والسلطة المحلية في المحافظة، ضد أي تشكيلات عسكرية خارجة عن النظام والقانون، في إشارة للتحركات التي تقوم بها الإمارات على الجزيرة منذ أكثر من عام .  

حملة اعتقالات

في ظل حملة الملاحقات لأعضاء الحركة، نقل موقع "المصدر أونلاين" عن مصدر محلي، أن قوة عسكرية مدعومة من الإمارات اعتقلت الناشط السياسي عبد الحميد الصبيحي في مديرية خورمكسر شرقي مدينة عدن، جنوبي البلاد، بعدما أعلن الصبيحي انضمامه لحركة أ"حرار عدن" التي تعارض الوجود الإماراتي في عدن بشكل مباشر.

وقال المصدر: إن "جنودا من اللواء الأول في جبل حديد غربي خورمكسر، أوقفوا الناشط عبد الحميد الصبيحي، أثناء مروره باتجاه مدينة المعلا ثم أخذوه إلى مكان غير معلوم".

وأضاف، أن اللواء الأول التابع لرئيس المجلس الانتقالي الجنوبي عيدروس الزُبيدي الموالي للإمارات اعتقل الصبيحي على خلفية معارضته للحضور المتنامي لدولة الإمارات العربية المتحدة وحلفائها المحليين في مدينة عدن والمدن الجنوبية.

تصفية المقاومين

وكان أفراد المقاومة الشعبية في عدن والذين شاركوا في الحرب ضد الحوثي وأجبروه على الانسحاب والخروج من عدن، قد تعرضوا لملاحقات وتصفية من القوات الإماراتية في عدن والمليشيات التابعة لها جنوب البلاد.

وكان فيلم قصير نشره الموقع "يمن نت"، قد سرد محاكاة لما تعرضت له المقاومة الشعبية من ملاحقة وتصفية واعتقال وتعذيب، منذ تشكيلها في عام 2015 بهدف قتال الحوثيين. 

وعن سبب الاعتقال والملاحقة، قال الناشط والحقوقي موسى النمراني في حديث لـ"الاستقلال": إن "القوات الإماراتية والتشكيلات المسلحة التابعة لها، لا تريد أي أصوات وطنية أو عناصر يقاتلون من أجل وطنية، لهذا قاموا بتصفيتهم واعتقالهم".

وأوضح: "أنشأوا كتائب مسلحة يمكن تسييرها بما يتوافق مع الأجندة التي تريدها أبو ظبي في عدن خصوصا، وفي الجنوب بشكل عام، مضيفا، أن "السجون السرية الإماراتية ممتلئة بالمعتقلين، ومعظمهم من الشباب الذين قاتلوا الحوثي في 2015، ولدي معلومات بأن بعضهم تم تصفيته في السجن".


وكان تقرير لوكالة "الأسوشيتد برس" بعنوان "من داخل السجون السرية: استطعنا سماع الصراخ"، قد كشف عن  وجود 18 سجنا سريا تديرها قوات تابعة للإمارات في جنوب اليمن، تقوم بتعذيب سجناء بوسائل وحشية دون محاكمات.

وتقرير آخر صادر عن لجنة الخبراء التابع للأمم المتحدة في أغسطس/آب 2018، أكد تورط الحزام الأمني التابع للإمارات بارتكاب جرائم حرب محتملة، وانتهاكات جسيمة، وانتهاكات بحق القانون الدولي الإنساني، وأعمال عنف تراوحت بين اختطاف وتعذيب واغتصاب، نفذتها قوات الحزام الأمني التي ترعاها أبو ظبي، بحسب نص التقرير.