"أنا إنسان".. تضامن تركي عربي مع صرخة فتى سوري بوجه العنصرية في إسطنبول

لندن - الاستقلال | منذ عامين

12

طباعة

مشاركة

شارك ناشطون سوريون وأتراك في حملة تضامن واسعة مع الصبي السوري أحمد كنجو، الذي تعرض لعنصرية لفظية من أتراك في منطقة أوسكودار بإسطنبول، إثر محاولته تفنيد أكاذيب تلاحق اللاجئين في ظل تفاقم حدة الأجواء السياسية مع اقتراب انتخابات 2023.

وأعرب الناشطون عبر مشاركتهم على وسوم عدة عربية وتركية، أبرزها #BenBirİnsanım، #أحمد_كنجو، #العنصرية_تقتل_السوريين، عن رفضهم لخطاب الكراهية والعنصرية ضد اللاجئين السوريين من بعض الأتراك بتحفيز من بعض الساسة.

وأشاد ناشطون بلغة الحوار الرصينة التي تبناها الصبي كنجو البالغ من العمر 17 عاما في مقارعته لمخالفيه والمسيئين له، والتي استطاع بها أن يعكس الصورة الإيجابية للسوريين، مؤكدين أنه أثبت أن هناك جيلا سوريا قادما تشرب الثورة وعدم الخوف من أي شيء.

وذكروا بمعاناة ملايين السوريين وما تعرضوا له في بلدهم ودفعهم للهجرة هربا من قمع وديكتاتورية واستبداد وإجرام رئيس النظام السوري بشار الأسد الذي يقتل هو ومليشياته وحلفاؤه، السوريين وينهب ممتلكاتهم.

كنجو، ظهر إلى جانب بعض المواطنين الأتراك الذين كانوا يدلون بتصريحات لأحد مستطلعي الآراء، ورد على المعلومات المغلوطة عن السوريين التي أدلى بها بعضهم، مستنكرا المواقف العنصرية التي تعرض لها وتسببت في تركه مدرسته.

وفند خطاب العنصريين محاولا تصحيح بعض أفكارهم، وناقش ملفات متعددة مثل الاقتصاد والغلاء والانتخابات.

ورفض كنجو تحميل بعض الأتراك اللاجئين السوريين مسؤولية كل المصائب التي تحدث في البلاد، وتحدث عن الأزمات والمشاكل التي تعرض لها كلاجئ سوري في تركيا، وقابله الأتراك بالإساءة، فرد عليهم قائلا: "أنا إنسان" وهي العبارة التي انتشرت بسرعة على منصات التواصل الاجتماعي.

تضامن تركي

وردا على ذلك تعالت أصوات كثير من الأتراك المتضامنين مع كنجو وكل السوريين الموجودين بتركيا مستهجنين الخطاب العنصري ضدهم ورافضين الإساءة لهم.

وأعلن رجل الأعمال التركي صابر توكتاش، تكفله بنفقات تعليم الشاب السوري أحمد كنجو، لأنه طالب مجدّ وصاحب أخلاق عالية وأنه فخور جدا بمعرفته، مشيرا إلى أنه أتمم معه ختمة قرآن في رمضان.

ووصف أستاذ العلوم السياسية التركي الدكتور رافزا كافاكتشي، ما حدث مع كنجو بأنه "عار وخطيئة"، مؤكدا أن العنصرية أمر سيئ وتجرد الناس من إنسانيتهم.

وخاطب الصحفي والناشط التركي يسار يافوز، كنجو قائلا: "كمواطن تركي، أعانقك أنت وجميع المضطهدين مثلك، بغض النظر عن عرقهم أو معتقدهم.. على الرأس والعين".

فيما أكد نائب حزب العدالة والتنمية التركي جنكيز دميركايا، أن ما جاء في الفيديو يمثل انعكاسات لعقلية حزب الشعب الجمهوري (زعيم المعارضة)، مذكرا بأن حق الناس في العيش بشكل إنساني دون استبعادهم أمر طبيعي للغاية وهو حق مكفول قانونا في تركيا.

إشادة وثناء

وأثنى ناشطون على قوة وثبات وشجاعة كنجو وهو يواجه هجوم بعض الأتراك من حوله ومحاولتهم الإساءة له، ليهزم أفكارهم العنصرية وحيدا متسلحا بوعيه وسرعة بديهيته وثقته العالية بنفسه.

وقال الناشط الحقوقي والسياسي في الثورة السورية محمد نبهان، عن كنجو، إنه يافع بحجم جبل واجه مجموعة من الأتراك برجولة وبدون خجل، ودافع عن السوريين ووجودهم ضد خطاب العنصرية واستطاع أن يكسب تأييد وتعاطف تركي كبير لدرجة أنه صار ترند.

ووصف الصحفي عبدالناصر القدري، كنجو، بأنه شاب شجاع لديه فهم وعلم وأدب لا يمتلكه خريجون من أكبر الجامعات التركية، ناشرا مقطع فيديو له يشير فيه إلى أنه ترك المدرسة بسبب تعرضه للعنصرية. وقالت الناشطة في الثورة السورية دارين العبدالله: "أحمد كنجو لا يحتاج أن يكون مسؤولا سياسيا في الشأن السوري له توصيف وراتب أو مدير تنفيذي لمنظمة، لكي يحمل مسؤولية الدفاع عن السوريين ضد العنصرية، أحمد فقط كان مجرد إنسان صاحب نخوة وابن البلد.". ووصف الناشط السوري نبيل عثمان، أحمد_كنجو بأنه إنسان صاحب نخوة وابن_البلد، قائلا: "كلنا أحمد".

عنصرية مرفوضة

وأعرب ناشطون عن رفضهم ومناهضتهم للعنصرية بأشكالها كافة، وفخرهم بشباب أمثال كنجو مستعدين لقول كلمة الحق وإعلان مواقفهم المشرفة دون خوف أو مواربة.

وأكد الكاتب مهند السحلبجي، أن الأرض للجميع، ولا للعنصرية، فالله خلقنا من نفس واحدة".

وشبهت الصحفية السورية عائش صبري، العنصريين الذين واجههم كنجو في إسطنبول بالذين قتلوا الفتى السوري ناصر هيتو في ساحة مسجد يشيلوفا بمنطقة سروج في أوروفا لأسباب مجهولة، لافتة إلى أن السوريين 17 عاما.  وكتبت عضو اتحاد الإعلاميين العرب في تركيا والمعتقلة السابقة لدي النظام السوري هايدي الحاج يوسف: "بيكفي مرارة الغربة والقهر… بيكفي ولادنا نحرمو التعليم ليشتغلو لنعيش ..لسا كل كم يوم بيطالعونا من البيت بس لانو سوريين… وقفو العنصرية بيكفي". وأوضح أحمد حسن، أن اللاجئين والمستثمرين والسياح الأجانب عامة والعرب والمسلمين خاصة هم ثروة وبعد إستراتيجي لتركيا الناهضة في حال تم استثمار ذلك". 

جريمة النظام

وصب ناشطون غضبهم على النظام السوري ورئيسه الذي تسبب في هجرتهم وتعرضهم لمثل هذه الأنواع من العنصرية والكراهية وتشويه السمعة والتضييق عليهم.

ولفت المصور سهيل محمد علي، إلى أنه بعد مرور 11 سنة على صرخة "أنا إنسان" أُطلقت في وجه ظلم واستبداد نظام الأسد داخل سوريا، أعاد الفتى السوري الشجاع أحمد كنجو إطلاق الصرخة ذاتها في وجه جيشٍ من "العنصرين"، الذين هاجموه وهو يحاول أن يوضّح لهم بعض المفاهيم الخاطئة عن السوريين في تركيا.

واستنكر أحد المغردين، أن السوري أصبح مجبورا يذكر الناس بأنه إنسان مثل باقي البشر، مؤكدا أن العنصرية قادرة تهد جبال وتهد الإنسان مش بس تمنعه من التعليم. وتساءلت إحدى المغردات: "هل كُتب على السوريين أن يتذوقوا كل أنواع العلقم؟ ذبح بالسكاكين، القصف الجوي، القنابل العنقودية، السلاح الكيماوي، التهجير القسري، حُفر الحقد الأسدي، القتل الألغام، الغربة، فراق الأهل، العنصرية.. ماذا بقي بعد لم يتذوقه السوريون من قهر ووجع؟"

ونشر الباحث السياسي محمد السكري، صورتين الأولى على اليسار لرجلٍ سوري قال جملته الشهيرة "أنا إنسان مالي حيوان" ردا على القتل والظلم الممارس من قبل الأسد، والثانية على اليمين، لكنجو في تركيا ردد ذات الجملة "أنا من؟ أنا إنسان" بعد عقد، ردا على الظلم والعنصرية تجاه السوريين.

وأكد أن "الاستبداد والعنصرية وجهان لعملة واحدة".