طلبة الطب في المغرب.. هل وصلوا إلى الطريق المسدود؟ 

فرح أشباب | منذ ٥ أعوام

12

طباعة

مشاركة

بلغت نسبة مقاطعة امتحانات كليات الطب بالمغرب خلال السنة الدراسية الراهنة 100% في كافة كليات المملكة، وذلك كنداء أخير وإجراء تصعيدي وجهه الطلبة للوزارتين الوصيتين (وزارة الصحة ووزارة التعليم) بعد أن دامت مقاطعة المحاضرات والدروس التطبيقية والتدريبات الاستشفائية أزيد من شهرين، من أجل تسوية أوضاعهم المتدهورة والنظر في قانون يسعى إلى إدماج طلبة طب الجامعات الخاصة في التداريب الاستشفائية داخل المستشفيات العمومية التي تعاني في الأصل من الاكتظاظ، وقلة الموارد والمعدات وشح التعويضات التي يتلقاها الطلبة خلال تكوينهم، ولا تكفي حتى لسد نفقات التنقل.

يتلقى طلبة الطب الذين يدرسون في السنة الثالثة حتى السنة السادسة تقريبا 65 دولارا شهريا، بينما يتلقى طلبة السنة السابعة 150 دولارا شهريا كتعويض، هذا وقد أعرب الطلبة عن رفضهم القاطع لإدماج طلبة طب الكليات الخاصة في مباريات التخصص خاصة، وأن المقاعد جد محدودة كما أنها تنعدم أحيانا في بعض التخصصات.
 
وأصدرت وزارة التربية والتعليم ووزارة الصحة بلاغا توضيحيا مشتركا أكدتا فيه الالتزام بتفعيل 14 نقطة سبيلا إلى حل الأزمة والحد من الإضرابات التي تهدد سنة دراسية بأكملها، وأزيد من 20 ألف طالب طب في ربوع المملكة. وفي ظل سعي الوزارتين إلى إيجاد نقط توافق بينها وبين الطلبة المضربين، أكد هؤلاء رفضهم لهذه المقترحات جملة وتفصيلا لأنها لم تأتِ بأي جديد كما أنها تتضمن بنودا مبهمة فيها تلاعب ولغة خشب إضافة لكونها لا تضع حلولا جذرية للمشاكل التي تشكل سبب إضراب الطلبة. 

نادى الطلبة بحلول صريحة وواضحة عوض الحلول الترقيعية وذلك من أجل الاستجابة لنداءاتهم المتكررة، التي بدأت على مواقع التواصل الاجتماعي لتمتد إلى شوارع العاصمة الرباط رغم التعقيدات التي واجهوها، خاصة طلبة كلية الطب بمدينة أكادير، الذين منعوا بطريقة غير مباشرة من السفر إلى الرباط من أجل الانضمام إلى رفاقهم في النضال، الذين قدموا بدورهم من مدن بعيدة كوجدة وطنجة ومراكش وفاس إضافة إلى مدينة الدار البيضاء. 

"لا أحد يقاطع الامتحانات التي ستحدد مستقبله كطبيب إن لم يكن الأمر يستحق فعلا؛ وإن لم يشعر طبيب المستقبل بأن ما يهدد مستقبله أخطر من المقاطعة نفسها"، هذا ما صرحت به طالبة طب مشاركة في الإضرابات بحرقة كبيرة يغلب عليها حماس منقطع النظير، خاصة وأن هذه المقاطعة الشاملة للامتحانات تعد سابقة من نوعها في تاريخ كليات الطب في المغرب، إذ لم يسبق لأي جيل أن فعلها. نستثني من المقاطعة طبعا طلبة كلية الطب العسكري الذين يبلغ عددهم 452 إضافة إلى الطلبة الأجانب الذين يدرسون الطب بكليات المملكة. 

شكّلت هذه المقاطعة يوم العاشر من يونيو/ حزيران إذاً صرخة أخيرة في وجه تدابير وقرارات تنوي الوزارتان تطبيقها دون إدماج تنسيقية طلبة الطب في أغلبها، ودون الاستماع لمقترحاتهم بحكم أنهم يتكلمون عن تجربة قضوها في دهاليز وغرف عمليات المستشفيات الجامعية والمستشفيات الفرعية، ويعون جيدا كل كلمة خطّوها في مطالبهم الشرعية التي تنادي بتحسين أوضاعهم المتردية والفصل بين كليات الطب العامة والخاصة. 

في تصريح له على جريدة L’économiste المغربية أكد رئيس الحكومة، الدكتور سعد الدين العثماني، أن إصرار الطلبة على رأيهم في مقاطعة الامتحانات سيعرضهم إلى الرسوب وإعادة السنة الدراسية بأكملها، بينما سينتهي الأمر بالطلبة الراسبين في السنة السابقة إلى الفصل النهائي من الكلية. 

هذا وقد أقدمت وزارة التعليم العالي على خطوة غير متوقعة أوقفت خلالها أساتذة طب عن العمل، وذلك لتضامنهم اللا مشروط مع مطالب الطلبة وهم البروفيسور سعيد أمل، البروفيسور إسماعيل راموز والبروفيسور أحمد بالحوس؛ الخطوة التي اعتبرتها التنسيقية الوطنية لطلبة الطب بالمغرب والمهتمون بالأمر تعقيدا للحوار وتأخيرا للمفاوضات وتعنتا مقصودا من أجل إجهاض العملية النضالية التي دامت لشهور. 

من جهة أخرى يؤمن الكثيرون أن التدابير التي تسعى الوزارتان إلى تطبيقها ما هي إلا خطوة أولية غير مباشرة لخصخصة التعليم في المغرب وفرض واقع جديد على الطلبة. قبل أن يكون النضال من أجل فصل طلبة الكليات الخاصة عن كليات الدولة كان هم الطلبة منذ سنوات طويلة تحسين ظروف دراستهم وتدريباتهم الاستشفائية، ومدّ المستشفيات بالمعدات اللازمة وتشجيع الطلبة بتعويضات تخفف من وطأة الساعات الطويلة التي يقضونها في مستشفيات وصفوف مكتظة من أجل علاج المرضى في جو تطبعه الكرامة ولا شيء غيرها.