سياسي تركي: هذه أسباب كراهية الغرب لأردوغان

12

طباعة

مشاركة

السياسة الداخلية ليست السبب الوحيد وراء محاولة زرع الكراهية ضد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، بل إن جهوده لحماية بلده والتقدم بها إلى مصاف الدول، من أكثر الأسباب التي جعلت الغرب ينفر من الرجل ويعمل على إشاعة جو من الكراهية في محيطه؛ سيما بعد أزمة التنقيب عن الغاز في البحر المتوسط، بحسب النائب السابق عن حزب "العدالة والتنمية" التركي، رسول طوسون في مقال له نشرته صحيفة "ستار" التركية.

وقال طوسون إن قبرص هي الوطن المشترك للطوائف التركية واليونانية، وعندما حاولت اليونان مرة السيطرة على قبرص التركية من خلال انقلاب في عام 1974، قبل أن تتدخل تركيا عسكريا، لم يكن يتخيل العالم، وخصوصا الغرب، رد فعل صارم من تركيا، على العكس تمامًا، كانوا يبررون التدخل اليوناني.

وفي عام 1974 شهدت الجزيرة انقلابا عسكريا ناجحا قاده ضباط من القبارصة اليونانيين تابعين لقوات الحرس الوطني، واستطاع الإطاحة بحكم الرئيس مكاريوس؛ في تلك الفترة كان نجم الدين أربكان في الحكومة، وقام بما قام به من أجل الحفاظ على حقوق الأتراك في المنطقة.

ودفعت زيادة الضغوطات على الأتراك في العام ذاته، إلى زيارة رئيس الوزراء التركي، بولنت أجاويد، رئيس حزب الشعب الجمهوري اليساري، إلى العاصمة البريطانية لندن، ليجري لقاءات دبلوماسية مع حلفائه الغربيين؛ ولم تكن لدى أجاويد رغبة في التدخل العسكري في قبرص.

وخلال غيابه اجتمع نائبه البروفسور الدكتور نجم الدين أربكان، رئيس حزب السلامة الوطنية، بشكل عاجل مع الحكومة وقائد الجيش التركي، واستطاع أن يقنعهم بالتدخل العسكري في قبرص بأسرع وقت؛ وفعلا اتُّخِذ القرار بالتدخل العسكري مباشرة لوقف كل ما يتعرض له المسلمون وحماية الشعب القبرصي التركي، وانطلقت في ذلك الوقت حركة "تحرير قبرص الشمالية" بالرغم من وجود معارضة لها.

ابتزاز صريح

في تلك الفترة، قال الكاتب، قاطعت الدول تسليم تركيا مستحقاتها من العتاد العسكري، فعلى سبيل المثال، لم تقدم  ألمانيا المظلات التي دفعت تركيا ثمنها. فقررت أن تسرع وتعزز إنتاجها الوطني ومن جهة أخرى، أغلقت القواعد الأمريكية التركية كافة.

وتابع طوسون في مقاله، اليوم اللعبة تتكرر مرة أخرى، وهذه المرة ساحتها البحر المتوسط، وعلى وجه الخصوص شرقه، حيث باتت الساحة هناك مسرحًا للتنقيب عن الغاز الطبيعي في عمق البحر.

واستعرض النائب السابق، ثلاثة أخطاء قام بها ويقوم بها الغرب في التعامل مع الأزمة وكلها تصب ضد مصلحة تركيا على النحو التالي:

  • الخطأ الأول: رؤية قبرص كجزيرة يونانية، فالغرب يتجاهل تمامًا قبرص التركية، أو ما يعرف بشمال قبرص، وهي رسمياً الجمهورية التركية لشمال قبرص، وهي دولة فعلية تضم الجزء الشمالي الشرقي من جزيرة قبرص، معترف بها من قبل تركيا فقط، ويعتبر شمال قبرص من قبل المجتمع الدولي جزءًا من الجمهورية.
  • الخطأ الثاني: قبرص الرومية وهي (اليونانية)قبلها الاتحاد الأوروبي ضمن الدول الأعضاء المنضوية تحت الاتحاد.
  • الخطأ الثالث: تجاهل أطول ساحل على البحر المتوسط، الذي يقع تحت السيادة التركية بما فيه من ثروات، إذ يعمل العالم على محاولة السيطرة على ثرواته، ويتهمون تركيا في حال أرادت الدفاع عن حقوقها بأنها تنتهك القانون الدولي.

ورأى النائب السابق، بحسب المقال، أن القانون الدولي يتم استدعائه عند الحاجة وتجاهله في حال تطلبت المصلحة ذلك، وأعطى مثالاً على ذلك بالعقوبات التي تفرضها واشنطن على أنقرة بحجة شراء تركيا صواريخ روسية أس-400، وتعد هذه العقوبات مخالفة لقوانين الناتو والقوانين الدولية.

وفي عام 2011، وقعت شركة "نوبل" للطاقة الأمريكية اتفاقية لتقاسم الغاز الطبيعي مع الإدارة القبرصية اليونانية، كما وقعت مصر وإسرائيل واليونان هذه الاتفاقية، التي وصفها الكاتب بـ"الابتزاز الصريح لحقوق القبارصة الأتراك".

لم تعد تركيا ضعيفة

وتبلغ احتياطيات الغاز في شرق البحر المتوسط تريليون متر مكعب، في حين يريد الجميع حرمان تركيا من هذه الحقوق واستخدام كل الطرق الشرعية وغير الشرعية لتحقيق هذا الهدف. وأضاف طوسون موضحا: "تقريبا، جميع الدول الكبرى في الغرب موجودة في المنطقة؛ والمُخطِط الحقيقي هو إسرائيل".

في السابق، كانت مصر وإسرائيل ولبنان وسوريا قد توصلوا إلى اتفاق فيما بينهم، وفي عام 2013 اتخذ البرلمان المصري (في عصر محمد مرسي) قرارات بشأن اتجاه تركيا للمشاركة في هذه الصفقة، وهنا شدد الكاتب، على أن "الانقلاب العسكري ضد مرسي، في هذا الصدد، كان مفيدًا لعدم دخول تركيا في هذه الاتفاقية".

طوسون قال إن قبرص الرومية كانت تعمل من خلال توقيع اتفاقيات مع الشركات الغربية للعمل من جانب واحد مع الإدارة القبرصية اليونانية، فكانت ردود الفعل التركية مزدوجة فمن جهة قامت بمناورات بحرية هي الأضخم منذ تأسيس الجمهورية التركية، ومن جهة أخرى أرسلت سفينتين تنقيب عن الغاز في المتوسط "فاتح" و"بارباروس".

رغم كل ما يحدث لا زال الغرب يعتقد أن تركيا هي نفسها القديمة بضعفها الاقتصادي والعسكري، وهو التصريح الذي طالما أكد عليه الكثير من المسؤولين الأتراك بقولهم: "تركيا الحالية ليست تركيا القديمة".

اللوبي الإسرائيلي ينتقم

ورأى الكاتب، أن وقف الأمريكيين لتدريب الطيارين الأتراك على قيادة طائرات أف-35 ووقف إرسال هذه الطائرات إلى تركيا ليس بسبب إقدام تركيا على شراء الصواريخ الروسية أس-400، مشددا على على أن مسألة الصواريخ الروسية ليست سوى حجة، وما حدث ويحدث هو انتقام اللوبي الإسرائيلي من تركيا.

وتابع قائلا: "الجميع يعرف وخاصة إسرائيل أن عملية نقل الغاز الطبيعي إلى أوروبا وبقية دول العالم، لها عدة طرق لكن أكثرها سهولة واقتصادًا من خلال تركيا وبالتالي وحتى تنفيذ هذه المخططات وإملاء شروط الغرب على تركيا للمضي في صفقات الغاز، عليهم أولاً أن يتخلصوا من أردوغان ومن تركيا بشكلها الحالي، وكما هو واضح، السياسة الداخلية ليست السبب الوحيد وراء كراهية أردوغان.

وأكد النائب السابق في الحزب الحاكم أن تركيا لم تقف صامتة ولن تستسلم للمحاولات الرامية إلى اغتصاب حقوقها في البحر المتوسط سواء من خلال سلب خيرات قبرص التركية أو حصارها. 

وختم طوسون بالقول: "في غضون ذلك، يجدر بنا أن نتذكر أن الحصار الأمريكي انتهى برؤية إسرائيل! لأن القواعد الأمريكية في المنطقة كانت تمثل عيون وآذان إسرائيل، وبالتالي حين أغلقت القواعد الأمريكية في المنطقة باتت إسرائيل لا ترى ولا تسمع، فتم الضغط على تركيا حتى أعادت افتتاحها". قبل أن يزيد: "تركيا محقة، وستحمي في الوقت ذاته حقوقها، وما دام سيرها مستقيمًا سيلهم الله قادتها الصواب".