مجلة إيطالية: عقيلة صالح يخاطر بحياة الليبيين من أجل مصالحه الخاصة

قسم الترجمة | منذ عامين

12

طباعة

مشاركة

في تطور لافت، اقتحم متظاهرون مقر البرلمان الليبي في طبرق شرقي ليبيا، مطلع يوليو/ تموز 2022، احتجاجا على تدهور الأوضاع المعيشية والجمود السياسي المتواصل منذ شهور بالبلاد.

لفتت مجلة فورميكي الإيطالية إلى أن هذا التطور يشير إلى مدى انزعاج الشعب الليبي من الأزمة السياسية والاقتصادية بالبلاد، في ظل إصرار الأطراف المتصارعة وفي مقدمتها رئيس البرلمان البالغ من العمر 78 عاما عقيلة صالح، على الحفاظ على مصالحه أولا.

وتواجه ليبيا أزمة حادة بسبب تراجع إنتاج النفط، في ظل إغلاق مجموعات محلية وقبلية منذ أبريل/ نيسان 2022، ستة حقول وموانئ في شرق البلاد، في منطقة تسيطر عليها القوات الموالية للجنرال الانقلابي خليفة حفتر.

وذلك احتجاجا على استمرار رئاسة عبد الحميد الدبيبة للحكومة في طرابلس وعدم تسليمه السلطة إلى الحكومة الجديدة المعينة من مجلس النواب بقيادة فتحي باشاغا.

وتعاني معظم مدن ليبيا من انقطاعات في التيار الكهربائي لمدة تصل إلى 12 ساعة يوميا بسبب توقف بعض المحطات عن الإنتاج نتيجة توقف إمدادات الغاز من الحقول النفطية.

جرس إنذار

وأشارت المجلة الإيطالية إلى صور ومقاطع فيديو نشرت على الإنترنت مطلع يوليو، تظهر قيام عدة مجموعات باقتحام مقر برلمان طبرق مستخدمين جرافة وهدمها لبعض الجدران. 

وقاموت إثر ذلك بإخراج محتويات البرلمان من حواسيب وأثاث وأحرقوها أمام المبنى.

ولفتت إلى احتجاجات أخرى شارك فيها المئات، كانت قد اندلعت بالآونة الأخيرة في العاصمة طرابلس وفي مدن أخرى مثل مصراتة احتجاجا على تدهور الأوضاع المعيشية في البلاد.

وندد المحتجون خاصة باستمرار انقطاع التيار الكهربائي وارتفاع الأسعار فيما دعا ناشطون إلى مواصلة الاحتجاجات حتى تنحي كل النخب الحاكمة في البلاد.

ورأت المجلة أن الاحتجاجات في ليبيا تعد جرس إنذار، محذرة من أن خطر الانجراف العنيف قائم ويمكن أن يزعزع المناخ الإقليمي المستقر في المرحلة الحالية. 

من جهته، علق المبعوث الخاص لوزير الخارجية الإيطالي إلى ليبيا نيكولا أورلاندو في تغريدة عبر تويتر، بالقول إن "المظاهرات في ليبيا دعوة لليقظة موجهة للطبقة السياسية بأكملها".

وأضاف أنه "يجب أن تتوقف الانقسامات التي تؤثر على معيشة المواطنين وكذلك إغلاق المنشآت النفطية والنزاعات السياسية التي تؤخر الانتخابات".

ودعا أورلاندو أيضا إلى ضرورة أن "تظل المظاهرات المعبرة عن إرادة الناس سلمية ودون معوقات".

ويأتي تصريح الدبلوماسي الإيطالي في أعقاب اجتماع على مستوى السفراء والمبعوثين التابعين للأطراف الدولية الرئيسة المنخرطة في الأزمة الليبية انعقد في روما أواخر يونيو/ حزيران 2022.

ودعت الأطراف المشاركة في الاجتماع في بيان إلى وضع حد للانقسامات الداخلية لمنع الانجرافات العنيفة التي لا يمكن السيطرة عليها والعودة الصادقة إلى المسار نحو الاستقرار.

جمود مؤسسي

وأرجعت المجلة الإيطالية ما يحدث إلى حالة الجمود المؤسسي المستمر منذ أشهر نتيجة وجود حكومتين متصارعتين، واحدة تتخذ من سرت مقرا لها على إثر تكليف من برلمان طبرق يقودها وزير الداخلية السابق فتحي باشاغا.

وعلى الطرف المقابل، حكومة الوحدة الوطنية  بقيادة عبد الحميد الدبيبة ومقرها طرابلس، ترفض تسليم السلطة لاعتراضها على نزاهة عملية التصويت البرلمانية التي تم بموجبها منح الثقة لحكومة باشاغا وتتمسك بالبقاء في السلطة إلى حين إجراء انتخابات.

بحسب المجلة الإيطالية، الليبيون المحتجون مستاؤون إلى حد كبير مما وصل إليه الوضع الحالي خصوصا بعد أن فتح وقف إطلاق النار الذي تم التوصل إليه في أكتوبر/تشرين الأول 2020 آفاقا إيجابية بعد أكثر من عقد من الانقسامات التي أدت إلى صراعات داخلية. 

وبدأت عملية تحقيق الاستقرار بين الشرق والغرب وطرابلس وبرقة، بدعم من المجتمع الدولي، وكان من المفترض أن يؤدي هذا التطور الإيجابي إلى إجراء إنتخابات برلمانية ورئاسية.

لكن الدبيبة، رئيس حكومة الوحدة التي تمخضت عن انتخابات ملتقى الحوار السياسي في عام 2021، فشل بسبب الانقسامات والمصالح السياسية الداخلية المتضاربة في الذهاب إلى الانتخابات. 

وقالت المجلة إن الليبيين الآن يطالبون بإجراء انتخابات ويطالبون أيضا بإنهاء هذه الانقسامات على الفور في ظل ما تعانيه البلاد من أزمات. 

وذكرت على سبيل المثال، أن مدة توفر التيار الكهربائي في طرابلس تقتصر على أقل من ثماني ساعات في اليوم، ما يتسبب في صعوبات معيشية على المواطنين.

كما طالب الحشد الغاضب في طرابلس بحل جميع الهيئات السياسية وتعليقها والذهاب إلى الانتخابات في أقرب وقت ممكن، كما حمل مسؤولية الأزمة الحالية التي تجتاح البلاد إلى كل من عقيلة صالح وخليفة حفتر.

"ليبيا رهينة"

ونقلت المجلة الإيطالية عن مصادر ليبية من داخل المتظاهرين قولها  إن "مجلس النواب يحتجز ليبيا رهينة"، كما تتهم رئيسه صالح بتحريك المجلس وفقا لمصالحه الخاصة.

تجدر الإشارة إلى أن المجلس الذي يتخذ من شرق البلاد مقرا له يعد آخر هيئة منتخبة في ليبيا منذ عام 2014.

 ورغم نجاح صالح في دخول البرلمان بفارق أصوات قليلة لا تتجاوز 913 صوتا، إلا أنه يحتفظ بجزء من السلطة السياسية في البلاد طيلة ثماني سنوات، تستغرب المجلة الإيطالية. 

ولفتت إلى أن الليبيين يشككون الآن في كفاءته وشرعيته بينما يقول المتظاهرون إنه "لم يلعب دوره التشريعي والرقابي، لقد تعمد  مع النواب الموالين له تأجيل الانتخابات للبقاء في السلطة".

وذكرت المجلة بأن صالح كان قد التقى مؤخرا في جنيف بسويسرا، المستشارة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة إلى ليبيا ستيفاني ويليامز، وكذلك رئيس المجلس الأعلى للدولة خالد المشري.

وكان الهدف من اللقاء حل النقاط الخلافية المتعلقة بالدستور والقانون الانتخابي والتوصل إلى اتفاق بشأن قواعد دستورية يتم على أساسها تنظيم انتخابات.

في الوقت الحالي، لم تشهد المحادثات توافقات بينما أثارت فرضية طرحها في الأيام الأخيرة السفير الأميريكي بطرابلس، ريتشارد نورلاند ردود فعل عديدة، تشير المجلة. 

ففي مقابلة مع  وكالة رويترز، تحدث السفير الأميركي عن آلية للإشراف على الإنفاق  أطلق عليها اسم "مستفيد"، لإدارة الإيرادات النفطية وتسيير ميزانية الدولة وضبط الإنفاق الحكومي.

أي أنها ستقوم "بشكل زائف" بمهام الحكومة حتى إجراء الانتخابات بعيدا عن الانقسامات بين الحكومتين.

وكان نورلاند قد أكد خلال لقاء جمعه برئيس مجلس إدارة المؤسسة الوطنية للنفط مصطفى صنع الله مؤخرا، أن "الجهود جارية بدعم دولي لإنشاء آلية بقيادة ليبية لتوفير الشفافية فيما يتعلق بكيفية إنفاق عائدات النفط" مشددا على ضرورة "استئناف إنتاج النفط وإعطاء هذه الآلية فرصة للعمل".

وحذرت المجلة من أن الخطر الكبير وراء ما يحدث يكمن في إمكانية أن تستغل جهة ما المسرح الليبي لزعزعة الهدوء التكتيكي الذي ساد في ليبيا ومنه مناخ الانفراج العام الذي يميز المرحلة الحالية في البحر المتوسط ​​الموسع. 

لا سيما وأن الاحتجاجات أدت في الماضي إلى اشتباكات مسلحة تدخلت فيها فيما بعد المصالح الخارجية من خلال الحرب بالوكالة.