أزمة حكومية في بلغاريا بعد الانتخابات الرئاسية والبرلمانية.. ما أسبابها؟

قسم الترجمة | 2 years ago

12

طباعة

مشاركة

يثير الصراع الأميركي الروسي على بلغاريا الجدل لدرجة أنه يدفع البلاد إلى الانتخابات العامة الرابعة خلال العامين الماضيين.

وفي 22 يونيو/حزيران 2022، جرت مناقشة اقتراح سحب الثقة المقدم من اتحاد المواطنين والقوى الديمقراطية للتنمية الأوروبية بسبب السياسات الاقتصادية والمالية غير الملائمة للحكومة البلغارية.

وجرى قبول الاقتراح بأغلبية 123 صوتا مقابل 116 صوتا. وهكذا، ودع كيريل بيتكوف، الذي انفصل عن الائتلاف أواخر يونيو 2022، مقعد رئيس الوزراء، وفق ما تقول وكالة الأناضول في مقال للكاتب علي مسكان.

وأضافت: "أدى عدم كفاية السياسات الاقتصادية للحكومة في الأشهر الأربعة الأولى، والفشل في اتخاذ تدابير جذرية ضد الفساد، وتليين حق النقض البلغاري لانضمام مقدونيا الشمالية إلى الاتحاد الأوروبي، إلى خلاف حاد بين المعارضة والشركاء الحكوميين". 

عندما أضيفت الأزمة الأوكرانية إلى هذه الخلافات السياسية الداخلية، أعلن أحد الشركاء في الائتلاف، وهو حزب "الوجود الشعبي"، في 8 يونيو أنه سينسحب من الشراكة الحكومية.

وأعلن رئيس حزب الوجود الشعبي، سلافي تريفونوف على فيسبوك: "أنا أسحب وزراءنا لوضع حد لهذا التحالف وهذه المعاناة". 

وهكذا، خسر الائتلاف الذي حصل على 134 مقعدا في البرلمان البلغاري المؤلف من 240 مقعدا 25 نائبا. 

وبعد هذا الانسحاب، قال كيريل بيتكوف وهو أيضا رئيس حزب "نواصل التغيير": "نحن مستعدون للمخاطرة بحكومة أقلية".

وأضاف الكاتب مسكان: بيتكوف شغل منصب وزير الاقتصاد في الحكومة الانتقالية التي شكلها الرئيس رومن راديف وجرى دعمه للوصول إلى السلطة من خلال تشكيل حزب جديد.

وجاء بيتكوف في وجود خلافات في الخطاب السياسي ليس فقط مع شركائه في الائتلاف، ولكن أيضا مع الرئيس راديف بسبب السياسات التي نفذها خلال فترة رئاسته للوزراء.

أزمة الشعب

جادل وزير الدفاع ستيفان يانيف، الذي كان مترددا في نشر قوات حلف شمال الأطلسي "الناتو" في بلغاريا أثناء تصعيد الأزمة الأوكرانية، على فيسبوك بأن التدخل الروسي في كييف لا ينبغي أن يسمى "حربا"، بل "عملية عسكرية" على حد تعبير الرئيس فلاديمير بوتين.

وقال رئيس الوزراء بيتكوف إنه "لا يحق لأي وزير في هذه الحكومة تحديد سياسته الخارجية، خاصة من خلال فيسبوك. ويجب أن أذكر أننا نعارض علنا حرب مذبحة قتل الأشقاء لبلد سلافي ضد بلد سلافي آخر دون أي سبب حقيقي".

والشعوب السلافية مجموعة صغيرة من الشعوب العديدة التي تقطن أوروبا، وتتوزع هذه بشكل رئيس في شرق وجنوب شرق أوروبا، كما أن توزعهم يمتد أيضا عبر شمال آسيا إلى المحيط الهادئ، وتنتمي اللغات السلافية إلى الأسرة الهندية الأوروبية. 

وعلق مسكان: أدت موافقة البرلمان البلغاري على إصلاح المعدات العسكرية الأوكرانية إلى خلافات في الرأي بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والمؤيدين لروسيا في السياسة الداخلية.

وأدى وقف روسيا لمبيعات الغاز الطبيعي إلى بلغاريا إلى زيادة وضوح هذه التناقضات. 

والتقى بيتكوف بكامالا هاريس نائبة الرئيس الأميركي، ووزير الخارجية أنتوني بلينكن لفتح طريق بديل أرخص لإمداد الغاز عبر الولايات المتحدة. 

في حين أن هذا الوضع قلل من نفوذ روسيا الاقتصادي والسياسي على بلغاريا، فقد زاد من قوة الولايات المتحدة. 

وأردف: وبانسحاب حزب الشعب هذا من الائتلاف، خسرت الحكومة أغلبيتها في البرلمان. 

وعلى الرغم من أن الحكومة ذكرت أنها يمكن أن تستمر في الحكم كحكومة أقلية، فإنه في مواجهة هذا الوضع، كان من المحتم أن تواجه المعارضة تهديد حجب الثقة. 

جرى تقديم اقتراح سحب الثقة الذي أعده الحزب الحاكم السابق GERB-UDF ضد الحكومة إلى البرلمان في 15 يونيو بدعم من حركة الحقوق والحريات (HÖH). 

وأعربت الحكومة، التي لديها 109 مقاعد في البرلمان، عن أملها في الوصول إلى 121 نائبا مطلوبا لمسألة سحب الثقة، مع الدعم الذي ستحصل عليه من النواب الذين تركوا حزب الشعب هذا. لكن المتوقع لم يتحقق ونجحت المعارضة في إسقاط الحكومة بحجب الثقة.

وراء الكواليس

وأضاف الكاتب: يتعين على الرئيس رومين راديف تسليم تفويض تشكيل الحكومة إلى كيريل بيتكوف، رئيس حزب "نواصل التغيير"، الذي يضم أكبر عدد من النواب. وإذا فشل في تشكيل حكومة جديدة، فسيتم إسناد المهمة إلى الحزب الحاكم السابق. 

ومع ذلك، هناك مخاوف جدية من احتمال تشكيل حكومة ائتلافية جديدة، وإذا لم يتمكن أي من الحزبين من ذلك، يجب على الرئيس تعيين حكومة مؤقتة في غضون شهرين وحل البرلمان وتحديد موعد انتخابات برلمانية مبكرة، بحسب تقييم الكاتب التركي.

ألقى بيتكوف كلمة أمام البرلمان بعد التصويت على سحب الثقة وقال: "كان شرفا لي أن أقود حكومة أطاح بها بوريسوف تريفونوف (رئيس حزب -هناك مثل هذا الشعب-) والسفيرة الروسية في بلغاريا إليونورا ميتروفانوفا".

وأردف: "هذا التصويت هو خطوة واحدة صغيرة فقط في رحلة طويلة للغاية. سنستمر باستعادة الانتصار، وفي يوم من الأيام سيكون لدينا دولة أوروبية ناجحة بدون علاقات من وراء الكواليس وبدون المافيا".

بهذا التصريح كشف بيتكوف بوضوح عن موقفه السياسي. فقد أعربت روسيا علانية عن خلافها مع المعارضة وشريكها في التحالف. 

مع وصول بيتكوف إلى السلطة، سادت فكرة أن الصراع الأميركي الروسي على بلغاريا لصالح الولايات المتحدة. لكن الخلافات التي ظهرت بعد الأشهر الأربعة الأولى للحكومة جعلت هذا الرأي موضع تساؤل مرة أخرى.

استطاعت حكومة بيتكوف الموالية للغرب أن تتشكل على الرغم من الموقف الوثيق للرئيس والحزب الاشتراكي لروسيا واستمرت في العمل دون أي مشاكل حتى اندلاع الأزمة الأوكرانية.

وهذا النضال سيمهد الطريق لتجديد الانتخابات بدلا من تشكيل حكومة جديدة برئاسة كيريل بيتكوف، لأن هناك احتمالا ألا يجد الأخير الدعم السياسي الذي يتوقعه داخل الائتلاف وقبل الرئيس، يقول الكاتب. 

وأردف أنه "سيجرى تحقيق الاستقرار الاقتصادي والسياسي في البلاد إذا تشكلت حكومة ائتلافية مؤيدة للغرب تماما".

دور الأتراك

وتابع الكاتب: في غرب البلقان، حيث تواجه روسيا صعوبة في صنع السياسة، تكتسب هيمنة الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وزنا مع مرور الأيام.

وفي سيناريو انتخابي محتمل، يمكن القول إن كيريل بيتكوف سيقدم مبادرات سياسية لكسب أصوات الأتراك.

سيرغب بيتكوف في إقامة تعاون سياسي، على أساس المنظمات غير الحكومية التركية أو الجمهور، والتي ستكون قادرة على ترشيح الأتراك الناشطين في البلاد من خلال حزبها السياسي. 

من المتوقع بالفعل أن ترحب مجموعة جادة، تهتم بتمثيل الأتراك بالسلطة السياسية في المستقبل، بمثل هذا العرض.

وأفاد الكاتب: في بلغاريا، حيث يجرى إنشاء أحزاب سياسية جديدة بسهولة وتكتسب شعبية بسرعة، من المحتمل أن نشهد أحزابا سياسية جديدة في الانتخابات المقبلة. 

خوف بلغاريا العضو في الاتحاد الأوروبي من خسارة المكاسب الحالية يجعل الجمهور أقرب إلى السياسيين الموالين للغرب. 

وتابع الكاتب التركي: "طالما أن بلغاريا التي ستزداد مساعدتها من حلف الناتو والاتحاد الأوروبي يوما بعد يوم، هي واحدة من أهم معاقل خط الدفاع الغربي ضد روسيا، فإن تضارب المصالح في البلاد سيستمر". 

ويرى أن إطالة أمد الحرب بين روسيا وأوكرانيا واستمرار الوضع غير المستقر في المنطقة سيجعل الشعب البلغاري يفضل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي. 

ينبغي اعتبار أن الأتراك في بلغاريا يحاولون تقييم هذه العملية بما يتماشى مع مصالحهم الخاصة أمرا منطقيا.

وستواصل تركيا، التي شهدت توترات سياسية مع اليونان من وقت لآخر، الحفاظ على العلاقات الجيدة التي حافظت عليها مع بلغاريا حتى الآن، مع مراعاة وجود الأتراك في البلاد، وفق تقديره. 

وهذا لن يحمي العلاقات بين البلدين فحسب، بل سيكون له أيضا تأثير قوي على سياسة تركيا في البلقان.