رغم قربهم منه.. ماذا وراء رفض الجمهوريين تشكيل حكومة مع ماكرون؟

قسم الترجمة | 2 years ago

12

طباعة

مشاركة

بعد أقل من شهرين من إعادة انتخابه رئيسا، فقد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أغلبيته بالبرلمان لصالح تياري اليسار واليمين المتطرف، اللذين حلا وراءه في المركزين الثاني والثالث، بينما تراجع حليفه بولايته الأولى الحزب الجمهوري للمركز الرابع.

وكشفت صحيفة الإندبندينتي الإسبانية، أن فرنسا تعاني فشلا حقيقيا في ظل رفض جميع الكتل البرلمانية التحالف مع ماكرون لتشكيل حكومة أغلبية، بما في ذلك الجمهوريون الأقرب سياسيا له، لكنهم مصرون على البقاء بالمعارضة بعد استغلالهم في السنوات الأخيرة.

ولم يحصل تحالف "معا" بقيادة ماكرون سوى على 245 مقعدا في الانتخابات التي جرت في 19 يونيو/ حزيران 2022، في حين كان قد حصد 350 مقعدا في انتخابات 2017، وبات يحتاج إلى أصوات 44 نائبا من الأحزاب الأخرى لدعم حكومته بأغلبية 289 من 577 إجمالي مقاعد البرلمان.

مأزق سياسي

وذكرت الصحيفة الإسبانية أنه يبدو من الصعب على ماكرون بأغلبية ضئيلة، تنفيذ برنامجه السياسي، لذلك، في لقائه بقادة الأحزاب المختلفة، أثار احتمال تشكيل حكومة وحدة وطنية، يشارك فيها جميع القوى السياسية لإيجاد مخرج من الأزمة.

وأكدت أن الفرنسيين يواجهون أزمة سياسية، يتم فيها التشكيك في تمثيل الأحزاب للشعب، وأزمة اقتصادية، تحتل فيها القدرة الشرائية مكانة مركزية في النقاش، وأزمة بيئية، لم يظهر بعد تأثيرها على الإجراءات السياسية.

لكن في الحقيقة، لا تستلزم أي من هذه الأزمات تجاهل الأحزاب السياسية لصالح سياسة عالمية، على غرار ما قام به الرئيس.

نتيجة لذلك، رفض قادة الأحزاب مقترحات ماكرون وتركوه في طريق مسدود، وعلى الرغم من حقيقة أن البرلمان ليس في صالحه، يأمل الرئيس في إيجاد حلول وسط للخروج من المأزق، هذا إن لم يجبره الوضع على تغيير سياسته.

ويتفق قادة الأحزاب الفرنسية في الجمعية الوطنية (البرلمان) على أن تشكيل حكومة وحدة وطنية ليس ضروريا في الوقت الحالي. 

لكن، دون هذا النوع من الاتحاد، سيتعين على الأغلبية الصغيرة، بقيادة ماكرون، الاعتماد على تحالفات أخرى.

ومن هذا المنطلق، يجب أن يستفيد تحالف ماكرون من أرضيته المشتركة مع الأحزاب الأخرى لتشكيل تحالفات يمكنها دعم قوته ضد أحزاب المعارضة. 

العين على الجمهوريين

وأوردت الصحيفة أن ماكرون والجمهوريين يمكنهم التوصل إلى تشكيل تحالف، نظرا لتقاربهم سياسيا.

لكن، رسميا يرفض الحزب الذي يرأسه كريستيان جاكوب أي فكرة للتحالف مع ماكرون. في المقابل، هناك أصوات أخرى معارضة لهذا الرفض، وتدعو إلى التفاوض على حلول وسط. 

في حقيقة الأمر، بعد فترة خمس سنوات خصصت للغوص في أرض الجمهوريين حتى إضعافهم بشكل لم يسبق له مثيل، يجد ماكرون نفسه في موقف حساس.

حيث يتطلب منه الوضع الاتفاق مع عائلة سياسية محترقة للتمكن من تمرير قوانين في الجمعية الوطنية.

ومع تمتعه بـ245 عضوا منتخبا، فإن أغلبية رئيس الدولة بعيدة عن الأغلبية المطلقة البالغة 289 نائبا.

وبمقاعدهم الـ60، يمكن للجمهوريين، الذين صوتوا بنسبة 40 بالمئة لصالح مقترحات حزب ماكرون خلال فترة السنوات الخمس السابقة، أن يلعبوا دورا أساسيا في الهيئة التشريعية المقبلة.

ويعتقد رئيس الحزب جاكوب، أن على الجمهوريين أن يلعبوا دور "المعارضة البناءة"، بينما بالنسبة للبعض، قد يكون من المثير للاهتمام العمل على اتفاق حكومي بحيث لا يبقى الحزب على الهامش.

يشارك في هذا الرأي الوزير السابق، جان فرانسوا كوبي، ورئيسة مقاطعة "بايي دي لا لوار" غربي فرنسا، كريستيل مورانسيه.

ومن جهتها، تشير رشيدة داتي، عمدة الدائرة السابعة لباريس ورئيسة مجموعة الجمهوريين في مجلس باريس، إلى أن الاتفاق الحكومي لا يعني بالضرورة المشاركة في الحكومة.

والكثير من الجمهوريين يرون أن هذا التحالف غير ممكن وليس من الوارد التفكير فيه. وكشف جاكوب بعد لقاء مع ماكرون في الإليزيه، أنه أكد للرئيس أنه ليس من الممكن فعل "ما يمكن اعتداده خيانة للناخبين".

معضلة ديمقراطية

من جانبه، يقول الأمين العام لحزب الجمهوريين، أوريليان برادييه: "لقد رفضت الحكومة مقترحاتنا منذ خمس سنوات. يجب الأخذ بعين الاعتبار الاعتبارات السياسية وليس التقنية، نملك العديد من الاختلافات حول عديد من القضايا، لهذا السبب لا أرى نقاط التقاء مع ماكرون".  

وأضاف لـ"الإندبندينتي": "تتمثل أهم نقاط اختلافنا في رؤيتنا للديمقراطية، يميل ماكرون إلى محو الانقسام. لكن في الواقع، يمثل أسلوبه القائل بعدم الانحياز لليمين ولا لليسار نقطة تؤدي إلى موت الديمقراطية".

وبالنسبة لبرادييه، من الصعب تصور مقاربة مع ماكرون. ويضيف: "منذ خمس سنوات، رفضت الجمعية مقترحاتنا. لذلك لا أستطيع أن أتخيل أن الرئيس يريد أن يتعاون معنا. إنه يريد أن يستهلكنا". 

ولا يتوقع المسؤول أنه "يمكن التغلب على الانقسامات" بين حزبه وتحالف ماكرون. ويواصل: "من خلال إنشاء تحالفات لاستيعاب الأحزاب الأضعف، سنخلق مشكلة ديمقراطية أكبر بكثير خلال السنوات القادمة". 

عموما، إن إصرار ماكرون يجعل التحالفات أقل احتمالا. في الأثناء، أصبح التحالف للتصويت على كل قانون على حدة الاحتمال الأكثر ترجيحا، وفق الصحيفة.

وأشارت الصحيفة إلى أن حزب جان لوك ميلينشون اليساري يريد اقتراح سحب الثقة من الحكومة الحالية في يوليو/ تموز 2022.

في الواقع، يعد اقتراح توجيه اللوم نصا يسمح بحل الحكومة إذا صوت عدد كاف من النواب لصالحه، وإذا حصل على موافقة كافية، يجب على رئيس الجمهورية تشكيل حكومة جديدة.

وأوردت الصحيفة أنه في حالة حدوث شلل في الجمعية الوطنية، يمكن للرئيس ماكرون أن يدعو إلى انتخابات تشريعية جديدة في عام 2023.

وفي لقاء له مع الإندبندينتي، يؤكد رئيس تحرير مجلة "ريفي بوليتيك" الفرنسية أرنو بينيديتي، أن "خطر الشلل حقيقي. إذا قررت المعارضة في اللحظة المناسبة، في أي أزمة، التغلب على الحكومة، يمكنها فعل ذلك. لديهم سلاح كبير بين أيديهم".