"تحجيم بوتين".. موقع تركي يكشف عن روشتة النخب الروسية لمنع الفوضى

قسم الترجمة | 2 years ago

12

طباعة

مشاركة

سلط موقع "فيكير تورو" التركي الضوء على تصاعد غضب النخب الروسية من الوضع المقلق الذي أدخل البلاد فيه الرئيس فلاديمير بوتين، مع غياب أي أفق قريب لوضع حد للانهيار الاقتصادي والعسكري والاجتماعي.

وتوقع الموقع أن تسعى النخب الروسية إلى الحد من دور بوتين في صنع القرار في المرحلة المقبلة بعدما صار عبئا على الدولة لا منقذا لها، مع إبقائه بالسلطة، لمنع حدوث اضطرابات اجتماعية.

يأس وحيرة

وذكر الموقع أنه مع استمرار الحرب في أوكرانيا تتزايد مخاوف النخبة الروسية بشأن مصالحها، فبسبب الاضطرابات الداخلية التي سببتها الحرب، بدأ واقع سياسي جديد يتجلى في البلاد.

ففاجأت الحرب الحالية النخب الروسية، وأدى فشل بوتين في إنهاء هذه الحرب بسرعة بالنصر إلى تغيير جذري في الطبيعة السياسية المحلية لروسيا ومستقبلها.

فللمرة الأولى منذ ما يقرب من ربع قرن من السلطة، اتخذ رئيس الدولة قرارا إستراتيجيا جذريا بالكامل تقريبا من تلقاء نفسه. 

وبغض النظر عن مدى ولاء النخبة الروسية، وبغض النظر عن مدى استعدادها للتوافق مع أفكار بوتين، أو على الأقل الخضوع لها، فإن هذا لا يغير من حقيقة أن الحرب فرضت عليها دون أي تشاور أو تحضير. 

وبعد التعافي من الصدمة الأولى، بدأت النخب الروسية في قبول الواقع الجديد، والتكيف معه، وفهم خطورة الوضع على المدى الطويل. 

والواقع أن الزيادة في الدعم لبوتين، والتي كانت مدفوعة في البداية جزئيا بالاستياء العنيف تجاه الغرب والمرونة غير المتوقعة التي أظهرها النظام المالي الروسي، تفسح المجال أمام اليأس والحيرة بشأن الكيفية التي يمكن بها للبلاد أن تتعافى.

فالطريقة التي تم بها اتخاذ هذا القرار المهم، والتي استندت بوضوح إلى سوء التقدير والأخطاء، لم تقوض سلطة بوتين فحسب، بل أثارت أيضا مخاوف عميقة بشأن كيفية تعامل الرئيس مع المشاكل المستقبلية.

ومن خلال الفشل في تحقيق النصر في الأسابيع القليلة الأولى، خيب بوتين آمال كل من أولئك الذين رأوا الحرب خطأ كبيرا وأولئك الذين اعتقدوا أن النظام لم يتصرف بحزم بما فيه الكفاية. 

وهناك إجماع غير معلن على أنه كان ينبغي كسب هذه الحرب في أسرع وقت ممكن، باستخدام جميع الوسائل المتاحة، أو أنه ما كان ينبغي أن تبدأ على الإطلاق.

فبوتين وقع في مأزق فإنهاء الحرب ليس خيارا، لأن شيئا من هذا القبيل قد ينظر إليه على أنه هزيمة لروسيا، لكنه أيضا لا يجرؤ على إنهاء الحرب دفعة واحدة.

ويعتقد المعسكر المؤيد للحرب أن بوتين ضعيف، وهذا يضع التضامن بين الرئيس والنخبة في موقف صعب ويزيد من إضعاف قاعدة دعم بوتين. 

انقلاب مستبعد

وأكد الموقع التركي أن هذا لا يعني أن أسس انقلاب محتمل داخل النخبة الروسية بدأت تتشكل، أو أن أيا من حاشية بوتين سوف تنقلب ضده.

فمن غير المرجح أن يحدث مثل هذا الشيء، لأن مشاعر العجز واليأس هذه تنطوي على حالة من الشلل السياسي.

حتى لو كان لدى أي شخص وجهة نظر مختلفة عن الوضع ومصالحه الخاصة (سواء لصالح السلام أو الحرب)، فهي غير فعالة سياسيا تماما لأن جميع الآليات اللازمة للانخراط في العمل السياسي قد دمرت.

فالنخبة الروسية مجزأة، وكل فرد قلق بشأن مستقبله وحياته ويخاف أن يلقى كل اللوم عليه وحده. 

وسلطة بوتين كوسيط آخذة في التضاؤل، لكن بما أنه لم تظهر أي آلية أخرى في روسيا لحل الصراعات بين النخب، يظل بوتين "الضامن الوحيد للاستقرار"، على الرغم من أنه لم يتبق شيء من الاستقرار.

وتخشى الشركات الكبرى العودة إلى السياسات الاقتصادية في الحقبة السوفيتية، ولا يزال العديد من الناس يعتقدون أن بوتين وحده هو القادر على حمايتهم من هذه المخاطر. 

وفي هذا الصدد، يقدم بوتين عددا من الأيديولوجيات التي تجعل من الممكن جعل نظام الحكم كاملا من خلال تجنب الاضطرابات الاجتماعية أو الانقسامات الداخلية المدمرة بدلا من وجوده كشخصية مادية.

وهذه الحالة من الشلل السياسي لا يمكن حلها من خلال غضب الجماهير أو العقوبات الغربية أو الأزمة المالية والاقتصادية. 

وهذه نتيجة مباشرة لمنع النخب التي تعتمد اعتمادا كبيرا على بوتين من التدخل في السياسة، لكن إضعاف زعامة بوتين السياسية يعني أن النخبة الروسية لا بد وأن تتغير. 

وسوء تقييم الرئيس للمخاطر التي تهدد الصناعة والبنوك وقطاع الطاقة الروسي، إلى جانب عجزه عن معالجة المسائل المالية والاقتصادية، إلى جانب عدم ثقته المتزايدة في المحيطين به والخبراء، سيؤدي إلى قرارات متأخرة وخاطئة.

ومثل هذا النهج يعني أن النخب في البلاد تترك لمشاكلها الخاصة، ويعزز الاعتقاد بأن زعيم البلاد غير قادر على تقييم عواقب الحرب المعنية بدقة وإدارة المخاطر بفعالية.

تهديد حقيقي

وأشار الموقع التركي إلى أنه بينما لا يعرف بوتين كيف يتعامل مع الموقف الحالي، فإن نظام القوة الروسي الذي بناه يمنع اتخاذ القرارات بطريقة جماعية ومتوازنة، وهذا هو التهديد الحقيقي لنظام بوتين.

وسوف يكون لزاما على النخب الروسية أن تتصرف بشكل أسرع وأكثر نشاطا من الرئيس من أجل البقاء، والحد من مشاركة بوتين الضارة في صنع القرار.

وتتعلم النخب الروسية العيش بطريقة جديدة دون أن تدرك تماما طبيعة الواقع الجديد الذي تجد نفسها فيه، وهي تساعد بنشاط في وضع قواعد جديدة، غالبا بشكل غريزي.

وسوف يستغرق هذا التحول شهورا حتى يكتمل، فإضعاف قيادة بوتين من شأنه أن يؤدي إلى زيادة الصراعات بين النخب وقدرتها على التصرف بمفردها. 

وهذا لا يعني أنه سيكون هناك انقلاب ضد بوتين في روسيا، بل يعني أن النخب التي لم تعد تخشى بوتين المعزول بشكل متزايد ستكون أكثر هيمنة في الدفاع عن مصالحها الخاصة.

ومع ضعف الزعيم الجبار الآن، يجب على النظام الحالي أن يتعلم البقاء على قيد الحياة. فقد تمت تصفية الساحة السياسية وأصبح البحث عن خليفة من المحرمات. 

ببساطة، هذا يعني أن النخب ستحتاج إلى بوتين بشكل أقل، وتطلب من بوتين مساعدة أقل، ولن تعتمد على وظيفته كحاكم أو حام. 

وإذا توفي بوتين غدا، فإن الحفاظ القوي على البوتينية تحت قيادة خليفة ضعيف قد لا يكون السيناريو الأسوأ بالنسبة لغالبية مجموعات النخبة. 

وكنتيجة حتمية لكل هذا، أصبح بوتين عبئا للنظام بدلا من أن يكون منقذا له. وسوف يبحث النظام عن طرق للحد من دور بوتين في صنع القرار مع ضمان استمراريته.

وهذه هي الطريقة الوحيدة لمنع الاضطرابات الاجتماعية في خضم أزمة اقتصادية متفاقمة.