"منتدى اليمن الدولي" بالسويد.. محاولة حقيقية لوقف الحرب أم كسب الوقت؟

عصام الأحمدي | منذ عامين

12

طباعة

مشاركة

تتواصل المشاورات والاجتماعات الإقليمية والدولية لبحث الأزمة اليمنية وتقريب وجهات النظر بين أطراف الصراع، تارة برعاية الأمم المتحدة وتارة أخرى برعاية فاعلين غير أمميين، في كل من سلطنة عمان والسويد والأردن.

وعُقدت في الأيام والأسابيع الأخيرة سلسلة اجتماعات ما بين جلسات نقاش ومفاوضات بين ممثلين عن الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا وبين الحوثيين المدعومين من إيران.

في خطوات متسارعة، يراها البعض مؤشرا على قرب نهاية الحرب واستبعاد الخيار العسكري من قائمة التحالف السعودي الإماراتي الداعم للشرعية في حسم المعركة ضد جماعة الحوثي المدعومة من إيران بعد أكثر من 7 سنوات من التعثر وتداخل المشاريع الإقليمية والدولية.

تشاور جديد

آخر الجهود المبذولة لإحلال السلام في اليمن الذي طحنته الحروب، تمثلت في منتدى عُقد بالعاصمة السويدية استوكهولم بين 17-19 يونيو/ حزيران 2022، بحضور المبعوثين الأممي والأميركي وعديد من الرموز اليمنية من كافة الأطراف.

وضم المنتدى أكثر من 200 شخصية يمنية ودولية من بينهم دبلوماسيون، ووسطاء، وفاعلون إقليميون ودوليون، وممثلون عن الأمم المتحدة والمنظمات الدولية فضلا عن عديد من الجهات الفاعلة في المجتمع المدني اليمني، وأُطلق عليه "منتدى اليمن الدولي".

وناقش المنتدى الذي نظمه مركز صنعاء للدراسات الإستراتيجية (مستقل/ مقره صنعاء) بالتعاون مع أكاديمية "فولك برنادوت" للسلام والأمن والتنمية السويدية (حكومية)، ملفات شملت التحديات الاقتصادية والأمنية وإدماج المقاتلين مستقبلا والقضية الجنوبية.

وحثت وزيرة الخارجية السويدية "آن ليدي" والمبعوث الأممي إلى اليمن "هانس غروندبرغ"، في المنتدى، المشاركين على الاستفادة من الهدنة الحالية لتجاوز العقبات وبما يسمح بالمضي قدما بعملية صنع السلام في اليمن.

وعقدت النسخة الأولى من هذا المنتدى في ظل هدنة ترعاها الأمم المتحدة بين الأطراف المتصارعة بالمين، دخلت حيز التنفيذ مطلع أبريل/ نيسان 2022.

ويرى البعض أن المنتدى عبارة عن مهرجان إعلامي، ليس له أي قيمة حقيقية، حيث تم دعوة مجموعة من الإعلاميين والصحفيين والناشطين بحسب المعرفة، من الجهات المنظمة وذلك لإضفاء الطابع التشاوري للمنتدى.

ورغم أهمية مثل هذه الاجتماعات، إلا أنها لم تقدم أي إضافة جديدة تتعلق بالشأن اليمني ومعالجة جذور الأزمة، لعدم حضور ممثلين مباشرين عن المكونات التي فرضت سيطرتها بقوة السلاح كالمجلس الانتقالي والحوثيين، وفق متابعين للأزمة اليمنية.

وفي هذا السياق قال الصحفي المشارك في المنتدى مراد العريفي، إنه "أحد مشاريع مركز صنعاء التي يعمل عليها منذ فترة طويلة، ويستهدف بشكل أساسي مبادرات السلام وجمع الأطراف اليمنية لطاولة الحوار من جديد".

وأضاف لـ"الاستقلال"، أن "المنتدى استهدف قيادات الأطراف السياسية والناشطين والدبلوماسيين لوضع توصيات تهدف إلى أن يكون السلام واحدا من المرتكزات الأساسية التي تتجه إليها أطراف الصراع".

وأوضح العريفي، أن "المنتدى أيضا تناول مرحلة ما بعد الصراع، خصوصا الملف الاقتصادي والمالي وكيف يمكن أن تسهم هذه التوصيات في صياغة برامج قد تخفف من حدة الأزمة الاقتصادية التي سببها بدرجة أساسية الانقسام المالي والمصرفي بين صنعاء وعدن".

لكن التوصيات التي خرجت بها معظم المشاورات خلال الفترة الماضية، لم تلق أي استجابة أو أثر على الأرض وظلت معظمها حبيسة بين الحاضرين، الذين لا يملكون أي قرار فعلي لتنفيذ مخرجات الاجتماعات والمشاورات في ظل الارتهان للخارج.

حوارات ناقصة

وعُقدت على هامش المنتدى اجتماعات جانبية ضمت خبراء وقادة في القطاع المالي والمصرفي، وركزت على القضايا التي تواجه البنوك اليمنية والقطاع الخاص، وانعكاساتها السلبية على اليمنيين، دون حضور ممثلين عن الحوثيين المعنيين بهذا الأمر.

وتناولت المناقشات الفنية الديناميكية سوق العملة اليمنية وتباين أسعار الصرف، وتحديات نقص السيولة، وتعزيز الامتثال لإجراءات مكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب، والجهود المبذولة لإعادة ربط اليمن بالبنوك الدولية، وسبل معالجة الدين العام.

كما تضمنت جلسات اليوم الختامي إحاطة من المنسق المقيم ومنسق الشؤون الإنسانية للأمم المتحدة في اليمن، عن آخر المستجدات المتعلقة بناقلة "صافر" العائمة المتهالكة والتي تشكل تهديدا بيئيا للبحر الأحمر.

وسعى المشاركون، خلال هذه الاجتماعات، إلى التوصل لتوافق في الآراء بشأن الحلول المحتملة وتقديم توصيات يمكن المضي بها قدماً من جانب مختلف الجهات الفاعلة.

لكن مراقبين يرون أن كل الفعاليات التي تتناول موضوع السلام في اليمن والمخصصة لتعزيز الحوار بين اليمنيين تضم أطرافا عديدة ليس فيها الحوثي وهو الطرف الذي فجر الحرب.

ووصف الكاتب اليمني مصطفى ناجي الفعالية في 21 يونيو، بأنها، مرآة كاشفة لنهج الفاعلين المحليين، في إشارة لتهرب الحوثيين والانتقالي الجنوبي من المشاركة بالمنتدى.

وقال، في تغريدة عبر "تويتر"، إن "ثمة تطابقا في الموقف بين الحوثي والانتقالي من الفعالية بالتهرب من مواجهة أطراف في المجتمع والخوض في نقاشات لمواضيع أصيلة غير الحرب والتدخل الخارجي".

وأضاف ناجي، في هذا المنتدى "تهربت الأمم المتحدة من استحقاقات إنسانية وتهرب الانتقالي والحوثي من مواجهة المجتمع واستحقاقات خدمية وقانونية".

وتابع: "نعم حضر محسوبون على الحوثي والانتقالي. لكن لا تكفي أن تكون قلوبهم مع الانفصال أو الحوثية ولم تغنهم شيئا الخدمات التي قدموها منذ سنين لهذين الطرفين".

وسبق أن عُقدت اجتماعات لمختلف الأطراف اليمنية دون حضور الحوثيين، آخرها مشاورات يمنية-يمنية احتضنها الرياض في 29 مارس/ آذار 2022، من أجل التوصل إلى وقف لإطلاق النار، حيث رفض الحوثيون المشاركة، داعين إلى إجرائها في بلد محايد.

رغبة سعودية

وتكتسب المفاوضات السياسية حاليا بشأن الحرب في اليمن، أهمية مختلفة عن سابقاتها نتيجة للمستجدات خلال الشهرين الماضيين، مع استمرار المفاوضات السرية بين السعودية والحوثيين التي ترعاها سلطنة عمان.

وثارت كثير من الشكوك حول أهداف تلك المفاوضات، وتأثيرها على الأطراف اليمنية المناهضة للحوثيين، في احتمالية المضي باتفاق ثنائي بين المليشيا والرياض، بما يخدم أهدافهما. 

بالإضافة إلى أجندة الأمم المتحدة في البدء بالتفاوض بملفات جديدة، بالتزامن مع الزيارة المرتقبة للرئيس الأميركي جو بايدن للسعودية منتصف يوليو/ تموز 2022، والتي ستكون حرب اليمن من ضمن أجندتها.

وفي جلسة لمجلس الأمن الدولي، في 14 يونيو، قالت المندوبة الأميركية لدى الأمم المتحدة ليندا توماس غرينفيلد، إن "إرساء أساس لحل سياسي للصراع اليمني سيكون محورا رئيسا في رحلة الرئيس الأميركي إلى دول المنطقة، الشهر المقبل".

ويرى مراقبون أن هناك حلولا جاهزة سيجرى تمريرها بناء على رغبة سعودية بدعم دولي، كتلك التي حدثت في مشاورات الرياض وجرى بموجبها تشكيل مجلس القيادة الرئاسي وتنحية الرئيس عبدربه منصور هادي، بموجب مسودة سعودية جاهزة فاجأت بها الحاضرين في مؤتمر الرياض.

ويشهد اليمن هدنة إنسانية هشة بدأت في أبريل 2022 برعاية الأمم المتحدة، وبعد انتهائها مطلع يونيو، جرى تمديدها شهرين إضافيين، على الرغم من حالة التعثر في تنفيذ بنودها فيما يخص رفع الحصار وفتح المعابر بمدينة تعز من قبل الحوثيين وهو المهدد الأكبر لاستمرارها. 

ولا يزال الأمر مرهونا بمليشيا الحوثي للموافقة على المقترح الذي قدمه المبعوث الأممي، بعد مفاوضات في العاصمة الأردنية عمان في مايو/ أيار 2022، بين وفدي الحكومة والحوثيين استمرت أسبوعين وفشلت في التوصل إلى اتفاق.

وكانت السعودية قد عقدت خمس جولات من المحادثات الأمنية مع إيران في بغداد بوساطة عراقية وعمانية.

 إلا أنها لم تحقق أي تقدّم في الملفات المطروحة بينهما، ومن ضمنها ممارسة طهران الضغط على الحوثيين في اليمن لإيقاف هجماتهم على السعودية.

ولا تزال مليشيا الحوثي تسيطر على أكبر مساحة من الشريط الحدودي مع السعودية، والذي يمتد بطول 1300 كيلومتر، وهذا هو محور المحادثات السعودية الحوثية الأخيرة.

تطبيع لافت

من جانبه، رأى الكاتب والمحلل اليمني ياسين التميمي، أن "مثل هذه الاجتماعات والمنتديات تواصل تحقيق هدف التطبيع مع الانقلابيين وتكريس سلطتهم، وتحويل السلطة الشرعية المعترف بها دوليا إلى أحد أضعف أطراف الصراع".

وأضاف التميمي عبر تدوينة بفيسبوك في 19 يونيو، "على عكس مؤتمر استوكهولم الذي انعقد أواخر العام 2018، تحت تأثير الهراوة الأميركية، وضم طرفي الصراع في اليمن وانتهى بعد أكثر من ثلاث سنوات بتسليم الحديدة للحوثيين، فإن ما يسمى منتدى اليمن الدولي لا وزن سياسيا أو أمنيا له".

وأردف أن المنتدى "ليس معنياً بالتوصل إلى اتفاقات أو تفاهمات بقدر ما يشكل حلقة في سلسلة من اللقاءات والمؤتمرات والندوات التي عقدت من قبل ذات المنظمين، دون أن تصل إلى أي نتيجة ولم يكن بوسعها أن تحدث نقلة نوعية في مسار السلام".

وتشهد الحرب في اليمن حراكاً دبلوماسياً غير مسبوق، في محاولة للضغط من أجل الوصول إلى تسوية سياسية، واستغلال الهدنة التي تعد الأولى منذ نحو 7 سنوات.

وكان المبعوث الأممي إلى اليمن، هانس غروندبرغ، كشف في إحاطته الأخيرة لمجلس الأمن، في 14 يونيو 2022، عن خطته للفترة المتبقية في الهدنة.

 وقال غروندبرغ: "سأنتهج خطين من الجهود: أولاً، ضمان تنفيذ عناصر الهدنة وتمتينها بما في ذلك فتح طرق في تعز ومحافظات أخرى".

 وثانياً: "أخطط للشروع في مفاوضات على المسارين الاقتصادي والأمني، وينبغي أن يرتكز هذا العمل إلى سياق سياسي وأن يتوجه نحو تسوية سياسية".

وأكدت الخارجية الأميركية في بيان في 17 يونيو، أن الولايات المتحدة تدعم الفرص التي تخلق مساحة لليمنيين للاجتماع بطريقة منظمة ومركزة للبناء على جهود السلام التي تقودها الأمم المتحدة والجهود الدبلوماسية للتحرك نحو حل دائم للصراع.

وأشار البيان، إلى أن المبعوث الخاص سيتجه بعد مشاركته في منتدى استوكهولم إلى العاصمة العمانية مسقط، للتعبير عن تقديره لدعم الحكومة العمانية للهدنة ومناقشة الجهود الحالية لتنفيذ بنودها.

وأيضا بحث وقف دائم لإطلاق النار وعملية سلام شاملة تنهي الحرب وتلبي دعوة المجتمع المدني للعدالة والمساءلة ودعم استقرار الاقتصاد اليمني.