"قرار واحد".. رؤية إسرائيلية لكيفية حل الأزمات الاقتصادية للسلطة الفلسطينية

قسم الترجمة | 2 years ago

12

طباعة

مشاركة

كشفت أحدث تقارير صندوق النقد والبنك الدوليين عن وضع سيئ وعجز كبير بميزانية السلطة الفلسطينية، وأوصت بزيادة المساعدات الخارجية وتنفيذ إصلاحات وترشيد الإنفاق على الفور، للخروج من هذه الأزمة الاقتصادية.

بينما ادعى "معهد دراسات الأمن القومي" العبري، في مقال للباحثين "حاجي أتكس" و"إستيبان كلور"، أن رام الله قادرة على حل هذه الأزمة إلى حد كبير عبر اتخاذها قرارا واحدا، وهو فرض ضريبة دخل على العمال الفلسطينيين بإسرائيل.

مشكلة متفاقمة

وذكر المعهد أنه في مايو/ أيار 2022، نشر صندوق النقد والبنك الدوليان تقارير عن الوضع الحالي للاقتصاد الفلسطيني، سلّطا فيها الضوء على الوضع المالي الكئيب للسلطة.

فانخفضت الإيرادات بشكل حاد من 16.6 مليار شيكل (4.8 مليار دولار) في عام 2016 إلى 13.6 مليار شيكل في عام 2020، وتعافت بشكل جزئي فقط في عام 2021، مع زيادة إلى 14.9 مليار شيكل (الدولار = 3,41 شيكلا).

وتأثر هذا النمط بانخفاض كبير بمرور الوقت في الإيرادات غير الضريبية (العمولات والرسوم المحلية بشكل أساسي)، وفي المساعدات الخارجية من الدول والمنظمات الأجنبية.

كما انخفض حجم المساعدات الخارجية بنسبة 65 بالمئة، من 2.9 مليار شيكل عام 2016 إلى مليار شيكل عام 2021.

باختصار، كانت النفقات في عام 2021 أعلى من الإيرادات بأكثر من 15 بالمئة، وبلغ عجز الميزانية 5.3 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي.

ولمعالجة الأزمة المالية، ركّزت التوصيات الواردة في تقارير صندوق النقد والبنك الدوليين على زيادة المساعدات الخارجية وتنفيذ الإصلاحات الهيكلية وترشيد الإنفاق.

بينما أوصى المعهد العبري بسياسة أخرى بسيطة نسبيا من شأنها أن تساعد السلطة في التعامل مع الأزمة وهي فرض ضريبة على العمال الفلسطينيين في إسرائيل والمستوطنات.

وفقا للتقديرات الفلسطينية، بعد أن تعافت إسرائيل تمامًا من جائحة كورونا، عمل من الضفة الغربية في إسرائيل حوالي 104 آلاف عامل بتصاريح وحوالي 44 ألفا بدون تصاريح خلال الربع الأول من عام 2022.

بالإضافة إلى ذلك، في نهاية عام 2021، جددت إسرائيل تشغيل العمال من قطاع غزة، وحددت حصة تصاريح دخول لـ 12 ألف عامل.

وحافز العمل في إسرائيل واضح، فنسبة العاملين من السكان الذين يبلغ عمرهم 15 سنة فأكثر بالضفة الغربية منخفضة (32 بالمئة) ومنخفضة جدا في قطاع غزة (20 بالمئة)، بالمقارنة مع نسبة العمالة (من الفلسطينيين) في تل أبيب، التي تبلغ حوالي 60 بالمئة.

فجوة كبيرة

ولفت المعهد العبري إلى أنه علاوة على ذلك، هناك فجوة كبيرة بين الأجور في إسرائيل وفي الضفة الغربية وقطاع غزة.

فيبلغ متوسط ​​الأجر اليومي للعامل الفلسطيني الذي يعمل في إسرائيل أو في مستوطنة إسرائيلية 269 شيكلا.

والأجر اليومي للعاملين في الضفة الغربية أقل بكثير (126 شيكلا في القطاع العام و118 شيكلا في القطاع الخاص).

أما العمال الذين حالفهم الحظ في العثور على عمل في قطاع غزة سيحصلون على 101 شيكل في القطاع العام، و34 شيكلا في القطاع الخاص.

بالإضافة إلى ذلك، وبالمقارنة مع العمال في الضفة وغزة، الذين من المفترض أن يدفعوا ضريبة الدخل على أجورهم، فإن أقلية فقط من العاملين في إسرائيل أو في المستوطنات يفعلون ذلك، وفق المعهد.

ويُطلب من الفلسطينيين العاملين في إسرائيل دفع ضريبة الدخل بموجب قانون الضرائب الإسرائيلي.

والفلسطينيون العاملون في المستوطنات مطالبون بدفع ضريبة الدخل بموجب قانون الضرائب الأردني.

وإسرائيل مسؤولة عن تحصيل مدفوعات الضرائب هذه وتحويل معظمها إلى السلطة الفلسطينية.

وفي الممارسة العملية، ولأسباب مختلفة، يدفع عدد قليل فقط من هؤلاء العمال ضريبة الدخل.

فهناك 44 ألف عامل من الضفة الغربية يعملون بدون تصاريح، إضافة إلى 12 ألف عامل من غزة، وهذا عمل غير رسمي، وبالتالي لا يجرى الإبلاغ عن دخلهم لسلطات الضرائب.

وبالنسبة للموظفين الموثّقين فالدخل المعلن لمعظمهم أقل من الحد الضريبي وفقًا للقانون الإسرائيلي، وبالتالي فهم معفون من دفع الضريبة. 

بالإضافة إلى كل هذا، ليس لدى سلطات الضرائب الإسرائيلية أي حافز حقيقي لفرض القوانين على هؤلاء العمال، حيث يجرى تحويل العائدات، باستثناء رسوم التحصيل بنسبة 3 بالمئة، إلى السلطة الفلسطينية على أي حال.

وفي عام 2021، تلقت السلطة الفلسطينية حوالي 250 مليون شيكل من إيصالات ضريبة الدخل المحصلة من العمال الفلسطينيين العاملين في إسرائيل والمستوطنات.

تأثير كبير

وبين المعهد العبري أنه لو دفع العمال في إسرائيل أو في المستوطنات الضرائب بموجب قانون الضرائب للسلطة الفلسطينية، لكان الدخل من ضرائبهم قد وصل إلى 55 بالمئة من إجمالي دخل السلطة من ضريبة الدخل.

وذلك لأن الفلسطينيين العاملين في إسرائيل، يكسبون ضعف ما يكسبه نظراؤهم في الضفة الغربية.

ومع ذلك، من الناحية العملية، بما أن الفلسطينيين العاملين في إسرائيل يدفعون الضرائب بموجب قانون الضرائب الإسرائيلي/ الأردني، فإن دخلهم يشكل 29 بالمئة فقط من إجمالي دخل السلطة من ضريبة الدخل.

واقترح المعهد فرض ضرائب على العمال الفلسطينيين في إسرائيل من خلال تحصيل رسوم ثابتة للحصول على تصريح عمل، بدلا من تحصيل ضريبة الدخل وفقا لقانون الضرائب الإسرائيلي/ الأردني.

مثل هذه السياسة من شأنها أيضا تغيير التنظيم الذي يحدد عدد العمال الفلسطينيين، من الكوتة المحددة خارجيا إلى أسلوب يأخذ في الحسبان العرض والطلب للعمال في إسرائيل.

وسيؤدي التغيير في الأسلوب إلى عدد من التحسينات على الوضع الحالي، أولا: مثل هذه السياسة ستدر الدخل الذي تشتد الحاجة إليه للسلطة الفلسطينية.

على سبيل المثال، ستؤدي الرسوم الشهرية البالغة 700 شيكل لكل تصريح، والتي سيجرى فرضها على 150 ألف عامل إلى تحقيق عائدات تبلغ مليارا و200 مليون شيكل بدلا من 250 مليونا التي ينتجها النظام الحالي.‎

مثل هذه الزيادة في الإيرادات ستغطي حوالي ثلث العجز الحالي للسلطة وستعمل الرسوم أيضا على تقليل فجوة صافي الأجور بين العمال في إسرائيل ونظرائهم الذين يشكلون جزءا من الاقتصاد الفلسطيني.

وادعى المعهد أن هذه سياسة عادلة وتقدمية ستؤدي إلى الحد من عدم المساواة في الدخل في الاقتصاد الفلسطيني، وفق تقديره.

وسوف يدفع العمال في إسرائيل الذين يتقاضون أجورا أعلى ضرائب أعلى مقارنة بالعاملين الذين يتقاضون أجورا أقل في الاقتصاد الفلسطيني.

معضلة أخرى

ثانيا: فرض رسوم على تصاريح الدخول سيعزز الاقتصاد الفلسطيني والأعمال التجارية المحلية، بحسب المعهد العبري.

ومع ذلك، فإن فجوة الأجور بين إسرائيل والاقتصاد الفلسطيني لا تجتذب فقط العمال ذوي المهارات المتدنية، ولكن أيضا العمال الفلسطينيين المتعلمين، الذين ينجذبون إلى الوظائف في تل أبيب على الرغم من أن هذه الوظائف لا تتطلب تعليمًا عاليا.

ويؤدي هذا الاتجاه إلى انخفاض في عدد العاملين المتعلمين وفي إنتاجية الاقتصاد الفلسطيني.

ويؤدي ذلك إلى تقلص المعروض من العمال في الاقتصاد الفلسطيني ويؤدي إلى زيادة الأجور المحلية (خاصة بين العمال ذوي المهارات المتدنية)، مما يضر بالأعمال التجارية ورجال الأعمال الفلسطينيين.

والوظائف في إسرائيل التي تتطلب مهارات منخفضة ومجزية بأجور عالية نسبيا تقلل أيضا من الحافز الفلسطيني للحصول على التعليم، مما قد يؤدي إلى انخفاض مطرد في عدد العمال المهرة على المدى الطويل.

وضريبة 700 شيكل ستقلل من حافز العمال المتعلمين للعمل في إسرائيل في وظائف لا تتطلب تعليما عاليا، وفق تقدير المعهد.

وإذا كانت السلطة تريد ردع الفلسطينيين ذوي رأس المال البشري الكبير عن الانخراط في وظائف بسيطة في إسرائيل، فسيتعين عليها تعديل مبلغ الضريبة وفقا لذلك.