زيارة ابن سلمان.. هل تدفع علاقة أنقرة والرياض الاقتصادية إلى ذروتها مجددا؟

قسم الترجمة | منذ عامين

12

طباعة

مشاركة

تحدثت وكالة الأناضول التركية عن تأثير التوتر في العلاقات بين أنقرة والرياض سلبا على التجارة بين البلدين، لكن مع زيارة ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، من المتوقع أن تبدأ حقبة جديدة من التعاون بينهما.

وأجرى محمد بن سلمان زيارة رسمية إلى أنقرة في 22 يونيو/حزيران 2022، والتقى الرئيس رجب طيب أردوغان. وجرى التأكيد في البيان المشترك الصادر عقب اللقاء على بدء عهد جديد من التعاون في العلاقات الثنائية، بما في ذلك السياسية والاقتصادية والعسكرية والأمنية.

وأضافت الوكالة في مقال للكاتبة شريفة أكنجي: "يشكل الاقتصاد بعدا مهما في العلاقات بين أنقرة والرياض. وبالنظر إلى بيانات التجارة السنوية بين البلدين، يمكن رؤية هذا الوضع بوضوح".

حقبة جديدة

وأشارت أكنجي إلى أنه في أوائل العقد الأول من القرن الحالي، أجريت مفاوضات من أجل تعزيز العلاقات الثنائية وزيادة حجم التجارة، واتخذت خطوات مشتركة في هذا الصدد".

وفي عام 2003، أنشئ مجلس الأعمال التركي السعودي في جدة. وبتوقيع اتفاقية التعاون الأمني ​​في عام 2005، تقرر الكفاح معا ضد الإرهاب على المستوى الدولي والتعاون في مكافحة المخدرات. 

وعام 2005، أنشئ صندوق استثماري تديره مؤسسة دولية بتنسيق من غرفتي التجارة والصناعة في إسطنبول وجدة لتشجيع دول الخليج على الاستثمار في تركيا.

وعلقت أكنجي: "تركيا والمملكة العربية السعودية، دولتان إقليميتان مهمتان من حيث التجارة العالمية وانتقال الطاقة، ولديهما مصالح مشتركة في المجالات الاقتصادية والإستراتيجية والسياسية".

وبالتوازي مع العلاقات الوثيقة بين المؤسسات العامة، تطور التعاون بين القطاعات الخاصة أيضا، وزاد عدد الشركات العاملة في كلا البلدين كل عام.

وأضافت الكاتبة: مع توقيع العديد من الاتفاقيات بين تركيا والسعودية في مختلف المجالات، استمر التعاون بشكل متزايد.

هذه المبادرات بين تركيا والسعودية تعد فعالة في زيادة حجم التجارة بين البلدين، والذي كان 1.3 مليار دولار في عام 2000.

وعلى مر السنين بلغت التجارة ذروتها التاريخية عندما وصلت إلى 3,235 مليارات دولار عام 2006، و3,598 مليارات دولار في عام 2010، و5,847 مليارات دولار في 2012.

وبالإضافة إلى التعاون الاقتصادي، نفذت أيضا أنشطة ثقافية بين البلدين. ففي عام 2008 دعت الحكومة السعودية تركيا كضيف شرف في احتفالات مهرجان جنادرية الثقافي. 

وأصبحت تركيا، التي استجابت لهذه الدعوة، أول دولة خارج الدول العربية تشارك في هذا المهرجان، وجرى توقيع بروتوكول تعاون سياحي بين البلدين، بحسب الكاتبة التركية.

وأضافت أكنجي: على الرغم من حدوث صعود وهبوط في حجم التجارة بين البلدين بين عامي 2012 و2019، فقد جرى الوصول إلى رقم يزيد عن 5 مليارات دولار.

فكانت التجارة الثنائية هي الأكثر تأثرا بالتغيرات في العلاقات بين تركيا والسعودية. 

وفي ذروة الخلافات، تميل العلاقات الاقتصادية إلى الضعف. في بعض أشهر 2021 على وجه الخصوص، توقفت واردات السعودية من تركيا. 

وبلغ حجم التجارة بين البلدين 4.227 مليارات دولار في عام 2020 و3.721 مليارات دولار في عام 2021.

وسجلت تركيا، التي حافظت على مكانتها كفائض تجاري مقابل السعودية في عام 2020، عجزا تجاريا قدره 3,190 مليارات دولار في 2021. 

وعلى الرغم من عدم وجود قرار رسمي بالمقاطعة في عام 2021، كان هناك انخفاض سريع في واردات المملكة من تركيا، واشترت السعودية سلعا وخدمات منها عند مستوى 265 مليون دولار فقط في عام 2021.

 وبلغ حجم التجارة الذي جرى التوصل إليه بين البلدين في الأشهر الأربعة الأولى من عام 2022، نحو 1.624 مليار دولار. وترافق تراجع حجم التجارة مع انخفاض في عدد السياح.

وعلقت الكاتبة: "لا يزال مستوى العلاقات بين تركيا والسعودية أقل بكثير من إمكاناته، خاصة من حيث الأداء الاقتصادي".

وفي هذه المرحلة، فإن القضايا ذات الأولوية التي ستركز عليها تركيا والمملكة، اللتان ستجتذبان الانتباه في اقتصادات البلدان النامية، ستكون التجارة الثنائية والتطورات الإقليمية والاستثمار ومشاريع الطاقة، وفق تقديرها. 

مصالح مشتركة

وقالت أكنجي: في إطار هذه المصالح، أصبح من الضروري أن يزيد البلدان من تفاعلهما السياسي وأن يطورا علاقاتهما الاقتصادية مرة أخرى في النظام العالمي، حيث يتعمق الاعتماد المتبادل. 

تتطلب التغييرات الجيوستراتيجية الحالية التعاون بين البلدين من أجل التنمية الإقليمية والعالمية. في الواقع، لا تزال الأرض مناسبة للتعاون الوثيق بين تركيا والسعودية لتقليل التهديدات في مناخ الشرق الأوسط. 

بالنظر إلى الأحداث من منظور أوسع فيما يتعلق بالسياسة والاقتصاد والدبلوماسية والإستراتيجية الجغرافية، من الضروري اتخاذ خطوات من شأنها نقل العلاقات بين تركيا والسعودية إلى نقطة مثالية على نطاق عالمي، بحسب تقييم الكاتبة.

وأردفت أكنجي: واليوم، تتيح بيئة المصالحة في المنطقة الفرصة للانتقال من القوة الصلبة إلى الناعمة، مما يسمح للبلدين بالتقرب من بعضهما البعض. 

البلدان لا يتجاهلان الفرص التي يتيحها التاريخ ويشكلان سياساتهما الخارجية وفقا لمصالحهما الخاصة من خلال النظر في مختلف مجالات التعاون المحتملة، بحسب قولها.

وأردفت: "اتخذ البلدان خطوات نحو إعادة تطوير العلاقات السياسية والاقتصادية عام 2022، وكانت زيارة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان تطورا مهما بهذا المعنى".

وتابعت: يمكن للبلدين اتخاذ خطوات جادة لاغتنام الفرص الاستثمارية في قطاعات الدفاع والرعاية الصحية والطاقة المتجددة والتعدين والبتروكيماويات والبناء والتمويل والبنوك. 

ففي هذه المرحلة، تعد صناعة الدفاع ذات أهمية كبيرة لكلا البلدين. ويمكن للمملكة إبرام اتفاقيات تجارية مع تركيا، خاصة في قطاع الصناعات الدفاعية، لتأمين بنيتها التحتية للطاقة وتعزيز قطاع الدفاع فيها.

وأضافت: يمكن توقيع اتفاقية صناعة دفاعية مع السعودية، مما سيمهد الطريق للتعاون المشترك في مجال إنتاج الأسلحة والمعدات. 

ومن المتوقع اتخاذ خطوات للمساهمة في تطوير الأنشطة السياحية مثل زيادة حجم التجارة التي انخفضت بسبب الخلافات السياسية إلى أكثر من 5 مليارات دولار، وتحديد هدف قدره 10 مليارات دولار للعام 2023، والخطوط الجوية السعودية ستستأنف رحلاتها إلى تركيا.

وعلقت الكاتبة: "إن التعاون الوثيق بين أنقرة والرياض لا يؤثر فقط على البلدين، ولكن على المنطقة بأسرها".

وقد تساعد التطورات المحتملة في العلاقات بين البلدين على تحقيق المزيد من الاستقرار في الشرق الأوسط وتمهيد الطريق أمام اتفاقات إستراتيجية بين تركيا وقطر والسعودية والإمارات العربية المتحدة ومصر، خاصة في المناطق التي تحدث فيها خلافات مثل ليبيا.

كما تمكن دول الخليج الأخرى مثل الكويت والبحرين وعمان من تطوير علاقاتها مع تركيا وفتح الباب أمام زيادة التجارة الثنائية مع الدول المعنية.

وختمت الكاتبة مقالها قائلة: من الواضح أن المنافسة السياسية الناجمة عن الخلافات بين البلدين تزيد من التكاليف الاقتصادية لهما.

ومن أجل التخلص تماما من هذه التكاليف، هناك حاجة إلى تعاون إستراتيجي قوي بين تركيا والسعودية بدلا من المنافسة الإستراتيجية.

وفي واقع الأمر، نرى أن العلاقات الثنائية تتطور على هذا المنوال، بحسب تقييم الكاتبة التركية.