صراع وشيك بين رواندا والكونغو الديمقراطية.. صحيفة فرنسية تدق ناقوس الخطر

قسم الترجمة | منذ عامين

12

طباعة

مشاركة

سلطت صحيفة "لوموند" الفرنسية، الضوء على تصاعد التوتر في شرق إفريقيا تحديدا على الحدود بين رواندا والكونغو الديمقراطية، ما يهدد بعودة عهد الإبادات الدموية على أساس عرقي من جديد.

واندلعت في رواندا حرب دموية بين جماعات الهوتو والتوتسي منذ عام 1990 وحتى عام 1994، تسببت في مقتل وإصابة عشرات الآلاف، فضلا عن نزوح نحو 300 ألف إلى الدول المجاورة، لا سيما كينيا وأوغندا.

وضع متوتر

أغلقت جمهورية الكونغو الديمقراطية، في 18 يونيو/ حزيران 2022، حدودها إلى أجل غير مسمى، مع رواندا بعد مقتل أحد جنودها بطلق ناري من قبل قوات الأخيرة.

وتدهور الوضع الميداني في المثلث الحدودي بين رواندا والكونغو الديمقراطية وأوغندا، مع سيطرة "حركة 23 مارس" المتمردة عليها، وتراجع القوات الكونغولية.

وتتهم الكونغو الديمقراطية رواندا بدعم متمردي "حركة 23 مارس" في الأعمال القتالية المتجددة في منطقة كيفو الشمالية، فيما نفت الأخيرة مرارا تلك المزاعم.

وتنتقد رواندا خطاب الكراهية الكونغولي المناهض لها، الذي يتسم بالعنف المتزايد.

وتتألف "حركة 23 مارس" من عرق "التوتسي" الكونغوليين، الذين انخرطوا في القوات النظامية بموجب اتفاق سلام تم توقيعه في مارس/ آذار 2009، لكنهم أعلنوا تمردهم في أبريل/ نيسان 2012، زاعمين أن الاتفاق لم يطبق بالكامل.

وأشارت الصحيفة إلى أن زعماء هاتين الدولتين في شرق إفريقيا قد اتفقا على نشر قوة إقليمية في الكونغو الديمقراطية لمحاولة إنهاء الصراع.  

ويسود حاليا هدوء حذر على الحدود بين مدينتي جيسيني وغوما القريبتين من بعضهما البعض، وفق ضباط الجمارك الروانديين والكونغوليين.

والآلاف يقفون حاليا في الطوابير القصيرة التي تمتد على جانبي الحواجز على الحدود بين البلدين، ومع ذلك، فإن التوترات أبعد ما تكون عن الهدوء بين الدولتين المتجاورتين.

وكان الرئيس الرواندي بول كاجامي ونظيره الكونغولي فيليكس تشيسكيدي حاضرين في 20 يونيو في نيروبي بكينيا، في قمة مجموعة شرق إفريقيا حيث تم تسجيل نشر قوة إقليمية من أجل تحقيق الاستقرار في شرق الكونغو الديمقراطية. 

وأكدت الرئاسة الكونغولية على تويتر في نهاية الاجتماع أن "هذه القوة، التي ستخضع للقيادة العسكرية لكينيا، يجب أن تكون جاهزة للعمل في الأسابيع المقبلة وألا تضم ​​بداخلها عناصر من الجيش الرواندي". 

لكن السلطات في كيغالي أعلنت أنها مستعدة لإرسال جنود تابعين لها هناك.

تهدئة مستبعدة

ونقلت الصحيفة الفرنسية عن دبلوماسيين بالبلدين لم تسمهم، أن التدخل العسكري لن يكون كافيا لتهدئة الوضع على الحدود بين رواندا والكونغو الديمقراطية.

وأضافوا، "لقد ثبت أن هذا الخيار غير فعال في المنطقة منذ تسعينيات القرن العشرين، مؤكدين، أن "الحل السياسي بين الرئيسين الرواندي والكونغولي هو الذي يمكن أن ينهي الأزمة، لكن مواقف البلدين أصبحت أكثر راديكالية".

وبلغ القلق ذروته بعد أن عبر جندي من جيش الكونغو الديمقراطية الحدود عند نقطة بيتيت باريير قبل أيام وفتح النار في اتجاه رواندا، ما تسبب في تبادل لإطلاق النار.  

وقتل الجندي بالرصاص وأصيب شرطيان روانديان على الأقل.

وبناء على طلب من الجيش الرواندي، فتحت آلية التحقق المشتركة الموسعة، وهي هيئة وساطة إقليمية، تحقيقا.  

من جانبها، أرسلت السلطات الكونغولية مسؤولين عسكريين لاستعادة جثة المتوفى الذي بقي في رواندا.  

ولدى وصول الموكب إلى جوما عاصمة إقليم شمال كيفو الكونغولي، تجمع مئات الأشخاص على أحد الشرايين الرئيسة بالمدينة وهتفوا أغاني تكريما للجندي.

وكان عدة آلاف من المتظاهرين قد تجمعوا بالفعل في نفس الطريق، في 15 يونيو، لدعم القوات المسلحة للكونغو الديمقراطية وللاحتجاج على ما يعده الكثيرون "عدوانا لرواندا".   

واستُهدفت ممتلكات وأعمال تجارية تخص الروانديين أو من أصول رواندية أو التوتسي الكونغوليين.

وامتد العنف إلى المقاطعات المجاورة غربي كيفو الشمالية وكيفو الجنوبية بالكونغو. 

مخاوف متزايدة

وفي مقاطعة مانييما الكونغولية، تم إعدام أحد رعاة قبيلة بانيامولينجي، وهو مجتمع رعوي من التوتسي من أصول رواندية بعيدة، لكنه موجود في الكونغو منذ القرن التاسع عشر.

وتحذر جمعيات حقوقية إقليمية من أن "التوتر لا يزال مرتفعا للغاية"، ويدق مكتب الأمم المتحدة المشترك لحقوق الإنسان في الكونغو الديمقراطية ناقوس الخطر بشأن الوضع.

كما شجبت المنظمة في 19 يونيو، عبر تويتر حالات من الدعوة إلى العنف تمثلت في مقاطع فيديو تمت مشاركتها على شبكات التواصل الاجتماعي، "دعا فيها مجموعة من الكونغوليين، تم تحديدهم بوضوح، لمهاجمة التوتسي وممتلكاتهم على أساس عرقهم". 

كما تم تصوير شبان آخرين، وهم مسلحون بالمناجل في شوارع العاصمة الكونغولية، وهددوا بـ "اتخاذ إجراءات".

ورفض الحزب الحاكم في دولة الكونغو الديمقراطية دعوات الكراهية هذه وأدان "وصمة العار القبلية". 

وفي الوقت نفسه، طلب مجلس الدفاع الأعلى من قوات الأمن "تجنب المطاردة".

 ورحب في الوقت نفسه "بالتعبئة الوطنية القوية والدعم الثابت من السكان للقوات المسلحة لجمهورية الكونغو الديمقراطية".

وبسبب تحميل رواندا مسؤولية التدهور الأمني ​​في الشرق، أوقفت الكونغو الديمقراطية، في 16 يونيو، جميع الاتفاقات الثنائية الموقعة مع كيغالي، بما في ذلك تلك المتعلقة باستخراج جزء من الذهب من شرق الكونغو، والتي تمت المصادقة عليها خلال اجتماع بين الرئيسين فيليكس تشيسكيدي وبول كاغامي في  يونيو 2021. 

وقال تشيسكيدي، في بيان  بتاريخ 17 يونيو، "تواصل رواندا محاولة احتلال أرضنا الغنية بالذهب والكولتان والكوبالت لاستغلالها وربحها الخاص.   

ووصف هذا التوتر بين البلدين بأنه "حرب اقتصادية من أجل الصراع على الموارد".   

وردت الحكومة الرواندية، خلال مؤتمر صحفي في نفس اليوم على تعليق العمل بالاتفاقات المشتركة، إن "تعليق الاتفاقات المشتركة هو من اختصاص الحكومة الكونغولية".