تعرض الوساطة.. ماذا وراء دخول الصين على خط أزمات القرن الإفريقي؟

قسم الترجمة | منذ عامين

12

طباعة

مشاركة

عرضت الصين وساطتها لتسوية الخلافات والأزمات في القرن الإفريقي خلال مؤتمر مع دول هذه المنطقة التي تشهد اضطرابات بيئية واقتصادية ونزاعات سياسية وعسكرية لم تعرف حلا منذ سنين.

وأرجعت صحيفة لوبوان الفرنسية، هذا التوجه الصيني اللافت إلى رغبة بكين في تعزيز نفوذها وحماية استثماراتها العديدة في تلك الرقعة من القارة الإفريقية التي تشهد تنافسا حادا أيضا مع أميركا، لقربها من طرق التجارة المارة عبر البحر الأحمر.

نفوذ كبير

وذكرت لوبوان أن "أول مؤتمر للصين والقرن الإفريقي حول الأمن والحوكمة والتنمية" انطلق في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا في 20 يونيو/ حزيران 2022، واستمر يومين.

ومثّل الصين بالمؤتمر مبعوثها الخاص للقرن الإفريقي "شو بينغ"، وسط مشاركة دول إثيوبيا وجيبوتي وكينيا والصومال والسودان وجنوب السودان وأوغندا وبغياب إريتريا.

وقال شو بينغ في كلمته بالمؤتمر، "إنني على استعداد لتقديم وساطة لتسوية النزاعات سلميا وفقا لإرادة دول هذه المنطقة".

وعلقت الصحيفة الفرنسية على هذا التطور بالقول "إنه نظرا لما تعانيه منطقة القرن الإفريقي من صراعات ونزاعات، تسعى بكين إلى تعزيز نفوذها وحماية استثماراتها العديدة هناك".

وأشارت إلى أن تعيين شيويه بينغ، في فبراير/ شباط 2022، يظهر عزم بكين على الانخراط دبلوماسيا في هذه المنطقة.

وقد كان للصين بالفعل مبعوث خاص للقرن الإفريقي في عام 2007، لكن تم استدعاؤه على الفور في خضم الأزمة في إقليم دارفور غربي السودان.

لكن منذ ذلك الحين، ازدادت مصالح الصين في هذه المنطقة الإستراتيجية من القرن الإفريقي بشكل لافت.

فللصين ميناء في جيبوتي وهناك أيضا قاعدتها العسكرية الوحيدة في إفريقيا لتأمين مصالحها الاقتصادية الهائلة المتمثلة في النقل اللوجيستي، والصناعة، والطاقة، وغيرها.

وأكد شيويه بينغ بالمؤتمر هذا التوجه بقوله، "لقد تعلمنا من التاريخ أن القرن الإفريقي لا ينبغي أن يصبح باحة خلفية لأي دولة".

وأشار إلى أن "الكثيرين عانوا من الهيمنة الاستعمارية، وأن مواجهات الحرب الباردة جلبت الويلات والحرب على القارة ". 

 ودعا إلى "تجنب التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى"، كما رفض "إساءة استخدام العقوبات الأحادية".

فرصة سانحة

ولفتت الصحيفة إلى أن هذا التطور يأتي ذلك في الوقت الذي سحبت فيه واشنطن، أديس أبابا من اتفاق تجاري رئيس- اتفاق أغوا- في نوفمبر/ تشرين الثاني 2021.

على خلفية انتهاكات حقوق الإنسان في الصراع بين الحكومة بقيادة رئيس الوزراء آبي أحمد والمتمردين في إقليم تيغراي الشمالي. 

كما فرضت الولايات المتحدة عقوبات على إريتريا في عام 2021، بسبب تورطها في هذا الصراع.

وأعرب وزير الخارجية الصيني وانغ يي، أثناء زيارته لعاصمة إريتريا أسمرة، في يناير/ كانون الثاني 2022، عن معارضة الصين للعقوبات الأميركية ضد إريتريا، وهي دولة مغلقة تعيش في ظل نظام استبدادي. 

من جانبه قال المبعوث شيويه إنه مقتنع بأن "القرن الإفريقي لديه القدرة على حل خلافاته من خلال الحوار والتشاور"، على الرغم من "صعوبة فهم بعض الاختلافات لأنها تعود إلى الحقبة الاستعمارية".

وأشارت الصحيفة إلى أن الصين كانت قد أعلنت أيضا استعدادها لدعم مختلف المشاريع في مجالات الأمن الغذائي والصحة والنقل والترويج التجاري أو تكوين الكفاءات.  

من جانبه، أكد مستشار الأمن القومي لرئيس الوزراء الإثيوبي رضوان حسين، في كلمته بالمؤتمر، أن "دول منطقة القرن الإفريقي تقود وتدير هذه المبادرة".

وأضاف أنها مبادرة نابعة من رغبة هذه الدول في خوض غمار تجربة جديدة، وليست الصين سوى دور داعم لها. 

وتابع: "هذه هي مشاكلنا (...) والحل (...) يجب أن يأتي من الداخل".

وصرح في ذات السياق بأن "نجاح أو فشل هذا المؤتمر سيعتمد علينا ولا أحد غيرنا". 

مرحلة جديدة

وكان رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد، صرح في 14 يونيو 2022، أن حكومته لا تريد المزيد من الحرب، وسط تقارير غير مؤكدة عن مفاوضات جارية مع زعماء تيغراي المتنافسين.

وقال رئيس الوزراء إن لجنة حكومية ستقدم قريبا خارطة طريق لأول مرة بشأن هذه القضية. 

كما تحدث عن احتمال إجراء مفاوضات سلام مستقبلا مع المتمردين في منطقة تيغراي كاشفا عن تشكيل "لجنة" حول هذا الموضوع. 

وفي الأثناء، نفى أن تكون هناك مفاوضات سرية مع جبهة تحرير شعب تيغراي التي دار نزاع مسلح بينها وبين الحكومة الفيدرالية في نوفمبر 2020 إلى حين توقيع هدنة في مارس/ آذار تم الالتزام بها من ذلك الحين.

من الناحية الرسمية، لم تقل الحكومة الإثيوبية ما إذا كانت قبلت عرض الصين للوساطة أم لا.  

في موازاة ذلك، تم بذل جهود وساطة أخرى في الأشهر الأخيرة من قبل الاتحاد الإفريقي والولايات المتحدة وكينيا لحل هذه الأزمات.

كما لفتت الصحيفة الفرنسية، إلى خلاف آخر قد يعقد الوضع في المنطقة الفرعية، يتعلق بـ"سد النهضة الكبير" الذي تشيده أديس أبابا على نهر النيل منذ سنوات، رغم اعتراضات الخرطوم والقاهرة.

إذ إنه وبسبب قلقهما بشأن إمدادات المياه، طلبت دولتا المصب مصر والسودان من إثيوبيا التوقف عن ملء السد لحين إبرام اتفاق ملزم بشأنه، لكن أديس ابابا تماطل في ذلك.