سلطت صحيفة "لينتا دوت رو" الروسية، الضوء على تزعم بريطانيا بصورة لافتة للتيار الغربي المناهض لروسيا، بعد غزوها أوكرانيا في 24 فبراير/ شباط 2022، رغم ما يتعرض له اقتصادها من خسائر كبيرة.
وأرجعت الصحيفة هذا المنحى إلى رغبة حكومة بوريس جونسون في التغطية على تداعيات خروج بلاده من الاتحاد الأوروبي التي جاءت بالتزامن مع جائحة فيروس كورونا، فضلا عن تحقيق مكاسب سياسية تمكنها من الظهور من جديد كقوة عالمية رئيسة كما كانت لقرون.
وذكرت الصحيفة الروسية، أن الدول الغربية أيدت بالإجماع أوكرانيا خلال العملية الروسية، لكن هناك صوتا واحدا أعلى بشكل ملحوظ من الأصوات الأخرى.
فيمكننا القول إن رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون هو المدافع الرئيس عن أوكرانيا في العالم.
ويعد هذا الحماس مكلفا للبريطانيين ومؤسساتهم، لكن السلطات تواصل الضغط وتكثف الجهود.
ويمر اقتصاد بريطانيا بأوقات عصيبة، فبعد خروجها من الاتحاد الأوروبي، انخفض مستوى التجارة مع أوروبا، ووصل التضخم بعد جائحة كورونا إلى أقصى حد له في تسع سنوات.
وبحلول نهاية مارس/ آذار 2022 زاد معدل التضخم بنسبة 7 بالمائة، وهي أسوأ نتيجة منذ عام 1992.
وبالإضافة إلى ذلك خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي أعاق انتعاشها الاقتصادي، وأصبح من الصعب على العمال المهاجرين الوصول إلى البلاد.
وواجه البريطانيون نقصا حتى في السلع الأساسية وفواتير ضخمة للكهرباء والغاز، لكن كان هناك شخصا استفاد بالأحرى من هذا الوضع.
فبحسب الباحثة البارزة في مركز الدراسات البريطانية في معهد أوروبا التابع لأكاديمية العلوم الروسية كيرا جودوفانيوك، "كان هذا نجاحا كبيرا لحكومة جونسون".
حيث اندمجت تداعيات خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي مع الأزمة العالمية التي سببها فيروس كورونا، والتي ألغت مسؤولية السلطات عن الانكماش الاقتصادي.
ووعد جونسون المواطنين بأن اقتصاد البلاد سيتعامل مع كل التحديات، وتحسنت الأمور بالقعل حتى 24 فبراير مع بدء الحرب الروسية في أوكرانيا.
وبدأت الدول الغربية في فرض حزمة واحدة من العقوبات ضد موسكو تلو الأخرى، ولم تنضم لندن فقط إلى الإجراءات التقييدية التي يفرضها الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، لكنها أضافت أيضًا حزمة خاصة بها.
وأشارت الصحيفة إلى أن العقوبات البريطانية أثرت على الشركات الروسية والأفراد والمسؤولين وصادرات التكنولوجيا وواردات مجموعة واسعة من السلع بدءا من الصلب إلى الكافيار.
كما أوقفت بريطانيا التعاون الضريبي مع روسيا وأغلقت مجالها الجوي أمام الطائرات الروسية. ومع ذلك، أثرت القيود أيضا على بريطانيا نفسها، وأولها صناعة الصلب.
كما أدى حظر استيراد الأخشاب من روسيا إلى ارتفاع أسعار الأثاث في بريطانيا بمعدل 17 بالمئة، في حين أدت القيود المفروضة على شراء الكريات الخشبية الروسية إلى تفاقم أزمة الطاقة.
كما أعلنت شركة "باركليز" البريطانية، أن ارتفاع أسعار المواد الغذائية والطاقة والسلع الأخرى أجبر سكان بريطانيا أن يشتروا كل شيء من أجل المستقبل.
كما تشجع البريطانيون على التفكير في الانتقال إلى دول أخرى مثل كندا أو أستراليا أو الولايات المتحدة.
وحسب توقعات وكالة "بلومبرغ" الأميركية، سينخفض دخل البريطانيين بحلول نهاية العام بنسبة 3.4 بالمئة.
وحسب صحيفة "ديلي تلغراف" البريطانية، يتوقع أن تصل الأضرار إلى مليارات الجنيهات على مدى السنوات التسع المقبلة، وستحدث أكبر الخسائر مع حظر تصدير السلع الفاخرة إلى روسيا، بما في ذلك الحقائب والسيارات باهظة الثمن.
لكن على الرغم من المخاطر التي يتعرض لها الاقتصاد البريطاني ورفاهية المواطنين، إلا أن لندن لا تزال تصف العقوبات بأنها "حقيقية" للضغط على الجانب الروسي، بل إنها تعلن عن نيتها مضاعفة هذا الضغط.
وحسب الخبراء، هناك سببان يدفعان السلطات البريطانية إلى الالتزام بهذه التكتيكات. فأولا، تكتسب الحكومة الحالية نقاطا سياسية بهذه الطريقة. ثانيا، تدعي النخب البريطانية أنها القوة الرائدة في العالم.
وأضافت أن بريطانيا تسعى إلى تحييد خروجها من الاتحاد الأوروبي وتكاليف الصورة المرتبطة بها من خلال لعب دور قيادي في حلف شمال الأطلسي "ناتو"، والحفاظ على مكانتها كقوة عالمية كبرى.
وللقيام بذلك، تتخذ خطوات استفزازية للغاية. فعلى سبيل المثال دخول المدمرة "ديفندر" إلى المياه الإقليمية الروسية في صيف عام 2021 ورحلات طائرات الاستطلاع بالقرب من حدود روسيا.
وترغب بريطانيا في لعب دور قيادي في الأمن الجماعي والتعاون متعدد الأطراف ومكافحة التحديات والتهديدات الجديدة.
وكذلك المجالات الرئيسة لمصالح السياسة الخارجية البريطانية، أي الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة ومنطقة المحيطين الهندي والهادئ.
ويُذكر أن وزيرة الخارجية البريطانية ليز تروس دعت أخيرا إلى إنشاء "الناتو العالمي". وصرحت أن "توسيع المنظمة ضروري للسيطرة على الأمن في منطقة المحيطين الهندي والهادئ".
وقالت: "يجب أن يكون لدى الناتو رؤية عالمية، والاستعداد لمواجهة التهديدات العالمية".
من جانبها، لفتت الباحثة كيرا جودوفانيوك، إلى أن التهديد الرئيس على المسرح العالمي وفق أولويات السياسة الخارجية البريطانية هو روسيا.
وتضع بريطانيا العظمى نفسها كواحدة من أكثر القوى المعادية لروسيا في العالم وتسعى إلى توحيد الحلفاء حول نفسها على هذا الأساس.
ويتوافق هذا النهج بشكل عام مع مفهوم "بريطانيا العالمية" الذي قدمه بوريس جونسون، ما يعكس مبادئ بناء سياستها الخارجية بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.
والمكانة المهيمنة لبريطانيا في العالم ترجع إلى وجودها الدولي، وتعزيز السلطة الدولية والتعاون الوثيق مع أوروبا وحلف الناتو بشأن القواعد الراسخة للنظام الدولي.
حيث تشير مثل هذه التصرفات والتصريحات بوضوح إلى أن لندن تنوي تعزيز مكانتها كقوة عسكرية في القارة الأوروبية.
وفي الواقع، تظل بريطانيا اليوم اللاعب العالمي الذي ينجرف بجدية نحو الولايات المتحدة. وهذه ورقة رابحة رئيسة في السياسة الخارجية للبلاد، فالارتباط بأميركا يحدد الآن مكانة بريطانيا في العالم.
1 |
«Мы давние соперники» Британия несет большие убытки от санкций против России. Почему Лондону так важно помогать Украине? |
---|