"رقصة باليه".. ما سر توقيت تعيين سفيرين روسيين جديدين بالجزائر والمغرب؟

قسم الترجمة | منذ عامين

12

طباعة

مشاركة

في خضم الصراع مع أوكرانيا، أخذ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، نهاية مايو/أيار 2022، الوقت الكافي لتعيين سفيرين روسيين جديدين في الرباط والجزائر.

تتحدث مجلة جون أفريك الفرنسية من خلال نظرة إلى الوراء عن "رقصة باليه دبلوماسية" ذات مغزى تقودها الخارجية الروسية.

في 27 مايو، عين بوتين سفيرين جديدين للمغرب والجزائر، توليا منصبيهما في أوائل شهر يونيو/حزيران. 

وهي لفتة دبلوماسية غير متوقعة، بل مفاجئة في سياق الحرب التي تشنها روسيا في أوكرانيا منذ 24 فبراير/شباط 2022. 

طريق إلى المهادنة؟

يصف موقع لوديسك Le Desk الإخباري المغربي هذه التعيينات الدبلوماسية الروسية بـ "لعبة الكراسي الموسيقية".

فالسفير الروسي الجديد في الجزائر هو فاليريان شوفايف، الذي شغل ذات المنصب في الرباط منذ عام 2018. وجاء خلفا للسفير الروسي السابق إيغور بايلييف.

في حين وقع تعيين فلاديمير بايكوف سفيرا لروسيا في المملكة المغربية عوضا عن فاليريان شوفايف. 

جرى تعيين إيغور بايلييف سفيرا للجزائر عام 2017، وعزله الكرملين بعد 48 ساعة من دعمه العلني لتقرير المصير للسكان الصحراويين والتشابه بين وجود المغرب في الصحراء والاحتلال الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية.   

في بداية أبريل، انتقد بيلييف الانقلاب الدبلوماسي لإسبانيا، والذي أعطى أخيرا دعمه لخطة الحكم الذاتي للصحراء، التي روج لها المغرب منذ عام 2007.

موسكو، الحليف التاريخي للجزائر والداعم الكبير للمؤسسة العسكرية الجزائرية، كانت على الدوام قريبة من موقف تلك الدولة بشأن الصحراء.

فهي تدعو بشكل خاص إلى حوار مباشر، وهو ما يرفضه المغرب، بين المملكة وجبهة البوليساريو، التي تنفي مسؤوليتها عن خرق وقف إطلاق النار في الكركرات خلال نوفمبر/تشرين الثاني 2020.

مع ذلك، وعلى مدى ست سنوات حتى الآن، وبفضل الزخم الجديد في العلاقات الروسية المغربية، امتنع الكرملين عن التصويت على جميع القرارات المتعلقة بالصحراء داخل الأمم المتحدة.

عدلت روسيا خطابها حول هذه القضية القابلة للاشتعال بدرجة كبيرة. وبهذا المعنى لم يعد بإمكانها تحمل التصريحات التي تعدها الرباط معادية، وفق جون أفريك.   

منذ بداية الصراع في أوكرانيا على وجه الخصوص، لم تدخر المملكة أي جهد للحفاظ على علاقة متوازنة مع روسيا، والتي في المقابل لا تريد أن تتباعد العلاقات بينهما.

موازنات دبلوماسية

ومع ذلك، فإن الحركة الدبلوماسية للكرملين أكثر دقة مما تبدو. فالسفير فاليريان شوفايف، الذي غادر الرباط للانضمام إلى الجزائر، مقرب من وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف.

كما أجرى أحد المقربين من فلاديمير بوتين زيارة دبلوماسية للجزائر في 10 مايو "لتعزيز الشراكة بين البلدين".

في أكتوبر/تشرين الأول 2021، أثارت صحيفة الشروق الجزائرية، الأكثر مبيعا، خلافا دبلوماسيا غير رسمي بين الرباط وموسكو، مما أدى إلى استدعاء شوفايف لإجراء "مشاورات" لبضعة أيام.

معلومة تدعمها حقيقتان: الأولى هي تعليق السلطات المغربية للرحلات الجوية المباشرة بين المملكة وروسيا في 5 أكتوبر، والثانية هي تأجيل الدورة السادسة لمنتدى التعاون العربي الروسي المزمع عقده بناء على طلب موسكو في المغرب. 

وفحوى هذا الخلاف بحسب صحيفة الشروق هو موقف روسيا من قضية الصحراء ودورها في البحر المتوسط ​​والساحل الإفريقي (خاصة في مالي)، ومبيعاتها من الأسلحة إلى المجلس العسكري الجزائري.

ومهما كانت ملاءمته، فقد دفع هذا التحليل السلطات الروسية إلى الرد السريع: تمثل خاصة في استقبال فوري لوفد من البوليساريو.

وسارع ميخائيل بوجدانوف، نائب وزير الخارجية الروسي والمتخصص في منطقة الشرق الأوسط وإفريقيا، لاستقبال السفير المغربي في روسيا، لطفي بوشعرة، في 21 أكتوبر. 

خلال تلك الحادثة، قطع بوجدانوف كل الشائعات حول دخول روسيا في حالة من برود العلاقات المحتملة مع المملكة، وانتقد بشدة وسائل الإعلام التي روجت لفكرة مثل هذا القطيعة.  

دليل إضافي على أن الكرملين حريص أيضا على تجنب أي سوء فهم قد يطال علاقته مع الرباط، وفق جون أفريك. 

بهذا المعنى، يبدو أن فاليريان شوفايف مرشح جيد، فهو قريب بما يكفي من لافروف بما يساعد على إرضاء الجزائر.

وهو في آن مدرك بما فيه الكفاية للموقف المغربي (ولإجراء التوازن الروسي الجديد بشأن هذه المسألة) لطمأنة البلاد. 

موعد لإرضاء الرباط

 ترحب العاصمة الإدارية للمملكة من جهتها بسفير جديد هو فلاديمير بايباكوف. وحتى الآن، جرى تداول القليل من المعلومات حول هذا السفير.  

 تخرج في معهد موسكو الحكومي للعلاقات الدولية (دفعة 1980)، وهو مجيد للغة العربية ويعرف المغرب العربي جيدا وكذلك منطقة غرب إفريقيا. 

شغل من 2002 إلى 2008، منصب نائب مدير قسم الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في وزارة الخارجية الروسية، ثم سفيرا في موريتانيا من 2008 إلى 2014.

بين عامي 2016 و2022، كان بايباكوف سفيرا في كل من كوت ديفوار وبوركينا فاسو، وهما "دولتان صديقتان" للمغرب، تدعمانه في قضية الصحراء.  

أما بالنسبة لموريتانيا، فقد شرعت في عملية طويلة الأمد للتقارب مع المملكة، وفق ما تقول مجلة جون أفريك الفرنسية.

وأضاف: "هناك الكثير من العناصر التي تشير إلى أن تعيين بايباكوف ينظر إليه بعين إيجابية إلى حد ما من قبل الرباط، خاصة وأن العلاقة الروسية الجزائرية رغم عمقها تقوضها قضية الغاز".

وفي الوقت الذي تسعى فيه أوروبا إلى التحرر من الوقود الأحفوري الروسي، فإنها تتجه بطبيعة الحال إلى الجزائر، المنتج الرئيس للغاز والنفط في إفريقيا والسابع في العالم.  

تقول الصحيفة إن الجزائر المترددة في الاقتراب من الكتلة الغربية على حساب شراكتها مع روسيا تقع اليوم في موقف لا تحسد عليه.

قبيل زيارة لافروف في مايو، كانت الجزائر محل زيارة وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكين، الذي لم يتردد في الضغط على الحكومة الجزائرية لزيادة صادراتها من الغاز إلى القارة الأوروبية.

وهو طلب نظر إليه الكرملين بشكل سيئ، خاصة أنه في سبتمبر/أيلول 2021، وقعت شركة غازبروم الروسية والسلطات الجزائرية اتفاقية تتعلق بالتطوير المشترك والواسع النطاق للتنقيب عن المحروقات وإنتاجها ونقلها. 

وتخلص الصحيفة إلى القول: "يعد تسلسل الأحداث، بين روسيا والبلدين المغاربيين ذوي الثقل الكبير، بعدد كبير من التقلبات".