موقع إفريقي: هذه إستراتيجية السعودية والإمارات في السودان

12

طباعة

مشاركة

نشر موقع "إيست أفريكا بيزنس ويك"، مقالا لإسحق ديوان الأستاذ بكلية الشؤون الدولية والعامة بجامعة كولومبيا، أكد فيه أن سياسة السعودية والإمارات في السودان قصيرة النظر، وأن البلد بات على حافة كارثة بعد قتل المتظاهرين في 3 يونيو/حزيران الجاري.

وقال إسحق ديوان في مقاله، إن ما حدث (قتل المتظاهرين) يفسح المجال أمام الخوف من أن البلاد سوف تسير في طريق اليمن أو سوريا أو ليبيا.

وأضاف: "قبل بضعة أسابيع فقط، بدا أن الجيش يقف إلى جانب المحتجين. في أبريل/نيسان الماضي، بعد أشهر من المظاهرات ضد الرئيس عمر البشير، أجبر الجيش الأخير على الاستقالة. حتى أن قائد المجموعة شبه العسكرية لقوات الدعم السريع، الجنرال محمد حمدان دقلو (المعروف باسم حميدتي)، زعم أنه رفض أمر البشير بفتح النار على المحتجين".

وأردف الكاتب: "تم استبدال نظام البشير، الذي كان في السلطة منذ ما يقرب من 30 عاما، بالمجلس العسكري الانتقالي الذي يرأسه اللواء عبد الفتاح البرهان، ونائبه حميدتي. لكن الاحتجاجات استمرت، وتطالب الآن بالانتقال إلى الحكم المدني. وقد حفز ذلك المجلس العسكري الانتقالي على الشروع في مفاوضات مع ممثلي تجمع المهنيين السودانيين، الذي قاد الاحتجاجات".

تغيرت اللهجة مع المتظاهرين

وعلى صعيد المفاوضات بين الجيش والمتظاهرين، قال الكاتب: "كانت تلك المفاوضات واعدة في البداية، لكن اللهجة تغيرت بشكل مفاجئ بعد عودة البرهان وحميدتي من زيارات إلى مصر والسعودية والإمارات - الدول التي كانت تدعم نظام البشير سابقا".

وتابع: "يُقال إن هناك الكثير من المال على الطاولة للجنرالات - الذين تربطهم صلات وثيقة بحكام الرياض وأبو ظبي - إذا ما عززوا السلطة وتجنبوا الانفتاح السياسي".

وأوضح الكاتب: "لدى السعوديين والإماراتيين أهداف عدة. إنهم يأملون في تجنب سابقة ديمقراطية في المنطقة، وضمان وجود الكثير من الجنود المشاة لحروبهم في اليمن وفي أماكن أخرى، وتأمين الوصول إلى الأراضي الزراعية الخصبة، والحصول على موطئ قدم في القرن الإفريقي الحساس من الناحية الإستراتيجية".

ونوه إلى أن تكتيكاتهم ليست جديدة، مضيفا: "في عام 2013، دعموا حملة دامية ضد المتظاهرين المطالبين بالديمقراطية في القاهرة من الجنرال عبد الفتاح السيسي، الذي أصبح زعيما فعليا لمصر بعد انقلاب عسكري أطاح بالرئيس المنتخب ديمقراطيا محمد مرسي من السلطة".

ومضى الكاتب يقول: "لكن، كما هو الحال مع الحملة القمعية في القاهرة والحرب في اليمن، تنتهج السعودية والإمارات إستراتيجية غير ناضجة وقصيرة النظر في السودان".

ولفت ديوان إلى أنه "صحيح أن البرهان وحميدتي يستطيعان ضمان استمرار تدفق القوات السودانية إلى اليمن. لكن المذبحة التي نفذتها قوات الدعم السريع، والتي تفوق جرائم الحرب السابقة في دارفور، ستمنع فعليا الشعب السوداني - والمجتمع الدولي - من قبول حكم المجلس العسكري الانتقالي. علاوة على ذلك، فإن تحويل الأموال إلى الجيش السوداني لن يفعل شيئا لمعالجة المظالم التي تثير الاضطرابات الاجتماعية".

وبيّن أن "هذه المظالم اقتصادية جزئيا. وتعني عقود من سوء الإدارة أن الاقتصاد لم يستطع تحمل انخفاض عائدات النفط بعد استقلال جنوب السودان (التي تضم 75 بالمئة من احتياطيات السودان من النفط) في عام 2011".

وأردف الكاتب قائلا: "في السنوات الخمس الماضية، اضطرت الحكومة إلى خفض الإنفاق العام من 18 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي إلى 10 بالمئة اليوم. ويمثل الإنفاق العسكري الآن ما لا يقل عن 30 بالمئة من الميزانية العامة للسودان. وفي عام 2018، أدى فقدان الدعم الأجنبي من الخليج إلى انخفاض كبير في قيمة العملة، مما تسبب في ارتفاع معدل التضخم إلى 70 بالمئة".

واستدرك ديوان: "لكن مظالم المحتجين سياسية أيضا، حيث تتوق قطاعات واسعة من السكان إلى الديمقراطية وسيادة القانون"، مشيرا إلى أنهم "سئموا من مشاهدة الحكومات المتعاقبة وهي تمرر المنافع نحو مجموعة صغيرة من القبائل الشمالية التي نهبت بقية البلاد، في تحالف مع قوات الأمن ورجال الأعمال المقربين".

واستطرد قائلا: "طالما استمرت هذه المظالم، فستستمر حالة عدم الاستقرار. في الواقع، قاوم السودانيون، طوال الخمسين سنة الماضية ، الحكم العنيف للحكومة. من دارفور وجبال النوبة في الغرب والجنوب إلى منطقة النيل الأزرق في الشرق ، تستمر النزاعات العنيفة".

ونوه إلى أن هجوم قوات الدعم السريع، لن يؤدي إلا إلى تفاقم مثل هذا الصراع، مضيفا: "بالفعل، رفض المتظاهرون عرضا من المجلس العسكري الانتقالي للعودة إلى المفاوضات، ودعوا إلى العصيان المدني حتى سقوط النظام العسكري. من الصعب أن نرى كيف يمكن حكم السودان، الدولة الهشة بالفعل، في ظل هذه الظروف".

وتابع الكاتب: "أدى سوء الإدارة إلى إهدار مأساوي لإمكانيات البلد الهائلة. يتمتع السودان بموارد نفطية كبيرة خاصة به، فضلاً عن الذهب والطاقة الكهرومائية - التي لم يتم النجاح في تطويرها لصالح سكانه".

وواصل ديوانه حديثه، أنه "علاوة على ذلك، يمتلك الكثير من الأراضي الخصبة تمكنه من أن يكون سلة الخبز في الشرق الأوسط. حتى الآن، على الرغم من ذلك، يقوم أصدقاء النظام بمصادرة واستغلال الأراضي التقليدية، مما يولد الصراع والبؤس وانعدام الأمن الغذائي".

على المجتمع الدولي التدخل

وشدد ديوان على أن "السودان لن يتحرك في مسار مضاد للانزلاق نحو الفوضى، ناهيك عن الاستفادة من كامل إمكاناته، ما لم يتدخل المجتمع الدولي".

وأشار  إلى أنه "مع تحطم الثقة بين الجيش والمتظاهرين، يعد الوسطاء الخارجيون ضروريين لتأمين اتفاق انتقالي بين ممثلي المحتجين وعلى الأقل جزء من القوات المسلحة"، لافتا إلى أن مثل هذا الاتفاق سيتطلب عملية سلام منظمة، تضمنها ضمانات من طرف ثالث لضمان التنفيذ السليم.

وأوضح الكاتب، أن الجزر والعصي الموثوق بها ستكون حاسمة، مضيفا "على سبيل المثال ، يمكن لتخفيض الديون، إلى جانب الاستقرار السياسي، أن يفتح الطريق أمام حزمة مساعدات دولية سخية".

وأكد ديوان في مقاله، أن "الصين، التي لها مصالح نفطية مهمة في السودان، ستحتاج إلى المشاركة، في حين يجب الضغط على السعودية والإمارات للتعاون في البحث عن حل سلمي للأزمة".

وزاد قائلا: "إن الاتحاد الأفريقي شريك حاسم آخر، رغم أنه في ضوء هيمنة مصر الحالية، لا ينبغي للاتحاد أن يتولى القيادة".

وختم ديوان مقاله بالإشارة إلى أن "البيانات المتعاطفة لا تجدي"، مضيفا: "لإنقاذ البلد - ومحيطه - من موجة جديدة من الفوضى والبؤس، يجب على المجتمع الدولي أن يحتشد بسرعة لدعم تطلعات الشعب السوداني إلى حكم أفضل".