على حساب المغاربة.. هكذا تتكسب زوجة رئيس الحكومة المغربية من منصبه

سلمان الراشدي | منذ عامين

12

طباعة

مشاركة

غضب متصاعد لدى الشباب المغربي المهتم بالتجارة الإلكترونية، بعد تحجيم السلطات لموقع صيني شهير عبر وضع عراقيل أمام شحن سلعه ذات الجودة العالية والسعر المنخفض إلى المملكة.

وتزامنت هذه العراقيل مع كشف وسائل إعلام محلية، عن استعداد زوجة رئيس الحكومة، سلوى أخنوش، لإطلاق متجر إلكتروني خلال الأسابيع القادمة، ما أثار استفزاز الشباب الذين كانت التجارة الإلكترونية بالنسبة لهم بابا صغيرا لمحاربة البطالة.

وكان كثير من الشباب يستفيدون من عدم فرض القانون المغربي ضريبة جمارك على البضائع التي تقل قيمتها عن 1200 درهم (120 دولارا)، في شراء عديد من المنتجات وبيعها بالسوق المحلي بعد إضافة هامش ربح.

زيادة خيالية

وكشف موقع "مغرب تايمز"، أنه "لم يعد يخلو أي تجمع نسائي مغربي افتراضي أو واقعي من النقاش حول الارتفاع الصاروخي لأثمنة البضائع بموقع (شي إن) الصيني، وهو ما دفع الملايين من رواده إلى التساؤل عن أسباب هذه الزيادات" .

وذكر في تقرير له نشر في 13 يونيو/ حزيران 2022، أن "الزبائن رصدوا مشاكل وتغييرات غير مسبوقة في طريقة تعاملاته مع الزبائن، أدى إلى امتعاض الكثيرين على المنصات المختلفة لمواقع التواصل الاجتماعي".

وأوضح أن "الزبائن تفاجأوا بتغييرات كبيرة في الأسعار، أبرزها تضاعف ثمن الشحن الذي كان في حدود 10 دراهم فقط (دولار واحد)، شريطة أن يكون ثمن البضاعة بين 700 درهم (7 دولارات) و1200 درهم (120 دولارا).

في حين أصبح الآن يصل ثمن الشحن لـ160 درهما (16 دولارا)، مقابل نفس الشريحة، ما أثار حفيظة الزبائن في المغرب، الذين كانوا يرون في هذه النافذة الإلكترونية متنفسا لمواجهة ظاهرة ارتفاع الأسعار.

بالإضافة إلى تحول غريب في أثمنة المنتجات المطروحة في هذا المتجر الإلكتروني، حيث طرأت على أغلبها زيادات خيالية، بالمقارنة مع ما كانت عليه في الأيام القليلة الماضية، وفق الموقع.

وأوضح أن "السبب الرئيس لهذا التحول في الأثمنة بالموقع الصيني، راجع بالأساس إلى حصول مشاكل بين الشركة الصينية والجمارك المغربية التي باشرت في فرض رسوم باهظة، حيث لم تصل عديد من المنتجات إلى أصحابها، وبررت لهم الشركة هذا المشكل أنه راجع للحجز عليها من طرف الجمارك".

من جانبه، ذكر موقع "أفريقيا بلوس" (مغربي) أنه "منذ أيام قليلة احتدم النقاش على أشده بين زبائن المتاجر الإلكترونية، على غرار (شي إن) و(علي إكسبريس) الصينيين، بعدما انتهى إلى علم المغاربة أنهم أصبحوا مطالبين بأداء رسوم جمركية مرتفعة لقاء تمرير طلباتهم بالمواقع المذكورة، وكذا الزيادة الملحوظة في أثمنة المنتوجات".

وأوضح في تقرير نشره في 13 يونيو، أن "المغاربة، على غرار باقي دول كثيرة كانوا يجدون ملاذهم في هذا النوع من المتاجر الإلكترونية لما توفره من منتوجات ذات جودة محترمة بأسعار معقولة".

واستدرك قائلا: "لكن الوضع في الفترة الراهنة أخذ منحى آخر، حينما ارتأت الحكومة بمعية وزارة الاقتصاد والمالية أن تقر زيادة في الرسوم الجمركية على البضائع الوافدة من المتاجر الإلكترونية".

وفي تعليقه على ذلك، قال التاجر زكرياء النواري، إن "الحكومة لا تفكر إلا في مصالحها، ما قامت به إجراء تعسفي وأحادي المصلحة، والمتاجر الإلكترونية الأجنبية ساهمت بشكل كبير في الحد من نسبة البطالة".

وأشار في حديث لـ"الاستقلال"، إلى أن "اختيار الكثير من الشباب لهذه التجارة مرده إلى عدم وجود فرص عمل ومحاولة ربح هامشي ضيق، نظير الطلبات التي نتكلف بدفع سعرها في الأول مع التفكير الدائم بوقت وصولها وتخوف من أي مشاكل في الإرسالية".

وشدد على أن "قرار الحكومة بالتضييق على هذه التجارة هو تضييق على المواطن ورغبته في البحث عن لقمة عيش رهينة بوصول بضاعة من خارج البلاد، وأي إجراء جديد مثلما سمعنا عنه بتجهيز الفضاء الإلكتروني لزوجة رئيس الحكومة هو ضرب في مصداقية السلطات".

خدمة مصالح

الناطق باسم الحكومة مصطفى بايتاس، أكد أن "المجلس الحكومي صادق على مرسوم يهدف إلى استثناء المعاملات المنجزة عن طريق المنصات الإلكترونية من الإعفاء من الرسوم الجمركية عند الاستيراد بصرف النظر عن قيمة هذه الإرساليات".

وأوضح بايتاس، في 16 يونيو 2022، أن "هذا المرسوم سيدخل حيز التنفيذ ابتداء من 1 يوليو/ تموز، ويأتي لتشديد المراقبة الجمركية على الإرساليات التي تتعلق بالمعاملات المنجزة من خلال المنصات الإلكترونية".

وادعى أنه "تم رصد مجموعة من الممارسات التدليسية بهدف الاستفادة من الإعفاء من الرسوم الجمركية على المعاملات التي تقل قيمتها عن 1250 درهما".

وأشار إلى أن "هذه الممارسات تضر بالتجارة المحلية والصناعة المغربية ككل، وتحرم الدولة من موارد مهمة، وهو ما يتطلب، تقنين هذا المجال عبر اتخاذ الإجراءات المناسبة".

وعبر مقال نشره في 13 يونيو، قال موقع "الرباط اليوم" (مستقل) إنه "من المعروف على سيدة الأعمال سلوى الإدريسي أخنوش زوجة رئيس الحكومة وأغنى رجل في المغرب, والملقبة بملكة (الفرانشيز) أنها كانت أول امرأة أعمال استطاعت أن تحصل على حق تمثيل علامات عالمية في المغرب، بدءا بـزارا وماسيمو دوتي وبيرل أند بير، وغيرها".

وأضاف "ها هي اليوم ستطلق متجرها الإلكتروني (وصال) لتنافس به أعتى الشركات الصينية والأميركية مثل (شي إن) و(أمازون) و(علي إكسبريس)".

ولفت الموقع إلى أن "هذا الإطلاق تزامن مع التغير المفاجئ في سياسة الجمارك المغربية ووزارة الاقتصاد والمالية, بالحرص على القطع مع كل الأنشطة الاقتصادية التي كانت تدر على المغاربة أقساطا مريحة من المال، من تجار ملابس بالتقسيط وزبائن، نظرا للجودة العالية والأثمنة المناسبة لبضائع تلك الشركات".

وأكدت أن هذا الأمر "طرح علامات استفهام عن هذا التحول الذي يخدم بنسبة كبيرة مصالح زوجة أخنوش والتي تعد أشهر سيدة أعمال في المغرب والشرق الأوسط, والتي كانت بداياتها بعلامة للملابس الداخلية، قبل أن تزدهر أعمالها و تؤسس مجموعتها الخاصة".

من جانبه، تهكم أستاذ التعليم إبراهيم الشيخي على التطور بالقول: "عمل نظيف من طرف ديال زوجة الپاطرون أخنوش، الخدمة هي رفع الرسوم الجمركية على التجارة الإلكترونية خاصة المنصات الصينية (خسائر بملايين الدراهم للمغاربة الذين يتاجرون في هذه المنصات، وكذلك حرمان المواطن من توفر سلع بأثمنة مناسبة)".

 وأضاف "ما أدى بهذه المتاجر إلى الإعلان عن توقف تصديرها للمغرب، نظرا لهذا الرفع الكبير من قيمة الرسوم الجمركية؛ هذه الخطة كلها لتمكين السيدة المصونة سلوى أخنوش من الشروط المناسبة لفتح منصة خاصة بها للتجارة الإلكترونية".

وتابع: "لا يوجد إلا امتصاص المغاربة، طالع واكل نازل واكل، هو والعائلة كلها".

"لأجل عيون سلوى"

كما علقت المدونة إيمان بوحزمة العمراوي، على الأمر بالقول: "الشمتة أن تعرف أن الرسوم الجمركية لم ترتفع بشكل صاروخي على المنتجات الصينية من أجل المصانع والماركات المغربية، بل إن رئيس الحكومة فعل ذلك من أجل عيون سلوى، خدمة نقية..".

وأضافت في منشور عبر صفحتها على فيسبوك في 11 يونيو،  "طبعا المغرب بعد فترة قصيرة وسيكتب في اسمه ليفعل ما يريد! إلى متى هذا العبث يا عباد الله!؟؟".

من جهته، قال الباحث السياسي والأكاديمي، نبيل الاندلوسي، إن "القرار المتخذ يعيد طرح مسألة تضارب المصالح لدى أعضاء الحكومة الحالية، وأساسا رئيسها عزيز أخنوش، خاصة أن هذا القرار اتخذ مباشرة بعد إطلاق حرم رئيس الحكومة لمنصة "وصال" الإلكترونية التابعة لمجموعتها (أكسال المغرب) كما تم تداوله في عدد من وسائل الإعلام".

ورأى الاندلوسي في حديث لموقع "بي جي دي" التابع لحزب العدالة والتنمية، أن "هذا التزامن، يجعل القرار الحكومي يخدم بشكل مباشر مصالح زوجة رئيس الحكومة، عبر رفع الرسوم الجمركية على المقتنيات والمشتريات من منصات البيع الإلكتروني العالمية، والتي كانت توفر الآلاف من فرص الشغل للشباب".

والأغرب من هذا، يردف البرلماني السابق، أن الإجراءات الجمركية القاضية بتضييق الخناق على هذه المنصات، طبقت على هذه الأخيرة منذ أيام، أي حتى قبل أن يصادق مجلس الحكومة على المرسوم المعني، وهو ما يطرح أكثر من علامة استفهام حول كيفية تنفيذ عدد من القرارات على مستوى بعض مؤسسات الدولة.

وخلص الاندلوسي إلى التأكيد أن "حكومة أخنوش هي حكومة تضارب المصالح بامتياز، واستمرارها بهذه المنهجية التي تستهدف المواطنين في أرزاقهم وأساسا الطبقة المتوسطة والفقيرة".

وشدد على أن "ذلك يشكل تهديدا مباشرا للسلم الاجتماعي والسياسي ببلادنا، مما يستوجب على الأحزاب السياسية والنقابات وجمعيات المجتمع المدني القيام بأدوارها قبل أن تنفلت الأمور في مسارات مجهولة العواقب والنتائج".