لتحجيم طالبان.. موقع إيراني: طهران قد تدعم حربا أهلية جديدة في أفغانستان

قسم الترجمة | 2 years ago

12

طباعة

مشاركة

أكد موقع إيران الدبلوماسي، أن طهران تواجه تحديات اقتصادية وأمنية ودينية كبيرة في ظل تعاظم قوة حركة طالبان في أفغانستان التي ترتبط معها بحدود طويلة جدا.

وأوضح الموقع في مقال للخبير الأفغاني "حامد كريمي"، أن إيران قد تلجأ لتطبيق عدة سيناريوهات، بينها إشعال حرب أهلية في أفغانستان، لإشغال طالبان والقوى الأخرى عن استهداف الأقلية الشيعية وفئات أخرى تواصل الضغط على حدودها.

وسيطرت طالبان على الحكم في أفغانستان في أغسطس/ آب 2021، إثر انسحاب الولايات المتحدة من البلاد بعد 20 عاما من الاحتلال وإسقاط حكومة طالبان الأولى عام 2001.

تهديد حقيقي

وذكر الموقع أنه في الوقت الذي كانت وزارة الدفاع الإيرانية مشغولة في إرسال قواتها إلى الساحات الحدودية مع أفغانستان خلال مايو/ أيار 2022، كان الدبلوماسيون الإيرانيون يبذلون قصارى جهدهم لكي تظل المباحثات مع طالبان مفتوحة.

ويبدو أن إيران في الوقت الراهن تواجه أزمات عديدة بخصوص الـ921 كيلومترا من الحدود المشتركة مع أفغانستان، وذلك بعد خروج قوات حلف شمال الأطلسي "ناتو" من الأراضي الأفغانية. 

ومن المتوقع أن يفر ما يقرب من مليوني شخص متجها إلى إيران هاربا من العنف وحكم القرون الوسطى الخاص بطالبان، ومن ثم يضافون إلى ما يقرب من ثلاثة ملايين لاجئ أفغاني سابق في البلاد، يضيف الموقع.

واستهدفت العديد من الهجمات خلال الأسابيع الأخيرة، الأقلية الشيعية والصوفية السنية المعتدلة والتي تشترك في بعض الأمور مع الشيعة في العاصمة كابل (وسط)، وفي مدينتي مزار شريف وقندوز (شمال)، وفي هراة (غرب).

وأسفرت هذه الهجمات عن مئات القتلى والجرحى، وتعد أكثر الهجمات دموية على المراكز المذهبية بعد وصول طالبان إلى السلطة، فيما أعلن تنظيم الدولة مسؤوليته عن هذه الهجمات.

ولفت الوقع أن إيران تدعي أنها تملك زعامة العالم الشيعي، وعبر هذه الأداة الإستراتيجية استطاعت أن توسع نفوذها في سوريا، واليمن، ولبنان، والبحرين، والعراق.

لكنها تواجه حاليا تحديا جادا، إذ يؤدي الشيعة الأفغان المؤسسون لمليشيا "فاطميون" دورا في تأمين أهداف إيران العسكرية خاصة في سوريا، بينما يتم استهدافهم في أفغانستان ويتعرضون للقتل الممنهج.

أياد مكبلة

ونفذت طالبان خلال الشهور الأخيرة عدة هجمات عسكرية مباشرة على نقط التفتيش الحدودية الإيرانية، وأسفرت إحداها عن مقتل 4 جنود إيرانيين عند النقاط الحدودية مع منطقة "كنج" في ولاية نيمروز الأفغانية. 

وعدت هذه الوقائع من جانب إيران سوء تفاهم حدودي دون الرد بالمثل، وسبب ذلك جهل راسمي حدود طالبان بالقوانين الدولية، ويعد هذا تصرفا عاقلا تجاه جماعة عديمة الخبرة في شؤون الإدارة والعلاقات الإقليمية، يوضح الموقع.

وهناك قلق آخر حيث تسبب دخول مئات آلاف الأشخاص خلال الشهور الأخيرة الأراضي الإيرانية وأغلبهم بشكل غير قانوني إلى قلق مسؤولي الأمن في طهران بشأن النفوذ داخل حدودها. 

وفي هذا السياق، أعلنت وزارة الداخلية الإيرانية، أنها بصدد تجهيز خطة جديدة لتحديد وتنظيم الأفغان الذين دخلوا إيران، وسيجري منح هؤلاء الأفراد إقامة مؤقتة. 

وهذه السياسة التشجيعية توضح أن إيران على أتم الاستعداد لتحمل التكلفة الاقتصادية للإقامة المؤقتة لمئات آلاف اللاجئين من أجل الحيلولة دون التكاليف الأمنية الأخرى.

وتعليقا على نزاعات طالبان على حدود منطقة إسلام قلعة مع إيران واستمرار مقتل الشيعة في أفغانستان، أكدت الخارجية الإيرانية، أن "تكرار هذا الأمر موضع قلق حاد وندعو إلى ضبط النفس".

وأقدمت وزارة الدفاع الإيرانية على إرسال مليشيا "88 درع زاهدان" إلى النقاط الحدودية المجاورة لمحافظة هرات الأفغانية التي شهدت مستوى كبيرا من النزاعات في الآونة الأخيرة.

من جانبه، ادعى قائد القوات البحرية السابق، الجنرال كوجكي، أن طالبان مشروع استخباراتي لخلق تحديات بالنسبة لإيران. وتجهزت بالمعدات العسكرية الأميركية والأوروبية، بتعليمات من إسرائيل وباكستان؛ بينما تتحمل تكلفة هذه التجهيزات السعودية ودول الخليج الأخرى. 

هدف منهجي

والشيعة في أفغانستان أقلية، ومن الناحية الجغرافية أيضا هم محصورون في نقاط مركزية بجوار جبال الهندكوش شمالي وشرقي أفغانستان بعيدا عن حدود إيران، وهذا الأمر جعل إمكانية دعمهم اللوجستي غير ممكنة. 

ومع إدراك إيران لهذا الأمر واكتساب الخبرة من الحروب الأهلية في أفغانستان في تسعينيات القرن العشرين، سعت طوال عقدين ماضيين أن تقضي على هذا الانحصار الجغرافي.

وذلك عبر محاولة تسكين الشيعة بشكل استعماري قابل للدعم في كابل ولاية هراة على امتداد حدودها مع أفغانستان، وجرى هذا المشروع باستثمار مئات ملايين الدولارات.

لكن الآن يبدو أن الطرف المقابل مع إدراك هذا الموضوع، ركز هجماته على هذه المراكز السكنية لكي يعود هؤلاء الشيعة إلى المناطق المركزية مرة أخرى أو يغادرون البلاد.

وفي غياب السياسيين المدعومين من إيران في كابل الذين كانوا يحظون على الدوام بالنفوذ في هيكل الحكومة المدعومة من الغرب، يبدو الآن أن هذا السلاح صار حادا من قبل منافسي إيران.

ويضر صمت إيران مكانتها بالنسبة للمجتمع الشيعي في العالم، بينما التدخل المباشر يمكن أن يزج بها في المستنقع الأفغاني المعقد.

وربما للسبب نفسه إيران حاليا تقبل عددا من الدبلوماسيين من طالبان بالتزامن مع ملاءمة ظروف استضافة عدد من القادة الرئيسين المعارضين لطالبان.

فهي تجهز نفسها من أجل أي سيناريو، بما في ذلك دعم حرب أهلية أخرى في أفغانستان، بهدف إبعاد انعدام الأمن عن حدودها تجاه الجماعات الإرهابية المختلفة ومن ضمنها تنظيم الدولة جند الله، وطالبان نفسها. 

ومن الواضح أن التكاليف الاقتصادية لهذه الخطوات بالنسبة لدولة واقعة تحت عقوبات الغرب أصعب من أي وقت آخر.