مشروع الدستور الجديد في تونس.. لا إشارة إلى وجود الإسلام كمرجعية

قسم الترجمة | منذ عامين

12

طباعة

مشاركة

تحدثت صحيفة لوبوان الفرنسية عن مساعي صياغة دستور جديد في تونس "لن يتضمن ذكرا للإسلام دينا للدولة" وتقديمه إلى الرئيس قيس سعيد. 

ومطلع يونيو/حزيران، قال الصادق بلعيد -منسق الهيئة الوطنية الاستشارية لإعداد دستور "الجمهورية الجديدة" في تونس- إنه سيعرض تلك المسودة "بهدف التصدي للأحزاب ذات المرجعية الإسلامية على غرار حركة النهضة".

جرى تبني الدستور التونسي الحالي بضجة كبيرة في عام 2014 بعد ثلاث سنوات من سقوط دكتاتورية زين العابدين بن علي، على غرار دستور 1959. 

"بلا إسلام"

تقول لوبوان إن المادة الأولى من الدستور الحالي تنص على أن تونس "دولة حرة، مستقلة، ذات سيادة، الإسلام دينها والعربية لغتها والجمهورية نظامها".

وبني دستور 2014 على نظام كرس سلطات واسعة للهيئات الدستورية المستقلة، ومنح الأحزاب أدوارا متقدمة في الحكم عبر وجودها في البرلمان والحكومة، وهي خطوة للأمام أتاحت لأطراف عديدة المشاركة في العملية السياسية. 

بيد أن تعثرها وعجزها عن تقديم حلول لمشكلات اجتماعية واقتصادية عديدة للتونسيين دفع بضرب من ضروب الشعبوية التونسية إلى الواجهة. 

ولذا، منذ حركته الانقلابية في 25 يوليو/تموز، ومستغلا هذه الموجة الشعبوية، سارع سعيد إلى إلغاء الهيئة الوقتية لمراقبة دستورية القوانين، ثم أغلق مقر الهيئة الوطنية للحوكمة الرشيدة ومكافحة الفساد، وأنهى مهام رئيسها.

وكذلك أصدر مراسيم رئاسية غير بموجبها تركيبة المجلس الأعلى للقضاء والهيئة العليا المستقلة للانتخابات. 

 من المرجح أن تثير تصريحات بلعيد نقاشا مكثفا في بلد ذي تقاليد علمانية قوية، وذلك بالتزامن مع وجود عدة أحزاب ذات مرجعية إسلامية كانت قد لعبت دورا قياديا منذ ثورة 2011 التي أطاحت بنظام بن علي.

 وجرى تعيين الصادق بلعيد في 20 مايو/أيار على رأس "اللجنة الاستشارية الوطنية للجمهورية الجديدة" المسؤولة عن صياغة مشروع دستور جديد. 

وقد أشار بلعيد إلى أنه سيقدم المسودة إلى الرئيس قيس سعيد للتصديق عليها قبل عرض هذا الدستور على الاستفتاء، الذي سيعلن عنه في 25 يوليو.

صرح بلعيد بأن "80 بالمئة من التونسيين يعارضون التطرف واستخدام الدين لأغراض سياسية"، وفق وكالة الأنباء الفرنسية.

 ولدى سؤاله عما إذا كان هذا يعني أن الدستور الجديد لن يتضمن أي وجود لمرجعية الإسلام فيه، أجاب: "نعم لن يكون هناك"، مضيفا "هناك احتمال أن نلغي المادة الأولى في نسختها الحالية. يمكننا الاستغناء عن ذكر أي دين".

وتابع الأكاديمي البالغ من العمر 83 عاما والذي يدعي أن لديه "صداقة وتقاربا كبيرا جدا وعميقا جدا" مع سعيد "لدينا أحزاب سياسية بأيد قذرة وسواء أحببتم ذلك أم لا، أيها الديمقراطيون الفرنسيون أو الأوروبيون، فلن نقبل الأشخاص القذرين في ديمقراطيتنا". 

وبحسب قوله، فإن "النهضة وأحزاب أخرى هم أتباع لقوى أجنبية عديدة أو دول أو كيانات صغيرة لديها الكثير من الأموال التي يريدون إنفاقها كما يريدون والتي يستخدمونها للتدخل في شؤون البلاد، هذه خيانة".

بعد أشهر من الانغلاق السياسي، تولى سعيد، المنتخب ديمقراطيا في نهاية عام 2019، السلطة الكاملة في 25 يوليو 2021 بإقالة رئيس الوزراء وتعليق البرلمان الذي تحصل فيه حزب النهضة- عدو سعيد اللدود- على الأغلبية، قبل حله في مارس/آذار 2022.

إغراءات الديكتاتورية 

 في خارطة طريق التي أعلن عنها سعيد والتي من المفترض أن تنهي الأزمة، صرح عن استفتاء على دستور جديد في 25 يوليو 2022، قبل الانتخابات التشريعية في 17 ديسمبر/كانون الأول.

 وتعمل اللجنة التي يرأسها بلعيد على تطوير الدستور الجديد من خلال "حوار وطني" انطلق أخيرا واستبعدت منه الأحزاب الرئيسة. 

 رفض الاتحاد العام التونسي للشغل، وهو لاعب رئيس على الساحة السياسية، الدعوة التي قدمها لهم سعيد للمشاركة في هذا الحوار.

 وردا على ذلك، وجه بلعيد خطابه لقيادة الاتحاد بقوله "ندعوكم للمشاركة، الباب مفتوح. إذا كنتم تريدون أن لا يفوتكم الركب في الوقت المحدد". 

 يدعو سعيد إلى نظام "أكثر رئاسية" بدلا من النظام الهجين الذي وضع عام 2014 وهو يعد مصدر الصراعات المتكررة بين السلطتين التنفيذية والتشريعية، كما يقول.

يقول الصادق بلعيد "قد يكون لدى الرئيس سلطات أكبر، أو ربما أكثر فائدة. كان لديه فقط سلطة تعطيلية وهذا أمر سيئ للغاية، الرئيس هو القبطان. إنه القائد".

ويضيف: "لذلك لا يجب أن يكون لديه فقط القدرة على تعطيل السياسات وإنما أيضا سلطة اتخاذ القرار والحكم". 

 ومع ذلك، يجب تصميم النظام الجديد بحيث لا يكون الرئيس، كما يقول بلعيد "مدفوعا أو منجذبا لإغراءات الديكتاتورية أو الاستبداد أو إساءة استخدام السلطة".

ورغم المعارضة الواسعة داخليا وخارجيا لمسار تونس الحالي نتيجة استنادِه إلى حُكم رجل واحد دون التزام دستوري حقيقي أو رقابة تشريعية من البرلمان، يصر الرئيس التونسي على مواصلة خططه حتى صياغة دستور جديد ينهي به دستور 2014، الذي انتُخِب على أساسه.  

في هذا الصدد، قال "الصادق بلعيد"، ردا على اعتذار عمداء كليات الحقوق ورفض الاتحاد العام التونسي للشغل المشاركة في اجتماعات الهيئة، إنه سيمضي قدما في صياغة الدستور "مع من حضر".

منذ حركته الانقلابية على النظام الدستوري ف العام 2021، ما انفك الرئيس التونسي يُعدِّد العيوب التي تضمنها الدستور الحالي، مؤكِّدا أنه لم يعُد صالحا للعمل به، وأن نواب المجلس الوطني التأسيسي وضعوا أقفالا عديدة فيه عن طريق المُحاصَصَة.

ويؤكد مرارا أن البلاد لا يمكن أن تسير بدستور مليء بعراقيل كهذه، ومن ثم فهو يدعو إلى تعديل الدستور أو تغييره بشكل يؤسس لنظام سياسي جديد.