مجلة أمريكية تحذر من حرب نووية محتملة بين إسرائيل وروسيا

12

طباعة

مشاركة

نشرت مجلة "ناشيونال إنترست" الأمريكية، مقالا للكاتب مايكل بيك، حذر فيها من احتمالات اندلاع حرب بين روسيا وإسرائيل في سوريا، مستندا بذلك إلى موقف موسكو السابق من تل أبيب في حرب أكتوبر 1973، مؤكدا أنه في حال وقوعها ستكون كارثة نووية.

وقال الكاتب، إنه برغم وجود آليات لمنع وقوع نزاع كخط ساخن بين الجيشين الإسرائيلي والروسي، إلا أنها لم تكن كافية لتجنب سقوط طائرة روسية. وتساءل بيك، قائلا: "هل يمكن أن تؤدي الضربات الجوية الإسرائيلية في سوريا إلى اندلاع حرب بين إسرائيل وروسيا؟"

وأضاف: "لا تزال إسرائيل مصممة على مواصلة قصف القوات الإيرانية في سوريا في محاولة لإبعاد قوات طهران عن الحدود الشمالية لإسرائيل. في الوقت نفسه، يوجد لدى روسيا الآلاف من القوات في سوريا التي يمكن أن تكون محاصرة في تبادل لإطلاق النار، أو قد تصبح طرفا مقاتلا إذا أرادت موسكو حماية حليفها السوري من الضرب".

ما موقف واشنطن؟

وحول الصدام المحتمل بين الطرفين، تساءل بيك: "إذا وصلت إسرائيل وروسيا للقتال، فهل تشعر الولايات المتحدة (حليفة تل أبيب) بأنها مضطرة للتدخل؟"، منوها إلى أنه رغم حرص البلدين على تجنب مثل هذه المعركة، إلا أن سياسة إسرائيل تتلخص في القيام بكل ما تراه ضروريا لطرد القوات الإيرانية من سوريا.

ورأى الكاتب، أنه "إذا كانت روسيا لا تحب ذلك، فهذا ثمن لضمان ألا تصبح سوريا قاعدة صاروخية إيرانية أخرى على حدود إسرائيل".

ومضى يقول: "العلاقات بين تل أبيب وموسكو أكثر دفئًا مما كانت عليه خلال الحرب الباردة. لكن حتى الآن تخفي الابتسامات الحذر والشك وتصادما في المصالح الأساسية".

ونقل عن مسؤول في جيش الاحتلال الإسرائيلي، الذي تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته، قائلا: "لا يوجد أحد في إسرائيل مرتبك بشأن من هم الروس. فهم ليسوا حلفاء لنا. لدينا حليف واحد، وهو الولايات المتحدة. الروس هنا لأهداف مختلفة تماما. إنهم يدعمون نظاما سوريا له هدف صريح وهو القضاء على إسرائيل إن أمكن. كما أنها جزء من تحالف يدعم إيران".

وتابع الكاتب: "مدى سهولة العمليات العسكرية الإسرائيلية التي يمكن أن تؤدي إلى وقوع حادث أصبح واضحا خلال غارة جرت في سبتمبر/أيلول 2018 على مستودعات الذخيرة في غرب سوريا".

ولفت إلى أن الصواريخ المضادة للطائرات التي أطلقتها المدفعية السورية أسقطت بطريق الخطأ طائرة مراقبة روسية من طراز Il-20، ما أسفر عن مقتل 15 شخصا.

ومضى يقول: "تنفي إسرائيل الاتهامات الروسية بأنها استخدمت الطائرة الروسية عن عمد كغطاء، أو فشلت في إعطاء موسكو ما يكفي من التحذير من الغارة. ومع ذلك، لا تزال روسيا تلقي باللوم على إسرائيل في هذا التصعيد والانتقام من خلال تزويد سوريا بصواريخ متطورة من طراز أس-300".

واستطرد الكاتب: "مع ذلك، ترى إسرائيل أن القيمة في روسيا بمثابة ضبط محتمل لإيران، ورافعة ممكنة لإخراج القوات الإيرانية من سوريا. بعد اجتماع في فبراير/شباط بين رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، والرئيس فلاديمير بوتين لإصلاح الخلافات بعد حادثة Il-20، زعم المسؤولون الإسرائيليون أن بوتين قد وافق على انسحاب القوات الأجنبية من سوريا".

ورأى، أنه "بالنسبة لموسكو، فإن العلاقات الودية مع إسرائيل تقدم نفوذا أكبر في الشرق الأوسط حتى في الوقت الذي قد تخفض فيه أمريكا وجودها في المنطقة".

وأردف الكاتب: "مع ذلك، ندد الكرملين بالضربات الإسرائيلية في سوريا باعتبارها غير شرعية. لقد كانت سوريا حليفًا روسيًا لأكثر من 50 عاما ، وكانت الضربات الجوية الروسية - إلى جانب القوات الإيرانية وقوات حزب الله- هي التي أنقذت نظام الرئيس السوري بشار الأسد من السقوط  في مواجهة تنظيم الدولة وغيره من الجماعات المتمردة".

وبيّن، أن "ما لا يقل عن 63 ألف جندي روسي خدم في سوريا منذ عام 2015. على الرغم من وعد بوتين منذ عام 2016 بسحب القوات الروسية، تحتفظ روسيا حاليا بأكثر من 5 آلاف جندي ومقاول عسكري خاص في سوريا، تدعمهم عشرات الطائرات والمروحيات".

ومضى الكاتب يقول: "روسيا موجودة في سوريا للبقاء. ميناء طرطوس السوري هو القاعدة البحرية الوحيدة لروسيا في البحر الأبيض المتوسط: في عام 2016، وقعت موسكو ودمشق اتفاقا مدته 49 عاما يسمح لسفن حربية روسية تعمل بالطاقة النووية بالعمل من هناك. بالإضافة إلى ذلك، تعمل الطائرات الروسية وصواريخ أرض جو، بما في ذلك نظام الدفاع الجوي البعيد المدى أس-400 ، من قاعدتين جويتين على الأقل في غرب سوريا".

تحذيرات من خطة طهران

وعلى أرض الواقع، فإن الخيار الروسي في سوريا أفضل لإسرائيل، فبحسب الكاتب، فإنه يمكن لإسرائيل أن تعيش في جوار الروس، ولكن ليس مع الإيرانيين، ولذا يحذر المسؤولون الإسرائيليون من خطة طهران لنشر 100 ألف من القوات الإيرانية والقوات المتحالفة معها في سوريا.

ونوّه إلى أن حزب الله، بترساناته المقدرة بـ130 ألف صاروخ إضافي، يهدد بالفعل الحدود الإسرائيلية اللبنانية، موضحا أن انضمام سوريا إلى لبنان كقاعدة صاروخية إيرانية ثانية هو أساس الكوابيس الإسرائيلية.

ونقل بيك عن مسئول في جيش الاحتلال الإسرائيلي، قوله عندما سُئل عما إذا كانت روسيا تردع الغارات الإسرائيلية على سوريا، فأجاب: "نواصل تنفيذ خططنا. تشير أنشطتنا إلى أنه على الرغم من كل شيء، فإننا نتمتع بحرية حركة كبيرة. لكن الأمر الأكثر جاذبية كان رده من كلمة واحدة عندما سُئل عن مدى استعداد إسرائيل للقتال من أجل حرية العمل هذه، أجاب: "مستعدة".

ونوه الكاتب إلى أن هذه الإجابة تطرح سؤالا: هل يمكن لإسرائيل أن تستهدف إيران في سوريا دون إثارة صدام مع روسيا؟

وتابع يقول: "ربما كان حادث Il-20 في المكان الخطأ في الوقت الخطأ. ومع ذلك، ليس من الصعب تخيل تعدد السيناريوهات القاتلة.

وواصل بيك حديثه، قائلا: "لكي نكون واضحين، فإن جيش الدفاع الإسرائيلي لا يباهي بقدراته ضد روسيا، القوة العظمى السابقة التي تمتلك أكبر ترسانة نووية على هذا الكوكب، وأنه إذا كانت إسرائيل تشبه أي فأر في مواجهة قوة كروسيا، إلا أنها فأر عظيم صغير وقوي ولا يخشى استخدام قبضته.

لماذا الحرب محتملة؟

وحول الأسباب التي تشير إلى احتمال وقوع صدام بين الطرفي، قال الكاتب: "في الواقع، ما يجعل المعركة المحتملة بين إسرائيل وروسيا خطيرة للغاية هو أنها ليست افتراضية. بعد حرب الأيام الستة عام 1967، تم إرسال مقاتلين سوفييت إلى مصر. وقد أدى ذلك إلى حادثة شهيرة في يوليو/تموز 1970 عندما قام مقاتلون إسرائيليون بإسقاط 5 طائرات من طراز ميج 21 تابعة للطائرات السوفيتية في 3 دقائق في كمين جوي مخطط له جيدًا فوق قناة السويس".

وأضاف، أن "مسؤول جيش الدفاع الإسرائيلي، بدا أقل قلقًا بشأن الصدام المادي بين القوات الإسرائيلية والروسية، وأكثر قلقا من أن روسيا يمكن أن تختار تزويد أسلحة متقدمة -مثل الصواريخ المضادة للطائرات- لأعداء إسرائيليين مثل سوريا وإيران".

وأشار الكاتب إلى أنه "في أوائل سبعينيات القرن الماضي، قدم الاتحاد السوفيتي العديد من صواريخ وبنادق الدفاع الجوي لمصر وسوريا، مما تسبب في خسائر فادحة للطائرات الإسرائيلية في حرب أكتوبر 1973. إذا أرادت، فإن روسيا تستطيع أن تجعل العمليات الجوية الإسرائيلية مكلفة للغاية".

ولفت إلى أنه "كما هو الحال دائمًا مع الصراع العربي الإسرائيلي (أو الإيراني الإسرائيلي)، فإن الخطر الحقيقي ليس الصراع الإقليمي، ولكن كيف يمكن أن يتصاعد. في حرب 1973، هدد السوفييت بإرسال قوات إلى مصر ما لم توافق إسرائيل على وقف إطلاق النار. وردت الولايات المتحدة من خلال التحذير النووي".

وأوضح الكاتب الأمريكي في ختام حديثه، أن "السؤال الأهم هو ما إذا كان يمكن للتوترات بين إسرائيل وروسيا أن تتحول إلى صدام بين القوات الأمريكية والروسية"، مضيفا: "في النهاية، سيتعين على طرف ما التراجع. لكن إيران ليست على وشك التخلي عن موقعها على حدود إسرائيل، وربما لا تستطيع روسيا إجبارها على ذلك. ثم هناك إسرائيل المصممة بشدة على وقف إيران".