سد إثيوبيا أصبح واقعا.. موقع أميركي: مصر تتوسع في مشاريع تحلية المياه

قسم الترجمة | منذ عامين

12

طباعة

مشاركة

أكد موقع المونيتور الأميركي، أن النظام المصري يتوسع في مشاريع تحلية مياه البحر، للحيلولة دون التعرض لمخاطر العطش قريبا، في ظل مواصلة إثيوبيا إنشاء وتعلية وملء سد النهضة.

وذكر الموقع أن الحكومة المصرية تعمل على إنشاء 14 محطة جديدة لتحلية مياه البحر، خاصة في المدن الساحلية والحدودية، وسط تعثر المفاوضات بشأن سد النهضة مع إعلان إثيوبيا بدء تنفيذ الملء الثالث لخزان السد.

وفي 27 مايو/ أيار 2022، أعلن مدير عام سد النهضة كيفلي هورو، في مقابلة مع قناة "العربية" السعودية، بدء الملء الثالث للسد في أغسطس/ آب وسبتمبر/ أيلول 2022، مضيفا أنه لا يهتم بمخاوف مصر والسودان من خطورة السد وتأثيره عليهما".

وسارعت الخارجية السودانية في اليوم التالي، إلى إصدار بيان رفضت فيه تصريحات هورو، ووصفتها بـ"غير المسؤولة وتؤكد عدم اكتراث إثيوبيا بالأضرار المحتملة على دولتي المصب"، بينما لم يصدر عن نظيرتها المصرية أو المسؤولين المصريين أي تعليق على التصريحات التي رأها مراقبون "أمرا واقعا قبلت به القاهرة".

الشرب من البحر

وأشار الموقع الأميركي إلى إعلان الحكومة المصرية في 26 مايو/ أيار  2022، التوسع في مشروعات تحلية مياه البحر في الفترة المقبلة، خاصة في المدن الساحلية والحدودية، من خلال بناء 14 محطة جديدة.

ويهدف المشروع، بحسب الحكومة، إلى رفع الطاقة المائية الإجمالية لمحطات تحلية المياه في الدولة إلى نحو 1.4 مليون متر مكعب في اليوم.

ويأتي ذلك وسط تعثر المفاوضات بشأن سد النهضة الإثيوبي، حيث تستعد إثيوبيا لتنفيذ المرحلة الثالثة لملء خزان السد. 

وفي 26 مايو، ترأس رئيس الوزراء مصطفى مدبولي اجتماعا لمجلس الوزراء حضره عدد من الوزراء والمسؤولين لمتابعة خطط التوسع في إنشاء مشاريع تحلية مياه البحر.

وأمر بتشكيل لجنة فنية لتلقي العروض من الشركات الراغبة في تنفيذ مشاريع جديدة لتحلية مياه البحر، والتفاوض للوصول إلى أفضل الأسعار المعروضة.

وكلف مدبولي الجهات الحكومية بتأمين الأراضي اللازمة لتنفيذ مشاريع التحلية، وكذلك أراضي المشاريع الصناعية التي سيتم إنشاؤها لتوفير المدخلات المطلوبة لمحطات التحلية، مثل معدات التصنيع المستخدمة في تحلية المياه.

وقال المتحدث باسم الحكومة المصرية نادر سعد في بيان يوم 26 مايو، إن الحكومة أعدت "خطة خماسية" للتوسع في إنشاء مشروعات تحلية مياه البحر من 2020 إلى 2050.

وتابع أن الخطة تهدف إلى تأمين الاحتياجات المائية لأهداف التنمية الحضرية وتلبية متطلبات الزيادة السكانية الطبيعية في المستقبل. 

ويوجد حاليا 82 محطة تحلية تعمل في مصر، بطاقة إجمالية للمياه تبلغ 917 ألف متر مكعب في اليوم.

وأوضح سعد أن إنشاء 14 محطة جديدة سيرفع الطاقة الإجمالية للمياه إلى 1.4 مليون متر مكعب في اليوم.

من جانبه، يقول وزير الموارد المائية والري المصري الأسبق محمد نصر الدين علام، لـ "المونيتور"، إن "مصر مضطرة إلى تنفيذ مشاريع تحلية مياه البحر نتيجة نقص موارد المياه العذبة الكافية لاستخدامها في الأغراض الزراعية والشرب".

و"هذه المشاريع حاسمة على الرغم من تكلفتها العالية واستنزافها موارد الدولة.. على الرغم من أننا معروفون تاريخيا باسم دولة النيل". يضيف نصر الدين.

هروب مكلف

وكان وكيل وزارة الري للمشروعات الكبرى، محمد عمر، قد صرح في عام 2021، أن "تكلفة إنتاج متر مكعب واحد في محطات التحلية تصل إلى 15 ألف جنيه [805 دولارات]، وتكلفة إنشاء محطة تحلية واحدة أكبر أربع مرات من إنشاء محطة عادية لتنقية المياه".

وأوضح علام أن "المياه التي تم تحليلها تستخدم للشرب فقط وليس للزراعة. لن تحل مشروعات التحلية مشكلة عجز المياه التي تعاني منها مصر في السنوات الأخيرة. من المؤكد أن الوضع المائي في مصر يواجه خطرا كبيرا في ظل استمرار بناء السد الإثيوبي".

وتعتمد مصر على نهر النيل في سد 97 بالمئة من احتياجاتها المائية والتي تبلغ نحو 114 مليار متر مكعب سنويا.

بينما لا تتجاوز الموارد المائية للبلاد 60 مليار متر مكعب سنويا، بعجز يصل إلى 54 مليار متر مكعب سنويا، بحسب تصريحات وزير الري محمد عبد العاطي منتصف ديسمبر/ كانون الأول 2021.

 

وأشار علام إلى أن "مشاريع تحلية المياه تهدف بشكل أساسي إلى مواجهة أزمة المياه التي تشهدها مصر ، من خلال توفير المياه للمدن الجديدة التي تنفذها الحكومة، لعدم وجود بدائل أخرى لتوفير المياه لهذه المدن".

وأوضح، "بالرغم من الحاجة لهذه المشاريع في هذه المرحلة، إلا أنها ليست الحل الأفضل بسبب تكلفتها وتهديدها للحياة البحرية".

وهذا ما أشار إليه رئيس الوزراء المصري في بيان صادر في 26 مايو، تحدث فيه عن اهتمام بلاده بالتوسع في إنشاء مشروعات تحلية مياه البحر، نظرًا لأهمية هذه المشروعات في توفير جزء من المياه المحلية اللازمة لدعم أغراض التنمية المختلفة.

وادعى الموقع أن عدد المدن الجديدة التي تم إنشاؤها منذ عام 2014 بلغ نحو 30 مدينة، بإجمالي استثمارات 690 مليار جنيه مصري (37 مليار دولار)، بما في ذلك العلمين الجديدة والعاصمة الإدارية ومدينة توشكى الجديدة.

ويقول، الأستاذ في المركز القومي لبحوث المياه المملوك للدولة محمد داوود: "تم إنشاء العديد من محطات تحلية مياه البحر في المدن الساحلية منذ عام 2014. كما تم إطلاق المزيد من المشاريع في السنوات الأخيرة مع إنشاء محطات في شمال وجنوب سيناء والغردقة والعين السخنة والعلمين ".

ويضيف لـ"المونيتور": "بينما بلغ إنتاج محطات التحلية قبل 2014 أكثر من 80 ألف متر مكعب في اليوم فقط، زاد أخيرا بشكل ملحوظ [917 ألف متر مكعب يوميا]، مع هدف متوقع يصل إلى 1.5 مليون متر مكعب يوميا بمقدار 2050".

خطر وجودي

من جانبه، يقول خبير المياه وأستاذ الجيولوجيا والموارد المائية في معهد الدراسات والبحوث الإفريقية بجامعة القاهرة عباس شراكي: "تتوسع المجتمعات العمرانية الجديدة في المناطق الصحراوية والساحلية، مبتعدة عن مياه النيل".

ويضيف لـ"المونيتور": "لذلك سيكون من الأفضل تحلية المياه داخل هذه المجتمعات بدلا من نقل المياه من النيل، لأن تكلفة النقل باهظة بالإضافة إلى إهدار المياه أثناء النقل".

ويوضح: "طالما يوجد نقص في المياه ، فإن تحلية المياه هي الطريقة المناسبة لتلبية احتياجات المجتمعات العمرانية الجديدة، وهذه المشاريع تعود بالفائدة على المناطق السياحية والصناعية البعيدة عن المناطق الحضرية حول نهر النيل".

 ويلفت الخبير المصري إلى أن "تحلية مياه البحر تكون اقتصادية إذا تم استخدامها في السياحة أو الصناعة أو الاستخدام المنزلي، لكنها غير اقتصادية تماما إذا استخدمت في الزراعة. وتكمن المشكلة الحقيقية التي تواجه مصر في نقص المياه اللازمة للزراعة، والتي تستهلك أكثر من 80 بالمئة من مواردنا المائية".

ورغم أن الشراكي يرى أن تحلية مياه البحر ليست مرتبطة بشكل مباشر بمفاوضات سد النهضة المتعثرة، إلا أنه يشدد على أن "المضي قدما في الملء الثالث للسد سيلحق ضررا كبيرا بمصر سياسيا في المقام الأول، حيث تواصل أديس أبابا غض الطرف عن مطالب ومخاوف كل من القاهرة والخرطوم".

 ومضى يقول: "ثانيا من حيث حصة مصر من المياه، حيث سيتم خصم جزء من المياه المخزنة من الكمية التي تصل إلينا".

واتفق علام مع شراكي مدعيا أنه "على الرغم من عدم وجود نوايا جديدة من قبل إثيوبيا للدخول في مفاوضات، إلا أن مصر تتمسك بحصتها التاريخية من المياه لتلبية احتياجاتها المختلفة، ولن تتنازل عن قطرة ماء واحدة".