عسكريا واقتصاديا.. يني شفق: حرب أوكرانيا عززت سيطرة إيران على سوريا

قسم الترجمة | منذ عامين

12

طباعة

مشاركة

أكدت صحيفة يني شفق التركية، أن إيران المستفيد الأول من الحرب في أوكرانيا على صعيد الملف السوري، حيث اختار رئيس النظام بشار الأسد ملء الفراغ الروسي بمزيد من الوجود الإيراني بالبلاد.

وأوضحت الصحيفة في مقال للكاتب محمد رقيب أوغلو، أن أنشطة روسيا تتضاءل في سوريا، وإيران عبر مليشياتها توسع سيطرتها العسكرية على مواقع عديدة بالبلاد، وإذا حصلت على نتيجة إيجابية في المباحثات النووية، فيتوقع زيادة دورها الاقتصادي أيضا هناك.

قوة متزايدة

وذكرت الصحيفة التركية أن تركيز روسيا على أوكرانيا يخلق بطبيعة الحال فراغا في السلطة في سوريا. وهذه فرصة حتمية لإيران، التي تتعاون مع النظام في سوريا منذ ما قبل الحرب. 

لذلك، وبينما تحول روسيا انتباهها إلى أوكرانيا، تكتسب طهران ميزة زيادة نفوذها السياسي والعسكري والاقتصادي في سوريا.

وأثر هجوم روسيا على أوكرانيا بطموحات تحريفية تأثيرا عميقا على النظام الدولي وأدى إلى مناقشات جديدة. 

وكشفت هذه المناقشات عن تكهنات تتعلق أيضا بالشرق الأوسط، كإمكانية انسحاب روسيا من سوريا.

علاوة على ذلك، تشير بعض المصادر الروسية إلى أن الكرملين قد سلم بالفعل بعض القواعد العسكرية إلى الحرس الثوري الإيراني.

لذلك، فإن نتيجة إعطاء الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الأولوية لأوكرانيا تعني أن نفوذ إيران في سوريا سوف يتوسع أكثر ويعزز قوتها. 

وعلى الرغم من أنه من الغامض كيف وإلى أي مدى سينسحب الروس من سوريا، إلا أنه يمكن القول إن هذه العملية ستجبر الأسد على التوجه إلى إيران وتجعل دمشق أكثر اعتمادا على طهران. 

وهذا يعني أن سياسة الرئيس الأميركي جو بايدن في تعزيز التعاون الإقليمي في الشرق الأوسط قد فشلت.

لذلك، يمكن قراءة إمكانية الانسحاب التدريجي للروس من أوكرانيا على أنها تطور من شأنه أن يشعل المنافسة الإقليمية والصراع على السلطة. 

وفي الواقع، من المرجح أن يعزز هذا القرار الذي ستتخذه النخب الروسية تحت قيادة بوتين يد إيران في المنطقة.

وبينما كان سيناريو روسيا المتمثل في سحب قواتها من سوريا بسبب الحرب الأوكرانية مدرجا على جدول الأعمال، قام بشار الأسد بزيارة إلى طهران في 8 مايو/ أيار 2022. 

وأجرى الأسد زيارة إلى إيران في عام 2011، قبل بدء الحرب الأهلية مباشرة، بينما كانت زيارته الأولى بعد الحرب الأهلية في عام 2019. 

والتقى الأسد خلال الزيارة بالمرشد الإيراني علي خامنئي والرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي.

وقال خامنئي إن "الأسد انتصر في الحرب الدولية في سوريا". وتعد هذه التصريحات مهمة لإيران.

اختبار حاسم

ورأت "يني شفق"، أنه بالنسبة لطهران، التي تعطي الأولوية للمشاعر المعادية للغرب والإمبريالية بعد الثورة، يشير مصطلح "الحرب الدولية" إلى الاستقطاب.

وفي هذه المرحلة، يمكن القول إن إيران تستخدم الحقل السوري كاختبار حاسم في الحرب ضد الغرب.

من ناحية أخرى، قد تعيق زيارة الأسد إلى إيران عملية "التطبيع العربي" الجارية، التي بدأت في الأشهر الأخيرة في سياق فصل الأسد عن إيران بتشجيع من الولايات المتحدة. 

وبعد يوم واحد من زيارة الأسد إلى طهران، قال دبلوماسي إيراني كبير إن الزيارة كانت رسالة.

وعلى الرغم من عدم التعبير عن هذه الرسالة بوضوح، إلا أن المرسل إليه هو الولايات المتحدة. 

وفي الواقع، كانت خطة تطبيع الأسد مع الجهات الفاعلة الإقليمية وبالتالي موازنة إيران سارية المفعول لبعض الوقت.

ولكن مع هذه الزيارة، فشل الأسد في "مشروع عزل سوريا عن إيران" المدعوم من الولايات المتحدة. 

وفي نهاية المطاف، من خلال هذه الزيارة، أظهر الأسد أنه يقدر إيران، التي تستخدم جميع أنواع الوسائل لإبقاء النظام على قيد الحياة منذ عام 2013.

وفي هذا السياق، أوضح النظام أيضا موقفه إزاء تغيير محتمل في موقف روسيا في سوريا. 

ويمكن تفسير زيارة الأسد إلى طهران على أنها محاولة أيضا من قبل الحليفين لتنسيق وتكييف أجنداتهما مع العلاقات الدولية المتغيرة للأزمة السورية.

توتر تركي إيراني

ولفتت الصحيفة إلى تصريح الرئيس الإيراني رئيسي في لقائه مع الأسد أن "دولا مثل الولايات المتحدة وإسرائيل تعد غازية في سوريا".

وعلى الرغم من أنه لم يذكر ذلك مباشرة، إلا أنه من المعروف أن إيران ترى تركيا أيضا غازية في سوريا.

بالإضافة إلى ذلك، فإن حقيقة أن المليشيات المدعومة من إيران نفذت الهجمات ضد الجنود الأتراك في العراق، وحقيقة أن بعض رجال الدين الإيرانيين دعموا وأشادوا بهذه الهجمات تكشف عن التهديد الإيراني لتركيا. 

وقد يؤدي انسحاب الروس من سوريا إلى زيادة التوتر التركي الإيراني في المنطقة. 

وبالنظر إلى عملية التطبيع التركية مع الجهات الفاعلة المناهضة لإيران مثل السعودية والإمارات وإسرائيل، قد تحتاج أنقرة إلى اتخاذ خطوات لتحقيق التوازن مع طهران، وخاصة في المجال السوري.

وإذا تم الحصول على نتيجة إيجابية في المحادثات النووية الإيرانية مع الولايات المتحدة، فيمكن توقع زيادة القوة الاقتصادية لإيران، وستستخدم هذه القوة في الأنشطة في سوريا. 

وعلى الرغم من أن احتمال تحول روسيا في سوريا يخلق فرصة للأطراف المناهضة للأسد، فإن حقيقة أن العلاقات الإيرانية السورية هي التحالف الأقوى والأكثر ديمومة في الشرق الأوسط تجعل من طهران الفاعل الأكثر استفادة من ذلك الانسحاب.

ويمكن اعتبار إعطاء روسيا الأولوية لأوكرانيا فرصة لإيران، التي تريد أن تكون فعالة اقتصاديا في سوريا ما بعد الحرب، مثل إعادة إعمار سوريا ومشاريع البنية التحتية.