صيت فارغ.. صحيفة إسبانية: روسيا تفقد الغطاء الجوي لقواتها في أوكرانيا

قسم الترجمة | منذ عامين

12

طباعة

مشاركة

سلطت صحيفة "الموندو" الإسبانية الضوء على دور سلاح الجو الروسي في الحرب الدائرة بأوكرانيا، مؤكدة أنه تعرض لخسائر كبيرة غير متوقعة، رغم الدعم الكبير الذي تلقاه طيلة الـ15 سنة الماضية.

وأرجعت الصحيفة نقلا عن تقرير حديث للمخابرات العسكرية البريطانية، محدودية الغطاء الجوي الروسي في المعارك الحالية بأوكرانيا إلى الهزائم النفسية والأخطاء التكتيكية الكثيرة، فضلا عن سوء الإدارة والضعف الاستخباري.

إخفاق واضح 

وذكرت الصحيفة أن سلسلة من الإخفاقات التكتيكية الجادة والملحوظة أدت إلى تدمير القوات الجوية الروسية في أوكرانيا.

في الحقيقة، حدث الفشل الذريع الأول في أوائل مارس/ آذار 2022 وبعد أيام قليلة من بدء الغزو.

وكان ذلك بالتزامن مع الاحتلال والانسحاب اللاحق من مطار هوستوميل بالقرب من  كييف، والذي كان من الممكن أن يكون حيويا لشن الهجوم على العاصمة الأوكرانية.

ولفتت إلى الركود الروسي منذ أبريل/ نيسان في التقدم في منطقة دونباس حول مدينة إيزيوم، وكذلك المحاولات الفاشلة والمكلفة الأخيرة لعبور نهر سيفرسكي دونيتس، الواقع أيضا في شرق البلاد.

وأوردت أن محللي وزارة الدفاع البريطانية يشيرون إلى أن "العقيدة الروسية كانت تتمثل في إسناد العمليات الأكثر صعوبة للقوات الجوية، المكونة من 45 ألف جندي محترف متعاقد بأجر جيد".

وتلقي وزارة الدفاع البريطانية باللوم على القيادة العليا وتحملها مسؤولية التهاون الذي أطاح بعدد كبير من الضحايا في صفوف "وحدات النخبة".

ووفقا للخبراء، منذ البداية، لم يكن الجيش الروسي قادرا على قياس وتقدير أبعاد المقاومة الأوكرانية. ونتيجة لذلك، ارتكب أخطاء تكتيكية أدت إلى تباطؤ وتوقف وانسحاب القوات في وقت لاحق، وعلى عدة جبهات.

فالقوات الجوية الروسية كانت تستخدم في مهام أكثر ملاءمة للمشاة البرية وليست من اختصاصها، وبالتالي تكبدت خسائر فادحة.

والنتائج المتواضعة للقوات الجوية الروسية في أوكرانيا تعكس سوء الإدارة الإستراتيجية لقدرة روسيا على تأمين التفوق الجوي.

مردود مخجل

في السياق ذاته، سلطت الصحيفة الإسبانية الضوء على الاستثمارات الكبيرة للجيش الروسي في سلاح الجو على مدى السنوات الخمس عشرة الماضية؛ والتي خلقت حالة عدم توازن مع جيش البر، الأمر الذي بدا جليا خلال الحرب على أوكرانيا. 

وأشارت إلى أن القوات الجوية الروسية عانت من ضربة رمزية ومعنوية أخيرا بوفاة الجنرال المخضرم كانامات بوتاشيف، البالغ من العمر 63 عاما، في معركة حربية.

وجرت هذه العملية خلال قيادته للمقاتلة أس يو 25، وقد أسقطت بصاروخ سينجر الأوكراني. وبوفاته يرتفع عدد الجنرالات الروس الذين قتلوا في أوكرانيا إلى عشرة. لكنه أيضا أعلى قائد للقوات الجوية يقتل في الحرب. 

وخسائر الجيش الروسي، خلال ثلاثة أشهر من المعركة، تجاوزت بكثير 15 ألف قتيل، أي حصيلة ضحايا الغزو السوفيتي لأفغانستان الذي بدأ في عام 1979 واستمر لما يقرب من عقد من الزمان.

ووفقا للاستخبارات البريطانية، يعود ارتفاع عدد القتلى من الجنود الروس في القتال، الذي يقدره الجيش الأوكراني بحوالي 28 ألفا و700، إلى عدة عوامل. 

في مقدمتها المشاركة الشخصية للرئيس فلاديمير بوتين في تحركات القوات في شرق أوكرانيا.

فما تعاني منه روسيا هو عبارة عن "مزيج من الأخطاء التكتيكية والغطاء الجوي المحدود والافتقار إلى المرونة والموقف الصارم في القيادة الذي أدى إلى تكرار الأخطاء".

فمنذ بداية الحرب، تضافرت جهود المخابرات البريطانية والأميركية وقررت "رفع السرية" عن جزء كبير من تقاريرها عن الجيش الروسي، في حرب دعاية عسكرية موازية لم يسبق لها مثيل في صراعات العقود الأخيرة.

وأصبح من الواضح أكثر من أي وقت مضى أن بوتين قاد بلاده نحو وضع رهيب من الضعف العسكري والاقتصادي، بغض النظر عن النتيجة النهائية لهذه الحرب.

وحتى لو انتصرت روسيا في ساحة المعركة وتمكنت من الاستيلاء على بعض الأراضي الأوكرانية، فسيكون ذلك على حساب ضعفها العسكري والاقتصادي، والذي سيكون من الصعب للغاية التغلب عليه على المدى المتوسط.

فشل كبير

ولفتت الصحيفة إلى أن بوتين كان قد برر حربه بالرغبة في تجنب توسع حلف شمال الأطلسي "ناتو"، لكنه حقق العكس بالفعل.

لأنه الآن، قررت دول محايدة نسبيا مثل السويد وفنلندا التقدم للانضمام إلى الناتو، مع اقتناع الغالبية العظمى من سكانهما بالحاجة إلى هذه الخطوة، وهي خطوة كانت تبدو قبل بضعة أشهر وكأنها خيال.

في هذا السياق، يجب التذكير بأن كلا البلدين الإسكندنافيين، على الرغم من قلة عدد سكانهما، إلا أنهما يتمتعان بقوات مسلحة عالية الفعالية وجيوش حديثة للغاية ومدربة جيدا، لذلك سيتم تعزيز الناتو بهذه القدرات السويدية والفنلندية. 

من جانب آخر، لا يمكن تجاهل العواقب على الاقتصاد الروسي، الذي يستند على تصدير المواد الخام.

فلم يعد بيع الغاز والنفط في الخارج ضمانا لدخل دائم وموثوق للروس، لأنه على الرغم من الأسعار المرتفعة، تخسر روسيا عملاءها، وهي مصممة على عدم بيع المزيد من النفط للدول المعادية، حيث أعلنت أن الديمقراطيات الغربية أعداء للشعب الروسي. 

ومن المرجح أن تتوقف هذه الحرب وتتحول إلى حملة استنزاف قد تستمر حتى نهاية هذا العام.

عموما، ربما يتعين على أوكرانيا أن تقبل حقيقة أنه سيتعين عليها أن تخسر بعض الأراضي، وسيتعين على بوتين أن يقبل أنه لن يكون قادرا على أكل الكعكة كاملة، أي كل أوكرانيا، ولكن فقط بضع أجزاء من شرق البلاد. 

وقد تصبح روسيا نوعا ما مثل كوريا الشمالية بشكل موسع، دولة ضعيفة اقتصاديا، ومعزولة عن العالم، ولا يثق بها أحد.

علاوة على ذلك، يحكمها طاغية وعصابته، بلا حريات ديمقراطية، مع شعب مضطهد وفقير، وحكومة لا تحترم شيئا، ولا حتى سكانها، ولكن يملك رئيسها ترسانة ذرية يمكنه من خلالها قضاء حياته كلها في الابتزاز وتهديد الغرب.