وسط "حوار السيسي".. حكم بسجن مرشح رئاسي وقيادي بالإخوان تجاوزا السبعين

لندن - الاستقلال | منذ عامين

12

طباعة

مشاركة

بعد عدة سنوات من الاعتقال السياسي، وفي حكم يعد إعلانا ضمنيا بالإعدام، قضت محكمة مصرية، بالسجن المشدد 15 سنة على قيادات معارضة "مسنة"، بتهم واهية مثل "نشر أخبار كاذبة" ينظر لها الشارع المصري على أنها "تنكيل سياسي". 

الدائرة الثالثة إرهاب بـ"محكمة جنايات أمن الدولة العليا طوارئ"، قضت في 29 مايو/ أيار 2022، على المرشح الرئاسي السابق عبد المنعم أبو الفتوح، ونائب مرشد جماعة الإخوان المسلمين محمود عزت، بالسجن 15 سنة بتهمة "نشر أخبار كاذبة".

كما حكم بالسجن المؤبد على 14 معارضا آخرين في القضية التي ترجع إلى سنة 2018، والتهم الموجهة لهم تتمثل في "نشر أخبار كاذبة والتحريض ضد مؤسسات الدولة". 

واعتقل أبو الفتوح في فبراير/ شباط 2018، بعد عودته من العاصمة البريطانية لندن إثر مقابلة مع قناة الجزيرة القطرية انتقد خلالها نظام الرئيس عبدالفتاح السيسي، ودعا إلى مقاطعة انتخابات الرئاسة 2018 التي فاز بها الأخير دون منافسة تذكر.

الحكم الصادر أثار موجة غضب واسعة على تويتر، ودفع الناشطين إلى التأكيد على عدم نزاهة القضاء المصري وتصنيفه كأحد أذرع النظام الحاكم، الذي يستخدمه كأداة للقمع والتخلص من المعارضين لحكمه بتغيبهم في المعتقلات.

وعبر تغريداتهم على حساباتهم الشخصية ومشاركتهم في وسم #عبدالمنعم_أبوالفتوح، اتهموا السيسي بإفساد القضاء وتشويه سمعة القضاة حتى بات مسيسا، مصنفين كل من يساهم في تجميل قباحة نظام السيسي بالخيانة لكل معاني الوطنية.

وأكد ناشطون أن الحوار الوطني، الذي دعا له السيسي أخيرا لا جدوى منه في ظل استمرار اضطهاد المعتقلين، ما يبين أن النظام غير راغب في أي إصلاحات سياسية، وحديثه عن الحوار استهلاك إعلامي. 

ونددوا بأن الأحكام الصادرة لا تراعي سن المحكوم عليهم ولا مكانتهم السياسية ولا حالتهم الصحية، مؤكدين أنهم من رموز العمل الوطني في مصر، ومعروفون بحسن سيرتهم وحبهم للوطن ونزاهتهم ونظافة أيديهم.

ورأوا أن ما يحدث مع أبو الفتوح (70 عاما) وعزت (77 عاما) وغيرهما من المعتقلين من إصدار أحكام قضائية تعسفية هو تنكيل سياسي بأشمل وأتم معنى للكلمة يستخدم فيها القضاء على هوى السلطة الحاكمة. 

الحوار كذبة

وتعليقا على هذا التطور، كتب رئيس مركز "حريات للدراسات السياسية" الدكتور طارق الزمر: "هذا هو الحوار الوطني الذي يدعون إليه.. حوار على أشلاء وأعمار أنجب وأشرف من أنجبت مصر!".

وأكد الكاتب الصحفي خالد الشريف، أن الحوار يصبح عبثا حينما يتصاعد القمع وتسلب الحريات، ولا معنى للحوار وضمير الأمة غائب ورموز الوطن خلف الأسوار بالسجون والمعتقلات. وأشار المحامي ممدوح إسماعيل، إلى أن أبو الفتوح كان مؤيدا لأحداث 30 يونيو/ حزيران 2013 ولما رأى الظلم طفح انتقده بقوله "جمهورية الخوف" فسجنوه 15 سنة لأنه فتح فمه، مستنكرا أن يتم ذلك أثناء الدعوة لوهم الحوار الوطني. ووصف الباحث في التاريخ والحضارة الإسلامية محمد إلهامي، الحكم بالمدهش والمحير، مشيرا إلى أن ما يزيد من إدهاشه وتحيره أنه في وقت يزعم فيه أن ثمة حوارا وطنيا ولجنة للعفو الرئاسي!

وأكد أن حتى التسريبات التي أذاعها السيسي في الاختيار3 تجعل المشاهد السيساوي الدولتي يكون صورة "وطنية" معتدلة عن أبو الفتوح!

قضاة السوء

وقرن ناشطون انتقادهم لدعوة السلطة للحوار في ظل الأحكام الجائرة مع الهجوم على القضاء والقضاة واتهامهم بالتبعية للسلطة الحاكمة.

رئيس تحرير صحيفة المصريون جمال سلطان، رأى أن الحكم على أبو الفتوح بالسجن 15 سنة بتهمة نشر أخبار كاذبة فجور في الخصومة السياسية، وفجور في استباحة منصة القضاء.

وأضاف: "نعلم ويعلم الجميع أن الأحكام تملى على قضاة السوء الفاسدين، وما حدث شهادة جديدة على أن لا أمل في هذا النظام، وقصة الحوار كذبة".

وتساءل الكاتب والصحفي السوري الدكتور أحمد موفق زيدان، من هو الغبي في مصر الذي سيصدق دعوة السيسي للحوار الوطني، وقضاؤه العميل يصدر حكمه بالسجن بـ15 عاما على مرشح الرئاسة السابق عبد المنعم أبو الفتوح".

واستكمل تساؤلاته: "من يصدق ونحن نرى صورا مؤلمة لمحمود عزت وغيره.."، مؤكدا أنه لا أمل، وأن الدرج يشطف من أعلى.

وأكد الصحفي والناشط أحمد البقري، أن قضاة مصر يستخدمهم العسكر لتصفية حسابتهم مع خصومهم السياسيين!

شهادة وفاة

وأكد ناشطون أن الأحكام الصادرة بحق أبو الفتوح وعزت وغيرهم من الرموز بمثابة إعلان إعدامهم داخل محبسهم وحكم بوفاتهم معتقلين، واصفين ذلك بالفجور في الخصومة.

الناشط الحقوقي أسامة رشدي قال: "عندما يدان السياسيون ورؤساء الأحزاب بالسجن لسنوات طويلة لا تكفي أعمارهم لقضائها في السجون بسبب التعبير عن آرائهم السياسية ويدانون بالإرهاب لأنهم مارسوا السياسة فهذا فجور وسقوط لم تشهده مصر في تاريخها".

وتهكم الإعلامي حسام الغمري، من الأحكام قائلا، إنها "أمر طبيعي ومنطقي لا سيما وقد اكتشف النظام وجود حالة حوار لا إرادي مصحوبة بأعراض سفكسيا الحوار لدى البعض وبالتالي ما الذي يمنعه من إصدار حكم بأن يموت أبو الفتوح داخل السجن".

ووصف الصحفي مختار غميض الحكم بأنه "تصفية حسابات سياسوية مع الخصوم السياسيين دون مراعاة لسنهم ولا مرضهم"!

قراءة للحكم

وقدم ناشطون قراءات مختلفة للأحكام الصادرة وما تشهده مصر من أحكام متتالية على شخصيات وطنية بارزة، معلنين عن تضامنهم معهم.

وذكر أستاذ الأخلاق السياسية بجامعة قطر محمد المختار الشنقيطي، بأن مصر هي الدولة الوحيدة على وجه الأرض التي ذكر القرآن الكريم أن نبيا من أنبياء الله (يوسف عليه السلام) سجن فيها ظلما وجورا بعد ثبوت براءته.

واستطرد: "لا غرابة أن يسجن فيها الأحرار السائرون على درب الأنبياء في القيام بالقسط، من أمثال الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح والدكتور محمود عزت؟".

وأعرب الباحث الإسلامي والمحاضر عصام تليمة، عن تضامنه مع أبو الفتوح وعزت وآخرين معهم وقبلهم، مشيرا إلى أن الأحكام الصادرة تحمل رسالة أن الظالم لا يفرق بين توجه وآخر، فالكل بالنسبة له خطر عليه وعلى حكمه. وأكد المحامي والحقوقي جمال عيد، أن أبو الفتوح وآلاف الأبرياء، هم من يستحقون الدعم والتعاطف، معلنا مناهضته وكراهيته لكل من ساهم في احتجازهم وسلب حريتهم أو صمت على ظلمهم، مضيفا أن أي سن في ترس ماكينة القمع التي يعاني منها المصريون يستحق العقاب. ورأى الكاتب والباحث جلال الوارغي، أن سجن أبو الفتوح الأمين العام الأسبق لاتحاد الأطباء العرب والشخصية المصرية البارزة، يعمق إفلاس النظام المصري المشؤوم الذي بدد ثروة مصر البشرية والرمزية والمادية، ويعكس روحا انتقامية من خيرة رجال مصر والعالم العربي. وقال الصحفي السعودي تركي الشلهوب: "القضاء المصري يحكم بالسجن لمدة 15 عاما على الدكتور عبدالمنعم أبو الفتوح بتهمة نشر الأخبار الكاذبة، هذا يعني أنه يجب أن يحكم على أحمد موسى وعمرو أديب بألف سنة سجن! ألا لعنة الله على القوم الظالمين".