غزو أوكرانيا ليس السبب الوحيد.. لهذا سيعيش العالم أسوأ مجاعة في التاريخ

قسم الترجمة | منذ عامين

12

طباعة

مشاركة

سلطت صحيفة إسبانية الضوء على التهديدات الحالية في العالم، بدءا من الطاعون والحرب وصولا إلى المجاعة، مشددة على أن الأمن الغذائي العالمي "قد أصبح في خطر". 

وقالت صحيفة "الإندبندينتي" إن "هذه التهديدات حديثة في أوروبا، لكن في بعض الأماكن في إفريقيا، وأيضا في اليمن، ظلت الحرب والمرض والمجاعة قائمة منذ فترة طويلة".

وأشارت إلى أن "في أوروبا يقاس تأثير الحرب في أوكرانيا من خلال عامل التضخم، لكن في إفريقيا يقاس بمئات الآلاف من الضحايا".

نشاط خطير

وشددت "الإندبندينتي" على أنه "في حال لم يتم اتخاذ أي إجراء، فإن المجاعة في القرن الإفريقي تهدد بموت 350 ألف طفل هذا الصيف، بحسب الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية المنتشرة في المنطقة".

واستطردت "عموما، هو رقم لن يكون سوى قمة جبل الجليد لحالة مجاعة ستزداد سوءا خلال الأشهر المقبلة في جميع أنحاء العالم".

وفي هذا السياق، قال المدير العام لمنظمة إنقاذ الطفولة، أندريس كوندي، إن "الحرب في أوكرانيا ليست السبب الوحيد، فالمنطقة تشهد أسوأ جفاف خلال الأربعين عاما الماضية، لكن هناك حربا في مخزن العالم، وهذا يمثل عاملا يضخم من حالة الطوارئ الغذائية العالمية".

وأضاف: "لن تحدث معظم الوفيات في حرب أوكرانيا في ساحة المعركة، ولكن في بلدان مثل هذه".

ولفتت الصحيفة إلى أن "عملية الزراعة في 30 بالمئة من الأراضي الزراعية في أوكرانيا أصبحت مهمة مستحيلة بسبب الحرب (الغزو الروسي لأوكرانيا منذ 24 فبراير/شباط 2022)، وأصبحت 13 بالمئة من أراضيها مزروعة بالألغام".

وتابعت: "وبهذا الشكل، أصبح الحصاد في أوكرانيا نشاطا خطيرا، لقد دمر الروس جزءا كبيرا من البنية التحتية للأغذية الزراعية الأوكرانية، واتخذوا الحصادات بمثابة غنائم حرب، كما سرقوا الحبوب المتراكمة في مخازن الحبوب في المناطق المحتلة".

وأشارت الصحيفة إلى أن "سياسيين أوروبيين، على غرار وزيرة الخارجية الألمانية، أنالينا بربوك، يتهمون بوتين بالقول: لقد بدأت روسيا حرب حبوب تسبب أزمة غذاء عالمية، كما اتهم وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، روسيا باستخدام الغذاء بمثابة سلاح، وحرمان ملايين الناس من الحبوب".

لكن وفقا لخبراء سوق المواد الغذائية، فإن "الوفيات من الجوع ليست فقط نتيجة للحرب الروسية في أوكرانيا".

في السياق، أشار الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، إلى أن "عدد الأشخاص الذين يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد قد تضاعف من 135 مليونا قبل أزمة كورونا إلى 276 مليونا اليوم". 

على نفس النهج، في عام 2021، ارتفعت أسعار الغذاء العالمية بمقدار الثلث تقريبا، وارتفعت أسعار الأسمدة بأكثر من النصف، وأسعار النفط بنحو الثلثين.

في المقابل، لا تملك معظم البلدان النامية حيزا ماليا كافيا للتخفيف من وطأة هذه الزيادات الهائلة.

وأوضحت الصحيفة أن "الحرب هي العامل الرئيس المزعزع للاستقرار في سوق المواد الغذائية".

واستطردت: "في الحقيقة، هناك 36 دولة في أزمة غذائية، نظرا لأنها تعتمد على روسيا وأوكرانيا في أكثر من 10 بالمئة من إمداداتها، تتصدرها مصر وليبيا، وفقا لبيانات منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو)". 

من ناحية أخرى، يأتي 30 بالمئة من إنتاج الحبوب العالمي و20 بالمئة من الذرة و75 بالمئة من عباد الشمس من هذين البلدين، اللذين هما في حالة حرب.

المضاربة الغذائية

وأوضحت الصحيفة أن "الفاو تتوقع تأثيرات محتملة على الأمن الغذائي في البلدان التي تعتمد بشكل كبير على واردات السلع الزراعية والأسمدة والطاقة، وخاصة من أوكرانيا وروسيا". 

وبحسب منظمة الأغذية والزراعة، في تحليل حديث لتأثير الحرب، فإن "العواقب ستكون وخيمة أيضا في البلدان التي لديها قدرة قليلة على استيعاب التغيرات في التدفقات التجارية الثابتة".

وأضافت المنظمة أنه "قد يؤثر ارتفاع أسعار الغذاء والطاقة على قدرة الناس على شراء أغذية كافية وذات جودة، لا سيما في البلدان التي كانوا بالفعل في ظروف حرجة قبل النزاع".

وبينت الصحيفة أن المتحدثة باسم منظمة إنقاذ الطفولة، ميشيلا رانييري،  ترى أن "الوضع كان مقلقا للغاية حتى قبل الحرب في أوكرانيا، كان اليمن في حالة صراع منذ سنوات، ويوجد أيضا في هذا البلد المدمر حوالي ثمانية ملايين طفل في حالة جوع شديد، إلى درجة أنهم أصبحوا على شفا المجاعة".

وتابعت: "نفس الشيء يحدث في أفغانستان، حيث يوجد أكثر من 20 مليون شخص في حالة جوع ومجاعة شديدين، وهي نسبة تمثل نصف سكانها تحديدا".

وفقا لمحللين من "المعهد الدولي لبحوث السياسات الغذائية"، فإن الوضع في أوكرانيا "يؤدي إلى سيناريو خطير لإغلاق السوق، حيث إن هناك عدة بلدان، بسبب توقعات الندرة، قد بادرت بإغلاق الصادرات، وهو أمر يحدث بالفعل في حوالي 20 دولة، مثل إندونيسيا والجزائر". 

وبحسب المحللين "تعود مثل هذه التدابير بالفائدة على الجهات التي تعمل على مستوى الأسواق المحلية، ولكن تضر بالبلدان المستوردة الصافية للغذاء".

عموما، تشير التجارب السابقة إلى أن هذه الإجراءات التجارية ستضع ضغوطا إضافية على الإمدادات الغذائية المتاحة، وتؤدي إلى ارتفاع الأسعار، ومن المحتمل أن تهدد الأمن الغذائي للفقراء". 

ووفقا لمركز الأبحاث ذاته، خلال الأزمات السابقة التي شهدت ارتفاعا حادا في الأسعار مثل 2007-2008 و2010-2011، عمدت العديد من البلدان إلى سياسة تقييد تجارة المواد الغذائية، بما في ذلك الحبوب والزيوت النباتية.

وتابع: "كان لهذه القيود تأثير متتال، عندما أعلنت دولة عن قيود معينة، سارت دول أخرى على نفس النهج، مما أدى إلى تفاقم مشاكل الإمداد وخلق جو من الذعر في الأسواق العالمية حيث يبحث المستوردون عن موردين جدد، مما يؤدي إلى ارتفاع الأسعار".

فيما نقلت الصحيفة عن أستاذة العلاقات الدولية، كاتيا كاسكانتي، أن: "المشكلة الرئيسة في سوق المواد الغذائية تكمن في أن تنظيمها يستهدف الأعمال التجارية الزراعية، وليس الأشخاص القادرين على الوصول إلى الغذاء الكافي". 

واستدركت موضحة: "لكن وضع الحرب يضغط على العرض والطلب على الغذاء، وهذا الضغط في أوروبا لا يؤثر علينا لأننا محميون من خلال السياسة الزراعية المشتركة".

وختمت كاسكانتي مقالها بالقول إن "روسيا تستغل الوضع وتوظفه سلاحا جيوسياسيا، لكن الأمور ليست مطلقة، عموما، تستغل موسكو كل ما في وسعها من الناحية الجيوسياسية، وتتمثل نقطة قوتها، بلا شك، في الزيت والقمح".