وسط ضغوط.. صحيفة روسية: هكذا يبدو مستقبل الحياد التركي من حرب أوكرانيا

قسم الترجمة | منذ عامين

12

طباعة

مشاركة

أكدت صحيفة "غازيتا دوت رو" الروسية، أن الحرب الدائرة في أوكرانيا وضعت تركيا في موقف لا تحسد عليه، يفرض عليها مواصلة الحياد مهما زادت عليها الضغوط الغربية.

وأوضحت الصحيفة في مقال للكاتبة "ماريا شستروفا"، أن تركيا تتمتع بعلاقات اقتصادية وجيوسياسية متشعبة مع كل من أوكرانيا وروسيا، لذا تسعى لإنهاء الحرب أكثر من أية دولة أخرى.

علاقات إستراتيجية

وذكرت الصحيفة أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أكد في 19 مايو/ أيار 2022، أن بلاده تنتهج سياسة التوازن في علاقاتها مع روسيا وأوكرانيا في ظل الحرب المتواصلة منذ 24 فبراير/ شباط 2022.

وأضاف في مؤتمر للشباب بالعاصمة أنقرة قائلا: "لا ننوي قطع الروابط مع الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين أو الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، وسنواصل دبلوماسية الهاتف مع كليهما".

ولفت أردوغان إلى أن نشوب حرب عالمية جديدة لن يكون في مصلحة المنطقة أو العالم.

كما شدد على أن تركيا لديها علاقات ذات أهمية إستراتيجية، سواء مع أوكرانيا أو روسيا، ولا يمكن أن تقطعها.

وذكر أن روابط بلاده مع روسيا واسعة وتتعلق بالطاقة النووية ومحطة "آق قويو" التي سيتم افتتاحها في 2023، إلى جانب الغاز الروسي الذي يشكل 50 بالمئة مما تستهلكه تركيا.

كما لفت إلى أن لدى بلاده شراكة في عدة مجالات مع أوكرانيا مثل الغذاء والحبوب وغيرها، مضيفا أنه "إذا كان ثمة دولة ستشكل عامل استقرار في المنطقة فهي تركيا، وينبغي الحفاظ على ذلك".

وأشارت الصحيفة الروسية إلى ما أكدته مجلة "ناشيونال إنترست" الأميركية بأن تركيا لا تستطيع تحمل صراع مع روسيا.

وبحسب ما نشرته المجلة: "ستستمر تركيا على الأرجح في اتباع سياسة خارجية براغماتية ليست مؤيدة لأوكرانيا ولا موالية لروسيا، وإنما هي سياسة تؤيد مصلحة تركيا فقط".

ولفتت الصحيفة الروسية إلى أنه بالنسبة لعديد من الدول الأوروبية، باستثناء المجر وصربيا، كان اختيار الطرف الذي ستؤيده بالحرب واضحا جدا وبدون أي شروط.

ومع ذلك، فإن تركيا في وضع أكثر خطورة بكثير، حيث يتفاقم التعقيد بسبب موقعها الجغرافي وعلاقاتها التجارية والعسكرية وعلم الطاقة بكل من روسيا وأوكرانيا.

فتركيا حتى الآن اتفقت في الغالب مع حلفائها في حلف شمال الأطلسي "ناتو" على دعم أوكرانيا، بالإضافة إلى إمدادها بالأسلحة الفتاكة، وأغلقت أيضا مضيق البوسفور أمام السفن الحربية الروسية وكذلك مجالها الجوي أمام الطائرات الروسية المتجهة إلى سوريا.

لكن في الوقت نفسه، امتنعت تركيا عن فرض عقوبات مباشرة على روسيا مثلما فعلت بقية دول الناتو.

شريك مميز

لذا أكدت الصحيفة أنه على كل من روسيا وأوكرانيا احترام موقف تركيا، فمنذ بداية الحرب وهي الدولة الوحيدة التي تمكنت من عقد اجتماع يجمع وزيري خارجية البلدين، كما عقدت جولة من المفاوضات المباشرة بين الوفدين الأوكراني والروسي.

وتمتلك أنقرة مصالح اقتصادية وأمنية وجيوسياسية واضحة في الصراع الحالي، لكنها حريصة على عدم قطع الجسور مع روسيا أو التورط في الألغاز الاقتصادية.

فروسيا تزود تركيا بـ45 بالمئة من الغاز، و17 بالمئة من النفط، و70 بالمئة من القمح، ويلعب التدفق السياحي دورا مهما باقتصاد البلاد، حيث بلغ عدد المسافرين من روسيا في 2021 ما يقرب من خمس إجمالي المسافرين القادمين إلى تركيا.

كما أن أوكرانيا ليست أقل أهمية بالنسبة لتركيا، حيث أدان الرئيس التركي أردوغان في عام 2014 ضم شبه جزيرة القرم إلى روسيا، كما شهدت التجارة والاستثمار بين تركيا وأوكرانيا ارتفاعا في السنوات الأخيرة.

وبدءا من عام 2021، كانت تركيا أكبر مستثمر أجنبي في أوكرانيا، بإجمالي 4.5 مليارات دولار، بالإضافة إلى ذلك، كانت أكثر من 700 شركة تركية تعمل في أوكرانيا في ذلك الوقت.

وأصبحت أوكرانيا في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين سوقا مهما للسلع التركية، حيث ارتفعت الصادرات السنوية إلى أوكرانيا إلى مليار و730 مليون دولار بحلول عام 2011.

وتستورد تركيا من أوكرانيا الصلب وأنظمة تكييف الهواء والأثاث والورق والأخشاب والمنتجات الزراعية وبناء السفن ومنتجات السيارات.

بالإضافة إلى ذلك، ارتفعت القيمة السنوية للصادرات الأوكرانية إلى تركيا لتصل إلى 4 مليارات و812 مليون دولار بحلول عام 2011. وفي عام 2021، بلغت التجارة المتبادلة 7.42 مليارات دولار.

ولفتت الصحيفة إلى رفض المسؤولين الأتراك الكشف عن تفاصيل بيع الطائرات بدون طيار لأوكرانيا، إذ اشترت أوكرانيا بشكل مستقل 20 إلى 50 طائرة قتالية تركية الصنع من طراز "بيرقدار تي بي 2" (طائرة تركية بدون طيار)، بالإضافة إلى طرادات من طراز "إم أي إل جي إيي إم".

لذا تعد أوكرانيا بالنسبة لتركيا منصة؛ حيث يمكن اختبار المنتجات العسكرية في ظروف قتالية حقيقية، والذي يزيد بشكل كبير من قيمتها وسمعتها في السوق العالمي.