صحيفة تركية: لهذا تصاعدت قوة قطر الدبلوماسية بسبب حرب أوكرانيا

قسم الترجمة | منذ عامين

12

طباعة

مشاركة

تحدثت صحيفة ستار التركية عن "تصاعد قوة" قطر الدبلوماسية، في المنطقة وعلى نطاق عالمي تزامنا مع الغزو الروسي لأوكرانيا الذي بدأ في 24 فبراير/شباط 2022. 

ورأى الكاتب نجم الدين أجار أن الحركة الدبلوماسية المذهلة التي انتهجها أمير قطر تميم بن حمد آل ثاني وسط الحرب الروسية الأوكرانية والمحادثات النووية الإيرانية تستحق الدراسة.

واستدرك: يبدو من المرجح أن زيارة الأمير المفاجئة الأولى لإيران (12 مايو/أيار) ثم زياراته إلى تركيا وبعض الدول الأوروبية، بما في ذلك المملكة المتحدة وألمانيا، سيكون لها عواقب إقليمية وعالمية كبيرة.

ضغط الغاز

وأردف أجار: من المعروف أن أوروبا تشهد مشاكل "وضغطا على الغاز" في خضم الحرب الروسية الأوكرانية. 

وأدى الإعلان عن إغلاق الخط الذي ينقل الغاز إلى أوروبا عبر أوكرانيا، إلى تصعيد هذا الازدحام.

وتابع: تستخدم قطر وإيران، اللتان تحتلان المركزين الثاني والثالث في ترتيب احتياطي الغاز الطبيعي العالمي بنسبة 17 و11 بالمئة، الاحتياطي المشترك في الحقل الشمالي بالخليج العربي، والذي يعرف بأنه أكبر رواسب الغاز غير المصاحب في العالم.

فمن حيث الحجم فإن احتياطيات كلا البلدين أكبر من نظيرتها لدى روسيا.

ويرى أجار أن مزايا إيران وقطر فيما يتعلق باحتياطيات الغاز الطبيعي العالمية ستؤدي إلى متابعة زيارات الأمير هذه باهتمام كبير على نطاق عالمي.

 وأضاف: تشير التقديرات إلى أن العراق لديه أيضا احتياطيات كبيرة من الغاز الطبيعي.

ولهذا السبب يبرز الخليج كمنطقة مهمة للغاية من حيث احتياطيات الغاز الطبيعي على نطاق عالمي.

واستدرك أجار: على الرغم من وجود احتياطيات كبيرة، فإن الظروف الجيوسياسية وعدم الاستقرار السياسي والعقوبات الدولية تسبب صعوبات كبيرة في توصيل احتياطيات الغاز الطبيعي الغنية بالخليج إلى مراكز الاستهلاك.

 فعلى سبيل المثال، يتعين على قطر بيع كل غازها الطبيعي تقريبا عن طريق تسييله، باستثناء الكمية الصغيرة من الغاز التي تبيعها إلى الإمارات العربية المتحدة عبر خط أنابيب "دولفين".

وأضاف: قطر التي كانت تخطط للعديد من مشاريع خطوط الأنابيب للهند وباكستان ودول الخليج منذ عام 1990، لم تكن ناجحة في هذه المبادرات.

وأردف: يؤدي بيع الغاز المسال إلى مشاكل كبيرة مثل التكلفة والسلامة لكل من البلدان المصدرة والمستوردة. 

وأشار أجار إلى أن ارتفاع تكلفة الغاز المسال بنسبة 30 بالمئة مقارنة بالغاز المنقول عبر خطوط الأنابيب يقوض القدرة التنافسية لقطر في أسواق الغاز الطبيعي.

وبالنسبة للبلدان المستوردة، يلزم بناء محطات تسييل جديدة، مما يعني استثمارات إضافية، بحسب الكاتب التركي.

حصار وعقوبات

واستدرك أجار: إيران، التي تحتل المرتبة الثانية بعد روسيا في ترتيب احتياطي الغاز الطبيعي العالمي بنسبة 17 في المئة، تواجه صعوبة في إنتاج الغاز الطبيعي حتى لتلبية احتياجاتها الخاصة بسبب العقوبات التي تعرضت لها بعد عام 2000.

 إذ تواجه إيران صعوبة في توريد الغاز الطبيعي إلى تركيا والتي تعهدت بتوفيرها من خط أنابيب الغاز الطبيعي التركي الإيراني بسبب صعوبة الإنتاج.

وأردف: لم يجر بعد استثمار جدي لاكتشاف الغاز الطبيعي في العراق على الرغم أنها معروفة باحتياطها الكبير من الغاز الطبيعي والقريب من الحدود التركية. 

 ومع ذلك، بسبب عدم الاستقرار السياسي المستمر في البلاد على مدى العقدين الماضيين، كانت البلاد معزولة بشكل كبير عن كل من أسواق النفط والغاز، فهي تضطر إلى تلبية الغاز الطبيعي التي تحتاجه من إيران.

وأضاف أجار: منذ أوائل عام 2000، بدأت روسيا بإظهار ميول لاستخدام الطاقة كسلاح لأغراضها السياسية، مما دفع الدول الأوروبية إلى البحث عن مجموعة متنوعة من مصادر الطاقة وطرقها.

وفي هذه العملية، جرى تنفيذ مشاريع لنقل الغاز الطبيعي القطري والإيراني إلى أوروبا عبر العراق وتركيا.

ومع ذلك، فإن عدم الاستقرار السياسي في العراق وسوريا، والعقوبات المفروضة على إيران، والحصار والعقوبات الذي فرضته دول الخليج على قطر، أدى إلى تأجيل هذا المشروع.

وأردف: أدت المشكلة المتزايدة لأمن الطاقة في أوروبا في خضم الحرب الروسية الأوكرانية إلى إعادة إدخال خط أنابيب قطر- العراق- تركيا- أوروبا، والذي جرى التأكيد عليه كثيرا في الماضي ولكن وضع على الرف بسبب عدم الاستقرار المذكور أعلاه.

 ويرى الكاتب أنه "عندما ننظر عن كثب إلى احتياطيات الغاز الطبيعي العالمية وطرقها، سيكون من الواضح أن الطريقة الوحيدة لأوروبا للتخلص من اعتمادها على روسيا في الطاقة ستكون ممكنة من خلال نقل الاحتياطيات في الخليج إلى الغرب".

وأضاف: تبرز إيران وتركيا كطرفين فاعلين مهمين في أمن طريق الغاز الطبيعي من الخليج إلى أوروبا. 

كما أن إيران لاعب رئيس، سواء بسبب احتياطاتها الضخمة من الغاز الطبيعي أو لحقيقة أن الاستقرار السياسي في العراق وسوريا غير ممكن بدون طهران. 

وفي الوقت نفسه، تقف العقوبات الدولية ضد إيران في طريق الاستثمارات بقطاع الطاقة الإيراني. 

وبسبب التراكمات النووية، فإن كل شركة تستثمر أكثر من 20 مليون دولار في قطاع الطاقة الإيراني مدرجة على القائمة السوداء من قبل الولايات المتحدة وتفرض عقوبات على هذه الشركات.

الحركة الدبلوماسية

وتابع: الممثل الرئيس الثاني هو تركيا، وهي المفتاح لخط أنابيب الغاز الطبيعي الذي سيمتد من الخليج إلى أوروبا.

 وبالإضافة إلى أهمية تركيا للاستقرار السياسي في العراق وسوريا، فإن وجود العديد من خطوط الأنابيب الممتدة إلى أوروبا في البلاد جعل أنقرة لاعبا رئيسا بين مراكز الإنتاج والاستهلاك. 

ولكن بسبب الحرب الروسية الأوكرانية واعتياد روسيا على استخدام إمدادات الطاقة كسلاح لأغراضها السياسية توقف عمل الخط الشمالي للغاز الطبيعي ولم يعد آمنا.

خط شرق المتوسط، الذي من المقرر أن ينقل الغاز من شرق البحر الأبيض المتوسط إلى أوروبا من خلال استبعاد تركيا، فقد أيضا أهميته لأن الولايات المتحدة أنهت دعمها للمشروع في الأشهر الأخيرة، بحسب تقييم الكاتب التركي.

واستدرك أجار: للأسباب المذكورة، سيجرى متابعة زيارة أمير قطر إلى إيران أولا، ثم إلى تركيا وأوروبا بعناية. 

ويمكن لقوة قطر الدبلوماسية، التي زادت أخيرا في المنطقة وعلى نطاق عالمي، أن تسهم بشكل كبير في فك هذه العقدة في أمن الطاقة الأوروبي. 

وتجدر الإشارة أيضا إلى أن إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن رفعت قطر أخيرا إلى مرتبة "حليف مهم من خارج حلف شمال الأطلسي".

وأضاف: يمكننا القول إن أمير قطر لاعب مهم في التغلب على العقبات السياسية أمام خط أنابيب الغاز الطبيعي قطر-العراق-تركيا-أوروبا بفضل اتصاله الوثيق مع الولايات المتحدة وإيران وتركيا والدول الأوروبية. 

 وختم الكاتب مقاله قائلا: إذا أرادت الدول الأوروبية إنهاء اعتمادها على روسيا في مجال الطاقة، فعليها اتخاذ خطوات جذرية في العديد من المجالات المختلفة، وخاصة المفاوضات النووية الإيرانية، والاستقرار السياسي في العراق وسوريا والعلاقات مع تركيا. 

وتكتسي هذه الزيارة التي يجريها الأمير أهمية حاسمة في التغلب على الأزمات متعددة الأبعاد بين الطرفين.