بلجوء الصدر للمعارضة.. كيف يدفع حلفاءه وخصومه لتشكيل حكومة العراق؟

يوسف العلي | 2 years ago

12

طباعة

مشاركة

في خطوة جديدة، أعلن زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، الذهاب إلى المعارضة البرلمانية لمدة ثلاثين يوما، والتخلي عن تشكيل الحكومة، التي سعى منذ انتهاء الانتخابات البرلمانية في 10 أكتوبر/ تشرين الأول 2022 إلى أن تكون حكومة أغلبية وليست توافقية.

الصدر هاجم خلال بيان له في 15 مايو/ أيار 2022، وفي خطاب بعده بيوم، خصومه في الإطار التنسيقي الشيعي من دون تسميته، واتهمهم بتعطيل مصالح الشعب.

فيما منح حلفاءه من الأكراد والسنة حرية القرار في الذهاب مع خصومه لتشكيل الحكومة من عدمه.

وعلى ضوء التطور الجديد في المشهد العراقي، برزت تساؤلات بخصوص مدى قدرة خصوم الصدر على تشكيل الحكومة بالتحالف مع حلفاء التيار الصدري، وهل يعني ذلك تفكك تحالف "إنقاذ وطن" الذي يجمع الصدريين مع تحالف السيادة السني، والحزب الديمقراطي الكردستاني؟

طريقان اثنان

وتعليقا على ذلك، يرى الكاتب العراقي عبد الجبار الجبوري أن الصدر وضع النقاط على الحروف، وأنهى الجَدل كله، وحسم أمره، وأمر تحالفه الثلاثي دون رجعة، بأن لا تحالف مع الإطار التنسيقي، بعد أن حملهم كل ما جرى للعراق، من ويلات".

وأضاف الجبوري خلال مقال نشره موقع "كتابات" في 18 مايو، أنه "لم يصدر أي تصريح أو موقف من حلفائه (الديمقراطي الكردستاني وتحالف السيادة) أما ردود أفعال الإطار التنسيقي، فجاءت متفاوتة وتصعيدية، على لسان أعضاء في (ائتلاف) دولة القانون، و(تحالف) الفتح، صبت جام غضبها على حلفاء الصدر، والتقليل من أهمية خطابه".

وأردف الكاتب: "السؤال الملح الذي يدور في خلد العراقي، ماذا بعد انتهاء مهلة الشهر التي أطلقها الصدر بذهابه إلى المعارضة، وفسح المجال للإطار التنسيقي بتشكيل حكومة توافقية من المستقلين وغيرهم؟"

وأجاب الجبوري قائلا: "أعتقد أن انتهاء المهلة سيضع الجميع أمام طريقين لا ثالث لهما، إما تشكيل حكومة أغلبية وطنية، وإما المواجهة مع فصائل الإطار التنسيقي ومليشياته، وهذا ما لا تريده إيران التي أرسلت قاآني (قائد فيلق القدس) لتفكيك الأزمة في محاولة أخيرة قبل انفجار الموقف بين الإطار والتيار الصدري".

وهذا أقسى ما تخشاه إيران على مصالحها ومشروعها في العراق، فأصبحت في وضع لا تحسد عليه، في مؤتمر فيينا (الذي يناقش الملف النووي)، وهي الآن في أضعف حالاتها السياسية في الداخل والخارج، وفق تقديره.

وأردف: "لهذا نرى أن دعوة الصدر وتهديده سينفذ، بعد شهر، وسيخضع الإطار التنسيقي صاغرا لشروطه، بعدما فقد النفوذ الإيراني ودعمه".

فإيران تعتبر مصلحتها أهم وأكبر من مصلحة الإطار في العراق، ولا يهمها من يحكمه، ولكن فقط ضمان استمرار مشروعها ومصالحها الإستراتيجية، "فالتغيير قادم لا محالة".

ولفت إلى أن "أفول الإطار التنسيقي حتمّي، تبعا للدعم الأميركي والخليجي والشعبي، لحكومة مصطفى الكاظمي والصدر، وأن الأخير انطلق من دعم الشارع العراقي كله له، ولمشروعه الإصلاحي بمَن فيهم ثوار تشرين، وهذا هو سرّ قوته وتحديه للإطار التنسيقي".

وخلص الجبوري إلى أن "خطاب الصدر الأخير هو انسداد سياسي أكثر بوجه الإطار وإفشال مخططاته، وترهيبه لخصومه، وهو في نفس الوقت انفراج لعملية سياسية مدعومة من كل الاطراف الدولية والمحلية، بعد وضع الإطار وايران في موقف المتفّرج".

تصدع التحالف

وفي المقابل، رأى الباحث في الشأن السياسي العراقي، قصي الطائي أن "بيان الصدر يعبر عن حالة يأس وانفصال رسمي عن تحالف إنقاذ وطن المتصدع في الوقت الحالي".

ولفت في حديث لـ"الاستقلال" إلى أن "مشروع تحالف إنقاذ وطن يعاني الهزائم المرة إزاء قوة قرارات المحكمة الاتحادية العليا، التي لا تخضع للتجاذبات السياسية".

وأشار الباحث إلى أن "بيان الصدر الأخير لم ترد فيه عبارات حكومة (لا شرقية ولا غربية)، و(أغلبية إصلاحية) وتحاول التبرُّؤ من التأثيرات الخارجية".

وبين أن "الصدر أعلن في ثنايا بيانه عن إخفاق التحالف الثلاثي بكسب المستقلين".

ونوه إلى أن "حديث الصدر عن خيار بقي لديه يجب عليه أن يجربه، وهو التحول إلى (المعارضة الوطنية)، يعني عجز تياره عن تشكيل الحكومة، فلماذا لا تعلنون خياركم الثابت بالذهاب إلى المعارضة مثلما أعلنتم إمكانية ذلك في أكتوبر/تشرين الثاني 2021؟".

ورأى الباحث أن "خطاب الصدر وبيانه يشيران إلى وجود خطة منفردة بعد الثلاثين يوما، لا تشمل (مسعود) البارزاني (زعيم الحزب الديمقراطي الكردستاني) ولا (محمد) الحلبوسي (رئيس البرلمان العراقي)، وهذا يعني أن المعارضة الوطنية إلكترونية لا أكثر، والموضوع محاولة فرض منطق القوة على قوة المنطق".

وعلى الصعيد ذاته، رأى الإعلامي هيثم السعدي في حديث لـ"الاستقلال" أنه "لا يمكن أن يذهب حلفاء الصدر مع الإطار التنسيقي لتشكيل الحكومة المقبلة".

وأرجع ذلك إلى أن الصدر هو الأقوى وقادر على إسقاطها بعد أيام من تشكيلها سواء عن طريق البرلمان، أو شل حركة الشارع بمظاهرات كبيرة.

وأشار إلى أن "الصدر واثق من أن حلفاءه سيبقون معه لأنهم حسموا أمرهم منذ البداية وتجمعهم العديد من المصالح المشتركة، واتفقوا على طريقة تشاركية لإدارة الدولة في المرحلة المقبلة".

ردود الحلفاء

أما عن موقف حلفاء الصدر في تحالف "إنقاذ وطن"، فقد علق عضو الحزب الديمقراطي الكردستاني دلشاد شعبان، خلال تصريح صحفي في 17 مايو على احتمالية ذهاب حزبه إلى المعارضة بعد خطاب زعيم التيار الصدري.

وقال شعبان إن "الوضع ما يزال مبكرا والحوارات مستمرة بالرغم من غضب زعيم التيار الصدري من عناد الطرف الآخر الذي عطل جلسات البرلمان".

ولفت إلى أن "الحزب الديمقراطي يرى أن التيار الصدري شريك مهم في العملية السياسية وتحالفنا معه إستراتيجي، ونأمل في إيجاد الحلول لأزمة الانسداد السياسي وتشكيل حكومة قوية يكون الصدر الطرف الأساسي فيه بوصفه الكتلة الفائزة الأكبر في الانتخابات الأخير".

وفي السياق ذاته، نقلت وكالة "شفق نيوز" العراقية في 15 مايو عن مصدر في تحالف السيادة السني (لم تكشف هويته)، قوله إن "قرار الصدر، يحمل غايات عدة من بينها تحرير حلفائه من أي اتفاقات تمنعهم من الانخراط في تحالفات جديدة مع قوى أخرى، وكذلك كشف حقيقة تلاحم قوى التحالف (إنقاذ الوطن)".

وأبلغ المصدر الوكالة، أن الصدر يريد أيضا "كشف عجز جميع القوى عن الخروج بحلول ناجعة تنهي أزمة تشكيل الحكومة، وبالتالي ألقى كرة النار بملعب الحلفاء والإطار التنسيقي".

وتصدر التيار الصدري، الانتخابات البرلمانية التي جرت في أكتوبر/تشرين الأول، بـ73 مقعدا من أصل 329، وشكل تحالفا مع أكبر كتلتين للسنة (تحالف السيادة) والأكراد (الحزب الديمقراطي الكردستاني) باسم "إنقاذ وطن".

ورغم أن التحالف الذي يقوده الصدر يشغل 175 مقعدا، لكنه فشل في تشكيل الحكومة، بعدما عطلت القوى المنافسة ضمن "الإطار التنسيقي"، انعقاد جلسة البرلمان لانتخاب رئيس جديد للبلاد.

وتحتاج جلسة انتخاب الرئيس الجديد حضور ثلثي أعضاء البرلمان (210 نائبا) وهو العدد المطلوب لمنح الثقة لأحد المرشحين.

ويعد انتخاب الرئيس خطوة لا بد منها دستوريا للمضي بتشكيل الحكومة.

ويعيش العراق انقساما سياسيا، جراء خلافات بين القوى الفائزة بمقاعد برلمانية بشأن رئيس الوزراء المقبل وكيفية تشكيل الحكومة، كما تسود الخلافات بين الأكراد بشأن مرشح رئاسة الجمهورية.

ويسعى الصدر إلى تشكيل حكومة أغلبية وطنية من خلال استبعاد بعض القوى منها وعلى رأسها ائتلاف "دولة القانون" بزعامة رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي.

وهو ما تعارضه القوى الشيعية ضمن "الإطار التنسيقي" (مقربة من إيران)، التي تطالب بحكومة توافقية تشارك فيها جميع القوى السياسية داخل البرلمان على غرار الدورات السابقة.