بعد علاقات ودية.. أسرار تزعم بولندا حملات الكراهية ضد روسيا في أوروبا

قسم الترجمة | منذ عامين

12

طباعة

مشاركة

سلطت صحيفة "لينتا دوت رو" الروسية، الضوء على تزعم الجارة بولندا حملات الكراهية ضد روسيا على كافة  الأصعدة، بما فيها الثقافية، في جميع أنحاء أوروبا، مؤكدة أن دوافع ذلك تمتد إلى ما قبل الحرب في أوكرانيا.

وأوضحت الصحيفة في مقال للكاتبة  فيكتوريا كاندراتيفا" أن شعور الكراهية تجاه روسيا الذي أصبح سائدا في بولندا مؤخرا بسبب العملية الروسية في أوكرانيا، ترجع جذوره إلى عقود ماضية.

تدهور كبير

وذكرت الصحيفة أن علاقات موسكو مع الغرب تدهورت بشكل خطير بسبب العملية الروسية في أوكرانيا، وتأتي بولندا في مقدمة الدول الأوروبية، التي تنتهج سياسات معادية لروسيا بشكل واضح جدا.

وكان أحدث مثال صارخ هو الهجوم على السفير الروسي سيرجي أندرييف، الذي غطي بالطلاء الأحمر عندما جاء لوضع الزهور على النصب التذكاري للجنود السوفيت في العاصمة البولندية وارسو. 

ومع ذلك، فإن التركيز المناهض لروسيا في السياسة الخارجية لبولندا لم يظهر في الشهور الأخيرة فقط، بل يمكن تتبعه على مدى العقود الماضية. 

فعندما بدأت العملية العسكرية في أوكرانيا في 24 فبراير/ شباط 2022، أصدرت السلطات البولندية تصريحات حادة وإجراءات صارمة ضد روسيا.

خاصة في اليوم الأول عندما حظرت بث القنوات التلفزيونية الروسية على أراضيها. ثم أعلنت إغلاق المجال الجوي للطائرات القادمة من روسيا، وعرضت تزويد أوكرانيا بالمزيد من الأسلحة.

وكانت بولندا من أوائل الدول التي دعت إلى القبول العاجل لأوكرانيا في الاتحاد الأوروبي، ودعته إلى فرض حظر على موارد الطاقة الروسية.

وسرعان ما بدأت بولندا في الاستيلاء على الممتلكات الروسية وحث الاتحاد الأوروبي على التوقف عن إصدار تأشيرات شنغن للمواطنين الروس في أقرب وقت ممكن.

بالإضافة إلى ذلك، اقترحت بولندا "إلغاء" الثقافة الروسية وإزالتها من الفضاء العام.

واستكمالا للموقف العدواني تجاه روسيا، قرر القادة البولنديون التحدث ليس فقط باسم وارسو، ولكن أيضا باسم بقية الحلفاء الغربيين. حيث وصف رئيس الوزراء "ماتيوز مورافيكي" شعور الكراهية تجاه روسيا بالدليل الذي تعمل فيه أوروبا.

وشدد على أن ما كان يطلق عليه في السابق "كراهية روسيا "أصبح سائدا بالفعل اليوم.

وفي وقت لاحق، أعلن رئيس الحكومة البولندية إطلاق حملة مناهضة لروسيا في جميع أنحاء أوروبا، حيث سيتم إرسال لوحات إعلانية محمولة مع دعوات "لوقف روسيا" إلى بلدان مختلفة.

وأوضح أن العمل العام تحت شعار "أوقفوا روسيا الآن" سيتم دعمه في شبكات التواصل الاجتماعي، وسيكون هدفه الرئيس مدن أوروبا الغربية، وبشكل أساسي في ألمانيا وفرنسا والنمسا وإيطاليا.

وبالتالي، فإن القيادة البولندية لا تمنع فقط نمو المشاعر المعادية لروسيا في المنطقة الأوروبية، بل تعمل على تعزيزها بنشاط.

اختلاف واضح

على الصعيد الآخر، لفتت الصحيفة الروسية إلى أن أقرب جيران بولندا يحاولون محاربة التمييز ضد الروس. فعلى سبيل المثال، في شتوتغارت بألمانيا، تم تنظيم مسيرة للسيارات بعنوان "مناهضة التمييز ضد الناطقين بالروسية".

حيث مرت حوالي 200 سيارة تحمل الأعلام الروسية في شوارع المدينة للمطالبة بوضع حد لفكرة "الروسفوبيا".

كما أدان الرئيس السابق لجمهورية التشيك "فاتسلاف كلاوس"، المشاعر المعادية لروسيا قائلا: "أرفض شعور الكراهية لروسيا الرخيص الموجود اليوم، وأرفض الإنكار الكاسح للثقافة الروسية وما شابه ذلك".

وأشار "فاتسلاف" إلى أن كراهية روسيا مخفية وراء الدعم الواسع النطاق لأوكرانيا في الغرب.

وفي الوقت نفسه، ادعت الصحيفة أنه توجد في بولندا نفسها أصوات ذات رأي بديل حول روسيا، لكن غالبا لا يسمح لها بالتحدث علنا.

وحث رئيس تحرير جريدة "نيوز ويك بولسكا" البولندية "توماس ليز"، البولنديين على التصرف بعقلانية وعدم فرض المسؤولية الجماعية على جميع الروس لقرارات النخب السياسية.

وبسبب هذه التصريحات تم مطاردة "ليز" على الشبكات الاجتماعية، وكانت ابنته قد تلقت تهديدات في السابق بسبب حقيقة انتقاده النخب البولندية بنشاط.

وبعد 24 فبراير، اشتد الخطاب الرسمي المعادي لروسيا في وارسو كما كان متوقعا، لكن العلاقات بين البلدين أصبحت متوترة قبل ذلك بكثير.

فقد بدأ التفاعل البولندي الروسي يتلاشى تدريجيا منذ ما يقرب من عقدين من الزمن، وبحلول اللحظة الحالية وصل إلى أدنى مستوياته. وكان لهذا الاتجاه عدد من الخلفيات السياسية والتاريخية.

صداقة متلاشية

وفي السياق ذكرت الصحيفة أنه كان من الممكن اعتداد العلاقات بين البلدين ودية قبل 20 عاما من الآن.

ففي أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، كان الرئيس الروسي "فلاديمير بوتين"، خلال فترة ولايته الأولى، على اتصال نشط مع نظيره البولندي آنذاك "ألكسندر كواسنيفسكي".

وتحدث بوتين عن مستوى جديد للعلاقات مع وارسو وأعرب عن أسفه للفرص الضائعة في هذا المجال. بدوره،عارض "كواسنيفسكي" نظام التأشيرات بين الدول، وأعلن أيضا عن خطط للاستثمار في الاقتصاد والسياحة في مدينة كالينينغراد الروسية المجاورة لبلاده.

ونقلت الصحيفة عن الباحث في معهد الاقتصاد العالمي والعلاقات الدولية الروسي "ديمتري أوفيتسيروف بيلسكي"، أنه في بداية القرن الحادي والعشرين كانت العلاقات الروسية البولندية تعتمد بشكل كبير على التفاعل بين روسيا وأميركا .

وأشار إلى أنه في يونيو/ حزيران 2001، التقى الرئيس الأميركي السابق "جورج دبليو بوش" مع "بوتين" وقيم هذه المفاوضات بشكل إيجابي، واصفا نظيره الروسي بأنه شخص مباشر وجدير بالثقة حيث يمكن للمرء التفاوض معه بشكل واقعي.

ثم بدأت تتلاشى الحواجز في العلاقات بين موسكو وواشنطن، مما أدى إلى تقارب مع الجانب البولندي.

وكانت نقطة التحول في العلاقات بين روسيا والولايات المتحدة هي غزو واشنطن للعراق عام 2003 حيث لم تدعم موسكو تصرفات الجانب الأميركي وانتقدت بشدة سياسة بوش.

وبدأ الحوار بين روسيا وبولندا أيضا في التدهور بسرعة. ففي عامي 2004 و 2005، لعب "كواسنيفسكي" دور الوسيط النشط في "الثورة البرتقالية" (اندلعت في أوكرانيا) والتي تم تقييمها بشكل سلبي من قبل موسكو.

فقد ساهمت جهود "كواسنيفسكي" في إجراء الانتخابات في البلاد، ونتيجة لذلك وصل "فيكتور يوشينكو" (رئيس أوكرانيا سابقا)، مؤيد التقارب الأوكراني مع أوروبا وحلف الناتو، إلى السلطة.

وفي عام 2005، لم يدع الجانب الروسي الرئيس البولندي للاحتفال بتحرير كالينينغراد من النازيين.