متجاهلين الكارثة.. الحوثيون يجبرون اليمنيين على إعانة حزب الله

آدم يحيى | منذ ٥ أعوام

12

طباعة

مشاركة

بالرغم من الوضع الاقتصادي المتدهور الذي يعيشه اليمنيون، والأزمة الإنسانية التي تعصف بهم، ووصلت مستويات قياسية وصفت بأنها الأشد في تاريخ البلاد، فإن الحوثيين تجاهلوا كل تلك الأوضاع، ودعوا خلال شهر رمضان المنقضي، للتبرع إلى حزب الله اللبناني.

وكانت إذاعة "سام أف أم" التابعة لجماعة الحوثي، قد أطلقت حملة للتبرع خلال شهر رمضان حتى عيد الفطر، لصالح تنظيم "حزب الله" اللبناني، تحت شعار (من يمن الإيمان إلى مقاومة لبنان)، ودعت الإذاعة إلى دعم من وصفتهم ( أنقى الناس) و (أسياد المجاهدين في العالم). 

ونشرت الإذاعة الحسابات البنكية الخاصة بالتبرع لتنظيم "حزب الله" اللبناني، وأطلقت شعارات عدة في الحملة منها: (حي على خير اليمن)، وتساءل المذيع الحوثي (هل أنت يمني؟ هل أنت من الأوفياء، إذن كن شريكا في صناعة النصر، بروحية سماحة السيد المجاهد حسن نصر الله، ومبادلة الوفاء بالوفاء).

وبحسب صحيفة "يمن مونيتور"، فقد دعا المذيع إلى التبرع قائلا: "بروحية سماحة السيد المجاهد حسن نصر الله، ومبادلة للوفاء بالوفاء، ندعو كل أبناء الشعب اليمني من مختلف الشرائح إلى المشاركة الفاعلة والكبيرة (المرحلة الثالثة) من حملة الإنفاق الشعبية".

وأكد مدير الإذاعة حمود شرف الدين، أن الحملة دعم لمحور المقاومة دليل على متانة العلاقة (بين جماعة الحوثي المسلحة وحزب الله اللبناني)، وبحسب صحيفة "المسيرة" الناطقة باسم جماعة الحوثي، فإن هذا البرنامج الداعم لحزب الله هو أكثر البرامج جماهيرية خلال شهر رمضان.

من جهته، رأى الكاتب اليمني شاكر خالد، أن "الأمر تجاوز كل القيم الإنسانية، ووصل للحد الاستفزاز في أعلى درجاته، فأن تتسبب بموت أبناء بلدك وتقتل الأطفال جوعا، ثم تدعو للتبرع لحسب تنظيم خارجي، يدل على أن هذه الجماعة ليس لديها أي شعور بالمسؤولية، وما تمارسه هو قتل لأبناء البلد من ناحية، ونهبهم من ناحية أخرى، بكل استخفاف واستهتار ولا مبالاة".

مبادلة الوفاء بالوفاء

في الوقت الذي ينكر فيه الحوثيون تلقيهم أي دعم خارجي، إلا أن الحملة كانت قد أطلقت تحت شعار مبادلة الوفاء بالوفاء، وهو ما يدل على أنها تتلقى دعما معينا من التنظيم المصنف ضمن قوائم الإرهاب، وكانت تقارير قد كشفت عن تدريب عناصر من حزب الله اللبناني لأفراد من جماعة الحوثي، وعن خبرات وتكنولوجيا  إيرانية نقلت إلى اليمن عن طريق "حزب الله".

وأظهر مقطع فيديو مسرب، خبراء لبنانيون يرجح أنهم من "حزب الله"، يقومون بتدريب أفراد من جماعة الحوثي على عمليات عسكرية، وفي معرض حديثه عن الطائرات المسيرة التي يطلقها الحوثيون، صرح المتحدث باسم الحكومة راجح بادي، أن خبراء من حزب الله اللبناني والحرس الثوري الإيراني، يدربون الحوثيين في اليمن. 

 

وفي خطابات عدة لحسن نصر الله، أشاد بقائد الجماعة عبدالملك الحوثي، التي رفعت صوره في شوارع لبنان من  عناصر من "حزب الله"، وهو الأمر الذي حصل أيضا من جماعة الحوثي، حيث أشاد عبد الملك الحوثي بحسن نصر الله  ورفعت صوره في أكثر من فعالية لجماعة الحوثي في اليمن.

لا يقتصر نشاط حزب الله في اليمن على التدريب وتجميع الطائرات المسيرة، بل يتعداه لحد استيراد عناصر نسائية من حزب الله، لتدريب ما يسمى "كتائب الزينبيات" في صنعاء لممارسة مهام أمنية واستخباراتية، وقمع الاحتجاجات واقتحام البيوت، وهو ما أكدته إحدى الزينبيات، حيث  كشفت لـ"نيوز يمن"، أنهن يتلقين تدريبات على يد أجانب، يتعلمن فيها خبرات في الرماية واستخدام الأسلحة.  

الطهي مقابل الزكاة

لم يقف تجاهل الحوثيين لأوضاع اليمنيين عند حدود إطلاق حملة للتبرع، بل تعداه إلى فرض الزكاة في رمضان على كل المواطنين، من دون الالتفات إلى الأوضاع المعيشية التي تعصف بهم، فمع أن 18 مليون يمني، لا يعلمون من أين تأتيهم وجبتهم القادمة، بحسب تقرير برنامج الغذاء العالمي، إلا أنهم وجدوا أنفسهم مجبرين على دفع الزكاة،  ومعرضين للعقوبة إن لم يمتلكوا سندا يثبت دفعهم للزكاة، ولضمان دفع الزكاة فقد ربط الحوثي تسليم اسطوانات الغاز بدفع الزكاة، 


ويحتجز الحوثيون اسطوانات الغاز على مداخل المدن الخاضعة لسيطرتهم، كما يحتكرون توزيع الجزء الآخر من اسطوانات الغاز، ويوزعونها عبر مسؤولي الحارات والأحياء المعينين منهم أو الموالين لهم,

يقول أحد ساكني مدينة صنعاء، الذي رفض الكشف عن اسمه لأسباب أمنية، في حديث لـ"الاستقلال": إن "اسطوانات الغاز موجودة في السوق السوداء بعشرة أضعاف قيمتها الحقيقية، وهي موجودة لدى الحوثيين بثلاثة أضعاف قيمتها الحقيقية، حيث يوزعها الحوثيون كل أسبوعين بين المواطنين، غير أننا في رمضان لم نكن قادرين على استلام أي اسطوانة غاز إلا بعد إبراز السند الخاص بدفع الزكاة".

وهذا ما أكدته عدة تقارير صحفية، تحدثت عن استغلال الحوثيين للمناسبات الدينية في فرض جبايات إضافية على المواطنين، 

من جانبه، يقول الكاتب والصحفي محمد اللطيفي في حديث لـ"الاستقلال"، إن "الأمر لا يتعلق بأداء فريضة الزكاة، فلو كان الحوثيون حريصون على فريضة دينية، لأنفقوا أموالهم على هؤلاء المساكين الذين يموتون جموعا، فهم من يستحق الزكاة والمساعدة، لا أن يفرضوها عليهم، الأمر يتعلق بالتفنن في إيجاد مصادر لجني الأموال.

وأضاف: "هذه الجماعة لا تشبع ولا تقنع، فهي تفرض إتاوات تحت مسميات عدة، فمن المجهود الحربي، إلى المولد النبوي، إلى دعم فعالية أسبوع الشهيد، إلى الزكاة إلى ما لا نهاية، هي جماعة دائمة الابتكار في خلق وسائل لجني الأموال وفرض الجبايات على المواطنين، غير عابئة بأوضاعهم القاسية، ولا ملتفتة إلى حالة المجاعة التي ضربتهم".

تخمة ومجاعة

في مقابل الجوع الذي عصف باليمنيين، واستنزافهم بدفع أموال لا تنقطع مسمياتها وتوصيفاتها، برزت ظاهرة الثراء لدى الحوثيين، بشكل لافت للغاية، حيث حازت عناصر حوثية، كانت معروفة بعوزها وفاقتها، سيارات فارهة، وامتلكت مراكز تجارية ضخمة.

وشهدت صنعاء والمدن الخاضعة لسيطرة الحوثيين، مثل إب وذمار وغيرهما، حركة عمرانية غير معهودة، وامتلك أفراد معروفون بانتمائهم لجماعة الحوثي محلات صرافة وقاعات حفلات وزفاف، ومطاعم فخمة.

يقول وليد يحيى، الذي يسكن في أحد أحياء مدينة صنعاء الخاضعة لسيطرة الحوثيين، في حديث لـ"الاستقلال: إن "بعض الحوثيين الذين أعرفهم في منطقتنا، كانوا يعانون العوز والفاقة، كبقية المواطنين، لكنهم بعد الانقلاب بنحو سنة بدأت حياتهم في التغير تماما، شيدوا بنايات عالية، وامتلكوا سيارات حديثة، وظهرت النعمة عليهم وعلى أولادهم، حتى أن بعضهم انتقال للعيش في الأحياء الراقية".

وأشار إلى أنه "لم يكن الموضوع مكشوفا بهذا الشكل، فقد عمدوا إلى امتهان بعض الأعمال التجارية خلال تلك الفترة، كغطاء لذلك الثراء المفاجئ الذي بدا عليهم، وقد ظهر المتحدث باسم جماعة الحوثي محمد عبدالسلام فليتة حديثا، وهو يرتدي ساعة رولكس تبلغ قيمتها 18 ألف دولار، وهو الأمر الذي أثار تساؤلات واسعة عن عدم انسجام الدعوات التي يطلقها الحوثيون في ظل الحصار مع ظاهرة الثراء البادية عليهم".