رغم مواردها الطبيعية.. معهد إيطالي يرصد علاقة أوروبا بالفقر في إفريقيا

قسم الترجمة | منذ عامين

12

طباعة

مشاركة

أكد معهد تحليل العلاقات الدولية الإيطالي، أن الاتحاد الأوروبي يعمل على تطوير شراكة من نوع جديد مع القارة الإفريقية لحفاظه على نفوذه فيها، في ظل تكالب قوى دولية أخرى عليها مثل الصين وروسيا.

وأرجع المعهد هذا الاهتمام إلى أن إفريقيا هي القارة الأولى عالميا من ناحية امتلاك الموارد الطبيعية رغم أنها تعاني من أزمات اقتصادية وغذائية لا محدودة.

شراكة جديدة

وذكر المعهد الإيطالي أن أوروبا وإفريقيا، قارتان قريبتان جدا من الناحية الجغرافية، لكنهما بعيدتان جدا على صعيد التنمية الاجتماعية والاقتصادية.

وأشار إلى أنه بينما يصنف الاتحاد الأوروبي نفسه على أنه ثاني أقوى اقتصاد في العالم، ترزح معظم الدول الإفريقية تحت وطأة فقر مدقع لا مثيل لها.

وجزم بأن إفريقيا تمثل تحديا عالميا من حيث التنمية، ويعد تحقيق المعايير الأساسية لتحسين نوعية الحياة أحد أهداف خطة عام 2030.

وفي سبتمبر/ أيلول 2015، اعتمد قادة العالم في قمة أممية تاريخية أهداف التنمية المستدامة الـ17 وغاياتها الـ16 لخطة التنمية المستدامة لعام 2030، على أن يبدأ تطبيقها بدءا من يناير/كانون الثاني 2016.

وتم الاتفاق على أن تعمل الدول خلال السنوات الخمسة عشرة المقبلة على بذل الجهود للقضاء على الفقر بجميع أشكاله، ومكافحة عدم المساواة، والتصدي لظاهرة تغير المناخ، مع إشراك الجميع بتلك الجهود.

وأفاد المعهد الايطالي بأن الحد من الفقر وعدم الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي، وكذلك تعزيز الأمن الوطني، وإدارة تدفقات الهجرة فضلا عن مجابهة ظواهر تغير المناخ وتعزيز النظام الصحي تعد جزءا من إستراتيجية جديدة بين الاتحادين الأوروبي والإفريقي.

وأشار إلى أن رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشيل كان قد التقى رئيس الاتحاد الإفريقي ماكي سال، إلى جانب رؤساء دول وحكومات جميع الدول الأعضاء في الاتحادين في القمة السادسة في بروكسل يومي 17 و 18 فبراير/ شباط 2022.

وأكد ميشيل بأن هدف القمة إقامة شكل جديد من الشراكة، يهدف إلى "السعي لتحقيق أهداف مشتركة من التضامن والسلام والأمن".

بالتأكيد أن هذه الأهداف طموحة للغاية ويجب تحقيقها بحلول عام 2030، كما أنها تمثل نقطة انطلاق جيدة نحو تحسين نوعي في العلاقات بين الاتحاد الأوروبي والاتحاد الإفريقي.

كما شدد على أن تعزيز العلاقات الاجتماعية والسياسية بين المؤسسات الأوروبية والإفريقية الرئيسة له أهمية حاسمة لكلا الاتحادين، لا سيما بالنظر إلى المسائل ذات الاهتمام المشترك.

وذكر على سبيل المثال الديناميكيات المتعلقة بالبحر المتوسط ​​وإدارة تدفقات الهجرة غير النظامية، وتوفير اللقاحات المضادة لجائحة كوفيد 19، فضلا عن تحقيق التنمية الاجتماعية والاقتصادية إلى جانب مكافحة الإرهاب والاتجار غير المشروع.

المفارقة الإفريقية

وأشار المعهد الإيطالي إلى أن القارة الإفريقية تعد الأولى في العالم من حيث امتلاك الموارد الطبيعية، فهي تمتلك 30 بالمئة من الاحتياطيات المعدنية و20 بالمئة من النفط والغاز الطبيعي و40 بالمئة من احتياطي الذهب حول العالم.

ولفت إلى أنه على الرغم من ذلك، يحتل ما يقرب من نصف الدول الإفريقية المرتبة الأخيرة في مؤشر التنمية البشرية.

وأشار على سبيل المثال إلى أن المعادن ذات الأهمية الأساسية لإنتاج الهواتف الذكية والأجهزة الإلكترونية مثل الليثيوم والكوبالت والتنتالوم، تأتي من جمهورية الكونغو الديمقراطية، ثالث أفقر دولة في العالم والتي تحتل المركز 175 في تصنيف مؤشر التنمية البشرية.

وأوضح أن سرد التناقضات بين وجود الموارد الغنية بها القارة السمراء وحالة الفقر المدقع أمر مشترك بالنسبة لمعظم الدول الإفريقية لأن الجهات الفاعلة المحلية لا تتكفل بإدارة الموارد الحالية وإنما تتكفل الشركات الأجنبية متعددة الجنسيات بذلك.

واتهم المعهد الإيطالي على وجه الخصوص، الشركات متعددة الجنسيات الأوروبية والأميركية والروسية والصينية بأنها لا تترك مجالا لإطلاق عملية التنمية الاقتصادية المحلية.

وقال إن هذه الشركات متعددة الجنسيات رسخت وجودها رسميا في القارة الإفريقية بدءا من الستينيات والسبعينيات والثمانينيات عندما بدا أن جميع الدول الإفريقية قد تحصلت على استقلالها من النظام الاستعماري.

وأضاف أنه في الواقع بدأ الفصل الجديد من الاستعمار الاقتصادي الجديد وعدم الاستقرار السياسي والذي تميز بصراعات لا حصر لها على السلطة.

ومضى بالقول إن عدم الاستقرار السياسي وظروف الفوضى التي اجتاحت، وفي بعض الحالات لا تزال تجتاح الدول الإفريقية، لم تسمح بتخصيص الموارد الطبيعية لتنمية الأنشطة الاقتصادية المحلية.

تعاون جديد

وأفاد المعهد بأن الشراكة الجديدة بين الاتحاد الأوروبي ونظيره الإفريقي ستنتقل نحو هدف جديد يختلف اختلافا كبيرا عن فكرة "إنقاذ إفريقيا"، أي من المفهوم الأوروبي المركزي، ولكن من خلال تنفيذ إستراتيجيات التعاون والتشارك في الأهداف.

وأوضح أنه سيتم تنفيذ هذه الإستراتيجيات من خلال تعزيز خطط العمل المتعددة الأطراف التي تنص على تدخل المؤسسات المالية الأوروبية الرئيسة وكذلك الجهات الفاعلة الدولية مثل الأمم المتحدة.

وأفاد بأن أحد المساهمين الرئيسيين هو بنك الاستثمار الأوروبي، الذي سيمول أحد الأهداف المتوخاة في خطة "الإنصاف والصحة ''، وهو توزيع ما لا يقل عن 450 مليون جرعة من اللقاحات المضادة لفيروس كورونا بحلول منتصف عام 2022 خصصت لها أموال بقيمة ثلاثة مليارات دولار.

من ناحية أخرى، من المنتظر تعاون ثلاثي بين الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي لإدارة التنقل وظواهر الهجرة والاتجار الدولي غير المشروع، يضيف الموقع.

كما ستكون هناك استثمارات إضافية، ولا سيما 150 مليار يورو، لدعم الأجندة المشتركة 2030-2063 التي تتضمن مجموعة من الأهداف التي ترمي إلى تطوير الرقمنة والتحول الأخضر ومؤشر التنمية البشرية وخلق وظائف لائقة ومستدامة.

ويرى المعهد الايطالي أن تعزيز العلاقات المتعددة الأطراف بين المؤسسات الأوروبية والإفريقية يمكن أن يكون خطوة كبيرة نحو إنشاء نظام تعاون نشط وفعال من شأنه أن يحقق فوائد من الناحية الجيوسياسية لكل من أوروبا وإفريقيا.

وبحسب المعهد، من الواضح أن جهود الاتحاد الأوروبي لا تخلو من المصالح الاستغلالية.

وفسر ذلك بأن إعادة التأكيد على مكانته الرائدة في الاستثمار الأجنبي المباشر في إفريقيا، بإجمالي استثمارات تصل إلى 241 مليار يورو، أمر ذو أهمية قصوى لسمعة الاتحاد الأوروبي في العالم من حيث النفوذ السياسي والاقتصادي.

ودعما لذلك، تم التأكيد خلال القمة على أن مجموع الدول التي يتألف منها الاتحاد الأوروبي (27) والاتحاد الإفريقي (55) يشكل 47 بالمئة من أعضاء الأمم المتحدة.

وخلص إلى القول إن هذا يعني أن تعزيز إستراتيجيات التعاون والعمل المشترك في الديناميات الدولية يمكن أن يقود الاتحاد الأوروبي والاتحاد الإفريقي إلى موقع له وزن أكبر في القرارات داخل الأمم المتحدة.