صحيفة فرنسية: فتح ملف الإبادة الجماعية في رواندا قد يمهد لإدانة باريس

قسم الترجمة | منذ عامين

12

طباعة

مشاركة

سلطت صحيفة لاكروا الفرنسية الضوء على بدء محاكمة المسؤول الرواندي السابق "لوران بوسيباروتا" أمام محكمة الجنايات في باريس، مؤكدة أن هذه الخطوة قد تمهد الطريق لإدانة فرنسا لدورها في تلك الإبادة الجماعية.

وأوضحت الصحيفة أن تقارير عديدة تثبت ضلوع فرنسا بدور بارز في تسليح جماعات الهوتو التي قتلت مئات الآلاف من جماعات التوتسي عام 1994، وهذه الأمور قد تُثار في جلسات المحاكمة التي بدأت في 9 مايو/ أيار 2022.

خطوة مقلقة

وذكرت الصحيفة الفرنسية أن "بوسيباروتا" هو أعلى مسؤول يحاكم في فرنسا بتهمة الإبادة الجماعية للتوتسي في رواندا، بعد ثمانية وعشرين عاما على حدوثها.

وهي المحاكمة الرابعة في فرنسا بقضايا تتعلق بجرائم الإبادة الجماعية التي أودت بـ800 ألف شخص على الأقل خلال مائة يوم في رواندا، معظمهم من أقلية التوتسي ولكن أيضًا من الهوتو المعتدلين.

وكان ضابط وعمدتان وسائق خضعوا للمحاكمة، لكن لوران بوسيباروتا، وهو لاجئ في فرنسا منذ عام 1997، كان يتبوأ أعلى رتبة إداريا.

ويتهم "بوسيباروتا" الحاكم السابق لولاية "جيكونغورو" (جنوب)، إحدى المناطق التي شهدت أعمال القتل الأشد عنفا، بأنه نظم عدة اجتماعات أو شارك فيها، حيث تم التخطيط لمذابح، لا سيما من خلال التشجيع على تجميع التوتسي وإبادتهم.

ويواجه "بوسيباروتا" البالغ 78 عاما عقوبة السجن مدى الحياة بتهم الإبادة والتواطؤ في الإبادة والتواطؤ في جرائم ضد الإنسانية.

ويتوقع أن تستمر المحاكمة عشرة أسابيع، وتبدأ بعد ظهر الإثنين بالاستماع الى مرافعات الدفاع التي تطلب كف الملاحقات التي بدأت منذ 22 عاما

وسيتم الاستماع إلى مئات الشهود القادمين من رواندا أو عبر الفيديو، وتم تعديل الجدول الزمني لمراعاة الحالة الصحية للمتهم، وستقتصر الجلسات على سبع ساعات في اليوم.

ويقول رئيس جمعية "إيبوكا فرانس" للناجين من الإبادة إتيان نسانزيمانا، "نخوض سباقا مع الوقت، نأمل ألا يتأخر أكثر، وأن يكون شجاعا بما يكفي للاستماع إلى ما يُقال ومواجهة الاتهامات".

من جانبه، يقول رئيس تجمع الأحزاب المدنية لرواندا آلان غوتييه، "يقوم دفاعه على القول، لم أستطع فعل أي شيء، لقد كنت مرتبكا، لكنه كان محافظا، وبالتالي كان مسؤولا".

وكان بوسيباروتا موظفا مدنيا منذ نحو ثلاثين عاما عندما جرت الأحداث، وهي مدة طويلة بشكل استثنائي. ووصفه الادعاء بأنه "رجل من ذوي الخبرة في ممارسة السلطة".

وتؤكد محامية الأحزاب المدنية والمنظمات غير الحكومية ورواندي قُتلت عائلته في كنيسة راشيل ليندون، إن المتهم "لا يستطيع التظاهر بأنه لا يعرف ما حدث. إنه أمر لا يمكن سماعه ولا يُحتمل بالنسبة للضحايا".

وقائع مهمة

 من بين الوقائع التي أثبتها التحقيق هناك مجزرة ارتكبت في مدرسة فنية في منطقة مورومبي التابعة لبلدية نياماجابي، وهي واحدة من الأعمال الدموية المأساوية التي شكلت مع غيرها عملية الإبادة الجماعية في رواندا عام 1994.

وصباح 21 أبريل/ نيسان 1994، تجمع عشرات الآلاف من اللاجئين التوتسي حول مبنى المحافظة بمبادرة من المحافظ نفسه الذي كان قد وعدهم بتوفير "الحماية" إلا أنه قام بمحاصرتهم وقتلهم.

لم ينج من تلك المذبحة سوى حفنة من التوتسي كانوا إما قد هربوا من هناك أو تخفوا تحت جثث القتلى.  

وتواصلت في ذات اليوم في نفس المحافظة عمليات القتل التي شملت منطقتين متجاورتين لمنطقة مورومبي حيث كان التوتسي يأملون في الحصول على ملاذ هناك .

كما يتم توجيه الاتهام لبوسيباروتا أيضا عن مسؤوليته في مذبحة حوالي 90 طالبا من التوتسي في مدرسة السيدة ماري في منطقة كيبيهو في 7 مايو/ أيار 1994، وإعدام السجناء التوتسي، بما في ذلك ثلاثة قساوسة، في سجن جو كونغورو، وهي اتهامات يرفضها.

وكانت المحكمة الجنائية الدولية لرواندا قد استدعت بوسيباروتا، لكنه انصاع في نهاية المطاف إلى المحاكم الفرنسية.

وعلاوة على ذلك هناك تسعة وعشرين بحثا قضائيا مازال جاريا وخمسة تحقيقات أولية مفتوحة فيما يتعلق بـ "جرائم ضد الإنسانية" في القطب القضائي في محكمة باريس.

وسُمح لهذا القطب بمتابعة المتهمين بارتكاب هذه الجرائم باتباع تحت الولاية القضائية العالمية حاليا.

فرنسا متهمة

وأشارت الصحيفة إلى ثمة مسألة أخرى حساسة يُنتظر كيف ستكون خاتمتها.

وهي التحقيق في المسؤولية المحتملة للجيش الفرنسي، المتهم من قبل الناجين من تلك المجازر بالتخلي عن مئات من التوتسي الذين ذبحوا على التلال في مدينة بيسيسرو في أواخر يونيو/ حزيران عام 1994.

وطلب المدعي العام في باريس في أبريل 2021 بعدم سماع الدعوى فيما يتعلق بمسؤولية الجيش الفرنسي.

لكن على كل حال فإن القرار النهائي الآن بيد قضاة التحقيق.

وكان مكتب "كونينغهام ليفي موس" الأميركي للمحاماة قد نشر في تقرير أعده بشأن الإبادة بتاريخ 19 أبريل 2021، أن فرنسا أرسلت أموالا إلى المتطرفين عبر جمهورية الكونغو الديمقراطية، بالرغم من قرار وقف إرسال الأسلحة.

كما أكد الصحفي الفرنسي "باتريك دي سانت إكسوبري" في مقالة بمجلة "إكس إكس آي" الفرنسية، على تورط بلاده في عملية الإبادة الجماعية برواندا.

وحملت المقالة عنوان "جرائمنا في إفريقيا"، أوضح فيها أن فرنسا أطلقت "العملية التركوازية" بهدف إعادة تسليح جماعات الهوتو، وليس لإنشاء منطقة آمنة كما أعلنت وقتها.

ولفت إلى أن قرار تسليح الهوتو يحمل توقيع الأمين العام للرئيس الفرنسي آنذاك "هوبرت فيردين".