برعاية حركة "أنونيموس".. هكذا تتجرع روسيا كأس السم الذي تهدد به العالم

قسم الترجمة | منذ عامين

12

طباعة

مشاركة

أكد موقع "تراكاني" الإيطالي، أن روسيا تتكبد خسائر باهظة في ساحات أخرى خارج أوكرانيا، على خلفية الحرب السيبرانية التي أطلقتها ضدها حركة "أنونيموس" الإلكترونية الشهيرة.

وأوضح الموقع أن روسيا عادة لا تعلق على مثل هذه الهجمات، لكن حجم خسائرها واهتزاز صورتها كقلعة سيبرانية كانت تخيف العالم بأسره، دفعها لاتهام الغرب بالوقوف وراء هذه الحركة الغامضة.

و"أنونيموس" حركة غير مركزية من القراصنة المنتشرين في العالم، وأضحت في السنوات الأخيرة ذات ثقل كبير فيما يسمى بالحرب الإلكترونية.

ويرجع إليها مسؤولية تسريب آلاف رسائل البريد الإلكتروني الخاصة برئيس النظام السوري بشار الأسد، ومهاجمة مواقع حكومية أميركية وبريطانية وإسرائيلية، قبل أن تعلن مؤخرا استهدافها مواقع إستراتيجية روسية ردا على غزو أوكرانيا المتواصل منذ 24 فبراير/ شباط 2022.

"عملية روسيا"

وذكر الموقع الإيطالي أن حركة الهاكرز أنونيموس أطلقت حملة "عملية روسيا" ضد حكومة موسكو كانتقام على اندلاع الصراع في أوكرانيا ولا تعتزم وقفها إلى غاية أن  تقرر روسيا وقف الحرب.

وتمثل هذه العملية جبهة ثانية شرسة في الحرب التي تخوضها روسيا في أوكرانيا، إذ تواصل الحركة عبر مواقعها الخاصة على الإنترنت بإبلاغ الرأي العام العالمي بشأن خطواتها ضد روسيا. 

واخترقت الحركة عدة قنوات تلفزيونية روسية وأوقفت بثها عشر دقائق تقريبا، وعرضت بدلا من ذلك صورا للحرب في أوكرانيا ورسائل تم الإشارة فيها إلى أن الحكومة الروسية كذبت على مواطنيها فيما يتعلق بأسباب الصراع. 

وقالت أنونيموس أيضا إنها اخترقت قاعدة بيانات وزارة الدفاع الروسية في فبراير 2022.

وأعلن فريق قرصنة إلكتروني ينتمي للحركة ويطلق على نفسه اسم "الفرقة 303" عن إنشاء موقع على شبكة الإنترنت يسمح بإرسال رسائل لأرقام هواتف روسية عشوائية تتحدث عن حقيقة ما يجري في الحرب. 

وقالت الفرقة إنها ساعدت في إرسال 20 مليون رسالة نصية ورسالة عبر تطبيق "واتساب". 

بالتزامن مع ذلك، أطلقت أنونيموس سلسلة من هجمات "الحرمان من الخدمات" ضد العديد من المواقع الحكومية الروسية والشركات المرتبطة ارتباطا وثيقا بالحكومة مثل شركة غازبروم.

وتمكنت في عدة مناسبات من إيقاف اتصال هذه الكيانات بالإنترنت لبعض الوقت. 

ويشير هذا الهجوم إلى هشاشة الأنظمة المتأثرة من حيث الأمان أمام هذه الهجمات، وفق الموقع الإيطالي.

نقطة أخرى مهمة بشأن الهجمات التي ينفذها القراصنة بخرق البيانات ونشر بيانات حساسة على الإنترنت، أنها تتعلق بكيانات وشركات حكومية مرتبطة بشكل مباشر بسلطات موسكو وليست روسية فحسب. 

وكانت أنونيموس قد زعمت في بداية أبريل/ نيسان 2022، أنها تمكنت من سرقة 15 غيغا بايت من البيانات من الجناح الخيري للكنيسة الأرثوذكسية الروسية النافذة التي تعد مقربة من النظام.

ونشرت الحركة بيانا على حسابها بموقع تويتر أفادت من خلاله بأنه "تم تسريب البيانات الشخصية لـ120 ألف جندي روسي يقاتلون في أوكرانيا. ويجب أن يخضع جميع الجنود المتورطين في غزو أوكرانيا لمحكمة جرائم الحرب".

هشاشة مفاجئة

ولفت الموقع الإيطالي إلى أنه على الرغم من أن موسكو، بشكل أساسي لا تميل إلى التعليق على الهجمات الإلكترونية، سواء كانت من تنفيذها أو تعرضت لها، إلا أنه ينبغي التحدث عن استثناء مثير للاهتمام.

إذ اتهمت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا، مؤخرا، الغرب بتمويل الحرب الإلكترونية، التي يشنها مجموعات من مجرمي الإنترنت ضد موسكو.

وبحسب الموقع، لا يزال يتعين تقييم آثار هذه السلسلة الطويلة من العمليات بأكملها ومن المحتمل أن تؤثر بشكل أكبر على المدى المتوسط ​​والطويل. 

وعبر عن اندهاشه إزاء هذه التطورات بالقول: كيف أن واحدة من أكثر الدول عدوانية في مجال شن الحرب الإلكترونية تظهر ضعفا كبيرا للغاية في حماية أمن أنظمتها؟

وأضاف أنه "ربما تكون روسيا الدولة الأكثر تعرضا للهجمات الإلكترونية في العالم، ليس فقط من قبل حركة أنونيموس وبقية المخترقين وإنما من قبل مجموعات القراصنة الإجرامية أيضا.

وأوضح أن تلك المجموعات بدأت مؤخرا في توجيه انتباهها نحو هشاشة الأنظمة الروسية، وخاصة الشركات والبنوك الروسية للقيام بهجمات إلكترونية بغاية تحقيق الربح.

ولاحظ أن هناك عنصرا آخر مهما للغاية في هذا الأمر، وهو القدرة المفاجئة على التحرك على نطاق واسع على الرغم من أن أنونيموس ليست حركة متماسكة، ولكنها تضم مجموعات مختلفة توقع هجماتها بهذا الاسم.

وأضاف أنه يجري على الأغلب استغلال عنصر من قبل القراصنة القريبين من مصالح الحكومة الروسية.

لهذا السبب، يمكن أن تشكل الحرب في أوكرانيا خطوة أولى نحو إعادة هيكلة هذه الحركة نحو هيكل أكثر تكاملا، يمكن أن تؤدي آثاره إلى عواقب مهمة فيما يتعلق بالحالات المستقبلية التي من المحتمل أن تتدخل فيها الحركة.

السياسة حاضرة

ومنذ إنشائها في عام 2008، نفذت أنونيموس ولا تزال تنفذ عمليات مرتبطة بأجندات سياسية محددة، وفق الموقع الإيطالي. 

وذكر في هذا الصدد تنفيذ هجمات وقائية ضد الحكومة الصينية مؤخرا في سياق توترات بكين وادعاءاتها ضد تايوان. 

ورجح أنه إذا قامت أنونيموس بالتحول من حركة مستقلة نسبيا إلى كيان متماسك، فإن وزنها في الحرب الإلكترونية يمكن أن يزيد بشكل كبير.

وإحدى الخصائص الرئيسة للحركة في الواقع، هي عدم القدرة على التنبؤ بهجماتها التي يمنحها هيكلها الحالي المجزأ بشدة إلى مجموعات فردية مستقلة بحكم الواقع.

ويمكن للكيانات المختلفة التي تمثل أنونيموس، أن تنقسم فيما يتعلق بأجندات دولية أخرى يحتمل أن تكون أكثر إثارة للجدل من الغزو الأحادي الجانب لروسيا ضد أوكرانيا. 

وأشار الموقع في هذا السياق، إلى إعلان عضو سابق في الحركة مؤخرا عن معارضته لحملة "عملية روسيا"، مؤكدا أن هذا أبعد أنونيموس تماما عما ينبغي أن تكون عليه، بالإضافة إلى إلحاق الضرر بالمواطنين الروس الأبرياء من تصرفات النظام في روسيا.

ورجح  أن تستمر "عملية روسيا"  لفترة طويلة، وقد تمثل نقطة تحول مهمة ليس فقط للحركة ولكن لكامل ​​القرصنة ذات الأجندة السياسية في جميع أنحاء العالم. 

في الواقع، ستتطلب السيناريوهات المستقبلية من الدول النظر في الحرب الإلكترونية كبيئة يمكن فيها لسلسلة من الجهات الفاعلة المنفصلة تماما عن مصالح الدول الأخرى إن كانت حليفة أو معادية أن تتدخل بشكل فعال، وفق تحليل الموقع. 

وأكد أنه لا يزال يتعين تقييم عواقب هذه العملية التي من المحتمل أن تؤدي إلى نتائج غير متوقعة.