صحيفة إيطالية: غزو أوكرانيا غير نظرة بريطانيا للأوليغارشية الروسية

قسم الترجمة | 2 years ago

12

طباعة

مشاركة

قالت صحيفة إيطالية إن لندن لطالما كانت الوجهة المفضلة لكبار رجال الأعمال الأثرياء المقربين من الكرملين إلا أن الغزو الروسي لأوكرانيا في فبراير/شباط 2022 غير كل شيء. 

وذكرت صحيفة "لينكياستا" بأنه منذ بداية الحرب، فرضت عقوبات على البعض منهم، زاعمة أن صياغة القوانين والتصديق عليها غير كاف، فهناك حاجة إلى صرامة أكبر عند التطبيق.

الطريق نحو لندن

وأشارت إلى أن رجل الأعمال الروسي رومان أبراموفيتش كان قد مهد الطريق لبقية الأوليغارشيين نحو لندن عندما اشترى نادي تشيلسي في عام 2003.

ويقصد بالأوليغارشيين الروس مجموعة رجال الأعمال والبرلمانيين والضباط الأثرياء الذين برزوا سريعا بعد سقوط الاتحاد السوفيتي عام 1991، وعاد هذا المسمى إلى الظهور بشدة عقب استهدافهم من قبل أميركا وأوروبا بعقوبات قاسية بعد غزو أوكرانيا.

في البداية، نظر العديد من المواطنين البريطانيين إلى أباطرة الأعمال الأثرياء الروس بمزيج من الفضول والشك.

وعلى إثر ذلك رحبت النخبة البريطانية بكل الأوليغارشية الذين وصلوا فيما بعد بأذرع مفتوحة، وفق تعبير الصحيفة الإيطالية.

تبرع الأوليغارشيون بملايين الجنيهات الإسترلينية لحزب المحافظين، ومولوا معارض فنية كبيرة وساهموا في خلق وظائف لأطقم بريطانية للعناية باليخوت ووظفوا كذلك المحامين البريطانيين للدفاع عنهم من تهم التشويه، وفق ما أوردت الصحيفة.

ولفتت إلى أن عدة سنوات مرت منذ صياغة اللقب "لوندونغراد"، للإشارة إلى أن العاصمة الإنجليزية باتت الآن البؤرة الغربية للأموال الروسية.

وأكدت لينكياستا بأن لندن لم تكن المدينة الكبيرة الوحيدة التي رحبت بالأولغارش الروس في الألفية الجديدة، لكنها كانت بالتأكيد وجهة رئيسة للأموال القذرة.

في هذا الصدد، تقدر وكالة الجريمة الوطنية في بريطانيا قيمة غسيل الأموال الروسية بما لا يقل عن 125 مليار دولار سنويا.

وبحسب قول الصحيفة "غطس الروس في نهر التايمز بحماس كبير، لأسباب مختلفة، ونظر البعض إلى المزايا الضريبية التي تقدمها لندن، والبعض الآخر لغسل الأموال القذرة أو الأموال المكتسبة في ظروف تقترن بالجريمة".

فيما وجد البعض الآخر ببساطة منزلا مستقرا يتمتع فيه بالثروات التي تحصل عليها بشكل غير مشروع.

وتابعت الصحيفة بالقول إن "المملكة المتحدة ليس لديها الكثير من المشاكل مع الملكية الأجنبية للصحف ونوادي كرة القدم والقطاعات الأخرى".

بالإضافة إلى ذلك، يوجد في لندن عدد كبير من العقارات الفاخرة، ويقدم محاموها وخبراء الاقتصاد والمصرفيون فيها خدماتهم بحرية لأي شخص يمكنه دفع فواتير ضخمة. 

كما أن هناك عددا لا يحصى من المدارس والجامعات ذات المستوى العالمي لتسجيل الأطفال والأقارب فيها لمتابعة الدراسة.

كتبت مجلة الإيكونوميست البريطانية بأن "السياسيين بالغوا في الرفع من قيمة الفوائد وقللوا من التكاليف عند طرح السجادة الحمراء للأوليغارشيين". 

وأضافت: "في مخطط الاقتصاد الكلي، تبين أن المكاسب صغيرة ومركزة، وتملأ في الغالب جيوب مجموعة مختارة من المصرفيين والمحامين". 

"في حين أن التكاليف باهضة لا سيما وأن سمعة لندن كملجأ للأموال القذرة أدت إلى تقويض مركزها المالي وشوه نظامها القانوني"، وفق المجلة.

وأردفت الصحيفة الإيطالية بأن الغزو الروسي لأوكرانيا غير النهج، خصوصا بعد أن فرضت الحكومات الغربية حزم عقوبات منذ فبراير وكأنها تقول "الحفلة انتهت" وبأن لوندونغراد بدأت في الانهيار.

نهج متغير

تطرقت الإيكونوميست إلى ما حدث في الأسابيع القليلة الماضية في مقال طويل نشر في مجلة الإيكونوميست روى فيه العديد من المؤلفين حقائق وقصصا.

كتب باركلي برام في مقتطف من المقال أن العملاء الروس  توقفوا عن الذهاب إلى المتجر الرئيس لمصمم فرنسي مهم في لندن. 

وأكد على أنه "بالرغم من أن الحرفاء الصينيين والشرق الأوسطيين هم دائما الأكثر عددا، فإن الروس ينفقون أكثر بنسبة 20 بالمئة من مبيعات منتجات الرفاهية الفائقة". 

وأضاف بأن الشركة  "أغلقت الآن جميع متاجرها في روسيا التي حققت فيها مبيعات فاقت جميع المتاجر الأوروبية مجتمعة".

عدت الصحيفة الإيطالية بأن الحرب الدائرة في أوكرانيا أحدثت تغييرا مفاجئا في واقع ترسخ منذ سنوات. 

وأفادت بأن بريطانيا فرضت عقوبات على أكثر من 1600 شخص وكيان، من بينهم أكثر من 10 من الأوليغارشيين وعائلاتهم المقربين من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.

وأفادت بأنه في منتصف مارس/آذار، بعد أقل من ثلاثة أسابيع من دخول القوات الروسية إلى أوكرانيا، جرى تقديم مشروع قانون الجرائم الاقتصادية الذي طال انتظاره إلى البرلمان على وجه السرعة لتبسيط الملاحقة القضائية لقضايا الفساد الدولية. 

وألغت الحكومة البريطانية في فبراير، قبل أيام قليلة من بداية الهجوم الروسي على أوكرانيا، ما يسمى بـ"التأشيرات الذهبية" للمستثمرين الأجانب الأثرياء، بسبب "مخاوف أمنية".

وقالت وزارة الداخلية في بيان  إنه "سيجري إغلاق مسار تأشيرة المستثمر من المستوى 1 أمام جميع المتقدمين الجدد من جميع الجنسيات بأثر فوري".

وأشارت إلى أن "بعض الحالات أثارت مخاوف أمنية، بما في ذلك الأشخاص الذين يكتسبون ثرواتهم بطريقة غير مشروعة ويرتبطون بفساد أوسع".

ترى المجلة البريطانية أن "ما تحتاجه بريطانيا حقا ليس المزيد من القوانين ولكن تطبيقا أفضل لها".

ومن أجل حل العلاقات غير المشروعة مع الأوليغارشية الروسية، من الضروري تطوير بعض العمليات ذات الأهمية القصوى، وفق قولها. 

شددت الإيكونوميست على أن من الأولويات بالنسبة لهيئة تنظيم عمل المحامين في المملكة المتحدة "إبراز أسنانها والبدء في تطبيق العدالة على المخالفين للقانون وهي خطوة أولى".

وأكدت أن الأولوية الثانية تتمثل في توفير المزيد من الأدوات، وهو ما من شأنه أن يجعل المحققين والمدعين العامين أكثر فعالية. 

بحسب الصحيفة الإيطالية، من الصعب دائما تعقب قضايا الفساد ورفعها إلى المحكمة وإصدار عقوبات عليها وغالبا ما تكون مسارات أموال الأوليغارشية الروسية معقدة وتعبر حدود الدول المختلفة.

وقالت إن التحقيق في هذه المسائل في المملكة المتحدة يقع على عاتق مختلف وحدات وقوات الشرطة، مشيرة إلى أن ميزانيتها لمكافحة الفساد العابر للحدود، مجتمعة تتراوح بين 40-50 مليون جنيه إسترليني. 

وهنا تشير الصحيفة إلى "ضرورة المقارنة مع مقدار ما يكسبه اللاعبون الثلاثة الأعلى أجرا في نادي تشيلسي الذي يمتلكه رومان أبراموفيتش خلال عام واحد".

ونوهت بأن النادي الإنجليزي مثال مناسب تماما جدير بالذكر لأن أبراموفيتش يعد أحد الأوليغارشيين الذين تشملهم عقوبات الغرب والذي يحاول الآن بيع النادي.

خلصت مجلة الإيكونوميست إلى أن "هيئات مكافحة الفساد تعاني من نقص مزمن في المحققين، كما أن المدعين العامين ليس لديهم ميزانية لتقديم المزيد من القضايا الفردية أمام المحكمة". 

وشددت على ضرورة "تغيير هذه الديناميكية لأن تنظيف بريطانيا من الأموال القذرة ليست مهمة صعبة لكنها بالتأكيد ستكلف الكثير من المال".