الحرب في أوكرانيا فرصة لن تتكرر.. ما سر عداء بريطانيا الشديد لروسيا؟

قسم الترجمة | منذ عامين

12

طباعة

مشاركة

سلطت صحيفة "ستار" التركية الضوء على موقف بريطانيا الحاد ضد روسيا، وحضورها في مقدمة الدول التي فرضت عقوبات عليها، مؤكدة أن الحرب في أوكرانيا تمثل فرصة لن تتكرر للندن، للقضاء على شبح الدب الروسي تماما.

وذكرت الصحيفة في مقال للكاتب "إسماعيل شاهين"، أن بريطانيا تستخدم أوكرانيا كـ"حاجب دخان"، وتستثمر الحرب في تصفية حسابات سياسية واقتصادية مهمة مع روسيا.

موقف حاسم

وأرجعت الصحيفة التركية السبب الرئيس وراء الموقف القاسي للحكومة البريطانية تجاه موسكو إلى الوجود الروسي المتنامي بسرعة في المملكة المتحدة.

فبريطانيا في مقدمة الدول التي اتخذت أقسى العقوبات ضد روسيا ردا على غزو أوكرانيا، بدءا من القطاع المالي إلى أصول السياسيين ورجال الأعمال الروس (الأوليغارشية). 

ورد فعل الحكومة البريطانية على روسيا لا يقتصر على العقوبات. فبمبادرات رئيس الوزراء بوريس جونسون، تقدم الحكومة البريطانية الأسلحة والذخيرة لأوكرانيا، وتتخذ خطوات مهمة نحو زيادة عدد القوات البريطانية في كل من بولندا وإستونيا. 

بالإضافة إلى معاقبة روسيا، فإن جميع الحلفاء الغربيين الذين يدعمون أوكرانيا، وخاصة بريطانيا والولايات المتحدة، لديهم هدف مشترك آخر هو منع الحرب من الامتداد إلى ما وراء حدود أوكرانيا.

لذلك، يمكن القول إنه تم تقديم الدعم من حيث القوات والأسلحة والذخيرة للدول الأعضاء بحلف شمال الأطلسي "ناتو" المحيطة بأوكرانيا. 

وعلى الرغم من أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أثار مرارا احتمال تحول الحرب في أوكرانيا إلى صراع نووي بسبب إرسال الحلفاء الغربيين أسلحة أكثر قوة إلى الجانب الأوكراني، إلا أن جونسون كان أحد القادة الذين رفضوا تقديم أي تنازلات. 

ووفقا لجونسون، تجاوز بوتين خطا أحمر في البربرية بغزوه لأوكرانيا، ولن يكون هناك جدوى من تقديم تنازلات في هذه المرحلة، ويجب أن تكون العقوبات على روسيا قاسية للغاية وأن تقدم المساعدات لأوكرانيا من أجل إنهاء الصراع بسرعة. 

وكان إعلان الحكومة البريطانية عن معاقبة أكثر من ألف شخص وشركة في نطاق العقوبات على روسيا منذ الغزو، كافيا للكشف عن جدية الأمر.

وكان اتهام روسيا لبريطانيا في كل فرصة لنقل البنزين إلى النار في أوكرانيا علامة أخرى على موقف لندن وجديتها. وبحسب موسكو، فإن بريطانيا لم تكن تعمل على وقف الصراع في أوكرانيا، ولكن لعزل روسيا عن الساحة الدولية وانهيار اقتصادها. 

دعم مفتوح

ولفتت الصحيفة التركية إلى أن وزيرة الخارجية البريطانية ليز تروس، كانت صارمة أيضا بشأن المساعدات لأوكرانيا والعقوبات على روسيا مثل جونسون.

وتروس في طليعة أولئك الذين دعموا انضمام المقاتلين الأجانب إلى أوكرانيا منذ بداية الحرب، حتى إنها دعت المواطنين البريطانيين للانضمام إلى القتال في أوكرانيا. 

ولا ينبغي الاستهانة بهذا الدعم، حيث أصبحت أوكرانيا الدولة التي تجمع فيها أكبر عدد من المقاتلين الأجانب بعد الحرب الأهلية الإسبانية (1936-1939).

وتشير تقارير إعلامية إلى أن عدد الفيلق الأوكراني المكون من مقاتلين أجانب قد تجاوز 20 ألفًا. 

النقطة التي تلفت الانتباه هنا هي أن غالبية هؤلاء المقاتلين المتطوعين هم جنود سابقون، لهذا هم محترفون وجزء مهم من القوة المقاتلة في أوكرانيا.

وقالت تروس في بيان أخيرا، "إذا فازت روسيا في أوكرانيا فإنها ستكون كارثة لأوروبا، لأن روسيا تشكل تهديدا خطيرا للأمن الأوروبي والنظام العالمي".

وأضافت: "لهذا السبب من المهم جدا أن نوقف بوتين في أوكرانيا، لأن الأمر لا يتعلق فقط بأوكرانيا أو بحلف شمال الأطلسي. إنما يتعلق بالرغبة بإعادة إنشاء الاتحاد السوفيتي". 

كما دافعت عن ضرورة إرسال أسلحة ثقيلة ودبابات وطائرات حربية إلى أوكرانيا، فضلا عن الحفاظ على أقصى قدر من الضغط على بوتين والحكومة الروسية. 

وكذلك قادت حملة تدعي أن روسيا ارتكبت جرائم حرب في أوكرانيا للقضاء على كل هيبة روسيا في نظر المجتمع الدولي ومحاكمة جميع المسؤولين، وخاصة بوتين، في المحكمة الجنائية الدولية.

ومن المعروف أن المملكة المتحدة قدمت تمويلا إضافيا للمحكمة الجنائية الدولية للتحقيق في جرائم الحرب التي ارتكبها الجيش الروسي في أوكرانيا، فضلا عن الدعم التقني للحكومة الأوكرانية من الجيش والشرطة البريطانية لدعم التحقيقات. 

الوجه الآخر

وأشارت الصحيفة التركية إلى أنه نظرا لدور لندن المعروف في غسل الأموال عالميا، فمن الممكن أن نرى الكثير من الضغط في مجلس العموم من أجل السيطرة على الأموال الروسية "القذرة" وتبرئة أي دور للندن بشأنها.

فخلال السنوات الأخيرة، أقام رجال الأعمال الروس علاقات سياسية وتجارية قوية انتشرت في جميع أنحاء أوروبا عبر شبكة علاقاتهم عبر لندن.

ويمكن ملاحظة أن الروس لديهم تأثير متزايد على السياسة الأوروبية، وخاصة في المملكة المتحدة، بفضل شبكة المال، فيما يشير خبراء غربيون إلى أن الثروة الروسية في بريطانيا وأوروبا هي الأذرع الممتدة للاستخبارات الروسية.

كما أن الادعاءات القائلة إن الأوليغارشية الذين يعيشون في لندن بشكل خاص حاولوا التأثير على الانتخابات من خلال التبرع بمبالغ كبيرة للسياسة البريطانية سببت المزيد من ردود الفعل الشعبية. 

وعلى هذا النحو زادت المعارضة المعادية لروسيا في بريطانيا بشكل أكبر، حيث أفادت صحف بريطانية بأن الروس كانوا يسيطرون على النخبة والسياسيين البريطانيين واحدا تلو الآخر، والحكومة تغض الطرف عن ذلك. 

لدرجة أنه، في العديد من الأخبار التي أعلنوا عنها في الصفحة الأولى، كُتب أن الروس ينتشرون مثل الأخطبوطات في بريطانيا، لذلك سيكون من الصعب القضاء على الأوليغارشية المرتبطة بالكرملين.

والموقف القوي للروس في لندن زاد من توتر الولايات المتحدة، ما أثر سلبا في السنوات الأخيرة على العلاقات الأميركية البريطانية. ولهذا يمكن القول إن واشنطن زادت الضغط على لندن لمحاربة المال الروسي.

وكانت تروس أكدت أخيرا أن المعركة ضد روسيا يجب أن تخاض من ثلاثة أذرع. الأول تقديم أقصى قدر من الدعم لضمان خسارة روسيا في أوكرانيا.

والثاني تجفيف الثروة والقوة الروسية في الغرب، وبالتالي إنهاء تدفق الأموال الروسية إلى موسكو. والثالث حظر التجارة الدولية الروسية من أجل كسر قوة روسيا ككل، وبالتالي تدمير النظام المالي الروسي.

من جانبها، سلطت وزارة الخارجية الروسية الضوء على الصراع البريطاني الروسي عبر بيان حديث قالت فيه، إن "الحكومة البريطانية، من خلال أعمال عدائية غير مسبوقة، تتعمد تفاقم الأزمة في أوكرانيا".

ووفقا للروس، فإن الغرض من العداء البريطاني الاستيلاء على الثروة الروسية في مركز لندن المالي التي تقدر بنحو 800 مليار دولار، بتهمة الأرباح غير العادلة وإشعال الحرب في أوكرانيا. 

ويبدو التحقق من هذا الادعاء صعبا للغاية في الوقت الحالي، بالنظر إلى البيانات المتاحة، وسيتم تحديد اتجاه العمل من خلال مصير الأملاك الروسية المجمدة في المملكة المتحدة وأوروبا.