أكاذيب "عفو السيسي".. هكذا فضحتها وفاة محام مصري في سجن العقرب

12

طباعة

مشاركة

اختلفت أشكال التنكيل التي يتبعها النظام المصري منذ الاستيلاء على السلطة عبر انقلاب عسكري عام 2013، من قتل وتعذيب وتشريد وتهجير وتجويع الشعب وبيع مقدراتهم، ليضاف تباعا أرقام جديدة لقائمة الوفيات مصحوبة بشهادة وفاة مبررة أو غير مبررة.

آخرها، كان إعلان أسرة المحامي بالنقض، علي عبدالنبي علي كساب (58 عاما)، المعتقل بسجن العقرب سيء السمعة، وفاته داخل محبسه في 6 مايو/أيار 2022، موضحة أنه كان معتقلا منذ ديسمبر/كانون الأول 2021 بسبب دفاعه عن المعتقلين وقضاياهم. 

وكساب من قرية "ميت غراب" بمركز السنبلاوين في محافظة الدقهلية، وحرمته إدارة سجن العقرب من الزيارات منذ اعتقاله، بحسب ما أعلنته الأسرة، وأكدت "الشبكة المصرية لحقوق الإنسان" أنه كان يتمتع بصحة جيدة إبان اعتقاله، وأنها تعمل على رصد وتوثيق أسباب الوفاة.

خبر وفاة كساب وغموض الأسباب، أثار غضب ناشطين على تويتر، ودفعهم للتذكير بسلسلة الوفيات التي تطال المعتقلين السياسيين في السجون المصرية وداخل مقار الاحتجاز الرسمية، إذ يعد كساب، ثاني حالة وفاة خلال مايو 2022 فقط، وحالة الوفاة الـ12 منذ بداية 2022.

الناشطون استنكروا عبر تغريداتهم على حساباتهم الشخصية وتعليقاتهم على خبر وفاة كساب المنشور في المواقع الإخبارية، ومشاركتهم في وسمي #سجن_العقرب، #علي_كساب، أوضاع السجون، منددين بممارسات التضييق المتبعة ضد المعتقلين السياسيين ومنع الزيارات والإهمال الطبي المتعمد وغيرها.

وسخروا من إعلان رئيس النظام، عبدالفتاح السيسي، خلال حفل "إفطار الأسرة" مؤخرا، إعادة تفعيل عمل "لجنة العفو الرئاسي" التي تشكلت أواخر عام 2016، وزعمه أن الوطن يتسع للجميع، مؤكدين أن وفاة كساب "دليل أكاذيب السيسي".

وأشار ناشطون إلى أن هناك حالات وفاة تتم داخل السجون لا يعلم أحد عنها شيئا، ويتم دفنهم دون علم ذويهم، وما زال الأهالي يبحثون عن أبنائهم في السجون ومقار الاحتجاز وتضاف أسماؤهم لقوائم المخفيين قسريا. 

وفي أكثر من تقرير لها، اتهمت منظمة "هيومن رايتس ووتش"، شرطة النظام المصري بـ"تعذيب معتقلين سياسيين"، منذ الإطاحة بالرئيس الشرعي الراحل محمد مرسي، أول رئيس مدني منتخب في مصر، صيف 2013.

وقالت إن "ضباط وعناصر الشرطة وقطاع الأمن الوطني (أمن الدولة سابقا) في عهد السيسي، يعذبون المعتقلين السياسيين بشكل معتاد"، قائلة أن ذلك "قد يرقى إلى جريمة ضد الإنسانية".

واتهمت "رايتس ووتش"، النيابة العامة المصرية باعتياد تجاهل شكاوى المحتجزين بشأن سوء المعاملة، وهو ما تنفيه سلطات السيسي مرارا، لكن المنظمة أتبعت تقاريرها بأخرى أكدت فيها أن "القمع ما زال منهج تعامل النظام، وأنه لا بارقة أمل في الأفق".

أكاذيب السيسي

الناشطون رأوا في وفاة كساب "دليلا لا يدع مجالا للشك" بأن ما صرح به السيسي مؤخرا بشأن "لجنة العفو الرئاسي" والدعوة للحوار ما هي إلا "أكاذيب وتهدئة للرأي العام الغاضب" من سوء الأوضاع الاقتصادية التي تمر بها البلاد.

المحامي الحقوقي، جمال عيد، سخر من مزاعم السيسي مؤخرا بشأن إطلاق حوار سياسي وتشكيل لجنة عفو رئاسي، قائلا: "خد عندك.. توفي في السجن، المحامي كساب، عمره 58 سنة محبوس سياسي، وقبض على أستاذ العلوم السياسية أمجد الجباس بمطار القاهرة أثناء عودته إلى مصر".

وقال الإعلامي حسام الغمري، إنه "بعد تدشين الإستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان وإطلاق الحوار الوطني وتفعيل لجنة #عليه_العوضي_للعفو_الرئاسي خلال 24 ساعة أمسينا على خبر اعتقال الزميل الباحث السياسي أمجد الجباس واستيقظنا على خبر استشهاد المحامي علي كساب في المعتقل وكأن قلوبنا من الفولاذ لتحمل كل هذا". وناشد القائم على حساب "تكنوقراطي مصر"، لجنة العفو الرئاسي قائلا: "يوجد معتقلون يموتون في السجون وأسباب الوفاة غير معلنة.. وفاة المحامي كساب بالمعتقل، أسباب غير واردة، والجدير بالذكر أنه مدافع عن السياسيين المعتقلين.. ألا ترون الباقي قبل وفاتهم.. أليس كافيا؟".

العسكر الفجرة

واتهم ناشطون العسكر بالوقوف وراء قتل المعتقلين السياسيين بالسجون وتصفية الجنود في سيناء، في إشارة إلى مقتل 11 من أفراد الجيش بينهم ضابط وإصابة 5 آخرين، في 7 مايو 2022 غربي سيناء، مذكرين بالوفيات التي طالت عددا من المعتقلين السياسيين.

وكتب أبو حبيبة: "وفاة المحامي علي كساب في المعتقل، ولا بواكي له، مع أن القاتل معروف، ومقتل شباب الجيش في سيناء والكل يبكيهم وينعيهم مع أن القاتل أيضا معروف، لكن المصلحة بتلبسها للإرهاب المزعوم!.. أبناء الشعب يقتلهم العسكر الفجرة ليبقوا في سدة الحكم!".

وأوضح الناشط محمد أبو غزالة، أن "المحامي بالنقض علي كساب الضحية رقم 12 في سجون الظالمين عام 2022 والثانية في 72 ساعة، وأنه مواليد 3 ديسمبر/كانون الأول 1964"، مشيرا إلى أنه "اعتقل في نوفمبر/تشرين الثاني 2021 بسبب دفاعه عن المعتقلين واستشهد بسجن العقرب في 6 مايو 2022". من جانبه، لفت الناشط علي حسين مهدي، إلى أن "كساب المصري الحر هو الشهيد رقم 12 بين الأسرى في سجون مصر منذ بداية سنة 2022"، مقدما التعازي لـ"شهداء الوطن الحقيقيين". ورصد الناشط الحقوقي، هيثم أبو خليل، "وفاة 3 شهداء من المعتقلين السياسيين في المعتقلات خلال أسبوع واحد!، هم المدرس سامح شوقي صبرة 45 عاما توفي في سجن برج العرب 30 أبريل/نيسان 2022، والمحاسب أسامة الجمل 65 عاما توفي بقسم شرطة المقطم في 3 مايو 2022، والمحامي بالنقض علي كساب توفي بسجن العقرب في 6 مايو".

سيرة كساب

وأثنى ناشطون على كساب ومواقفه وحسن سيرته وشهرته بالدفاع عن المعتقلين السياسيين، مستنكرين صمت نقابة المحامين المصرية وعدم مطالبتها بكشف ملابسات وفاة كساب وتقديم الأدلة، خاصة أنه كان بصحة جيدة قبل اعتقاله وتوفي في سجن معروف بسوء سمعته.

المحامي بالنقض، محمد صبري خليل، كتب لكساب: "هنيئا لك الشهادة يا رفيق الدرب كنت أسدا جسورا في الدفاع عن المعتقلين، ذقت مرارة اعتقال أبنائك الواحد تلو الآخر وهم من خيرة الشباب المتفوقين النابغين، رغم ذلك كنت ثابتا على الحق كالجبال، فكان قرار اعتقالك واغتيالك بعد فضحك لخنوعهم للطاغوت وخضوعهم للبيادة".

وتساءل المحامي، محمد شومان عن دور نقابة المحامين المصرية، وترحم على النقيب قائلا: "الله يرحم النقيب ولا عزاء للمحامين في مصر". وأشار المغرد إمام، إلى أن "المحامي كساب توفي مسجونا مظلوما مغدورا في مقبرة العقرب"، قائلا: "كم دافع ونافح عن المعتقلين واعتقل ابناه فلم تضعف له قناة ولم يلن إلى أن تم اعتقاله ثم توفي إثر إهمال طبي لعنة الله على الظالمين". وأعرب هيثم غنيم عن تضامنه "مع كل المعتقلين، خاصة الموجودين في سجن العقرب ومقرات الأمن".

فيما أشارت المغردة حنان، إلى أن "سجن العقرب مات به ناس لا يعلم عنهم إلا الله".