"قارب الموت".. هذه توقعات كتاب لبنانيين لتأثيره على الانتخابات البرلمانية

يوسف العلي | 2 years ago

12

طباعة

مشاركة

على وقع حادثة "قارب الموت" اللبناني، الذي راح ضحيته نحو 14 شخصا كانوا عل متنه، أثيرت تساؤلات عدة بخصوص مدى انعكاس ذلك على الانتخابات البرلمانية المقرر إجراؤها في 15 مايو/ أيار 2022، وسط أزمة اقتصادية غير مسبوقة تشهدها البلاد منذ ثلاثة أعوام.

وفي 23 أبريل/نيسان 2022، غرق مركب قرب سواحل طرابلس بلبنان يحمل 60 مهاجرا غير نظامي نحو إيطاليا، معظمهم من اللبنانيين، حيث لقي نحو 14 راكبا حتفهم، غالبيتهم من الأطفال وجرى إنقاذ حوالي 48، وانتشال 8 جثث للضحايا، وفق الوكالة الوطنية اللبنانية.

إلغاء الحملات

قضية غرق "قارب الموت" قبالة شاطئ طرابلس، ألقت بثقلها على حركة الانتخابات النيابية في المدينة ودائرة الشمال الثانية، مع إعلان المرشحين إلغاء مهرجانات انتخابية وموائد إفطار وأمسيات رمضانية كانوا يعتزمون إقامتها ضمن حملاتهم.

وأثناء مراسم تشييع الضحايا، بدت مشاعر الغضب واضحة ضد السياسيين والنّواب والمرشحين للانتخابات عبر تمزيق صورهم، حيث أنهت فعليا الحملات الانتخابية التي بالكاد كانت قد بدأت، فيما غاب السياسيون والمرشحون عن مراسم تشييع الضحايا، بحسب وسائل إعلام محلية.

طرحت صحف عربية تساؤلات بشأن تأثير حادث غرق قارب يحمل مهاجرين قبالة سواحل مدينة طرابلس اللبنانية على الانتخابات البرلمانية المقررة في منتصف شهر مايو.

وجدد العديد من الكتّاب انتقاداتهم للطبقة السياسية الحاكمة في لبنان، واتهموها بالمسؤولية عما آلت إليه الأمور في البلاد.

وحذر الكاتب اللبناني علي بدر الدين، خلال مقال نشرته صحيفة "البناء" المحلية، في 27 أبريل، الناخبين من "الاقتراع لمن أفقركم وجوعكم وهجركم وقتلكم في البر والبحر".

وأعرب عن أسفه لما حدث لمن "انضموا إلى المئات من ضحايا قوارب الموت، بعد أن قرروا الهجرة والهرب من جهنم المنظومة السياسية وجحيمها، رغم الخطر المتربّص بهم في رحلة مجهولة النتائج والمصير".

وأضاف أن "توقيت حصول هذه المأساة حصلت على أبواب الانتخابات، ما فتح لهم (المرشحين) الشهية على المزايدة وإطلاق الوعود الكاذبة، وإعلان الوقوف والتضامن مع طرابلس وشعبها، ومحاولة استدراج العروض والمكاسب والأصوات على جثث الطرابلسيين ودمائهم وآلام جرحاهم وخواء أمعائهم".

وتابع: "لا يا سادة، إنكم هذه المرة أخطأتم العنوان، وزمان أول تحوّل، فلن تكون طرابلس اليوم وغدا وبعد غد، مكسر عصا لكم أو لغيركم، ولن تكون مرتعا لأبالستكم وشياطينكم وفسادكم، وقد حان وقت الانتقام واسترجاع الحقوق والبداية ستكون حتما في صناديق الاقتراع، وإن غدا لناظره قريب".

واختتم الكاتب مقاله بطرح تساؤلات عدة: "هل ستبقى الأمور على حالها بعد مأساة قارب الموت في طرابلس، هل ستذهب هدرا دماء الضحايا والمفقودين والموجوعين والمحزونين على من ماتوا وفقدوا من دون حساب؟ أم أن دماء الضحايا في مأساة قارب الموت هي من سترسم مسار الانتخابات ومصيرها ونتائجها، أو حتى إلغاءها أو تأجيلها؟"

وفي السياق، يرى الكاتب سعد إلياس خلال مقال نشرته صحيفة "القدس العربي" في الأول من مايو، أن "أمام الشعب اللبناني فرصة أيام متبقية ليحزم أمره وليتخلص من منظومة السلاح والفساد التي أوصلت اللبنانيين إلى الفقر، وأوصلت الدولة إلى الانهيار".

وتابع: "أمام شعب 14 آذار وانتفاضة 17 تشرين التي تعددت لوائحها بدلا من أن تتوحد، فرصة جديدة للتغيير في صناديق الاقتراع وتحويل استحقاق 15 أيار إلى يوم مفصلي في التاريخ مرة جديدة".

وأردف: "إذا أحسن الناخبون الاختيار يمكنهم نقل لبنان إلى ضفة أخرى تتوقف معها مراكب الموت الذاهبة نحو المجهول ويتوقف الغرق في قوارب الهجرة غير الشرعية كما حدث قبل أيام في بحر طرابلس هربا من طبقة حاكمة تقود البلاد وتبحر بالشعب من دون سترة نجاة نحو مصير جهنمي".

اختبار للبنانيين

وفي السياق ذاته، استبعد الكاتب اللبناني، أسعد بشارة خلال مقال نشرته صحيفة "نداء الوطن" المحلية في 26 أبريل أن يحدث تجديد للمنظومة السياسية الحالية عبر صناديق الانتخابات بعد حادثة "مركب الموت".

وقال الكاتب "فقدت طرابلس عائلات غرقت بأكملها في البحر، وهناك مئات الآلاف من أبنائها غارقون في ما هو أسوأ من الفقر، فكيف سيكون تصويت أبنائها في 15 أيار؟".

الجواب الطرابلسي على هذا السؤال، هو نموذج يمكن القياس به في بيروت والجبل والجنوب والبقاع، في كل مدينة وبلدة، في العاصمة تحديدا التي دمرها انفجار المرفأ، ومنع عنها كشف الحقيقة ومحاسبة المتسببين، وفق تعبيره.

وأوضح بشارة، قائلا: "في 15 أيار سيختبر اللبنانيون بقسوة وبمسؤولية، وربما يكون الاختبار الأخير. لم يتعرض شعب لهذه السرقة الموصوفة لماله وكرامته وامنه على السواء، كما تعرض هذا الشعب. لم ترتكب مجزرة اقتصادية في بلد كما ارتكبت في لبنان. لم تنتهك سيادة دولة كما استبيحت سيادته".

وتساءل الكاتب: "ماذا لو تم التجديد على طريقة النسخ، لأركان المنظومة وكتلهم النيابية الصماء، في 15 أيار؟ قد يكون من الضروري عندها أن نواجه الواقع في 16 أيار، بما يتجاوز قصائد الزجل، وما يرمي الى الابد الهروب من الحقيقة بغط الرؤوس في الرمال العميقة".

وعلى الوتيرة ذاتها، قال الكاتب رضوان الديب، خلال مقال نشرته صحيفة "الديار" المحلية في 26 أبريل 2022 إنه "كُتب على اللبنانيين أن يعيشوا المآسي اليومية على يد أسوأ طبقة سياسية شهدها العالم، تحاول إعادة إنتاج نفسها بشتى الوسائل المالية والتحريض وإثارة الغرائز، مستفيدين من شهوة ما يسمى المجتمع المدني للسلطة".

ويتوقع الديب أن "الأوضاع في البلاد ستبقى على حالها... بانتظار ما ستسفر عنها تطورات المنطقة، وحتى 15 مايو تبقى الكلمة في الشارع للمال الانتخابي ورفع نسبة المشاركة نتيجة (قرف عام) يعطي المقاطعة النسبة الأكبر باستثناء التصويت الشيعي الذي سيرتفع بشكل مميز".

من جهتها، تقول اللبنانية ماريا عبر تغريدة لها على "تويتر" في 24 أبريل، إن غرق المركب قد يكون فرصة للتغيير في الانتخابات، وليس انتخاب ذات الوجوه والحصول على أموال مقابل منح الصوت والبقاء في فقر وانتقاد الدولة.

سيناريو سوداوي

وعلى الصعيد ذاته، قال الكاتب محمد حمية خلال مقال نشره موقع "أحوال" اللبناني في 25 أبريل إن "المخاوف تتزايد مع الجو السياسي والانتخابي المحتقن ووجود قوى عدة لا مصلحة لها بإجراء الانتخابات في الداخل والخارج، ما يعزز فرضية التأجيل".

ورأى الكاتب اللبناني أن "الوضع السياسي والانتخابي يشير إلى أنه باستثناء ثنائي “أمل” و”حزب الله” الذين يؤكدان باستمرار على ضرورة إجراء الانتخابات في موعدها ورفض تأجيلها، فإن أغلب القوى الأخرى لا مصلحة لها بذلك".

ولفت إلى أنه "يبدو أن الأميركيين والسعوديين أيضا يدفعون نحو التأجيل بعد التقارير والدراسات التي تصلهم من مراكز دراسات وإحصاءات عن عجز فريقهم السياسي عن نيل الأكثرية النيابية، وربما (الثلث) لصالح فوز تحالف (حزب الله – أمل) والقوى الحليفة والتيار الوطني الحر بالأكثرية النيابية".

وأشار حمية إلى أنه "أمام هذا الواقع يصبح تأجيل الانتخابات فرضية واقعية، رغم أن مصادر حزبية وسياسية تضع الحوادث الأمنية ورفع الخطاب الانتخابي والسياسي، في إطار تسخين الساحة وشد العصب الطائفي والحزبي لرفع نسبة الاقتراع والحواصل لا أكثر ولا أقل".

وبحسب قوله، فإنه إذا "تأجلت الانتخابات قبل انتهاء ولاية المجلس النيابي بأيام فسيذهب البلد نحو سيناريو سوداوي، ويقع الفراغ النيابي مع حكومة تصريف أعمال وندخل إلى انتخابات رئاسة الجمهورية بحالة من التشظي السياسي والطائفي وانهيارات اقتصادية واجتماعية.

وبين أن ذلك سيؤدي إلى تفجير الوضع الأمني في الشارع وتعويم حكم “المافيات” وسلطة الأحزاب والمناطق والأحياء، ما سيأخذ البلاد إلى تقسيم واقعي غير معلن وصراع اجتماعي طائفي أمني يفرض مؤتمرا سياسياً تأسيسيا برعاية قوى خارجية يعيد إنتاج لبنان على أسس جديدة، وفق قوله.

وفي السياق ذاته، يرى الكاتب غسان ريفي أنه "لا شك في أن غرق مركب الموت الأخير سيكون له تداعيات كثيرة على الانتخابات النيابية في دائرة الشمال الثانية (طرابلس، المنية والضنية) وسيشكل عاملا مؤثرا جدا على التصويت يوم 15 أيار، فإما أن يضاعف من المقاطعة ويترك الانتخابات إلى من يعنيهم الأمر، وإما أن يتحول الى تصويت انتقامي".

وتابع  خلال مقال نشره موقع "لبنان 24" في 29 أبريل: "أو ربما يكون سببا في تعطيل العملية الانتخابية مع تهديد أهالي الضحايا الذين عادوا إلى الشارع عبر تحركات واعتصامات، بأن لا انتخابات قبل إخراج المركب الغارق من قعر البحر وهذا أمر يحتاج الى تقنيات غير متوفرة في البلاد".

وقد طلبت الحكومة مساعدة من بعض الدول الأجنبية للمساهمة في تحقيق رغبة الأهالي وفي خدمة التحقيقات الجارية حول سبب غرق المركب.

وأشار الكاتب إلى أن "كل ذلك، يؤكد أن المفقودين من ركاب مركب الموت، باتوا يشكلون فرادى ومجتمعين قنبلة موقوتة قد تنفجر في أي لحظة، وقد تصيب شظاياها محطات عدة من بينها الانتخابات النيابية، خصوصا أن العثور على أي جثة من شأنه أن يعيد التوتر إلى المدينة لا سيما خلال التشييع وما يمكن أن يتخلله من إطلاق نار وإغلاق طرقات".

وختم ريفي حديثه متسائلا: "فكيف إذا ما خرجت من قعر البحر أكثر من جثة عشية الانتخابات أو في يوم الاستحقاق؟، وكيف ستكون تداعيات ذلك على مراكز الاقتراع المنتشرة في المناطق الشعبية التي ينتمي إليها الضحايا أو على نسب تصويت أهلها؟، وماذا لو تزامن موعد إخراج المركب مع الاستحقاق الانتخابي؟"

وبلغ عدد المرشحين للانتخابات 1044 مرشحا مع إقفال باب الترشح منتصف مارس/آذار 2022، إلا أن هذا العدد انخفض بعد انسحاب عدد من المرشحين وسقوط ترشيح 284 آخرين، لعدم انضوائهم تحت أي لائحة، فيما بلغ عدد اللوائح المسجلة 103، بزيادة كبيرة عن العام 2018 حيث بلغت حينها 77 لائحة.