بعد عقوبات واشنطن وأوروبا.. هل يجد الأوليغارشيون الروس ملاذا آمنا في مصر؟

قسم الترجمة | منذ عامين

12

طباعة

مشاركة

أكد موقع المونيتور الأميركي أن المصاعب الاقتصادية الحالية قد تدفع القاهرة التي خفضت قيمة عملتها في مارس/آذار 2022، إلى مضاعفة استثماراتها مع روسيا. 

ودعا سياسيون مصريون الحكومة إلى فتح أبوابها أمام المستثمرين الروس بعد تجميد أصولهم في الغرب. وحتى الآن، تجنبت مصر إدانة الغزو الروسي لكييف.

ويقصد بالأوليغارشيين الروس مجموعة رجال الأعمال والبرلمانيين والضباط الأثرياء الذين برزوا سريعا بعد سقوط الاتحاد السوفيتي عام 1991، وعاد هذا المسمى إلى الظهور بشدة عقب استهدافهم من قبل أميركا وأوروبا بعقوبات قاسية بعد غزو أوكرانيا.

فرصة ذهبية

وفي 7 أبريل/نيسان، امتنعت القاهرة عن التصويت على قرار للجمعية العامة للأمم المتحدة يقضي بتعليق عضوية روسيا في مجلس حقوق الإنسان بسبب "الانتهاكات الجسيمة والمنهجية لحقوق الإنسان" في أوكرانيا.

لكن حزب نداء مصر طالب الحكومة بالمزيد، داعيا مجلس الوزراء إلى الترحيب بالمليارديرات الروس حتى تستفيد مصر من نفيهم من الأسواق الأوروبية والأميركية.

وقال رئيس الحزب طارق زيدان خلال بيان صدر في 20 مارس: "على الحكومة التواصل مع المستثمرين الروس والحكومة الروسية ومنحهم امتيازات للاستثمار في مصر، لا سيما في الصناعة والطاقة والسياحة". 

وقال: "نحن لا نقف مع أي طرف في الأزمة الأوكرانية. نحن في أزمة اقتصادية، والشيء المهم الآن هو جذب هذه الاستثمارات"، وفق ما نقلت المونيتور.

وأكد زيدان أن على مصر وضع مجموعة من الإجراءات لجذب الاستثمارات الروسية وأن الخطوة الأولى هي ضمان الاستقرار الأمني ​​والسياسي. 

كما دعا الحكومة إلى تسويق المناطق الصناعية في مصر للمستثمرين الروس الهاربين.

وأضاف: "أعددنا دراسة للصناعات التي قد نستفيد فيها من الاستثمارات الروسية وسنرسلها إلى الحكومة قريبا". 

وتعتقد يمن الحماقي أستاذة الاقتصاد بجامعة عين شمس، أن الحكومة المصرية ستختار تعزيز علاقاتها الاقتصادية مع روسيا رغم العقوبات. 

واستبعدت الولايات المتحدة ودول غربية أخرى العديد من المؤسسات المالية الروسية من نظام الدفع "سويفت" الذي تستخدمه آلاف البنوك في جميع أنحاء العالم، وذلك كجزء من العقوبات الاقتصادية المفروضة على موسكو.

وقالت الحماقي: "لدينا تاريخ طويل من العلاقات الاقتصادية مع روسيا. على سبيل المثال، في التسعينيات، كان لدينا صفقات تجارية متبادلة تبادلنا فيها البضائع دون استخدام العملة الصعبة".

وأردفت: "يمكننا فعل ذلك مرة أخرى إذا كانت هناك عقبات بسبب خروج روسيا من نظام سويفت"، وفق المونيتور. 

ولم تأت دعوات الحكومة المصرية لزيادة الاستثمارات مع روسيا فقط من حزب نداء مصر، حيث يعد هذا المطلب اتجاها متزايدا في الصحافة المحلية أيضا. 

وطالب رئيس جمعية رجال الأعمال المصريين علي عيسى في 7 أبريل، في تصريحات لصحيفة الأهرام المملوكة للدولة بإعادة عقد الصفقات التجارية مع روسيا لتذليل العقبات التي تواجه المصدرين المصريين في السوق الروسية.

آفاق الاستثمار

وأشارت الحماقي إلى "اتفاق لإنشاء منطقة صناعية روسية داخل المنطقة الاقتصادية لقناة السويس، الذي يمنح قانون المناطق الاقتصادية في مصر العديد من الامتيازات للمستثمرين الأجانب".

كما من الممكن فتح الباب أمام المليارديرات الروس الذين استثمروا أموالهم في جميع أنحاء العالم ليأتوا ويستثمروا هنا، وفق تعبيره. 

وذكر السفير الروسي في مصر جورجي بوريسينكو في أكتوبر/تشرين الأول 2021، أن المستثمرين يناقشون تفاصيل المنطقة الصناعية الروسية.

وقال: "لقد أرادوا جذب المزيد من الشركات الروسية إلى مصر، وكثير منهم يريدون العمل هنا وإنتاج سلع لتلبية احتياجات الأسواق المصرية والإفريقية". 

وبلغت الاستثمارات الروسية في مصر 8 مليارات دولار نهاية 2020، يتركز معظمها في قطاع الطاقة. 

لكن رئيس مكتب التمثيل التجاري الروسي في القاهرة نيكولاي أصلانوف، أخبر وكالة أنباء الشرق الأوسط (مينا) في مايو/أيار 2021 أن الحكومة الروسية تدرس إمكانية المساهمة في مجالات أخرى مثل صناعة السيارات وتكنولوجيا المعلومات والبنية التحتية وبناء السفن والصناعات المعدنية والكيماوية.

وتوقع تدفقا كبيرا للاستثمارات الروسية في البلاد مع إطلاق المنطقة الصناعية الروسية. 

وتعتمد مصر بشدة على روسيا لتلبية احتياجاتها من القمح وتستفيد المدن المصرية الساحلية المطلة على البحر الأحمر من السياحة الروسية. 

كما تستثمر روسيا في مشاريع عملاقة في البلاد، مثل محطة الطاقة النووية في الشمال وكذلك المنطقة الصناعية في قناة السويس. 

ولحماية هذه الاستثمارات، تجنبت مصر إدانة الغزو الروسي لأوكرانيا ودخلت في شراكة مع دول عربية أخرى في التوسط لإنهاء الصراع.

وانتقد مندوب مصر الدائم لدى الأمم المتحدة، أسامة عبد الخالق، أواخر أبريل، قرار تعليق عضوية روسيا في مجلس حقوق الإنسان.

وقال إن "مصر لا تنظر إلى مشروع القرار على أنه يتعلق بالأزمة الأوكرانية، ولكن من منظور الاتجاه نحو تسييس أجهزة الأمم المتحدة ووكالاتها المتخصصة". وأكد أن الموقف المصري المبدئي والثابت يرفض هذا النهج.

لكنه أوضح موقف مصر بشأن الأزمة في أوكرانيا جاء قبل أسابيع من تصويتها في الجمعية العامة للأمم المتحدة، عندما تحدث رئيس النظام عبد الفتاح السيسي مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في 9 مارس.

ووفقا لبيان صادر عن الكرملين نشرته قناة روسيا اليوم، "أعرب الطرفان أيضا عن اهتمامهما بمواصلة التعاون الوثيق في قطاعي السياحة والزراعة".

وناقشا "التطور اللاحق للشراكة الإستراتيجية بين روسيا ومصر، بما في ذلك التقدم في تنفيذ المشاريع الضخمة المشتركة في قطاعي الطاقة النووية والإنتاج".

وأشارت الحماقي إلى أن المصالح الاقتصادية للعديد من الدول مثل الصين والهند وإسرائيل وتركيا تمنع اتخاذ موقف معاد لروسيا، لذلك بقيت تلك الأطراف على الحياد.

وقالت الحماقي التي عملت مستشارة لمجلس النواب المصري إن القاهرة تبنت حتى الآن موقفا "متوازنا" تجاه كل من الغرب وروسيا. 

وشددت على أنه "في حين أن الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي شريكان إستراتيجيان لمصر، فإن هذا لا يمكن أن يكون على حساب مصالحنا".

وبينت أن مصر أنفقت المليارات لتحسين خطط الأعمال وأن ذلك يمر الآن بمرحلة حاسمة للاستثمار.