لخصت صحيفة "بوبليكو" الإسبانية، دعم غالبية القادة العرب للرئيس الروسي فلاديمير بوتين في عدوانه على أوكرانيا، بالقول "الطغاة يدعمون الطغاة والديمقراطيات تدعم الديمقراطيات".
وأوضحت أن بوتين يتشارك مع قادة السعودية والإمارات ومصر عقيدة "الظلم أفضل من الفوضى"، لذا يخشون من مخاطر قيم الديمقراطية على ديكتاتورياتهم واستبدادهم.
وذكرت الصحيفة أن القادة العرب يرون أن الرئيس الروسي رجل نظام لا يرضخ لضغوط الغرب، في المقابل، لم يتردد الأمريكيون عن دعم الانتفاضات العربية عام 2011 التي أطاحت بالحكام المستبدين الذين يتعاطف معهم القادة العرب الحاليون.
وأضافت أن الحرب في أوكرانيا أثارت الكثير من ردود الفعل في الشرق الأوسط. وعلى الرغم من أن العالم العربي تفاجأ في 24 فبراير/ شباط 2022 بقرار الحرب في أوكرانيا، إلا أن موقف قادة المنطقة لم يتغير عمليا منذ ذلك الحين، ويراقبون ما يحدث بريبة، وخاصة فيما يتعلق بسلوك الغرب.
وشرحت الصحيفة نقلا عن الخبيرة بالشؤون الدولية مارينا منصور، ما يحدث ببضع كلمات موجزة مفادها، أن "الديمقراطيات تدعم الديمقراطيات والطغاة يدعمون الطغاة، وهو أمر بديهي يلخص موقف القادة العرب".
وأضافت الصحيفة أن عددا من المستبدين يرفضون بشكل متزايد دعوة الولايات المتحدة للانضمام إلى صفوف الحلفاء الغربيين، الذين دخلوا فعليا في حرب مع روسيا، على الأقل بحكم الأمر الواقع، على الرغم من أنهم لم يعلنوا ذلك رسميا.
وخلال التصويت في الجمعية العامة للأمم المتحدة بشأن الحرب، حرصت الدول العربية على عدم إدانة روسيا.
علاوة على ذلك، في 7 أبريل/ نيسان 2022، على سبيل المثال، عند التصويت على تعليق عضوية روسيا في مجلس حقوق الإنسان، امتنعت دول الشرق الأوسط عن التصويت أو عارضت ذلك.
ونوهت الصحيفة بأن إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن بذلت الكثير من الجهود من أجل تليين موقف هذه الدول لكي تتبنى موقف الولايات المتحدة، لكن، باءت كل المحاولات بالفشل.
ربما لأن المستبدين لا يرون موسكو عدوا من شأنه أن يعرض سلطتهم للخطر. في المقابل، يرى الدكتاتوريون العرب أن روسيا حليفة لهم بغض النظر على الظروف الحالية والتدخلات التي تقودها الكرملين.
وأشارت الصحيفة إلى أن قضية التصويت في مجلس حقوق الإنسان لها إشكالاتها؛ حيث لا تملك جميع دول الشرق الأوسط سجلا رائعا في هذا الشأن.
ونتيجة لذلك، يمكن أن تصبح، بناء على تجاوزاتها التي لا جدال فيها، التالية على قائمة المخالفين والمضطهدين لحقوق الإنسان.
وأشارت الصحيفة الإسبانية إلى أن السعودية بدأت تنأى بنفسها عن الولايات المتحدة بسرعة كبرى، بسبب السلوك غير المنتظم لواشنطن، حيث أصبحت سياستها في الشرق الأوسط كارثية ولا توجد مؤشرات على أنها ستعمل على تصحيحها.
في ظل هذا الوضع، تفكر الرياض حتى في قبول اليوان الصيني بمثابة عملة لمبيعات النفط، وهو تهديد حقيقي لهيمنة الدولار العالمية.
وذكرت الصحيفة أن الدول العربية الأخرى كالإمارات ومصر، شأنها شأن السعوديين، لا يرون أي تناقض في التعامل مع موسكو وبكين.
في المقابل، تعمل هذه الدول على تطوير سياسات للتعامل مع تلك القوى، وهي خطوة تعود بوادرها الأولى حتى إلى ما قبل دخول بايدن البيت الأبيض في يناير/ كانون الثاني 2021.
في الواقع، كانت هذه السياسات خجولة في البداية، ولكنها تجاوزت تلك المرحلة إلى درجة التسبب في استياء الأميركيين.
بالإضافة إلى ذلك، فإن العقوبات وغيرها من الإجراءات التي فرضتها الولايات المتحدة وأوروبا على روسيا، والتي تهدد بالاستمرار في فرضها، هي ليست إلا مؤشر إنذار للحكام المستبدين، حيث يمكن أن يكونوا التاليين في القائمة.
وهو وضع تراقبه الدول العربية بكثير من الشكوك. عموما، ليس من المستغرب أن يرى المستبدون العقوبات الغربية على أنها مسألة شخصية.
وبينت الصحيفة أن الخبيرة مارينا منصور تقارن بين ما يزعج القادة العرب وما حدث خلال الربيع العربي عام 2011، عندما تسببت الحماسة الشعبية في زعزعة استقرار الأنظمة التي كانت تعتبر موحدة.
بينما وقف الغرب برئاسة الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما، وإن كان بشكل مؤقت، إلى جانب المتظاهرين.
وأوضحت منصور أن "حكومات الخليج التي خرجت سالمة من ثورات الربيع العربي تخشى اندلاع احتجاجات شعبية".
وبالتالي، تنتهج هذه الجهات إستراتيجية دعم الحركات والشخصيات المناهضة للديمقراطية، مثلما حدث مع عبد الفتاح السيسي في مصر، الذي دعمته السعودية والإمارات بعشرات المليارات من الدولارات منذ 2013.
وأوضحت الصحيفة الإسبانية أن أمرا مشابها حدث مع بوتين، ففي الواقع، يفضل القادة العرب نظاما مستقرا وغير خاضع للتفسير الماكر للديمقراطية، مثل ذلك السائد في الغرب.
وقالت: "لقد جاءوا ليقولوا، كما كتب الشاعر الألماني، فون غوته، أن الظلم أفضل من الفوضى؛ بل إنه أفضل من نظام ديمقراطي غير متجذر في المنطقة".
وعلى عكس أوروبا، أو بعض المناطق الأخرى، ينظر القادة العرب إلى علاقاتهم مع واشنطن بشكل واقعي، معتقدين أنها يجب أن تُبنى على "المصالح المشتركة" وليس على "القيم المشتركة" غير الموجودة.
وأوردت الصحيفة أن دولا مثل السعودية أو الإمارات لها حنين للجمهوريين. في حقيقة الأمر، يعتبر الحزب الجمهوري كيانا نظاميا ينظر إلى الديمقراطية بنوع من انعدام الثقة، خاصة منذ رئاسة دونالد ترامب.
من جانب آخر، يجب ألا ننسى أن ترامب كان متوافقا تماما مع بوتين والأنظمة الاستبدادية العربية.
في المقابل، ليس من المستغرب أن يكون ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، قد أكد لبوتين أنه يحافظ على توزيع حصص إنتاج النفط التي وافقت عليها أوبك + في عام 2020 تحت وصاية ترامب، وهو التوزيع الذي يريد بايدن إنهاءه.
كما أنه ليس من المستغرب أن يعمل ابن سلمان على خدمة مصالح بوتين عندما اتصل به جو بايدن لزيادة إنتاج النفط نتيجة الأزمة الأوكرانية.
1 |
Los líderes árabes prefieren Putin a Biden y evitan entrometerse en el conflicto |
---|