رغم علاقاتهما الجيدة.. ما سر إغلاق تركيا أجواءها أمام المقاتلات الروسية؟

قسم الترجمة | 2 years ago

12

طباعة

مشاركة

أكدت صحيفة "فاينانشيال تايمز" البريطانية، أن قرار تركيا إغلاق مجالها الجوي أمام الطائرات العسكرية الروسية المتجهة إلى سوريا يعد شكلا مهما من أشكل الضغط على موسكو لوقف الحرب في أوكرانيا والعودة إلى طاولة المفاوضات.

وأوضحت الصحيفة أن القرار المفاجئ من تركيا التي حافظت على علاقات جيدة مع روسيا رغم عضويتها بحلف شمال الأطلسي "ناتو"، قد يمهد أيضا الطريق لعملية عسكرية تركية جديدة في الشمال السوري ضد المتمردين الأكراد.

تصعيد كبير

وذكرت الصحيفة أن تركيا عبر منعها القوات المسلحة الروسية من استخدام مجالها الجوي للوصول إلى سوريا تسعى إلى زيادة الضغط على الرئيس فلاديمير بوتين لإعادة إحياء محادثات السلام مع أوكرانيا.

وقال وزير الخارجية التركي مولود تشاووش أوغلو إن الطائرات العسكرية الروسية لن تتمكن بعد الآن من العبور عبر بلاده في طريقها إلى سوريا، حيث لعبت موسكو دورا رئيسا في دعم نظام الرئيس بشار الأسد.

ونقلت قناة "تي آر تي" الحكومية في 24 أبريل/ نيسان 2022، عن تشاووش أوغلو قوله للصحفيين خلال زيارته لأوروغواي، "أغلقنا مجالنا الجوي أمام الرحلات الجوية العسكرية الروسية وحتى الرحلات الجوية المدنية التي تقل أفرادا عسكريين إلى سوريا".

ورأى محللون أن هذه الخطوة ستزيد من تعقيد الخدمات اللوجستية لروسيا في سوريا، بعد أن قيدت تركيا مرور السفن الحربية الأجنبية من البحر الأسود إلى المتوسط ​​بعد وقت قصير من بدء الحرب الأوكرانية.

وقال مدير برنامج سوريا في معهد الشرق الأوسط بواشنطن، تشارلز ليستر، على تويتر، إن "طريق الإمداد الجوي الوحيد القابل للتطبيق لموسكو سيكون الآن عبر إيران والعراق".

وستظل تركيا منفتحة على الرحلات الجوية التجارية من وإلى روسيا، رافضة اتباع الاتحاد الأوروبي في إغلاق المجال الجوي أمام الرحلات الجوية الروسية نظرا لأهمية السياح في دفع نمو اقتصادها.

وأكد تشاووش أوغلو أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أبلغ بوتين بالقرار وأن الزعيمين يواصلان الحوار.

بينما قال ثلاثة أشخاص مطلعون على الأمر إن أنقرة كانت تخفف الإذن باستخدام مجالها الجوي من قبل الجيش الروسي في سوريا منذ بدء الهجوم الروسي المتجدد في أوكرانيا. لكن قرار إغلاقه بالكامل، والإعلان عن هذه الخطوة، يشكل تصعيدا كبيرا.

وكشف مدير برنامج الشرق الأوسط في معهد أبحاث السياسة الخارجية بفيلادلفيا، آرون شتاين، أن الولايات المتحدة ودول أخرى تطلب من تركيا استخدام نفوذها على موسكو في سوريا وزيادة الضغط على بوتين.

واستغرق الأمر بعض الوقت لكي تنضم أنقرة إلى التحركات الغربية. وبعد شهرين تقريبا اتخذت أنقرة خطوة أخرى للضغط على موسكو في سوريا بسبب أوكرانيا.

توازن دقيق

وسعت تركيا إلى إجراء توازن دقيق منذ شن بوتين أكبر هجوم عسكري منذ الحرب العالمية الثانية. وأغلقت معظم الدول الأوروبية مجالها الجوي أمام الرحلات الجوية الروسية بعد وقت قصير من بدء الحرب، لكن أنقرة سعت بدلا من ذلك إلى التوسط لإنهاء الحرب وحل الازمة.

كما زودت تركيا القوات المسلحة الأوكرانية بطائرات مسيرة مسلحة، رغم أنها قاومت التوقيع على العقوبات الغربية.

ويؤكد قرار أنقرة بالضغط على روسيا في سوريا، حيث تسيطر تركيا على مساحات من الأراضي هناك، ولديها وجود عسكري كبير، على العلاقة المعقدة بين أردوغان وبوتين.

وبنى الزعيمان علاقة شخصية وثيقة في السنوات الأخيرة، لكنهما كانا أيضا على طرفي نقيض في ساحات القتال في سوريا وليبيا ومنطقة القوقاز المتنازع عليها في قره باغ.

وسعت أنقرة إلى تسهيل محادثات السلام بين أوكرانيا وروسيا. وعقد مفاوضو البلدين اجتماعين رفيعي المستوى في تركيا في مارس وأبريل ، لكن الأدلة على ارتكاب القوات الروسية جرائم في حق المدنيين الأوكرانيين قوضت الجهود.

وفي كلمة في 22 أبريل، قال أردوغان إن مسؤولين أتراك يسعون لإجراء اتصالات هاتفية في محاولة لاستئناف المناقشات.

وفي سياق متصل قال محلل السياسة الخارجية والأمن في أنقرة، عمر أوزكيزيلجيك، إن "الضغط على روسيا في سوريا هو محاولة لإجبار روسيا على أن تكون أكثر جدية في المفاوضات".

وأضاف "إذا كنت تريد أن تعقد روسيا صفقة وتتوصل إلى تفاهمات، فأنت بحاجة إلى أن تكون قويا في هذا المجال وتحتاج إلى استخدام القوة الصلبة. لقد دأبت تركيا على القيام بذلك خلال السنوات القليلة الماضية وما زالت تفعل ذلك اليوم".

عملية جديدة

ونقلت الصحيفة البريطانية عن أوزكيزيلجيك قوله، إن أنقرة، التي أطلقت في الأيام الأخيرة عملية جديدة على المسلحين الأكراد في شمال العراق، قد تسعى إلى استخدام نفوذها على روسيا للحصول على الضوء الأخضر لعملية مماثلة في شمال سوريا.

وذكرت أن العلاقة بين تركيا وروسيا معقدة للغاية ولها جذور تاريخية. إنها علاقة تطاردها التوترات بشأن قضايا وملفات كبرى مثل القرم والاعتماد على الطاقة والحروب في قره باغ وسوريا وليبيا.

وفي السنوات الأخيرة فقط، أسقطت تركيا طائرة حربية روسية، وقتلت الضربات الجوية الروسية في سوريا 33 جنديا تركيا واغتيل سفير موسكو في أنقرة، وفق الصحيفة.

ووصفت تركيا، العضو في الناتو، الصراع في أوكرانيا بأنه "حرب"، ومنعت السفن الحربية الروسية من المرور عبر البحر الأسود وباعت طائرات بدون طيار فعالة بشكل مدمر من طراز بيرقدار للقوات الأوكرانية، ما أثار غضب موسكو.

ومن ناحية أخرى، أزعجت أنقرة كييف أيضا برفضها معاقبة روسيا، حيث قال المتحدث الرئاسي إبراهيم كالين إن "العالم لا يستطيع تحمل حرق الجسور مع روسيا".

وقال الزميل البارز في مجلس العلاقات الخارجية الأميركية، الخبير في السياسة التركية، ستيفن كوك: "الأمر مختلف تماما عن حلفاء الناتو الآخرين، يحاول الأتراك حقا وضع أنفسهم بطريقة يدعمون فيها السيادة الأوكرانية ولكنهم يريدون أيضا استخدام مساعيهم الحميدة في كلا المكانين لمحاولة التوسط".

وأضاف: "على مدار السنوات العشر الماضية، كان الأتراك مستائين حقا من علاقتهم بالولايات المتحدة، وروسيا تقدم الآن بديلاً جيدًا، وأنقرة وموسكو لديهما علاقة عمل جيدة".