بعد كورونا.. هكذا تهدد حرب أوكرانيا والانقلابات السياحة في إفريقيا

قسم الترجمة | منذ عامين

12

طباعة

مشاركة

سلطت مجلة "جون أفريك" الفرنسية الضوء على العوامل التي تهدد "الانتعاش الهش" لقطاع السياحة في دول إفريقية بعد جائحة كورونا، ومنها الانقلابات في غرب القارة السمراء، والغزو الروسي لأوكرانيا.

وقالت منظمة السياحة العالمية، في مقياسها لشهر مارس/آذار 2022، إن "السياحة بدأت بداية قوية عام 2022، لكنها تواجه تقلبات جديدة".

وبينما شهدت إفريقيا انخفاضا حادا في عدد الوافدين الدوليين، بسبب متغير "أوميكرون" في ديسمبر/كانون الأول 2021، "زادت معدلات إشغال الفنادق بنسبة 48 بالمئة في شمال إفريقيا وإفريقيا جنوب الصحراء، و34 بالمئة في جنوب إفريقيا" في يناير/كانون الثاني 2022.

وتأتي هذه الأرقام بحسب مدير القسم الإقليمي لإفريقيا في منظمة السياحة العالمية، إليكا غراندكورت، في رسالة عبر البريد الإلكتروني بعثها إلى مجلة "جون أفريك".

ووفقا لـ"غراندكورت"، فإن الحصول على اللقاحات ورفع قيود السفر وتعزيز التنسيق، "يمكن أن يسمح باستئناف السياحة الدولية بشكل فعال"، لكن الهجوم العسكري الروسي على أوكرانيا في 24 فبراير/شباط 2022، أدى إلى "تغيير الأوراق من جديد".

تداعيات مباشرة

وأكد اتحاد السياحة الروسي، أن "السلطات التونسية طمأنت موسكو بشأن استئناف الرحلات السياحية إلى تونس".

ونقلا عن الاتحاد، أعربت السلطات التونسية عن انتظارها للسياح الروس، وهو نفس الموقف الذي عبرت عنه مصر.

فيما بحثت رئيسة وكالة السياحة الروسية، زارينا دوغوزوفا، مع وزير السياحة التونسي، محمد معز بلحسن، مسألة الرحلات السياحية، بحسب موقع "روسيا اليوم" الحكومي.

وأكد وزير السياحة أن "تونس لا تفكر في فرض قيود على موسكو".

ويؤثر انهيار الطلب الروسي بشكل أساسي على تونس، حيث شكل الروس سبعة بالمئة من 9.4 ملايين سائح دولي مسجل في 2019، أو أكثر من 650 ألف شخص، بحسب منظمة السياحة العالمية.

والروس هم من العملاء الذين حاولت تونس استقطابهم والاحتفاظ بهم خلال السنوات الأخيرة.

وقالت جون أفريك إن "عدد السياح الروس قد تضاعف أكثر من الضعف منذ عام 2013، في حين كان الوافدون الروس البالغ عددهم 300 ألف دافعا حقيقيا لانتعاش قطاع أعاقته الثورة بشدة".

أما بالنسبة للأوكرانيين، فقد جاء 30 ألفا إلى تونس عام 2019، بحسب وزير السياحة بلحسن، في تصريحات صحفية مطلع مارس 2022.

ووفق "بلحسن"، فإن الوزارة شكلت خلية أزمة لمتابعة الأوضاع والعمل على استعادة السوق السياحية الروسية، مؤكدا "استمرار التواصل مع الشركاء في السوقين الروسية والأوكرانية".

لكنه أقر بأن "الحرب ستكون لها تداعيات مباشرة وغير مباشرة على واقع السياحة في تونس".

تغيرات كبيرة

من جانبه، قال المدير التجاري لعلامة تجارية فندقية دولية في مدينة الحمامات التونسية، للمجلة الفرنسية، إن "السياح الروس حاضرون جدا منذ سنوات، لا سيما في الفنادق التي تقدم خدمات شاملة، حيث يتم تدريب الموظفين على التحدث باللغة الروسية"، لكن لا توجد رؤية بشأن حضور هؤلاء السياح هذا الموسم.

وخلال سنة 2021، ارتفعت عائدات القطاع السياحي التونسي بنسبة 8 بالمئة مقارنة مع النتائج المسجلة خلال 2020، بينما كانت السلطات تتوقع نموا في العائدات بنحو 10 بالمئة.

ولم تكن تأثيرات الحرب مقتصرة على الوافدين من السوقين الروسية والأوكرانية فقط، وإنما امتدت إلى القادمين من بلدان أوروبا الشرقية، وفق عضو الجامعة التونسية للنزل، جلال الهنشيري،

وأشار إلى أن "الجامعة (الجمعية) سجلت ظهور تداعيات للأزمة في أسواق هذه الدول أيضا"، مؤكدا "وجود تراجع في تدفق السياح البولنديين خلال الأسابيع الأخيرة، بسبب الحرب واضطراب حركة النقل الجوي".

وقبل الأزمة الروسية الأوكرانية، كانت وزارة السياحة قد بدأت خطة عمل لما بعد جائحة كورونا، تتضمن تنشيط الأسواق الخارجية، فضلا عن تشجيع السياحة الداخلية لتصبح إحدى الركائز السياحية، وتنويع المنتج للاستجابة لمتطلبات الأسواق، في ظل تغيرات كبيرة لصناعة السفر بعد الجائحة.

وأطلق الديوان الوطني التونسي للسياحة، مؤخرا، حملة دعائية واتصالات جديدة بهدف الترويج للسياحة الداخلية تحت شعار "تونس ليك".

فيما تسعى التمثيليات الخارجية للديوان إلى عقد اتفاقات مع كبار وكلاء السياحة ومتعهدي الرحلات العالميين، من أجل ضمان حصة تونس من الأسواق الأوروبية والروسية للموسم الجديد، بحسب "جون أفريك".

لكن ساهم الروس إلى حد كبير في الحفاظ على السياحة في دولة السيشال أثناء وباء كورونا، فقد شهدت جزر المحيط الهندي، التي تعد من بين أفضل 10 وجهات الأقل تضررا من الأزمة الصحية، ارتفاعا في نسبة زوارها من الروس التي ارتفعت من 3 بالمئة في 2019 إلى 17 بالمئة عام 2021.

مصدر قلق

لكن الغزو الروسي لأوكرانيا له أيضا تأثير كبير على السياحة الدولية، بسبب التضخم الذي يولده، لا سيما فيما يتعلق بسعر الوقود، تؤكد المجلة الفرنسية.

ومن المؤكد أن الهجوم العسكري "سيزيد من الضغط الناجم عن الظروف الاقتصادية الصعبة بالفعل، ويقلل من القدرة الشرائية للمستهلكين، ويقوض ثقتهم ويجعل الاستثمارات أكثر غموضا"، كما تشير منظمة السياحة العالمية.  

كما تم طرح الصراع بالفعل لشرح النقص في الكيروسين (وقود الطائرات) الذي أثر على مطار بلاز ديانع الدولي (AIBD) في داكار في 20 مارس/آذار 2022.

فيما يتعين على مالي وبوركينا فاسو وغينيا أن تتعامل مع انعدام الثقة الناتج عن الانقلابات، تقول المجلة الفرنسية. 

في مالي، التي كانت أكثر الدول السياحية من بين الدول الثلاث في الساحل الإفريقي عام 2019، بواقع 217 ألف زائر، مقارنة بـ143 ألفا لبوركينا فاسو، وفقا لمنظمة السياحة العالمية، وجهت الإطاحة بالرئيس إبراهيم بوبكر كايتا في أغسطس/آب 2020 ضربة بالفعل للسياحة التي أضعفتها بالفعل الأزمة الصحية العالمية.

ولا تملك منظمة السياحة الدولية أرقاما عن غينيا، حيث السياحة الترفيهية متخلفة للغاية، وفقا للمدير العام للمكتب الوطني للسياحة، كادي كامارا.

وبمجرد استعادة الاستقرار، سيتطلب الأمر "الإرادة السياسية لدعم إعادة تشغيل القطاع"، يقول غراندكورت.

ووفقا لهذا الأخير، فإن التباطؤ المرتبط بالسياق السياسي لهذه البلدان الثلاثة يمكن أن يؤثر على غرب إفريقيا بالكامل.

وأكد غراندكورت أنه "رغم أن الدول المجاورة لم تتأثر بشكل مباشر بالانقلابات، إلا أنها قد تعاني أيضا من تصور سلبي من قبل الأسواق الدولية، لأن الأمن هو مصدر قلق رئيس للقطاع".