"تشبيح الأوقاف".. حملات تفتيش المساجد ومنع التهجد في مصر تثير الغضب

12

طباعة

مشاركة

إمعانا في حرمان المسلمين من إقامة شعائرهم وتطبيق السنن في مساجد مصر خلال العشر الأواخر من شهر رمضان المبارك، وتنفيذا لأوامر وزير الأوقاف، محمد مختار جمعة، كثفت الوزارة حملات تفتيش ليلية للتأكد من إغلاقها وخلوها من المصلين.

وفي 20 أبريل/نيسان 2022، أعلنت وزارة الأوقاف منع صلاة التهجد والاعتكاف بالمساجد، وأتبعتها بقرار منع إقامة صلاة العيد في الساحات، بزعم "مراعاة ظروف وإجراءات التباعد التي لا تمكن في الظروف الراهنة من السماح بالاعتكاف هذا العام حفاظا على الأرواح".

وهددت الوزارة بمعاقبة أي إمام مسجد يسمح بإقامة تلك الشعائر بالفصل والتحقيق، بعد توصية "لجنة إدارة الأزمات وجائحة كورونا التابعة لرئاسة مجلس الوزراء"، لتواصل تنفيذها التهديد بشن الحملات على عدد من المناطق للتأكد من إغلاق المساجد.

وتفاخرا بذلك، نشرت مديرية الأوقاف بمحافظة الإسماعيلية، صورا يظهر فيها عدد من مفتشيها، يتجولون داخل المحافظة ليلا ويطرقون أبواب المساجد، للتأكد من إغلاقها وعدم إقامة صلاة تهجد أو اعتكاف، وأخرى لهم مصطفين أمام المساجد مرتدين الكمامات الطبية.

الصور أثارت غضب ناشطين على تويتر، ورأوها تحمل مبالغة وتكلفا زائدا إذ اختفت مظاهر الالتزام بارتداء الكمامات الطبية في مصر منذ فترة طويلة، وندر تطبيق الإجراءات الاحترازية المتبعة منذ ظهور فيروس كورونا.

وهاجموا عبر تغريداتهم على حساباتهم الشخصية ومشاركتهم في وسمي #وزير_الأوقاف، #مختار_جمعة، رئيس النظام عبدالفتاح السيسي ووزير الأوقاف والأئمة العاملين على تطبيق إجراءات التضييق على المسلمين في ممارسة شعائرهم الدينية وعباداتهم.

وبرزت تدوينات الناشطين لشهادتهم على ما تعرضوا له خلال محاولة التهجد خفية تجنبا لملاحقة أئمة الأوقاف لهم واكتشاف إقامتهم للتهجد، منهم من قال إن "التفتيش دخل المسجد ورفض الصلاة وأغلقه"، وروى أحدهم أن المصلين أغلقوا إضاءة المسجد وخفضوا صوتهم "كأنهم يفعلون منكرا".

وعد ناشطون ما يفعله الأئمة ممارسة لدور شرطي وأمني غير المخول لهم ممارسته، مؤكدين أن السيسي يكره الإسلام والمسلمين ويقود حربا على الإسلام وثوابته بنفسه عبر تصريحاته وعبر أدواته المتمثلة في وزير الأوقاف ورجاله وإعلامه.

وحذروا من أن التاريخ سيكتب أن وزير أوقاف السيسي عطل عام 2022 ميلادي و1443 هجري جميع مساجد مصر عن صلاة التهجد ومنع الاعتكاف في المساجد بلا حجة شرعية، وبمزاعم لا يتم تطبيقها على كل الأمور المماثلة. 

واستنكر ناشطون تعنت النظام المصري في تطبيق الشروط والإجراءات الاحترازية على المساجد ودور عبادة المسلمين، واستثناء بعض الجهات من تطبيقها ومن بينها الكنائس التي تعد للاحتفالات بأعياد المسيحيين، بالإضافة إلى إقامة المهرجانات والخيم الرمضانية وغيرها.

مصر السيسي

كما برزت مقارنات الناشطين بين تعامل نظام السيسي مع الشعائر الإسلامية ومنع إقامتها وملاحقة الراغبين في ذلك، وبين ما فعلته بعض الدول الإسلامية في محاولة للترغيب في التقرب إلى الله ومساعدة المسلمين على إقامة شعائرهم من جانب.

أستاذ الشؤون الدولية بجامعة قطر، محمد المختار الشنقيطي، أشار إلى أن "الدول الإسلامية تتسابق في العشر الأواخر من رمضان في فتح بيوت الله لعباد الله، من أجل صلاة التهجد والاعتكاف، بينما في مصر السيسي تتفاخر وزارة الأوقاف بأن مفتشيها ينفذون بحزم قرارها بإغلاق المساجد أمام المصلين والمعتكفين!!".

وعد الشنقيطي أن ذلك "فعل غير مستغرب ممن أحرقوا المساجد على من فيها من المسلمين".

ولفت الناشط الحقوقي، عمرو عبدالهادي، إلى إعلان وزير الأوقاف الماليزي وجبة سحور مجانا للتسهيل على المعتكفين في المساجد، قائلا: "تخيلوا لو وزير أوقاف السيسي أعلن وجبة سحور في الاعتكاف، أقسم بالله الشعب المصري سينزل للاعتكاف في المسجد وأولهم المسيحيين، إنما للأسف عندنا حرامي سلموه الأوقاف لذلك ألغى الاعتكاف". ورأى مغرد بحساب "ديدو"، أن "مصر تحتاج إلى فتح إسلامي جديد، لأن السيسي يطمس الدين بكل ما أوتي من قوة".

تشبيح الأوقاف

واستهجن ناشطون تحويل أئمة المساجد إلى مخبرين أمنيين وشرطيين ومنحهم سلطة إغلاق المساجد والإبلاغ عن العابدين والمصلين، مستنكرين أن تتحول الصلاة إلى تهمة.

عضو مجلس الأمناء باتحاد علماء المسلمين، محمد الصغير، أشار إلى أن "مختار جمعة له خلفية أمنية سابقة ويحاول أن ينفس عنها في الأوقاف، وهذه لجان تفتيش تعطيه التمام وتؤكد على غلق المساجد ومنع الاعتكاف في العشر الأواخر من رمضان وتعيد الصورة للأذهان صورة قطاع الطرق".

وشدد الصغير على أن "الجميع يعرف أن زمن ارتداء الكمامة انقضى في مصر من زمن بعيد".

ونشر الكاتب والصحفي السوري، أحمد موفق زيدان، صورة المفتشين التابعين لوزارة الأوقاف، قائلا: "مخبرون وأجراء يخدمون في تشبيحية تسمى وزارة أوقاف في مصر تلاحق المعتكفين والمتهجدين ليلا في المساجد.. فتغلق عليهم بيوت الله.. أرأيت الذي ينهى عبدا إذا صلى.. اللهم عليك بالسيسي ومن أيده". فيما وصف أستاذ الإعلام السياسي، أحمد بن راشد بن سعيد، ممثلي الأوقاف بأنها "إحدى اللجان، أو إحدى محاكم التفتيش في مصر، شكلتها وزارة أوقاف السيسي، للتأكد من أن المساجد لا تعمر بصلاة التهجد، في العشر الأواخر من رمضان!". ولفتت مغردة أخرى، إلى أن الدول تيسر على الناس وتنظم الأوضاع لتسهيل التهجد والاعتكاف، إلا بمصر ألغوا ساحات الصلاة بالعيد، ساخرة بالقول: "أي صح كورونا بالمساجد فقط!". وتعجبت المغردة، إقبال جميل، من إرسال النظام المصري لجان تفتيش إلى المساجد ليلا، لتتأكد من أن المسلمين لا يقيمون صلاة التهجد في العشر الأواخر من رمضان وأن بيوت الله فارغة من المصلين. وسخر المغرد محمد خولي متسائلا: "ماذا يعني حملة تفتيش على المساجد، هذا بالنسبة لك مشروع قومي يعني؟؟"

خشية المساجد

وانتقد ناشطون حرص النظام على إفراغ المساجد من المصليين بزعم الحرص على أمن وسلامة الشعب والاستناد إلى آراء طبية واستشارة المختصين وغيرها من المبررات التي ساقتها الأوقاف في بيانها، مقابل السماح بالحفلات والمهرجات وإعطاء التصاريح للمسيحيين بممارسة شعائرهم. 

الباحث في الشؤون العربية الإفريقية، إبراهيم سويلم، رأى أن لجان التفتيش على المساجد في مصر مثيرة للدهشة، لأن "الكنائس عامرة بأهلها والمساجد فارغة من المصلين، المقاهي والأسواق ممتلئة"، مؤكدا أن "الخوف من المساجد والتهجد والقيام والاعتكاف وصلاة العيد إشارة على أن السيسي يشعر بالخوف فقط من المساجد".

وعقب أحد المغردين على خبر تزيين كاتدرائية جمع القديسين بالزمالك بالأضواء احتفالا بعيد القيامة المجيد، متسائلا: "هل تجرؤ يا حاخام الأوقاف أن تجعل صلاتهم سبع دقائق فقط؟ هل يجرؤ بلحة، السيسي، أن يمنع صلاة القيام في الكنائس بسبب كورونا أم أنها لا تنتشر إلا في المساجد فقط؟". الناشط عبدالرازق الشايجي استنكر "تشكيل وزير الأوقاف محاكم تفتيش المساجد للتأكد من أن بيوت الله فارغة من المعتكفين، وأن المصلين لا يقيمون صلاة القيام في العشر الأواخر من رمضان، في الوقت الذي يبعث فيه السيسي برقية تهنئة إلى البابا تواضروس بمناسبة عيد القيامة". وقال أحد المغردين: "وعاد الإسلام غريبا في أرض الكنانة، يحمي السيسي الأقلية القبطية ويبني لهم الكنائس ويحضر قداساتهم وصلواتهم، وفي المقابل يضيق الخناق على الأغلبية المسلمة فيهدم المساجد ويمنع صلاة التهجد". وكتب المغرد عمرو أبو بلال: "سجل يا تاريخ! رمضان 1443 هجري كان غريبا في مصر بعهد السيسي عدو الله، فقد أغلقت المساجد فيه، لمنع إحياء قيام ليال العشر الأواخر من رمضان، بينما المراقص والخمارات مفتوحة".